ترامب… نرى جعجعة ولكن لم ولا ولن نرى طحيناً!
د. رأفات أحمد
يحاول ترامب دخول السياسة من أوسع أبوابها بعد وصوله إلى البيت الابيض. ويحاول الايحاء بأنه لاعب خطير وأساسي في المنطقة، بعدما غصت وسائل الاعلام والمواقع الالكترونية بتحليل شخصيته المستهترة والماجنة، العاشقة للحياة والمال والنساء!
تصريحات ترامب ضد التجارب الصاروخية الايرانية ودعوة مجلس الامن لجلسة طارئة، ليست إلا محاولة يائسة منه لتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية وهو الذي يعلم تماما، أن التجارب الصاروخية لإيران ليست نقضاَ للاتفاق النووي، الذي لا يشمل أصلاَ هذه الصورايخ، باعتراف الحكومتين الاميركية والفرنسية آنذاك. وبإعلان روسيا أن هذه التجارب ليست خرقاَ لقرار مجلس الامن الخاص بالاتفاق النووي.
يغازل ترامب «إسرائيل» التي تخشى إيران. نعم «إسرائيل» تخشى ايران وتخافها. ومعها ولها كل الحق في ذلك. تحرش ترامب بالعملاق الإيراني، باسلوب صبياني واضح، يثير الضحك ولا طائل منه سوى طمأنة «الاسرائيلي».
«إسرائيل» المنكفئة المنكمشة المرعوبة من تحولات المنطقة وانتصار محور سورية والاحلاف، تهلل لتلك التصريحات المعادية علنا لإيران، علها تكون فاتحة انقاذ لها من مأزق الخسارة، في الحرب الكونية على سورية. إلا أنه فاتها أن هذه التصريحات، تحمل في طياتها غزلا سرياَ لطهران ورغبة في الغوص في العمق الاقتصادي باتفاقات اقتصادية طويلة الامد. وها هي فرنسا تقرأ ما لم تستطع «إسرائيل» قراءته. وجاءت المغازلة الفرنسية الصريحة بزيارة وزير الخارجية الفرنسي لإيران، في ذكرى انتصار الثورة.
أعلنت فرنسا في تلك الزيارة، صراحة، أنها ضد أي مبادرة تعارض الاتفاق النووي وتعارض أي اتفاقات جديدة بهذا الشأن. فرنسا المشهود لها بسذاجة سياسيها وسطحية تعاطيهم مع ملفات المنطقة، تقرأ وللمرة الاولى، بشكل صحيح، السلوك الاميركي وتسارع لترجمته باتفاقات اقتصادية وتسعى لعقد المؤتمر الاقتصادي الاول بين الجانبين. ويكتمل المشهد بالإيعاز بتسريع وتسهيل منح تأشيرات الدخول للإيرانيين إلى فرنسا !
إنها ايران. وما ادراكم ما إيران.
إيران أكبر واعظم من أن تُهدد بحرب عليها.
إيران أقوى وأصلب من أن تتعاطى مع تهديدات ترامب.
إيران التي ارتفعت صادراتها إلى اكثر من 60 مليار دولار وهي محاصرة، فكيف وقد عادت عائداتها المجمدة الـ 120 مليار دورلار من ودائعها المجمدة ؟
إيران التي كانت تستورد القمح، أضحت مكتفية به وهي محاصرة.
إيران التي اطلقت فيما مضى قمرين صناعيين إلى الفضاء محليي الصنع.
إيران لو ارادت بناء مفاعلٍ نوويّ في أي دولة عربية، سيكون أقل كلفة بعشرات الاضعاف، من تكلفته فيما لو تم باشراف اوربي إذاً: التطور العلمي في أيران والعقل الإيراني العلمي، يرعب «اسرائيل» والغرب، فما بالنا بتطورها العسكري؟!
جاء الغرب إلى الاتفاق النووي مع إيران، من منطلق قوة أيران وتمكنها وتحكمها. وليس من منطق استسلامها، أو عجزها. فالغرب لا يفاوض الضعيف. فأين ترامب وتصريحاته الارتجالية من كل هذا؟
لا حرب ضد إيران. والمشهد اكثر من واضح.
صواريخ حزب الله التي تهدد حاويات الامونية في خليج حيفا، خلقت وما زالت تخلق رعباَ فتاكاً، بسبب شبح كارثة كيميائية لا يفارق «الاسرائيلين». هذه الكارثة، قد تتسبب بمقتل عشرات الالاف واصابة مئات الالاف، فيما لو استهدفها الحزب. وستكون نتائجها أخطر من نتائج القنابل النووية، التي سقطت على هيروشيما ونكازاكي، في الحرب العالمية الثانية. بحسب توصيف ايهود كينان، البروفسور في كلية الكيمياء في حيفا، فيما لو انفجرت واحدة فقط من تلك الحاويات.
تهديدات الأمين العام للحزب، تلقى آذانا صاغية لدى الشارع «الاسرائيلي». وقدرات حزب الله لا تخفى على احد. وقد وصفه كبار قادة جيش العدو ومنهم قائد قاعدة حيفا، التابعة لسلاح البحرية «الاسرائيلي»، بأنه – أي حزب الله كالجيش الذي لا يجب الاستخفاف به والذي يملك مجموعة كاملة من الصواريخ، بكميات كبيرة وبرؤوس حربية مختلفة. وبالتالي، يجب التعامل معه على أنه جيش يمتلك كل شيء. كل شيء!
فمن ينادي بالحرب؟ ومن يستطيعها ؟ إلا إذا أرادتها ايران وأعلنتها!