قصة التاكسي والتوزيع الطائفي
يكتبها الياس عشي
حدث ذلك في بيروت، وتحديداً في ساحة البرج، وفي السّتّينات من القرن الماضي، حيث كانت سيارة المرسيدس 180 ملكةَ الطرقات، والوسيلةَ الأكثر انتشاراً للتنقل بين المدن والقرى اللبنانية.
جلس في المقعد الأمامي حاجزاً لنفسه محلين، وجلس في المقعد الخلفي ثلاثة من الرجال. وقبل أن تنطلق السيارة متوجّهة إلى طرابلس، فتح الباب شاب في العقد الثالث من عمره، وطلب من الراكب الأمامي بغضب أن يفسح له في المجال ليجلس إلى جانبه، فرفض.
تريث الشاب قليلاً ثمّ سأله عن طائفته، فذكرها له، وبعدها سأل عن طوائف الثلاثة الآخرين وتشاء الصدف أن يكون كلّ من هؤلاء الثلاثة من ثلاث طوائف مختلفة.
اقترب أكثر وقال بصوت مرتفع: منذ ستة أشهر وأنا أتقدّم بطلبات للحصول على وظيفة حكومية، فلم أوفّق رغم حصولي على شهادة جامعية نلتها بامتياز، ورغم نجاحي في كلّ الاختبارات التي أجريت لطالبي الوظائف. أمّا لماذا رُفضتُ فلأنّ المكان الشاغر للوظيفة هو، كما يفرض التوزيع الطائفي، من حصّة طائفة أخرى.
سأله الراكب الأمامي: وما علاقتنا نحن بالموضوع؟
قال له: القيد الطائفي سدّ السبل أمامي، ولم يعطني وظيفة أستحقّيتها بجدارة، وأنت يا سيدي خالفت هذا التوزيع الطائفي عندما حجزت لنفسك مكانين، أيّ محلين لطائفة واحدة، فيما طائفتي بحاجة إلى مقعد لتنجح لعبة 6 و 6 مكرّر، ولا يجوز أن نقبل بصيف وشتاء على سطح واحد.
هل وصلتكم الرسالة يا حضرات النوّاب؟