هل تُشرعِن الولايات المتحدة «النصرة» بعد شيطنتها؟
روزانا رمّال
يسال الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني في حواره على شبكة «سي ان ان» الاميركية: هل يمكن مقاتلة الارهاب من دون تضحية؟ في إشارة إلى شكوكه بنجاح خطة الولايات المتحدة الاميركية في مكافحة الإرهاب في العراق، والتي لم ولن تتضمّن إرسال قوات اميركية لحرب برية حسبما قال الرئيس الاميركي باراك اوباما في خطته المعلنة لمكافحة الإرهاب.
ربما يريد اوباما التضحية في مكان آخر، ولكن ليس بجنود الولايات المتحدة، وهي خطة القتال بأيادي الآخرين وتضحيات الآخرين، خصوصاً بعد الخسائر الكبيرة في صفوف الجنود الاميركيّين التي خلفتها الحربان على العراق وافغانستان، وعليه… لا يريد اوباما أن يأخذ المخاطرة التي لا يستطيع تحمّل تبعاتها أمام شعبه… فتتزعّم الولايات المتحدة الحرب على الإرهاب في الحرب الدولية المعلنة على «داعش»، ولكن من دون توريط جيشها.
في العراق حشدت الولايات المتحدة لدعم الجيش العراقي تسليحاً وتدريباً ليقاتل «داعش»، أما في سورية فالحديث مختلف والمشهد مختلف وحتى النوايا الاميركية والغربية اياها تختلف، فقد حصلت خطة الرئيس الاميركي باراك اوباما لتسليح المعارضة «السورية المعتدلة «على موافقة مجلس النواب الأميركي بانتظار مصادقة مجلس الشيوخ عليها، سعياً إلى تشديد الضغط على تنظيم «داعش».
اللافت في الخطة انها تريد مقاتلة «داعش»، وأنها لأول مرة لا تريد مقاتلة الجيش السوري او الرئيس الاسد لتنحيته… وإذا كان الهدف الغير معلن من وراء تسليح المعارضة السورية المساعدة في مواجهة الأسد، كما يروّج البعض، فإنّ إدارة اوباما بخطتها تلك تكون قد خطت خطوة بدون جدوى، خصوصاً أنّ مسالة الحسم العسكري في سورية تعدّت قدرة المعارضة والتسليح مجدّداً لحسمه، فقد جرى وقف الاندفاعة الغربية نحو هذا الهدف وتمّ إحباطها بفعل إنجازات الجيش السوري التي قلبت الطاولة ميدانياً، وأعلت المعنويات لدى شعب سورية الغير مستعدّ لاحتضان مسلحين ولا إرهابيين وهو الذي لم يكن مقتنعاً أصلاً بكلّ ما حُكي عن تنحية الأسد، لا بل أصبح الأسد أملهم الوحيد، وقد جدّدوا انتخابه بثقة عالية جداً، رداً على ما شهدوه من ويلات في أكثر من دولة، وبعدما أصبح حلفاء سورية الروس والايرانيون ومعهم حزب الله في وضع أقوى، ومستعدّين دوماً لمساعدة سورية عسكرياً إذا تعرّضت لأيّ اعتداء.
قد يكون الحديث عن تسليح المعارضة السورية الذي يهدف علناً إلى قتال «داعش» يهدف سراً إلى تقوية موقفها لدى اي محاولة حلّ سياسي للأزمة السورية، وهي «المعارضة المعتدلة» الغير موجودة أصلاً سوى في الخيال الأميركي، بعدما قضى عليها الإرهاب منذ زمن بعيد، فأيّ معارضة معتدلة تتواجد ومستعدة للقتال؟ ايّ اعتدال هو هذا فيما التنظيمات الإرهابية من مثل «داعش» و»النصرة» هي المسيطرة؟
هل تهدف الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى تقديم «جبهة النصرة» على انها «المعارضة المعتدلة» المتبقية الوحيدة والجاهزة لحلّ سياسي مع النظام؟
تعرف واشنطن ومن يدعمون «النصرة» جيداً انّ هذا الكلام لا يمكن ان تقبله الدولة السورية او أن تتشارك في الحلّ مع من سفكوا دماء الشعب. ويبدو جلياً أنّ واشنطن وحلفاءها يسعون إلى إقامة نوع من التوازن مع الدولة السورية بحيث يمكن ان تشارك أو تفاوض على حلول بما يحفظ ماء الوجه لأتباع واشنطن وحلفائها، بعدما تفرّد الأسد بالدولة ومؤسساتها بتفويض جديد من الشعب، وبما لا يسمح لأحد باقتسام السلطة معه بمخاوف الغرب.
ليس خافياً انّ «جبهة النصرة» تسعى جاهدة الى إخراجها من لائحة الأمم المتحدة للمنظمات الإرهابية، وكان هذا أحد مطالبها للإفراج عن عناصر الأمم المتحدة الفيجيّين في هضبة الجولان السورية المحتلة الاندوف .
فهل يُشرعِن الكونغرس «جبهة النصرة» لإيجاد توازن مع النظام بعدما شيطنها العالم؟
«توب نيوز»