التصعيد الأميركي الإيراني إلى أين؟

باريس نضال حمادة

بدأت الإدارة الأميركية الجديدة حملة إعلامية ودبلوماسية ضدّ إيران، ركزت على البرنامج الباليستي لإيران بعدما كان ترامب تحدّث في أكثر من مناسبة عن نيته إعادة النظر في الكثير من نقاط الاتفاق النووي مع طهران.

ترامب يريد، بدفع من «إسرائيل»، إعادة التفاوض حول الملف النووي وفتح باب ملاحقة للقوة الصاروخية لإيران. لذلك دعت أميركا لاجتماع لمجلس الأمن الدولي لإدانة إيران بحجة انتهاكها للقرارات الدولية بينما إيران تقول إنّ تجاربها الصاروخية لا تنتهك أيّ قرارات دولية.

في الحقيقة تبدو أميركا و«إسرائيل» والسعودية في جسّ نبض الموقف الروسي والصيني من التصعيد ضدّ طهران. أيضاً هناك الرفض الفرنسي البريطاني لتصعيد أميركي قد يُنهي الاتفاق النووي الدولي مع إيران. ويكمن الهدف «الإسرائيلي» الأميركي حقيقة بمعرفة حجم الدعم الروسي لإيران في وقت تقوم به روسيا بحملة دبلوماسية للتعاون مع إدارة ترامب. في المقابل هل ستضع روسيا سعيها هذا في موضع المنتهي بعدما أعطت انطباعاً جيداً عن اتصال ترامب ببوتين يوم السبت الماضي؟ خصوصاً أنّ موسكو بدأت حواراً دبلوماسياً في أستانة، ناجحاً بعض الشيء، لكنها ايّ روسيا، بسبب سورية أيضاً لا يمكنها التخلي عن الحلف مع إيران التي تشكل مع حزب الله ومقاتلين عراقيين عنصراً حاسماً في الحرب السورية.

في المقابل، هناك «إسرائيل» الخاسرة الكبرى من وجود إيران وحزب الله في سورية. وهي تريد هذا البلد ضعيفاً حتى تشرعن احتلالها مرتفعات الجولان السورية. هكذا وعدها معارضون سوريون في حال ساعدتهم على إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد . كلّ هذه الحملة أرفقت بتبرير سعودي لمنع المسلمين من دخول أميركا تولاها عبد الرحمن الراشد في مقالة مطولة في جريدة «الشرق الأوسط»، هذا في الشأن السياسي.

هنا يُطرح السؤال: إلى أيّ مستوى سيدخل ترامب في حملة التصعيد مع إيران؟ وكيف سيكون الردّ الإيراني في حال ارتفاع التوتر؟

نعود إلى موسكو التي ترغب في بقاء ترامب بعيداً عن إيران، لأنه من دون طهران يمكن ان ينسى العالم القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية داعش. وهذا الأمر أيّ القضاء على داعش، كان أهمّ نقطة في خطاب ترامب يوم تنصيبه رئيساً لأميركا. اللافت أنّ الإعلام الروسي قلل من خطورة التصعيد الأميركي ضدّ إيران، ولا شكّ في أنّ الدبلوماسية الروسية تعي جيداً الحملة الدعائية لترامب وهي حالياً تعمل خلف الكواليس لاحتواء هذا الأمر او لإبقائه ضمن معادلة التصعيد الكلامي فقط.

إيران ردّت يوم أمس الخميس على أكثر من صعيد على التهديدات الأميركية. التصريح الأهمّ كان لعلي أكبر ولايتي الذي ينطق بهذه الحالات بلسان المرشد آية الله السيد علي خامنئي والحرس الثوري. ولايتي كان واضحاً، عندما قال إنّ إيران سوف تستمرّ في تجاربها الصاروخية، وهي لا تنتظر إذناً من أحد. وأضاف أنّ إيران هي الدولة الأقوى في المنطقة.

في الواقع ومنذ أشهر عدة يبدو أنّ الحرس الثوري والمرشد السيد علي الخامنئي غير راضين عن نتائج اتفاق فيينا، بسبب عدم التزام أميركا أيام أوباما بأيّ بند، خصوصاً موضوع الحصار أيضاً.

هناك انتخابات رئاسية في إيران يأتي موعدها بعد أشهر عدة. هنا التصعيد مع أميركا سوف يكون له تأثيره في شدّ العصب القومي والديني في إيران. الحرس غير راضٍ عن إغلاق محطة أراك وعن إزالة آلاف أجهزة الطرد. وهذه فرصة لإعادة النشاط النووي بوتيرة أسرع من قبل، في ظلّ عجز أميركي دبلوماسي وعسكري في إيذاء إيران.

في الشأن العسكري، أيّ قرار أميركي بفتح حرب أو صدام عسكري مع إيران سوف تكون له نتائج سلبية وخاسرة. في السعي الأميركي لمواجهة الصين ومفاوضتها على التجارة العالمية وعلى التنافس بين واشنطن وبكين على بحر الصين. أميركا تتوقّع حرباً مع الصين بعد عشر سنوات. وبقراءة أولية للتصريحات الإيرانية يظهر أنّ طهران تسعى لوضع ترامب أمام حقائق الأرض التي قد يجهلها أو يحاول تجاهلها، فأية حرب أميركية ضدّ طهران سوف تشعل المنطقة من فلسطين حتى باب المندب، وهي وإنْ كانت ستكون مدمّرة لإيران فإنها سوف تتسبّب بخروج أميركا نهائياً من الخليج، وسوف تصيب «إسرائيل» بدمار لا يمكن الشفاء منه، من هنا أتت الرسالة الإيرانية قرب باب المندب عبر قصف بارجة عسكرية سعودية بصاروخ يمني، ولذلك سوف يبقى هذا التصعيد الجديد بين العدوين اللدودين إيران وأميركا في نطاقه الإعلامي والسياسي مع حرص الطرفين على عدم الانزلاق في الحرب التي ستكون نتائجها كارثية على الطرفين، وسوف تؤثر على العالم أجمع.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى