اليمين المتطرّف في «إسرائيل» يبارك عهد ترامب لأنه يؤيّد الاستيطان

كتب عوزي برعام في صحيفة «هاآرتس» العبرية:

دونالد ترامب هو كورش مرحلتنا. فهو سيسمح بعودة «شعب إسرائيل إلى وطنه التاريخي». وهكذا من دون غمز ولمز يُعلن كتّاب مرموقون في اليمين.

حتى فترة وجيزة، تحدّث رجال اليمين، من بيغن وحتى شارون، ومن أولمرت وحتى نتنياهو، عن اتفاق سلام مع هدف صهيونيّ ساميّ. وبالطبع دفعوا ضريبة كلامية لـ«ملك الآباء». ولكن كان واضحاً أن المناطق، بعضها على الأقل، تعتبر أمانة إلى أن يتم تحقيق الاتفاق. الحاخامات القوميون المتطرفون كانوا الوحيدين الذين رسموا خريطة «إسرائيل» التاريخية، بما في ذلك إقامة الهيكل، لكن الجميع اعتقدوا أن الحديث يدور عن اقوال متطرفة غير مسؤولة، لا بل خطيرة.

عندئذٍ جاء نفتالي بينيت وزملاؤه، وأرادوا فرض كل هذه النظرية على شعب كامل، هذه النظرية الغريبة عنه، وإشعال حرب أبدية بيننا وبين العالم العربي، الذي توجد مصالح مشتركة بيننا وبينه، لا سيما مع الفلسطينيين. لذلك تم تغيير الخطاب الكلامي: لا يوجد احتلال، لا يوجد ضم، توجد عودة إلى صهيون، لا توجد ديمقراطية تقريباً ويوجد إيمان يهودي.

إن الغالبية الساحقة من الشعب، ومنهم مؤيدّو «الليكود»، لا يتضامنون فعلياً مع هذه الافكار. وقد رأينا ذلك في ذروة الصراع من أجل «عمونة». فغالبية الجمهور لم تؤيد العمونيين. ويحتمل أنه يريد القوة والردع، لأنه يعتقد أن اليمين يستطيع توفيرهما، لكنه لا يبالي برياح عودة صهيون المشتعلة لدى الشباب المحرضين الذين يؤمنون بأنهم يناضلون من أجل الخالق.

يجب علينا تذكّر وفهم أن حقنا في «أرض إسرائيل» قمنا بتنفيذه عام 1948. فقد تم اقتلاع مئات آلاف العرب من منازلهم، والبعض تم طردهم، والبعض آمن أنه يمكنه العودة كمنتصر مع انتهاء الحرب. ولكن النكبة يمكن تجنّبها، لكنها تشكل عقبة لا يمكن تجاوزها تقريباً من أجل التوصل إلى اتفاق.

رغم الشوط الطويل الذي قطعته «إسرائيل» في المجالين الاقتصادي والعسكري، إلا أن الحقائق على الأرض بقيت على حالها، والاقوال السخيفة عن «عودة صهيون» المتجددة، التي هي مثابة نكبة جديدة، لن تغير الوضع. فنحن ما زلنا دولة معزولة، أقلية في شرق أوسط عربي يستصعب هضم الدولة اليهودية في داخله.

«الإسرائيليون» الصهاينة، وأنا منهم، يعتقدون أن عودة الشعب اليهودي إلى وطنه كانت حدثاً مبرّراً تماماً. وعبّرت عن رغبة الاجيال. ولكن هذا حدث. والآن بالتحديد، حيث أن الاوراق التي بحوزتنا ليست سيئة، يجب علينا القيام بخطوات تبني الثقة مع الفلسطينيين ومع العالم العربي. العودة المتجددة لصهيون، التي تحركها الامبريالية، وهكذا سيراها العالم ايضاً، ما هي إلا خطوة لائتلاف الخائفين.

هناك أشخاص في الهامش وغريبي الاطوال مثل بتسلئيل سموتريتش، يريدون استغلال ظرف سياسي ما لتحقيق الهدف الخطير. في الوقت الذي يتضعضع فيه العالم من أفكار ترامب المخيفة، فإنّ محبّي صهيون الجدد راضون منذ جلس ترامب على كرسي الرئاسة. وحقيقة أن اللاسامية قد تتصاعد خلال ولايته، من دون الحديث عن الإضرار بالديمقراطية، لا تردعهم. المهم هو أن يعطي ترامب وأمثاله في أوروبا الموافقة على عمونات أخرى.

يبدو أن كورش الخاص بهم سيحقّق بعض آماله في خصوص المستوطنات. ولكن هناك أمراً واضحاً وهو أن التحالف مع ما يمثله ترامب يؤكد ما يعتقده الكثيرون في العالم عن حكومة «إسرائيل» الحالية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى