الاتفاق اليمني: أي دور للحوثيين في الحياة السياسية
على رغم استمرار الاشتباكات في صنعاء عقب إعلان التوصل إلى وقف إطلاق النار اعتبر الاتفاق نقطة تحولٍ رئيسية في الحياة السياسية اليمنية.
ولم تهدأ أصوات القصف في صنعاء رغم اتفاق وقف اطلاق النار. فقد احتدمت المعركة أكثر بانتظار حصد المزيد من المكاسب السياسية، على رغم إعلان المبعوث الأممي جمال بن عمر عن التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار ومن ثم التوقيع عليه من قبل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي.
وأكد الرئيس اليمني في كلمة ألقاها بعد توقيع الاتفاق أن هذه الخطوة تعد تاريخية بكل المقاييس وقد تم التوصل إليها بعد جهود دولية، داعياً الأطراف كافة إلى العمل معاً والمضي قدماً.
وقال المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بن عمر من جانبه، إن تعيين رئيس جديد للحكومة سيتم خلال الأيام الـ3 المقبلة، كما سيتم تشكيل حكومة كفاءة وطنية في غضون شهر. وأضاف بن عمر «أن الاتفاق يشمل أيضاً مجموعة من الإجراءات من أجل رفع مستوى المعيشة ومحاربة الفساد».
وكانت مصادر يمنية قد ذكرت أن رئيس الوزراء اليمني محمد باسندوة قدم استقالته من منصبه. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مصادر يمنية قولها إن استقالة رئيس الوزراء تأتي احتجاجاً على «القرارات الفردية» للرئيس عبد ربه منصور هادي في إدارة الأزمة مع الحوثيين.
وكان بن عمر قال: «تم الاتفاق على وقف اطلاق النار لحل الأزمة الحالية بناء على مخرجات الحوار الوطني ونحن الآن بصدد التحضير لترتيبات توقيع الاتفاق».
مصادر أنصار الله تؤكد أن الاتفاق يتضمن المطالب ذاتها التي أبلغها زعيم الحركة لبن عمر خلال زيارته الأخيرة إلى صعدة، وهذه المطالب لا تخرج عن إطار المطالب التي رفعتها الجماعة منذ بداية الأزمة والمتمثلة برفع الزيادة المفروضة على أسعار المحروقات واسقاط الحكومة المتهمة بالفساد وتطبيق مخرجات الحوار الوطني.
مطالب لم تجد فيها الرئاسة اليمنية منذ البداية سبباً منطقياً للتصعيد وأخذ البلاد نحو حافة الهاوية فاتهمت الحركة بمحاولة الانقلاب على السلطة، لكنها قبلت بشروط أنصار الله في نهاية المطاف، الأمر الذي عده كثيرون رضوخاً للحركة سيمهد لمرحلة سياسية جديدة يكون لأنصار الله منها نصيب الأسد.
لا تسعى حركة أنصار الله إلى الانقلاب على السلطة لأنها تدرك جيداً التوازنات الداخلية وتداخلات المصالح الدولية والاقليمية في اليمن، وتدرك أيضاً حساسية الوضع بالنسبة الى المملكة العربية السعودية، لكنها تحاول تغيير المعادلة السياسية في خضم المتغيرات المتسارعة التي تشهدها المنطقة، وبالتالي توقيع الطرفين على وقف اطلاق النار، إذا حصل، سيعني دخول اليمن في مرحلة جديدة، كما قال بن عمر.
ميدانياً، تمكنت حركة «انصار الله» من السيطرة على العاصمة اليمنية صنعاء ووقعت في قبضتها مقر القيادة العامة للقوات المسلحة اليمنية فضلاً عن مقار عسكرية أخرى وكذلك الاذاعة اليمنية ومقر رئاسة الوزراء، فيما أعلنت قطعات وألوية عدة انضمامها إلى الحراك الشعبي وأعلنت دعمها ومساندتها لحركة «انصار الله»، فيما فر اللواء علي محسن الاحمر من مقر الفرقة الاولى المدرعة.
وتزامنت هذه التطورات مع إعلان رئيس الوزراء اليمني محمد سالم باسندوة استقالته متهماً رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي بالتفرد بالسلطة. يأتي ذلك بعد اكثر من شهر على بدء حركة احتجاج تقودها حركة انصار الله بزعامة السيد عبد الملك الحوثي تطالب باستقالة الحكومة والتراجع عن قرار رفع اسعار الوقود.
وكانت التطورات الأمنية تسارعت أمس، حيث تواصلت المعارك في العاصمة صنعاء بين حركة انصار الله واللجان الشعبية من جهة وبعض وحدات الجيش اليمني من جهة اخرى. وقال مصدر رسمي ان «انصار الله»: «سيطروا على مقر رئاسة الوزراء الحكومة وعلى الاذاعة اضافة الى مقر اللواء الرابع».
كما اكد المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام عبر صفحته على «فايسبوك» ان «الجهات العسكرية والأمنية التي ايدت الثورة الشعبية وانحازت إلى خيار الشعب هي: القيادة العامة للقوات المسلحة، معسكر الإذاعة، المؤسسات الرسمية المتواجدة بمنطقة التحرير و رئاسة الوزراء».
وأشارت مصادر متطابقة الى ان حركة «انصار الله» سيطرت على مقر الفرقة السادسة ومقر القيادة العامة للقوات المسلحة بعد حصول مواجهات بالأسلحة.
وفي وقت لاحق، أعلن عبد السلام السيطرة على مقر الفرقة الاولى مدرع سابقاً ، اي مقر اللواء علي محسن الاحمر الذي يبدو انه تمكن من الفرار، مع العلم انه من ألد اعداء الحوثيين. وقال: «إن اللجان الشعبية أعلنت التطهير الكامل والكلي لمقر الفرقة الأولى مدرع المنحلة وتعلن أن علي محسن الأحمر مطلوب للعدالة».
وما زالت حركة «انصار الله» تحاصر مبدئياً جامعة الإيمان معقل رجل الدين السلفي المتشدد عبدالمجيد الزنداني، وهو ايضاً من أبرز أعداء حركة «انصار الله».
وأكد شهود عيان ومصادر سياسية ان عدداً كبيراً من المقار العسكرية والسياسية التي سيطرت عليها حركة «انصار الله» لم تشهد اي مقاومة من جانب الجيش.
وتأتي هذه التطورات بالتزامن مع وصول اثنين من ممثلي حركة «انصار الله» الى القصر الجمهوري في صنعاء بعد اعلان المبعوث الاممي التوصل الى اتفاق سياسي سيتم توقيعه.
ودعا وزير الداخلية اليمني عبده حسين الترب أمس، الاجهزة الامنية الى التعاون وعدم مواجهة مقاتلي حركة «انصار الله» الذين سيطروا على معظم المقار العسكرية والمدنية الحيوية في صنعاء، بحسب بيان نشر على موقع وزارة الدفاع.
وجاء في البيان ان وزير الداخلية اللواء عبده حسين الترب دعا «كافة منتسبي الوزارة الى عدم الاحتكاك مع أنصار الله أو الدخول معهم في أي نوع من أنواع الخلافات».
كما دعا العاملين في الوزارة الى «التعاون معهم في توطيد دعائم الأمن والاستقرار، والحفاظ على الممتلكات العامة وحراسة المنشآت الحكومية، التي تعد ملكاً لكل أبناء الشعب، واعتبار أنصار الله اصدقاء للشرطة».