«الضيوف» يواجهون سكاكين الموت وحدهم والبزال التالي؟ «جبهة الإجرام» تعدم حمية وعائلته تتوعّد «أبو عجينة» و«أبو طاقية»
ذبيحة جديدة ارتكبتها «جبهة النصرة» المجرمة وضمتها إلى رفاقها، بينما الدولة مربكة أمام حفنة من المجرمين وتلكؤ الوسطاء القطريين والأتراك، والجيش متروك لمصيره مكبّل اليدين والسلاح، يتلقى بلا حول ولا قوة، أنباء إعدام جنوده الأسرى الواحد تلو الآخر، فيما هؤلاء يواجهون، بلا غطاء، مصيرهم الأسود، وحدهم، وكأنهم مكتومو القيد أو لا وطن لهم ولا أهل ولا عائلات.
الجندي محمد معروف حمية من بلدة طاريا البقاعية، انضم إلى قافلة «الشهداء الغرباء»، بعد الالتباس الذي اكتنف مصيره إثر بيانات الجبهة المجرمة الغامضة عنه ليل الجمعة الفائت، إلى أن أبلغ رئيس الوحدة المركزية في قيادة الدرك في قوى الأمن الداخلي العميد أسعد طفيلي في البقاع يوم السبت، عائلة حمية رسمياً أنّ ابنها استشهد إعداماً بالرصاص على يد عناصر من «جبهة النصرة». يذكر أنّ الشهيد خُطف في 3 آب الماضي أثناء معركة المهنية في عرسال. وأشارت عائلته إلى أنها تدرس الخطوات المقبلة وفق أجندة تحركاتها للردّ على استشهاد ابنها.
وقبل التأكد من خبر إعدام حمية، أشار والده معروف حمية إلى «أنّ الجميع أصبح يعرف أنّ ابني محمد وزملاءه لا ينتمون إلى أي حزب أو تيار سياسي وإنما إلى الدولة اللبنانية، ونحن لم نوفر أي اتصالات وتحركات تجاه الدولة ومؤسساتها أو مع سعاة الخير في عرسال وسورية، لكنّ تداول اسم محمد عن دفع الثمن وما جرى تناقله من أنه جرى قتله وإعدامه رمياً بالرصاص، ولم يتبين حتى اللحظة أنه صحيح، خصوصاً أنّ اتصالاتنا بالوسطاء كافة من المشايخ والفاعليات السورية والعرسالية والأمنية وصولاً إلى رئاسة الحكومة أكدت نتيجة واحدة وهي أنّ كل ما تمّ تداوله هو عبارة عن تهديدات وضغط من المسلحين الخاطفين».
وقال خلال مؤتمر صحافي عقده في دارته في طاريا، في حضور فاعليات شعبية زارته في البلدة: «نحن كعائلة الجندي محمد حمية، وآل حمية، ما زلنا نتمسك بالأمل حتى اللحظة الأخيرة وبقضاء الله وقدره وننتظر الخبر اليقين عن ابننا ونبدي كلّ إيجابية، إلا إذا تبين أنّ عملاً إجرامياً طاول ابننا محمد، فنحن نحمل المسؤولية للدولة اللبنانية أولاً، لأنها ما زالت حتى اليوم تمارس مفاوضات بطيئة وغير مجدية، كما نحمل المسؤولية إلى كل من رئيس بلدية عرسال علي الحجيري أبو عجينة والشيخ مصطفى الحجيري خصوصاً وعائلة الحجيري عموماً، لأنكم أكدتم في أكثر من مناسبة أنّ أبناءنا ليسوا مخطوفين بل ضيوف عندكم، هل تكرمون ضيفكم بالتهديد والقتل؟.»
وتابع حمية: «نتوجه إليكم بالتحذير من مغبة التعرض لابننا ولن تحدّ من حركتنا أية مواثيق أو عهود لأنّ «الجمرة ما بتكوي إلا محلها»، فكونوا على قدر المسؤولية وأكرموا أبناءنا المخطوفين الذين تقولون إنهم ضيوف. أما بالنسبة إلى النازحين السوريين، نطالب أهلنا وكلّ غيور علينا بعدم التعرض لهم لأن لا ذنب لهم في كل ما حصل ويحصل».
وبعد التأكد من صحة الخبر، قال والد الشهيد حمية: «نزف ابننا شهيداً ونفتخر به ونطلب من أهلنا عدم التعرض لأي سوري لأنه ليس له أي ذنب بما حصل»، مشيراً إلى «أنّ دم الشهيد حمية برقبة رئيس بلدية عرسال علي الحجيري والشيخ مصطفى أبو طاقية وآل الحجيري». وأضاف: «إنّ المجموعة الخاطفة سيحاسبها الله، والحكومة اللبنانية الله يسامحها، وهي من تذبح العسكريين، ولن نقطع أي طريق وأهل السنة هم أهلنا لكنّ أعداءنا هم آل الحجيري»، داعياً الحكومة إلى «تنفيذ حكم الإعدام في حقّ الموقوفين بقضايا الإرهاب».
وأكد والد العسكري البزال، من جهته، أن «ليست لدينا حكومة وكل عشيرة هي حكومة، وحقنا سنأخذه».
ولم يكد ينتهي المؤتمر الصحافي لوالد الشهيد حمية حتى أعلنت وكالة الأناضول» أنّ جبهة النصرة قد بثت فيديو يظهر إعدام حمية برصاصة في الرأس، وإلى جانبه الجندي علي البزال وهو يناشد أهله التحرك وإلا سيتم إعدامه. كما هدّدت الجبهة، في وقت لاحق، بقتل البزال في «حال عدم عودة الأمور في عرسال إلى طبيعتها، وإطلاق سراح كافة المعتقلين من أهل السنة».
وطالب قيادي في الجبهة، بدوره، بـ15 سجيناً في رومية في مقابل تسليم جثمان حمية.
وفي المقابل، توعّد شباب آل حمية «أبو طاقية»، مؤكدين أنّ «محمد حمية ليس شهيد الجيش وحسب وإنما ثأره علينا، وثأرنا ليس مع أهل السنّة وإنما مع آل الحجيري».
وفي حين يواصل أهالي العسكريين تحركاتهم على الأرض، حيث اعتصموا في القلمون، سأل الناطق باسمهم الدولة وحكومتها: «ماذا تنتظر حتى تفرج عن العسكريين رمز الشرف والتضحية والوفاء، ماذا تنتظر ونحن ندق كل يوم ناقوس الخطر، ويعيش الأهالي لوعة الأسى»؟
وقال: «إذا كانت هناك من عقبات أمام التفاوض فلتعلن على الملأ». وهدد الأهالي بإقفال كل لبنان بمؤسساته وعدم ترك اي واحد من المسؤولين بمنزله، مؤكدين أن خطواتهم التصعيدية مستمرة.
وكانت مجموعة مسلحة مقربة من اهالي العسكريين المخطوفين خطفت خمسة اشخاص، اثنان منهم من آل عز الدين من عرسال، على طريق بعلبك – حمص الدولية.
ويشترط الخاطفون مقايضة المخطوفين بالعسكريين المخطوفين لدى تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة»، وجثتي الشهيدين مدلج وحمية.
وفي وقت لاحق، تم الافراج عن شخصين من آل فليطي، فيما أبقي على مخطوفين من آل الحجيري.
إنهاء الاعتصام في رياض الصلح
ومساء أعلن أهالي العسكريين المخطوفين، المعتصمون في خيمة في ساحة الشهداء، إنهاء «الحراك السلمي» في وسط بيروت، تاركين في الوقت نفسه، باب التحرك مفتوحاً على كل الاحتمالات، بما فيها خطوات تصعيدية.
وفي مؤتمر صحافي عقدوه في مكان اعتصامهم، حمّل الأهالي الحكومة «المسؤولية كاملة عما يحصل وسيحصل للعسكريين المخطوفين». كما حمّلوا حزب الله «كامل المسؤولية عن عرقلة المفاوضات».
وكان أهالي الجندي البزال قطعوا طريق البزالية بعلبك، التي أعيد فتحها لاحقاً. كما قطع أهالي العسكريين المخطوفين طريق راشيا المصنع، مطالبين بالإفراج عن أبنائهم.
وعند منتصف ليل أول من أمس، قطع مواطنون الطريق عند ساحة النجمة وتقاطع إيليا في صيدا بالإطارات المشتعلة تضامناً مع الجيش اللبناني.
وفود تعزي بحمية
وفور شيوع نبأ استشهاد حمية، أمّت دارة العائلة في طاريا وفود سياسية وشعبية معزية ومن بينها وفد حركة أمل والذي ضمّ وزير الاشغال العامة والنقل غازي زعيتر ومسؤول البلديات في الحركة بسام طليس.
ونوّه زعيتر «بالحسّ الوطني الذي يتمتع به والد الشهيد محمد حمية والعائلة»، داعياً القوى السياسية «إلى الوقوف خلف الجيش ومؤازرته لكونه الضمانة الوحيدة للوحدة الوطنية ومعركته ضدّ الإرهاب».
وختم: «بالأمس عكار وأنصار واليوم طاريا، ما يؤكد أنّ المواجهة واحدة وهي تستهدف كلّ اللبنانيين من دون تمييز بين منطقة وشهيد».
وأوضح عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسين الموسوي، بدوره، في تصريح له على هامش تعزيته بحمية، أنه «مخطئ من يصور النزاع مع داعش وما شاكله نزاعاً طائفياً أو مذهبياً. إنه الإجرام السوبر وحشي ليس إلا، وإلا فأين الطائفية والمذهبية في ليبيا ومصر وغيرها»؟ وأضاف: «مخطئ عمداً من يبرّر المذابح بلا خجل عندما يشير إلى الظلم وغياب العدالة حصراً في سورية والعراق، ولم يدلنا أين وجد العدالة في بلادنا العربية».
كما زار وفد من «حركة الناصريين المستقلين المرابطون» يتقدمهم أمين الهيئة العميد مصطفى حمدان وأمين المساعد فؤاد الحسن منزل والد الشهيد حمية وقدم واجب العزاء.
وأكد حمدان «أهمية ثقافة المقاومة، وثقافة الحياة، وثقافة حبّ الوطن التي يتمتع بها آل حمية ووالد الشهيد، وقد برز أنهم الراسخون بهذه الثقافة من خلال تحمل والد الشهيد المسؤولية الوطنية الحقيقية، فتصريحاته كانت توجيهاً وطنياً في الصبر وإرادة التحمل في مقارعة الإرهابيين المجرمين القتلة، وكان تأثيرها الوطني أكبر من كلّ تصريحات الاستنكار والعجز لأركان هذا النظام الطائفي».
وشدّد على «وجوب دعم الجيش وإنشاء وحدات الدفاع الوطني في المدن والقرى اللبنانية بأمرة ضباط من الجيش وقوى الأمن الداخلي وبقية الأجهزة الأمنية، تابعة لغرفة عمليات مركزية في قيادة الجيش من أجل تجميع عناصر القوة لكل أبناء الوطن ضدّ هؤلاء الإرهابيين المجرمين».
إلى ذلك، رأى رئيس «التجمع الشعبي العكاري» النائب السابق وجيه البعريني، في بيان، أنّ «شهداء الجيش اللبناني الذين سقطوا في معارك عرسال من الشمال والجنوب والبقاع، أكدوا باستشهادهم أنّ معركة الإرهابيين التكفيريين ليست مع طائفة من دون سواها، بل إنّ معركتهم هي مع السنة والشيعة والدروز والمسيحيين على السواء، لذلك على جميع اللبنانيين التوحّد خلف مؤسستهم العسكرية لأنها الخلاص الوحيد للبناننين على اختلاف مشاربهم».
ودعا البعريني إلى «اجتماع طارئ للحكومة اللبنانية قبل مغادرة رئيس الحكومة تمام سلام إلى نيويورك، لتعمد وبأسرع وقت إلى تفويض الجيش القيام بكل ما يلزم من إجراءات من شأنها تحرير منطقة عرسال من خاطفيها وتحرير جميع العسكريين الأسرى».
وصدر عن اتحاد روابط مخاتير عكار بيان تلاه رئيس الاتحاد مختار بلدة ببنين زاهر الكسار جاء فيه: «لكم نادينا بتدارك الموقف قبل فوات الأوان، وقبل أن يستفحل الخطر، فإلى متى السكوت والهوان؟ واليوم نجدّد القول للمعنيين: فكّوا أسر أبنائنا، واتقوا الله فينا. وإذا بقيتم على ما أنتم عليه فاعلموا أنّ الله والشعب والتاريخ لن يرحموكم، وستبكون في وقت لا ينفع البكاء فيه».
تفجير انتحاري في الخريبة
أوقع قتيلاً و3 جرحى
استهدف تفجير انتحاري في وقت متأخر من ليل أول من أمس، نقطة حماية لحزب الله بين بلدتي حام والخريبة في البقاع، حيث قام انتحاري يقود سيارة لبنانية بتفجير نفسه لدى اقترابه من الحاجز. وفي التفاصيل أنه لدى وصول الانتحاري بسيارة إلى إحدى نقاط الحاجز، طلب منه عنصر الحماية التوقف لكنّ الأخير لم يمتثل، فقام بإبلاغ عناصر الحاجز الثلاثة بذلك، حيث سارعوا إلى الانتشار وإطلاق النار على الانتحاري الذي فجر نفسه مباشرةً وقد تحول إلى أشلاء.
وقدّرت زنة العبوة بـ25 كلغ من المواد المتفجرة وجرى تثبيتها في الباب إلى جانب السائق، وقد وقعت ثلاث إصابات بينها إصابة متوسطة. وتبعد نقطة الحراسة حوالى كيلومتر عن بلدة الخريبة و3 كيلومترات عن بلدة حام.
وتبنت «جبهة النصرة»، من جهتها، العملية لكنها قالت إنّ التفجير ناتج من عبوة ناسفة وليس عملية انتحارية.
من جهة أخرى، ذكرت «النصرة» أنّها استهدفت موقعاً لـ«حزب الله» في جرود بلدة نحلة، متحدثة عن تدمير مدفع 57 ملم كحصيلة أولية.