لا تصبروا
بلال شرارة
لم يعُد في المستوطناتِ
من زقزقاتٍ
العصافيرُ هاجرتْ
صوتَها
صمتُها
مزق هذا السكوت العجيب
الأرضُ لم تعُد أرضَنا
صار فيها الغريبُ
يدوسُ على العشبِ
لم تعُد من أغنيات
لم تعُد أُمّنا تردُّ علينا الغطاء
إذا هبّتِ الريحُ أو أمطرت
لم يعُدْ في الحي ديكٌ يصيح
يقول الكلامَ الفصيح
يوقظنا كي نقومَ إلى يومنا
في أمسنا كنا…
في يومنا ليس لنا…
كيف لنا أن نستريح؟
أصبح الاحتلالُ مجردّ فرصةٍ للعمل:
بناءُ الجدارِ الطويلِ العريضْ
إزالتُنا… الحقولُ… الترابُ
اللوزة تلك، العريشة،
الزيتونةُ… الملولةُ
التينةُ المستوحِدة
اقتلاعُ مواسِمِنا
مجردُ فرصةٍ للعمل!
حلمُ يعقوب يسرقُ النومَ من عيننا
هل كان يعقوبُ يحْلُمُ؟
هل كان يعقوب؟
تلك الأساطير:
إن هم نفخوا في البوق
جَثتْ أسوارُنا على ركبتيها
واستسلمتْ…
إنّ سارةَ قد فَتَنت أبا الانبياءِ عن دينِهِ
إنّ الكليمَ إذا غادرهم لحظةً
خانوا العهودَ
حطّموا الْوَاحَة
أنّ صورَ ستُحْرقُ ثم ستُغرق
قد رفعتْ عينها فوقَ حاجِبِهِم
أن صيدونَ مهتوكةٌ
لأنّ المدينةَ لم تبعْ نفسها للصيارفة
كيف أصدّقُ تلك التفاهات؟
كيفَ أصدّق أنهم شَعبُهُ !
اختارهم… اصطفاهم
إنهم وعـدهُ – اللهُ – أن يعيدَ إليهم أرضهم ! …
أرضُنا
ويطردنا عبرَ البلادِ… البحار؟
ليسَ من عصافيرَ تدقُّ على شُبّاكِنا بالأمنياتْ
قوموا إلى الحربِ
لم يعُدْ سوى الحرب ما بيننا
أيُّ المحاكمِ سوفَ نشكو إليها؟
هل تعيد الحقوق لنا؟
هم قتلوا أطفالنا في مهدِهم
أحرقوا الدورَ
أغلقوا فُتْحَةَ النورِ
مزّقوا أستارنا
أسروا أحلامنا
لم يعُد وقتٌ كثيرٌ لنا
كي نقومَ إلى غدِنا
ليس هو الأمر
ما لا نرى
حتى تراه لنا السلطة الخائبة
والمعارضة الكاذبة
ادهسوا ما استطعتم إليهم سبيلا
من الذاهبينَ أو العائدينَ إلى قمعِنا
اطعنوا يومهم… صدرَ المسافة ما بينهم
مرمروا لحظة الصبحِ في غَدِهم
لم يعُد عندنا من زقزقات
سرقوا مهدنا
مغارة ميلادنا
إسراءنا… معراجنا
الصخرةَ القائمة
حيث غادرنا ظلُّهُ للسماء
لم يعد من ليلكٍ
كي يعقُدَ الشوكَ في حقلنا
حقلُنا… حقلُنا
ثم بعدَ الذي أخبرونا به
وما هم فاعلون بنا
هل ننتحبْ؟
نلهو قليلاً؟
يعادُ علينا الخطاب
القديمُ الجديد
أنِ اصبروا!!
لا تصبروا…