الحريري وجعجع يستعجلان إنجاز قانون انتخاب توافقيّ ويأخذ بهواجس جميع الأطراف أحزاب ترفض الستين بالمطلق وإشادات بدعوة رئيس الجمهورية إلى الاستفتاء الشعبي
راوح موضوع قانون الانتخاب مكانه من دون أن تتوقّف المشاورات واللقاءات الحزبيّة بشأنه، فيما رفضت قوى سياسية مطلب «اللقاء الديمقراطي» إجراء الانتخابات على أساس قانون الستين معدّلاً بالتوازي مع دعوة اللقاء إلى حوار من أجل البحث في التعديلات.
والبارز على الصعيد الانتخابي اللقاء الذي جمع مساء أول من أمس، رئيس الحكومة سعد الحريري و رئيس حزب «القوّات» سمير جعجع في بيت الوسط، بحضور وزير الإعلام ملحم الرياشي ووزير الثقافة غطاس خوري ونادر الحريري.
وتناول اللقاء، بحسب بيان لمكتب الحريري «المستجدّات السياسية محلّياً وإقليمياً، والاتصالات الجارية بخصوص قانون الانتخابات.
وقد تمّ الاتفاق على وجوب الوصول بأسرع وقت ممكن إلى مشروع قانون جديد للانتخابات يحظى بتوافق الكتل السياسية، ويأخذ في الاعتبار هواجس جميع الأطراف».
مشاورات
في الأثناء، أكّد عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب غازي العريضي، بعد زيارته برفقة وفد من اللقاء الرئيس ميشال سليمان بحضور عدد من أعضاء «لقاء الجمهورية»، ضرورة إجراء الانتخابات النيابيّة في موعدها، معتبراً أنّ «مصالحة الجبل يجب ألّا تُمس بأيّ طريقة من الطرق».
وعن كيفيّة تعديل قانون الستين، قال: «لم نطرح نحن ما هي هذه التعديلات، ولم نسمع من آخرين ما هي»، مضيفاً أنّ «النقاش مفتوح ويجب أن يكون هادئاً».
كما التقى سليمان رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل، يرافقه عضو المكتب السياسي عبدالله ريشا.
وقال الجميّل: «أصبحنا على بعد أسبوع من دعوة الهيئات الناخبة وفق قانون الستين، وأعود لأوجّه آخر إنذار، إذا لم يقرّ قانون جديد للانتخاب خلال أسبوع فنحن ذاهبون إلى قانون الستين، أو إذا تمّ التوصّل إلى قانون خلال 3 أشهر المقبلة فسنصل إلى تمديد تقني للمجلس النيابي، والأمران مرفوضان»، معتبراً أنّ «قانون الستين الدوحة يضرب صحّة التمثيل، وليس فيه الإصلاحات الأساسيّة المطلوبة لتحسين الأداء الديمقراطي في لبنان، وعلى رأس هذا الموضوع اللوائح المطبوعة سلفاً، التي تمنع التزوير والضغط على الناخب، أو الكوتا النسائيّة المطلوبة اليوم».
وردّاً على سؤال حول مطالبة جنبلاط بتطبيق قانون الستين معدّلاً، قال الجميّل: «نحن لا نوافق على عودة الستين، بكلّ وضوح وبكلّ صراحة».
وأضاف: «نريد قانوناً فيه وحدة معيار، ونحن منفتحون، نفضِّل الدائرة الفردية وهي الأنسب بالنسبة إلينا».
كما التقى الجميّل يرافقه وفد كتائبي في مقرّ حزب الطاشناق في برج حمّود، الأمين العام للحزب النائب أغوبوب بقرادونيان بحضور عضوي اللجنة المركزية أغوب هاواتيان ورافي أشكاريان.
بعد اللقاء، قال بقرادونيان: «الموضوع الأهم اليوم هو قانون الانتخاب، والذي اتفقنا كقوى سياسية أن يكون عادلاً ويمثّل كلّ الطوائف والمذاهب والقوى السياسية في لبنان بحسب الحجم السياسي، من دون أيّة نيّة لوضع قانون انتخاب أو طريقة انتخاب أو تقسيم الدوائر لتحجيم أو إلغاء أيّ طرف».
وتابع: «نحن عانينا في انتخابات عام 2000 من القوانين المجحفة كطائفة وكحزب من التهميش والإلغاء، نكرّر اليوم ونقول: نحن نمدّ يدنا إلى كلّ الذين وضعوا هذه القوانين منذ عام 2000 حتى اليوم، ونقول إنّنا وصلنا اليوم بلبنان إلى مرحلة نضع فيها قانوناً نهائيّاً للانتخابات لصالح الأجيال القادمة حتى نكون كلّنا ممثّلين، لأنّ لبنان لا يستقيم إلّا بالتمثيل الصحيح وبالتمثيل العادل وبوضع إصلاحات لقانون انتخاب».
وختم: «نحن لا نأتي لإلغاء أحد، وطبعاً لا نأتي بعد كلّ العمل السياسي لنقبل بأن يلغينا أحد أو أن يُلغى أحد، أكان في مناطقنا أو على كافّة مساحة لبنان».
بدوره، تمنّى الجميّل «تسريع عملية إقرار قانون جديد للانتخابات، وهذه مسؤوليّة كبيرة على عاتق الحكومة ورئيس الجمهورية والمجلس النيابي».
كذلك، استقبل بقرادونيان في مقرّ الحزب، رئيسة «الكتلة الشعبية» ميريام سكاف، وتمّ التطرّق إلى آخر المستجدّات على الساحة اللبنانية والبحث في قانون جديد للانتخابات المقبلة، إضافةً إلى «العلاقات الممتازة التي تربط الطاشناق والكتلة الشعبية وآل سكاف، كما كانت أيام رئيس الكتلة النائب والوزير السابق الراحل الياس سكاف».
وشدّد بقرادونيان على «ضرورة إجراء الانتخابات النيابيّة على أساس قانون جديد يؤمّن التمثيل الصحيح لكافة القوى السياسية، ويصحّح الخلل السائد في منطقة البقاع».
مواقف
وبحثَ رئيس حزب الاتحاد الوزير السابق عبد الرحيم مراد، يرافقه عضو المكتب السياسي في الحزب هشام طبارة مع مُفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى، موضوع قانون الانتخاب. وبعد اللقاء، أمل مراد أن يتمّ الاستحقاق الانتخابي بالتوقيت المحدّد له من دون أيّ تأجيل، وقال: «وبالنسبة للقانون كما هو معروف، أعتقد أنّ قانون الستين حسبما يُقال دُفن، وبالتالي المطلوب قانون جديد. هذا القانون الجديد حسب الطائف أن يكون عادلاً، ولا يكون عادلاً حسب التقسيمات التي تُطرح، أو المشاريع التي طُرحت مؤخّراً، لا يوجد فيها شيء من العدالة»، مشدّداً على وجوب «أن يكون هناك مساواة بين كلّ الناخبين لكي ينتخبوا بالمساواة، لا يجوز أن ينتخب أحد على أكثريّ وآخر ينتخب على نسبيّ، والنوّاب لا يجوز أيضاً أن يُنتخبوا على أساس واحد أكثريّ وآخر نسبيّ، المفروض أن يتساوى الجميع في ما يتعلّق بطريقة الانتخاب».
وأعرب عن اعتقاده «أنّ طريقة الانتخاب أصبح هناك شبه إجماع أن تكون نسبيّة، أمّا عدد الدوائر أن يكون لبنان دائرة واحدة هذا الشيء النموذج، والذي نتمنّاه والذي يحقّق استقراراً لمدة 60 أو 70 سنة مستقبلاً لأجيالنا القادمة، إذا اعتمدنا هذا القانون، وإذا لا فخمس دوائر، وإذا لا 13 دائرة، كما تمّ الحديث سابقاً على أساس القانون الذي أُقر في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي».
وعن رأيه بموقف جنبلاط وتمسّكه بقانون الستين، قال: «وليد بك يريد قانون الستين معدّلاً، ما طريقة التعديل التي يقصدها؟ لا أعلم، ولكن الذي أعرفه أنّه سيكون مرفوضاً قانون الستين من كلّ الأفرقاء أو معظمهم، ولن يكون هناك أمامنا إلّا قانون النسبيّة».
واعتبر أمين عام «رابطة الشغّيلة» النائب السابق زاهر الخطيب، أنّ «قانون الانتخاب يشكّل معركة سياسيّة قوية جداً، لأنّ موازين القوى تجعل من الساحة السياسيّة ساحة معركة بين الفريق الذي يؤكّد على قانون الستين، وبين الفريق الذي يدعم التوجّه بأن يكون قانون الانتخاب معتمداً النسبيّة الشاملة ولبنان دائرة واحدة».
وقال الخطيب في حديث لوكالة «أخبار الشرق الجديد»، إنّه «لا يمكن مطلقاً أن يستمرّ لبنان على أساس نظام سياسي مبنيّ على الطائفيّة، في حين ينبغي اعتماد المواطنة على أساس النسبيّة ولبنان دائرة واحدة». وأضاف « أنّ أيّاً كان يسأل اليوم عن قانون الانتخاب، هو فعلاً لا يحمل جواباً قبل أن تتبلور موازين قوى لصالح النسبيّة».
ورأى «أنّ منتهى الالتزام بالإرادة الشعبيّة كون مجلس النوّاب ينبغي أن يمثّل سلطة الشعب هو العودة إلى الشعب بالاستفتاء، هو مسار دستوري وديمقراطي مئة في المئة، لا يمكن لأيّ إنسان يؤمن بإرادة الشعب وينسب إلى المجلس أنّه ينبغي أن يمثّل الإرادة الشعبية أن لا يوافق على الاستفتاء الذي تتمثّل فيه الإرادة الشعبية».
كذلك، نوّه النائب السابق إميل لحود بدعوة رئيس الجمهورية ميشال عون إلى الاستفتاء الشعبي لاختيار قانون الانتخاب، وقال في تصريح إنّ «المشهد السياسي المرتبط بقانون الانتخاب يُظهر حالة الهلع التي تعاني منها الطبقة السياسية، سعياً إلى تجديد نفسها بحجّة عدم الاتفاق على قانون جديد، رافعةً شعار التغيير في مكان والمحافظة على الوجود في مكان آخر».
وأشار إلى أنّ «الهدف من قانون الانتخاب ليس احتفاظ بعض القوى السياسيّة بمواقع نفوذها وسلطتها على الناس، وليس التعويض المالي عن إفلاسها في وطنها البديل، وليس المضيّ في خطوات نحو مناصب رئاسيّة، بل التعبير عن رأي الناس وتحسين حياتهم اليوميّة عبر تشريعات متطوّرة ومراقبة ومحاسبة الحكومات».
وتوقّف عند «ما نسمعه في هذه الأيام من كلام طائفي وشعارات استعادة الحقوق، كما نسمع من استفاق بعد أكثر من عقدين ونصف العقد، على اتفاق الطائف الذي حوّلته هذه الطبقة السياسيّة إلى ممسحة لارتكاباتها وخطاياها التي لا تغتفر، في حين أُهمل تطبيق هذا الاتفاق طوال الفترة الماضية».
وتابع: «في ظلّ هذا التضليل المبرمج للرأي العام، يبرز بصيص أمل وحيد في كلام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، تمثّل بدعوته لإجراء استفتاء شعبي لاختيار قانون الانتخاب الذي يحظى بتأييد غالبيّة اللبنانيين، وهو ما نطالب به منذ سنوات. لكنّنا نأمل أن تتمّ ترجمة هذه الفكرة إلى خطوات تنفيذيّة يباشر العمل بها فوراً، ليكون لبنان أمام حدث تاريخي ينقله إلى مصاف الدول الديمقراطية التي تلجأ إلى الشعب ليقرّر مصيره عند المحطّات التاريخية المفصليّة».
وقال: «إنّ البحث عن قانون الانتخاب لا يتمّ عبر اللجان السريّة والعلنيّة، بل في طرح لجنة من خبراء مجموعة محدّدة من القوانين على استفتاء عام يشارك فيه الناخبون، ويتمّ على أساسه اختيار القانون الذي ستجري الانتخابات على أساسه».
ورأى أنّ «الكثير من السياسيّين قد يلجأون، بعد موقف رئيس الجمهورية، إلى تخفيض سقف شروطهم، إلّا أنّنا ندعوه إلى عدم التراجع والمضيّ في خطوة الاستفتاء التي تشكّل المخرج الوحيد للأزمة التي يشهدها لبنان».
إلى ذلك، رأى الوزير السابق زياد بارود في تصريح، أنّ الحلّ الوحيد هو «أن يدعو رئيس الجمهورية جميع القوى السياسية إلى طاولة حوار يكون بندها الأساس والوحيد قانون الانتخاب، نظراً إلى أهميّته التأسيسيّة التي باتت اليوم توازي أهميّة الاستراتيجية الدفاعيّة، فإمّا أن يؤدّي إلى استقرار على مستوى لبنان ككلّ، أو إلى تشنّج سياسي كالذي عرفناه قبل الانتخابات الرئاسيّة».