ملامح رئيس للمرحلة المفصليّة

جورج كعدي

تتساوى حتّى انتهاء المهلة الدستوريّة المحدّدة لانتخاب رئيس جديد للبلاد احتمالات التأجيل والتمديد لا قدّر الله والفراغ وانتخاب رئيس. ولكلّ احتمال رهاناته ومراهنوه، ولكلّ شخص وطرف وجهة حسابات ومخطّطات وتحالفات ومساعٍ، والجازم منذ الآن في النتيجة هو إمّا خارق الحدس والتوقّع، أو حالم ومتأمّل، أو واهم يحسب أنّه يملك يقيناً في هذا الشأن، علماً أنّ المرحلة شديدة التعقيد وبالغة الخطورة، مفصليّة ومصيريّة، والناخب والمنتخب ليسا عاديّين أو مألوفين هذه المرّة.

إنّما بعيداً عن الاحتمالات والتوقّعات والحسابات والآمال والأوهام، يسعنا في الأقلّ رسم صورة، بين الواقعيّة والمثاليّة والموضوعيّة، لرئيس الجمهورية المقبل، ولما أخاله شخصيّاً على الأقل صورة مطلوبة للمرحلة الراهنة الحرجة والحاسمة في تاريخ المنطقة والعالم، مفترضاً أنّ كثراً يشاركونني الرأي والتصوّر لصفات الرئيس ومشروعه الوطنيّ والسياسيّ الإنقاذيّ، أو في الأقلّ التوفيقيّ الجامع، الحكيم والمعتدل، إنّما القاطع في القضايا الوطنية الكبرى والمصيريّة.

بتواضع وصدق، وبلا تنظير وعليائيّة، بل بتعبير عفويّ صادق من مواطن يملك حقّاً طبيعيّاً في تصوّر رئيس بلاده للمرحلة المقبلة، فإنّي أودّ هذا الرئيس، لو انتخب، بالصفات والمزايا الآتية:

1 ـ رئيس يملك الرؤيا والرؤية والحلم، يروم لشعبه الخير والازدهار والسلام فيدير دفّة الحكم، حتى بصلاحياته المحدودة، وفق مبادئ الوفاق والتنمية وتلبية مطالب الشعب الاقتصاديّة والاجتماعيّة، وما أكثرها.

2 ـ رئيس حاسم وثابت في تحديد أصدقاء لبنان وأعدائه، لا يهاب مقاومة الأعداء المعلنين مثل «إسرائيل» أو المضمرين مثل الولايات المتحدة حليفة «إسرائيل» في السرّاء والضرّاء وعدوّة لبنان غير المعلنة وبقفازات دبلوماسية حريرية. كذلك بعض الغرب المتصهين والمستعمر، مثل فرنسا وبريطانيا، وعدم إظهار حَرَج في منع هذه الدول المعادية للمصالح الوطنية اللبنانية من التدخّل في الشأن الداخليّ وفرض الأصول الدبلوماسيّة التي ينبغي للسفراء الأجانب الالتزام بها.

3 ـ رئيس يقود عمليّة تسليح الجيش اللبناني من أيّ مصدر قادر على تزويده أسلحة فاعلة برّاً وبحراً وجوّاً، سواء كان هذا المصدر روسيا أو الصين أو إيران أو حتى كوريا الشمالية، نكاية بأميركا و «إسرائيل» معاً. وعدم الوقوع في خديعة الهبات أو صفقات التسليح الغربيّة، إن الأميركية أو الأوروبية، المشروطة ببنود مهينة للكرامة الوطنية وللجيش معاً، كمنع أسلحة دفاع جويّ متطوّر أو برّي وبحريّ ذي فعالية، فيكون هذا «التسليح» تشليحاً بالأحرى لقدرات الجيش وفخّاً منصوباً لإبقائه منقوص القدرات وعاجزاً أمام «إسرائيل».

4 ـ رئيس يرعى بإخلاص وضع استراتيجيّة دفاعيّة تكون فيها الدولة بجيشها، والمقاومة بقدراتها والشعب بدعمه واحتضانه، أركان هذه الاستراتيجيّة، بالفعل والممارسة لا بالشعار المتنازع عليه في البيانات الوزارية، فيرسو الحلّ النهائيّ لهذه الإشكاليّة على معادلة استراتيجيّة ترضي جميع الأطراف اللّهم الوطنية الحقّة منها وتحصّن الوطن وتقوّي مناعته إلى الأبد وتنهي السجال الوطنيّ حول هذه المعضلة الخلافيّة.

5 ـ رئيس يجعل قضايا التربية والتعليم الرسميّ المتطوّر والجامعة اللبنانيّة الرائدة، والاستشفاء للجميع، والسكن للفئات الفقيرة والمتوسّطة، وضمان الشيخوخة، في مقدّم أولويّات عهده اقتراحاً لمشاريع وحضّاً ودعماً في مجلس الوزراء لإقرار الخطط والمشاريع والقوانين الفوريّة الجاهزة للتطبيق والانطلاق في ورشة تطوير وتحديث تلبّي متطلّبات العصر والتنمية المستدامة.

6 ـ رئيس يعطي الأولويّة أيضاً لاستخراج الثروات النفطيّة والغازيّة، بحراً وبرّاً، إذ يكفل ذلك إخراج لبنان من ديونه وعجزه الماليّ ويجعله في مصاف الدول غير المديونة على الأقلّ، إن لم نقل المزدهرة اقتصاديّاً وماليّاً والغنيّة.

7 ـ رئيس يدفع نحو خطط إنماء متوازن للمناطق كافة، خاصة لعكّار والبقاع والجنوب والمناطق العالية في جبل لبنان، ونحو شبكات طرق جديدة تتّسع للتزايد الهائل في عدد السيّارات والمركبات التي تسير في شوارع المدن الخانقة، ونحو السدود المائيّة، والطاقة الكهربائيّة الكافية والفائضة، وكلّ ما ينبغي إنجازه في البنى التحتية لوضع لبنان على خريطة الدول المتقدّمة في العالم.

8 ـ رئيس ينجز في عهده، بلا تأجيل أو تسويف، قانوناً متقدّماً للانتخاب النيابيّ يوصل المستحقّين والقوى الجديدة الفاعلة في المجتمع، خاصة غير الطائفيّة منها.

أمّا إذا كان عدم الهرب من إعلان الموقف يقتضي، بالنسبة إلى البعض، أن أسمّي مرشّحيّ لهذا المنصب، فإنّي أسمّي بصراحة وصدق، وتبعاً للأحقّية العمريّة والتمثيل الشعبيّ ثلاثة رؤساء على التوالي للمراحل الرئاسية المقبلة: ميشال عون، يليه سليمان فرنجية… فدميانوس قطّار الذي تروقني رؤياه الحضاريّة، الفاعلة والمتفائلة دوماً لهذا الوطن.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى