سفير باكستان لـ«البناء»: منحازون إلى وحدة العالم الإسلامي ولن نتأخر عن القيام بدور الوساطة بين إيران والسعودية

حاوره: عدنان الساحلي وهادي حسين

أكد السفير الباكستاني في لبنان آفتاب كهوكهر، عزم إسلام آباد على المضيّ قُدُماً في محاربة الإرهاب ولو اضطرها الأمر إلى أن تبقى وحيدة في الميدان، لأنّ أمن باكستان وسلامتها مصلحة قومية تلتزم بها حكومتها.

وأعرب كهوكهر في حديث لـ«البناء» عن التزام بلاده سياسة عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى. ومن هذا المنطلق لا تزال علاقاتها الدبلوماسية على دفئها مع الجمهورية العربية السورية. والسفارة الباكستانية في دمشق تمارس مهامها بكلّ أريحية، بالتنسيق مع الجهات السورية المُختصة .

كما أوضح أن لا جديد في موقف باكستان من القضية اليمنية. وإسلام أباد مُلتزمة بقرار برلمانها القاضي بعدم التدخل في شأن أيّ دولة عموماً والشأن اليمني خصوصاً. وألمح كهوكهر إلى استعداد بلاده دائماً، للعب دور الوسيط بين الأطراف المُتخاصمة، في إشارة منه إلى السعودية وإيران.

البداية كانت من باب انخراط باكستان في الحرب على الإرهاب، سألناه: كانت مجلة «ذي سبكتاتور» البريطانية نشرت تقريراً تحت عنوان: «باكستان تربح حربها على الإرهاب»، فهل ربحت بالفعل باكستان حربها على الإرهاب؟

– أستطيع القول وبناء على معطيات حسية ورقمية، إنه نعم، قد تمكنا خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة من إلحاق الضرر وبشكل كبير، بالجماعات الإرهابية التي كانت تقف وراء عدم استقرار باكستان الأمني، فمدينة كراتشي التي تُمثل عاصمة الاقتصاد الباكستاني، بدأت تشهد استقراراً ملحوظاً، فمع نهاية العام 2013 كانت كراتشي قد شهدت 51 تفجيراً إرهابياً، بينما مع انقضاء الساعات الأخيرة للعام 2016 كانت كراتشي قد شهدت تفجيرين إرهابيين فقط. وبإمكانكم الرجوع إلى تقارير إعلامية وأمنية متوفرة على مختلف المواقع الإلكترونية، تُجمع على هذا الإنجاز الذي حققته مؤسساتنا الأمنية والعسكرية.

قدّمنا تضحيات كبيرة في محاربة الإرهاب

باكستان لديها تجربة كبيرة مع الجماعات المتشدّدة والإرهابية، هل تعتقدون بوجود جماعات متشدّدة جيدة وجماعات متشدّدة سيئة؟ لا سيما أننا سمعنا بذلك من مسؤولين باكستانيين، ما لاقى امتعاضاً أميركياً وجعلها تتهم باكستان بعدم الجدية في محاربة الإرهاب .

– لطالما كانت باكستان جادّة في محاربة الإرهاب، وقد قدمت التضحيات الجسام في هذه الطريق، لأننا نعي جيداً خطورة هذا السرطان الذي زرعته الولايات المتحدة الأميركية بنفسها في العالم الإسلامي، فهي التي أتت بجحافل المتطرفين والمتشدّدين من شتى أنحاء العالم لمحاربة السوفيات في أفغانستان. وبعد تفكك الاتحاد السوفياتي، عاشت نشوة النصر من غير اكتراث باللاجئين الأفغان الوافدين إلى باكستان، الذين حملوا معهم الفقر والبطالة والهيرويين إلى بلادنا. واليوم ونحن نخوض حربنا ضدّ الإرهاب في المناطق القبلية، تخلت عنا الولايات المتحدة الأميركية وقطعت عنا الميزانية المُخصّصة لحرب الإرهاب ونحن في وسط الحرب !لكننا مستمرّون في محاربة الإرهاب من دون تفريق بين جماعة وأخرى، فالإرهاب واحد. وعلى كلّ حال، نحن اعتدنا على الولايات المتحدة الأميركية وذرائعها الواهية.

التوتر مع الولايات المتحدة!

شهدت السنوات الأخيرة توتراً في العلاقات الباكستانية الأميركية، ما السبب في ذلك؟ وهل تتوقعون تحسّناً في العلاقات بين البلدين بقدوم الإدارة الجديدة إلى البيت الأبيض، برئاسة دونالد ترامب؟

– هذا طبيعي في العلاقات بين الدول، لكن من جهتنا نحن حريصون أن تكون علاقاتنا جيدة مع الأطراف الإقليمية والدولية على حدّ سواء، حتى الهند التي تدوس على كلّ الأعراف الدولية وقرارت الأمم المتحدة، نحن ندعوها للحوار، فنحن نؤمن بضرورة التكلم، أما ترامب فلم يرتب أغراضه في البيت الأبيض بعد حتى نتكلم عن مرحلته وما نتوقعه.

سياستنا الخارجية منفتحة ومرنة

في الربع الأخير من العام الماضي قامت القوات الباكستانية بمناورة هي الأولى مع روسيا، بعد قطيعة استمرت لخمسة عقود بين البلدين. بعد ذلك شارك وفد رسمي باكستاني بمؤتمر ثلاثي حول أفغانستان بمشاركة الصين وروسيا، فهل يعني ذلك أنّ السياسة الخارجية الباكستانية بدأت تميل نحو الشرق شيئاً فشئياً؟

– العلاقات الدولية ليست معادلة رياضية تقوم على أساس plus و minus ، بمعنى أنّ أيّ تقارب بيننا وبين روسيا لا يعني ابتعادنا عن الولايات المتحدة الأميركية، وأعتقد أنّ الجميع يفهم ذلك ويستوعب مواقفنا أيضاً، لا سيما أننا في وسط حرب ضدّ الإرهاب ما يقتضي التعاون مع الجميع لإحلال الأمن في الإقليم.

باكستان دولة إسلامية كبرى لها أهميتها الجغراسية، وهي عضو مؤسس في منظمة التعاون الإسلامي، ما هو موقفها من القضية الفلسطينية ومن الأزمتين السورية واليمنية؟

– باكستان دولة مؤسسات ولديها ما يُسمّى أساسيات السياسة الخارجية التي تقوم على ثلاثة عوامل:

1 ـ الأمن، 2 ـ الايديولوجيا، 3 ـ التطور والتقدّم. على ذلك، فإنّ مواقف باكستان الخارجية تدور رحاها حول هذه العوامل الثلاثة .

بالنسبة لفلسطين، نحن نعترف بالسلطة الفلسطينية في رام الله برئاسة الرئيس محمود عباس، الذي حلّ ضيفاً عزيزاً على إسلام آباد في آخر كانون الثاني الماضي. وباكستان تدعم قيام دولة فلسطينية وضرورة حلّ الدولتين وإحياء مفاوضات السلام الخاصة بالصراع الصهيوني – الفلسطيني، لوضع حدّ نهائي له وإعطاء الفلسطينين فرصة للحياة الطبيعية ككلّ شعوب العالم.

بالنسبة لسورية، علاقاتنا الدبلوماسية لا تزال على حرارتها مع الحكومة السورية ومع الشعب السوري الشقيق. وسفارتنا تمارس نشاطها ودورها بكلّ أريحية في دمشق بالتعاون مع الجهات الرسمية السورية .ونتمنى حلاً سريعاً وسياسياً للأزمة السورية، التي نؤمن أنها شأن داخلي لا نتدخل به .

أما موقف الحكومة الباكستانية من اليمن هو موقف برلماننا الموقّر، الذي يُمثل إرادة الشعب الباكستاني بعدم التدخل بشأن أيّ دولة أخرى. وباكستان لن تكون طرفاً في أيّ حرب يكون طرفاها مسلمان. ونحن دائماً على استعداد للعب دور الوساطة بين الأطراف المعنية.

بين إيران والسعودية…

كيف بالإمكان الإستفادة من صداقة باكستان للمملكة العربية السعودية وعلاقاتها الطيبة مع جارتها الجمهورية الإسلامية الايرانية، للتخفيف من النار المشتعلة في العالم الإسلامي؟

– باكستان تتألم لحال أشقائها من دول العالم الإسلامي، فالعالم الإسلامي بمثابة الجسد الواحد واشتعال أيّ جزء منه يؤلم كلّ الجسد. ونحن كجزء من هذا الجسد نتألّم ويعنينا بشكل جدي أن تتمّ معالجة قضاية العالم الإسلامي. لذلك، اخترنا لعب دور الوساطة غير مرة بين إيران والسعودية، كان آخرها عند قيام شبّان إيرانيّين بإشعال النار بالقنصلية السعودية في مدينة مشهد الإيرانية، على خلفية قيام القوات السعودية بإعدام عالم دين شيعي الشيخ نمر باقر النمر . ونحن دائماً مستعدون لعمل كلّ ما في وسعنا لرأب الصدع بين الدول الإسلامية الشقيقة، فيما إذا كانت هي نفسها مستعدة لذلك

في كلمة أخيرة، ماذا تقولون للبنان وللبنانيين؟

– للبنان واللبنانيين كلّ الشكر على حُسن استضافتهم. وأتمنى لهم شتاء جميلاً. كما أدعو اللبنانيين لزيارة باكستان، فهي بلدٌ جميل وتستحق الزيارة. وباكستان اليوم غير باكستان الأمس.

وللمستثمرين أدعوهم للاستثمار في باكستان، فبلدٌ فيه 200 مليون نسمة و60 في المائة منهم من الشباب النشيط، فضلاً عن العمالة الرخيصة وتنوّع مجالات الاستثمار. أعتقد أنها أسباب كافية لزيارة باكستان واللستثمار فيها، لا سيما أنّ الحكومة تعتمد سياسات تشجيعية وصديقة لتسهيل عمل المستثمرين ولكسب المال الوفير .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى