تكوين وعمل مجلس الأمن القومي لترامب
لدى إعداد هذا التقرير صدرت قرارات تنفيذية عامة وعقوبات جديدة ضدّ إيران تشير الى طريقة عمل إدارة ترامب وتؤكد المخاوف من نزعة تجاوز العمل المؤسساتي واللجوء الى دائرة ضيقة من المساعدين الموثوقين، كما تعزز من الانطباع السائد بتنامي تأثير ونفوذ مستشاره ستيف بانون بصورة خاصة.
قرارات ترامب الصادرة في الأيام الأولى من ولايته أحالت معظم المراقبين والمحللين للعودة إلى المربع الأول لسبر أغوار ما يجري، في ضوء التقييمات والمعتقدات السابقة «لزعيم» سخر منه الكثيرون وفاجأهم المرة تلو الأخرى باتخاذه تدابير لقيت ترحيباً بدل الإدانة داخل صفوف الحزب الجمهوري، باستثناء بعض التصريحات الخجولة لأقطاب كبار في المؤسسة. السؤال الجوهري لتقصّي حقيقة تفكير وما يرمي اليه ترامب يبقى مطروحاً دون إجابات مقنعة أو وافية للحظة.
جوهر المسألة ما إذا كان يتعيّن تفسير تصرفات وقرارات ترامب كردود فعل إرضاء لغريزة معينة وطمأنة لجمهور معظمه متواضع التفكير والتحصيل العلمي ام هي جزء في سياق منظومة متكاملة من الإجراءات، صادمة في وقعها وتوقيتها المتقارب وإقصائها لقوى كانت بالأمس من أقرب الدوائر في خانة الحلفاء، أم بخلاف ذلك مما يعطي الانطباع انها تمتهن التخبّط والعفوية وإساءة التوقيت، غير آبه بتداعياتها المتعدّدة، بل وملامستها لخانة تحدّي نصوص الدستور الخاصة بصون الحريات العامة.
في سياق الإجابة وتوخياً للدقة والموضوعية والعلمية في آن، نجد لزاماً استحضار ليس التشخيص النفسي لما يحرك ترامب «ونفوره التاريخي» من التزام الصدق، بل لما يمثله من قوى ومصالح معينة داخل المؤسسة الأميركية تضرّرت مصالحها بسبب سياسات العولمة وتبعاتها، وهي التي تصبّ جام غضبها على «القيود الحكومية» وتدخل المؤسسات الفيدرالية/ الاتحادية في مجريات أعمالها مما «يقوّض مصالحها الاقتصادية وحرية تحركاتها».
في الشق الأول، جاءت تصريحات أحد أكبر أخصائيي علم النفس والأستاذ في جامعة جون هوبكنز، جون غارتنر، 30 كانون الثاني/ يناير الماضي، شديدة الوضوح قائلاً: «انّ دونالد ترامب مريض عقلياً… ولديه نرجسية خطيرة، مزاجيته تحيله الى غير قادر على تبوؤ مهام الرئيس بشكل صحيح». وشاطره طبيب نفساني مشهور أيضاً، كاري بارون، مؤكداً على تشخيص ترامب بمرض النرجسي الخطير مما يحيل المصاب به الى «فرد مخيف، وخطير، ولا يرحم.. يفتقر الى الشعور بالذنب او الندم».
ما يهمّنا تحديداً علاقاته بالمصالح التجارية والمصرفية التي ينبغي استحضارها بقوة للإضاءة على أبعاد «قراراته» وتحركاته الصادمة للبعض. بإيجاز شديد، يمثل ترامب مدرسة نقدية داخل المؤسسة العالمية تعتبر انّ أقطاب «الرأسمالية الصناعية» قد تخلت عن الأسواق الداخلية طمعاً في مزيد من الأرباح خارجها «ونقلت محور استثماراتها وابتكاراتها وأرباحها» خارج حدود الولايات المتحدة.
وعبّر عنه بوضوح شديد في خطابه لأداء القسم باتهامه «النخب الاقتصادية لتخليها عن الحزام الحديدي الولايات الوسطى المتشاطئة على البحيرات العظمى والانتقال إلى وول ستريت». جذر اتهاماته له ما يبرّره في الداخل الأميركي، اذ تحكّمت الولايات المتحدة بنحو 50 من مجمل التبادلات التجارية العالمية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وتقلصت حصتها لما دون نسبة 20 بعد تسيُّد العولمة «وتفكيك «قاعدة الإنتاج الصناعي».
منذ ترسخ نمط العولمة و»أمركة» العالم، نما شرخ داخل نخب المؤسسة الاقتصادية بين شقيها المصرفي والاستثماري، من جهة، وبين الشق الصناعي والإنتاجي «المعولم» من جهة أخرى على خلفية امتيازات ضرائبية كبيرة لصالح الأخيرة. ترامب يحبّذ «انتقال» نمط الاقتصاد الأميركي من النموذج المصرفي والمستند الى استيراد البضائع باتجاه اقتصاد يستند الى التصنيع والتصدير.
ترامب ينتمي للنمط الأول المتجذر في تيار «القومية الشعبوية الأميركية المتطرفة»، وحافظ على تمثيل مجموعة «وول ستريت» وإمساكها بأهمّ الوزارات السيادية، وضخ نفوذ بارز لرموز «التوسع العسكري» في إدارته.
أوجز استاذ العلوم السياسية في جامعة برينستون، يان- فيرنر ميوللر، بروز ترامب والشريحة التي يمثلها من المتطرفين بأنّ «القيادة اللامعة ليست هي المعيار» في عرف المحافظين والقوميين الجدد «بل القدرة على استشراف الإرادة الشعبية وفهم تطلعاتها». كتابه «ما الشعبوية»، 2016 . وشاطره آخرون من نخب العلوم السياسية بالقول انّ ترامب ورهطه جسدا «المحسوبية الشاملة»، التي تسخّر دعائم الدولة المركزية لخدمة أصدقائهم ومعارفهم المقربين.
التشكيل الوزاري لترامب، وهو موضوع يستحق التحليل المفصّل بحدّ ذاته، وميله لكبريات شركات الاستثمار والطاقة قد ولد معارضة «صامتة» بين الشركات المنافسة الأخرى والتي تعوّل كثيراً على عقودها التجارية الواسعة مع مختلف أجهزة الدولة، وتتلقى الإهانة تلو الأخرى من ترامب ايه تي أند تي للاتصالات، قطاع إنتاج السيارات إلخ… حفاظاً على استمرارية مصالحها الضخمة مع الجهاز الحكومي برمّته.
بعض الأخصائيين في الشأن السياسي والاستثمارات الاقتصادية أعرب عن قلقه من نفوذ وسطوة شريحة الأثرياء «ممثلي الشركات الكبرى من أشدّ الفرق تطرفاً… في التاريخ الأميركي بأكمله». بل ذهب أبعد من ذلك بتحذير العامة من انّ الولايات المتحدة «تواجه استيلاء كبرى الشركات على مفاصل الحكومة الأميركية».
تعديلات مزاجية في الهيكلية
قرارات ترامب مثيرة للجدل بأكملها، لكن أبرزها، وربما أخطرها بالنسبة للتقاليد المتبعة، قراره بإعادة هيكلة «مجلس الأمن القومي»، بتعيين مستشاره «للشؤون الاستراتيجية» ستيف بانون في عضوية المجلس، إضافة لمستشاره للأمن القومي مايكل فلين، ومدير طاقم موظفي البيت الابيض، راينس بريبس. أُبعد من التمثيل المؤثر كلّ من مدير جهاز الأمن الوطني ورئيس هيئة الأركان اللذين «خفضت» رتبتهما الى مجرد حضور الاجتماعات عند الدعوة وبما يتسق مع خبرتهما بالمواضيع المدرجة. غادر ايضاً كلّ من وزير الطاقة والمندوب الدائم في الأمم المتحدة «في تحدّ صارخٍ للنظام الأساسي».
التركيبة الجديدة للمجلس تشير الى نموذج خاص بعمل ترامب وإدارته الرامي لتقليص دائرة التأثير وحصرها ببعض الأفراد الموثوق بولائهم، مما يقوّض ايّ سعي رسمي لإخضاع المجلس للمساءلة من قبل الكونغرس او القضاء، ويحصّن الإدارة من تداخل الصلاحيات وإطلاق يدها دون قيود. وثبتت بقراراتها المتعدّدة مبدأ «الحكم بقوة المرسوم» الرئاسي.
يشار في هذا الصدد إلى أنّ هيكل مجلس الأمن القومي يخضع مباشرة لسلطة ساكن البيت الأبيض وله صلاحية مطلقة في تعيين من يراه مناسباً. بعض الرؤساء السابقين كان اعتماده متواضعاً على توصيات المجلس وعوّضها بالاعتماد على طواقم وزارة الخارجية لبلورة قرارات معينة، كما مارس الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون ووزير خارجيته هنري كيسنجر.
المؤشرات الأولى كانت تدلّ على رهان ترامب بدور ملحوظ لمجلس الأمن القومي وتسليمه للجنرال مايك فلين، المدير السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية، الذي يعدّه من أقرب الاشخاص إليه إضافة للدور البارز الذي اختطه فلين أثناء الحملة الانتخابية ودعمه المطلق لترامب، بل كان أحد المرشحين لمنصب نائب الرئيس. كما انّ فلين حضر تقرير «الملخص الاستخباراتي» اليومي الخاص بالرئيس المنتخب.
مقرّبو ترامب
الأمر الآخر بالغ الأهمية في تولي فلين رئاسة المجلس هو خبرته العسكرية وبحكمها سيعوّض دور «رئيس هيئة الأركان» في حضور مداولات المجلس فضلاً عن انّ تراتبية رئيس الهيئة تتبع وزير الدفاع ومنه مباشرة للرئيس.
«إضافة» ترامب لستيف بانون، مستشاره الأقرب، لطاقم المجلس يعزز دور الثنائي بانون فلين المناوئين لنموذج أميركا بأنها «وعاء ينصهر فيه جميع الأعراق»، وتفضيل سياسة تحدّد الهوية الأميركية بتجانسها الأبيض وقيمها المسيحية، عناوين طاغية للمجموعات اليمينية المتطرفة، وترجمتها ينطوي عليها إبعاد ايّ قدوم محتمل لمهاجرين «يدينون بمعتقدات مختلفة او ينتمون لعرق آخر» غير العرق الأبيض. ويؤيد هذا التصوّر بشدة مرشح ترامب لوزارة العدل، جيف سشينز.
الدائرة الضيقة والمقرّبة من ترامب تتضمّن: بانون، ستيف ميللر، راينس بريبس، جاريد كوشنر صهره وفلين ربما، كما يعتقد، وهي التي «تتخذ كافة القرارات»، وفق ما تفيد به الأجهزة الإعلامية.
ينضمّ ترامب الى الرؤساء الأميركيين الذين أجازوا لمستشاريهم الخاصين لعب دور في بلورة السياسات الوطنية والخارجية للبلاد: أوباما اعتمد على صداقته الوثيقة مع فاليري جاريت، والتي اعترض على حضورها وانخراطها في الشؤون الأمنية وزير الدفاع الأسبق روبرت غيتس، كما أوضح في مذكراته. كما قام مدير طاقم موظفي البيت الأبيض في عهد الرئيس جورج بوش الابن، جوش بولتن بمنع مستشار بوش اللصيق، كارل روف، من حضور اجتماعات مجلس الأمن القومي أيضاً لقصور خبرته في شؤون الأمن القومي.
أما ستيف بانون فيتمتع بخبرة أكاديمية في شؤون الأمن القومي، وهو خريج جامعة جورجتاون بدرجة ماجستير في دراسات الأمن القومي فضلاً عن سيرته في الخدمة العسكرية بسلاح البحرية وتأهّل لمرتبة ضابط حرب، وشغل منصب وكيل مساعد لرئيس العمليات البحرية في قسم تنسيق القرارات بالبنتاغون. وتدلّ سيرته الذاتية الى ترفيعه من ضابط احتياط الى ضابط عادي في سلاح البحرية، «مرتبة لا ينالها الا أفضل الضباط»، وفق أدبيات البنتاغون.
الانطباع العام السائد في واشنطن يشير الى انّ بانون هو الأب الحقيقي ومهندس القرارات الرئاسية الأخيرة، اضافة لدوره المحوري في صياغة خطاب القسم. أسلوبه الفجّ وميله لافتعال المشاجرة مع الآخرين كان سبب تودّد ترامب نحوه لتقاطع خصائلهما، وفاز بموقع محوري ودور مميّز داخل البيت الأبيض.
إعلاء مكانة بانون لقيت اعتراضاً من كافة أجنحة المؤسسة العسكرية والسياسية. الأستاذ الجامعي ورئيس هيئة موظفي مكتب وزير الخارجية الأسبق كولن باول، لاري ويلكرسون، اعتبر إضافة بانون بأنها «خطوة حمقاء.. وتمهّد لإرساء سابقة خطيرة للغاية». وأضاف انها «تنذر بحالة حقيقية من الفوضى بالسياسة الخارجية والأمنية خاصة بعد ما شاهدناه من مساعي تسييس السياسة الخارجية في عهد الرئيس الأسبق جورج بوش الابن وما آلت اليه» من نتائج وخيمة.
تكهّن ويلكرسون بدور أكبر لبانون في الإدارة الراهنة خاصة في ما يتعلق بتصعيد الأوضاع مع إيران واللعب على حافة الهاوية، اذ يلقى تأييداً من الرئيس ترامب وكبار الشخصيات في إدارته. وأوضح انّ ما ينبغي خشيته هو سرعة تهيئة الإدارة للرأي العام لتأييد قرارات على درجة عالية من الخطورة «لا تستند الى مسوغات في المصلحة القومية، او تستند الى قدرتنا على إنجازه» عند اندلاع الصراع «بل لاعتبارات تدور في خلد هذا الفريق من الحمقى والجبناء والأغبياء».
خطة بانون فلين للأمن القومي
حافظ بانون بإيعاز من ترامب، كما يُعتقد، على بروزه الى جانب الرئيس في أدق التفاصيل والمداولات مع زعماء الدول الأخرى والظهور بحلة مستشار ينصت إليه ترامب.
ترامب من جانبه نفذ ما يراه إجابة على هواجسه من عدم الثقة بالآخرين، وحصر مشاوراته ضمن دائرة ضيقة من «أقطاب الفكر اليميني» والذين ستوكل إليهم مهام تنفيذية تطال كافة مناحي مؤسسات الدولة.
البعض يرى في صعود بانون السريع الى سدة صنع القرار على انه يحتلّ موقعاً موازياً للجنرال فلين، رئيس مجلس الأمن القومي، والذي تسند إليه مهمة إعداد التقرير الاستخباراتي اليومي للرئيس، بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية الأخرى. لافت ايضاً كان «استثناء» ترامب لمدير وكالة الاستخبارات المركزية، «سي أي آي»، من حضور مداولات مجلس الأمن القومي.
استدرك الرئيس ترامب «خطأه» بعد سلسلة انتقادات وأعلن الناطق الرسمي باسم البيت الابيض، شون سبايسر، مطلع الأسبوع الماضي عن تعديل القرار الرئاسي الخاص بذلك ليشمل حضور مدير الوكالة الجديد، مايك بومبيو، اجتماعات المجلس.
تحقيق قدر من الوئام داخل هذا الخليط من الطامحين، بومبيو وبانون ومدير الأمن القومي، ليس مسلماً به، وفق تسريبات من داخل البيت الابيض. يشار الى انّ استحداث منصب مدير الاستخبارات الوطنية، عام 2005، وتكليفه بالاشراف على كافة الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، رافقه توترات وبعض الصدامات بين ممثلي الأجهزة المختلفة على خلفية حلول المدير الجديد محلّ مدير وكالة الاستخبارات المركزية في عضوية مجلس الأمن القومي، على الرغم من مكانة الوكالة المركزية المميّزة بين الأجهزة الأخرى وهي أكبرها عدداً وامتداداً ونشاطاً.
التوترات المذكورة بين الجهازين لا تقتصر على تركيبة إدارة الرئيس ترامب، بل كانا ايضاً على خلاف بيّن خلال الولاية الاولى للرئيس أوباما.
أبرز الخاسرين في معادلة ترامب هو رئيس هيئة الأركان المشتركة، الذي لم يأتِ ذكره في مجلس الأمن القومي فحسب، بل بقي من ولايته بضعة أشهر قبل تعيين ترامب شخصية أخرى، اذ يستبعد احتفاظه بالرئيس الحالي، جون دنفورد، لتعارض أولويات توجهاته مع سياسات ترامب. دنفورد ينتمي للمؤسسة العسكرية التقليدية ويعتبر روسيا «الخطر الأبرز» على الولايات المتحدة، بينما ترامب يرى الأولوية في محاربة الإرهاب والتعاون مع روسيا في هذا الخصوص.
مجلس في قبضة العسكر
تركيبة مجلس الأمن القومي في إدارة ترامب تطغى عليها الصبغة العسكرية، 3 جنرالات كبار: ماتيس وفلين وكيلي، إضافة لبانون المستشار النافذ. ولعلّ الخبرة العسكرية البارزة هي الأوسع في هياكل المجلس منذ عقود مضت.
الجنرالات المذكورون يتحلّون بأعلى درجات المهنية ولا يصنّفون بالطاعة العمياء للسلطة السياسية، وقد نشهد تباينات بينهم وبين الرئيس ترامب في الأشهر المقبلة. مؤيدو ترامب يعربون عن عظيم ارتياحهم لتبوؤ عدة قادة عسكريين مناصب حساسة لاعتقادهم انّ المشورة المقدّمة للرئيس من مجلس الأمن القومي ستسندها الخبرة العملياتية وليس الاعتبارات الايديولوجية المصنوعة في الأروقة الأكاديمية، كما كان الأمر في عهد الرئيس أوباما.
من المفيد الإشارة الى انّ الجنرالات الثلاثة خدموا لفترات معينة في منطقة الخليج العربي وأفغانستان، مما سينظر لرؤاهم حول أمور المنطقة باحترام شديد وتوقع تطلعهم الى بلورة «استراتيجيات واقعية لإلحاق الهزيمة بداعش»، تلبية لوعود ترامب.
من المرجح ايضاً ان يوفر الفريق العسكري للرئيس ترامب فهماً وإدراكاًأاوسع لقضايا حلف الناتو، مكامن ضعفه وقوته على السواء، خاصة عند الأخذ بعين الاعتبار انّ تجاربه الفعلية، إضافة لبانون، كانت في التصدّي لروسيا والاتحاد السوفياتي في حقبة الحرب الباردة. ويُشاع بأنّ لدى الفريق المذكور رؤية واقعية أفضل ممن سبقوه لقدرات روسيا واهدافها الاستراتيجية والتاريخية.
الجنرال فلين مكلف بتقنين المعلومات الاستخباراتية ورفع المفيد منها لمكتب الرئيس. الجنرال ماتيس، المعروف بالكلب المسعور، سيتصدّر واجهة القتال وإسداء المشورة والنصح في المجال العملياتي وكيفية تحقيق النصر. كما انّ ماتيس شغل لبعض الزمن مركزاً رفيعاً في أحد مراكز الأبحاث، مما يضفي على إنتاجه بعداً اكاديمياً متوازناً.
الجنرال كيلي، بدوره، سيتناول مسائل الأمن الداخلي وخاصة في مسائل الهجرة التي برزت للسطح وبقيت حاضرة في خطاب ترامب. اما ستيف بانون، ضابط سلاح البحرية، فمن المرجح ان ينسق جهوده مع كيلي في ما يخص الحضور الأميركي العسكري عبر العالم.
الثنائي كيلي بانون لا يعير اهتماماً كبيراً لردود الفعل الناجمة عن توجهاتهما المتطرفة والتي تلامس العنصرية. وينقل المقرّبون من الدائرة الضيقة انّ الثنائي لا يخشى تداعيات توجهاته على الأمن الداخلي ولا يعير بالاً للمغامرة بتعريض الاراضي الأميركية لهجمات ارهابية.
أمن خاص أم رسمي للرئاسة؟
من القضايا المغيّبة عن التداول اليومي مسألة صلاحيات جهاز الحرس الرئاسي للرئيس ترامب ورفضه الاعتماد على خدماته. يذكر انّ ترامب حافظ على تشغيل جهاز أمني خاص لحمايته في تحركاته المتعدّدة، ووجه انتقادات «غير مناسبة» للجهاز الرسمي الذي يوفر الحماية لكافة الرؤساء الأميركيين وأفراد عائلاتهم، على خلفية عدم رضاه عن «أداء» أجهزة الدولة وكفاءتها.
قبل انقضاء الأسبوع الأول على ولايته الجديدة، صرّحت مستشارته المقرّبة، كيلي آن كونواي، انه «حان الأوان للرئيس لتعيين مسؤولين لحراسته الخاصة ولمنظومة الاستخبارات أيضاً. جهاز الأمن الخاص يديره أحد مقرّبي ترامب، كيث شيللر، ضابط الشرطة السابق في مدينة نيويورك. شيللر رافق ترامب وحمايته على امتداد نحو 16 عاماً وهو الذي اشتبك بالأيدي مع المتظاهرين المناوئين لترامب في أوهايو.
توجه ترامب في هذا الخصوص يقلص دائرة المحاسبة بل يحصرها في شخص أبرز مقرّبيه، ستيف بانون، الذي بحكم مكانته في الجهاز الإداري للرئيس لا يخضع لمساءلة الكونغرس او تقيّده نصوص قانونية نافذة.
مركز الدراسات الأميركية والعربية