ترامب… وتدوير الحروب

فاديا مطر

على قاعدة تصاعد دور القوى الإقليمية في المنطقة العربية، يستمرّ الاضطراب في التحالفات، التي يجب أن تفرض نفسها للخروج من سياق التجاذبات، التي تحاول العودة بإصرار، لتضع بيوضها في ملفات السياسة والعسكرة، التي ترافق أحداث المنطقة برمتها. فالفجوة الآخذة بالإتساع بين الولايات المتحدة بحلتها الجديدة وإيران القائمة على رأس القوة الإقليمية، ربما هي المؤثر الأكبر على حلول كثير من ملفات المنطقة الإستراتيجية، بما فيها دور المحادثات المقبلة في جنيف، بما يخص الأزمة السورية. فالإدارة الأميركية التي جاءت على وقع ملفات مضطربة وشائكة، بين السياسة والسلاح والمال، تعتمد طريقة أكثر تصادمية من سابقتها، مع دول إقليمية مؤثرة على ملف مكافحة الإرهاب، رغم الأنفتاح الأميركي الواضح نحو البرنامج الروسي في هذا الإطار. وتأييد الدور الروسي لما يخص الحرب على المجموعات الإرهابية، أو ماسماها الرئيس الأميركي ترامب «الإسلام الراديكالي»، فالتبادل بالإشارات والتصريحات بما يخص المرحلة القادمة، أصبح يتخطى حدود البدء بخطوات، ربما تعدى المراحل الأستكشافية ليعلو الصوت نحو الملف النووي الإيراني والتجارب الصاروخية الإيرانية، رغم التوافق الثنائي الذي يقود عجلة مكافحة الإرهاب في العراق وهو ما خيب آمال الكثير من حلفاء الأميركيين في المنطقة العربية والأوروبية. لكن التصادم الأميركي مع إيران، بات يشبع رغبات بعض حلفائها الخليجيين، على اعتبار أنهم ليسوا الوحيدين ضمن التصعيد الأميركي الجاري. وتبدل السقوف، جعل من الميدان السوري سياسيا وعسكريا، نقطة استراتيجية هامة في التقدم نحو معادلات جديدة، ربما يُعدّ العدة لها الرئيس الأميركي لمواجهة إيران، في ميدان آخر يوازي الملف الصاروخي والسياسي، للبروز كخصمين متضادين في المنطقة العربية، تحت شعار ضرورات الامن القومي لكلا الطرفين. فالرسائل الإيرانية الواردة تجعل من المناخ الإقليمي أكثر حرارة، اتجاه دورها وما تمثله من مكانة في المعادلات الإقليمية. وربما يشمل حضورها الميداني بقوة أكبر حجماً وأكثر ردعاً وتأثيراً. وبالتالي، فإنّ الدور الخليجي سيكون أكثر اضطراداً بحضوره المالي والتسليحي، لما بقي من مجموعات إرهابية تقاتل على الأرض السورية وتعيش تحت الصمت التركي حالياً، لتكون مجموعة الردود تقود وضوح المشهدية، بما يتعلق بالسياسة الخارجية مع الولايات المتحدة ونوع وطبيعة الرد على حلفائها، في موازيين جديدة تتعلق بعدائيتهم لإيران. فهل هناك ما يتعدى «حرباً باردة» بين واشنطن وطهران؟! أم أن الملف النووي سيكون هو نقطة المعايرة المقبلة؟!

فشل الإدارة الأميركية السابقة في التعامل مع ملفات المنطقة، سيرخي بظلاله على صورة التعامل القادم مع إيران. وأن كان لتفضيل دور السياسة على دور العسكرة، خصوصا في الرؤية السياسية الروسية – الإيرانية المتحالفة مع سورية ودورها في مكافحة الإرهاب المتطرف وما يخص إعادة فك وتركيب وتدوير العديد من العلاقات الأوروبية والخليجية، التي تجيب على تساؤلات عدة من العهد الأميركي الماضي، بما يخص الحرب على سورية والملف الأوكراني والعقوبات الأميركية وغيرها من الملفات، التي قادت سياسة قطب عالمي لما يقارب عقد من الزمن، فهل القادم من الأحداث هو خمساً ناقصاً واحداً؟ أم خمساً زائداً أثنين؟!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى