الأسد يدعو واشنطن لترجمة صدقيتها في محاربة الإرهاب بالتعاون نصرالله غداً للنسبية… وأرسلان ينزع ميثاقية معارضيها… والبحث جارٍ
كتب المحرّر السياسي
بينما خطاب الرئيس الأميركي الناري بوجه القيادة الإيرانية، خصوصاً الرئيس الإصلاحي الشيخ حسن ورحاني صاحب الدعوة لخيار التفاوض، جاءت الاحتفالات المليونية في طهران في ذكرى انتصار الثروة التي قادها الإمام الخميني تحت شعار الموت لأميركا قبل ثمانٍ وثلاثين سنة، بمثابة فوز سياسي للمحافظين الإيرانيين بالعودة لشعارات المواجهة، ومعادلة أن أميركا لا تفهم إلا لغة القوة ولا تحترم العهود، حتى صار خطاب الرئيس روحاني الهادئ مشتعلاً بالحماسة الوطنية والتهديد لأميركا.
الفشل الأميركي حتى الآن في الامتحان الإيراني، ينتظر امتحاناً سورياً في معادلة الحرب على الإرهاب وضع له الرئيس السوري بشار الأسد شرطاً للفوز بالمصداقية هو معبر التعاون مع الدولة السورية، بعدما سخّف في حوار موجه للرأي العام الأميركي نظرية المناطق الآمنة، والحرب عن بُعد ضد داعش، بينما كان المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، الخائف من تعيين بديل له أسوة بزميله المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر الذي تم استبداله برئيس الحكومة الفلسطينية السابق سلام فياض، يسارع لتأكيد تقيّده بمهمة ضمان وفد تفاوضي شامل لتمثيل المعارضة، مشيراً إلى المصاعب التي تواجه جماعة مؤتمر الرياض في تحقيق هذا الهدف.
لبنانياً، لا يزال الفراغ مخيّماً في غرف قانون الانتخاب، فيما الخشية من فراغ يخيّم في غرف التشريع، والبحث جار عن بدائل لا يسقطها الفيتو الميثاقي لأي طائفة، بينما نزع النائب طلال أرسلان غطاء الميثاقية عن أي عارضة درزية لقانون يعتمد النسبية، مؤكداً من موقعه كواحد من الزعماء البارزين لطائفته تأييد النسبية من قصر بعبدا شارحاً كيف يُحجّم قانون الستين قدرة أبناء طائفته على انتخاب نوابهم؟
الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يُطل غداً في كلمة يُنتظر أن تضع النقاط على حروف النقاش حول قانون الانتخاب بتأكيد قاطع لتمسك الحزب بالنسبية الكاملة حلاً جذرياً لصحة التمثيل، والانفتاح الإيجابي على مناقشة أي صيغة يمكن أن تتشكل منها أرضية وفاق وطني لإنتاج القانون المنشود، مؤكداً الوقوف مع رئيسَي الجمهورية ومجلس النواب على أرض واحدة في هذا الملف.
نصرالله يُطلّ غداً
عشرة أيام فاصلة عن نهاية المهلة الدستورية بشأن إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، قد تكون حاسمة في مسار قانون الانتخاب المرتقب، ووفق آخر المعلومات المتداولة، فإن قانون حكومة الرئيس نجيب ميقاتي معدلاً يتقدّم بالتوازي مع دراسة مركزة لصيغ المختلط، في حين علمت «البناء» أن تيار المستقبل ينكبّ منذ أيام على دراسة قانون ميقاتي بجدية مع بعض التعديلات عليه كعدد الدوائر وتوزيع النواب.
ورغم ما نقله وزير الداخلية نهاد المشنوق عن رئيسي الجمهورية والحكومة بأننا سنكون أمام قانون جديد نهاية الشهر الحالي، أسرّ المشنوق في أحد مجالسه بحسب ما علمت «البناء» بأن التوصل الى قانون انتخاب في وقت قريب احتمال ضئيل جداً، وأنه سيتصرف وفقاً للدستور ويدعو الهيئات الناخبة ويشكل هيئة الإشراف على الانتخابات قبل 21 المقبل، بينما يواصل خبراء تقنيون من مختلف أطراف اللجنة الرباعية البحث التفصيلي لصيغ القوانين المطروحة لتقديمها إلى اللجنة خلال اجتماعها الأسبوع المقبل.
وعلى إيقاع المراوحة حيال القانون العتيد وارتفاع حدّة المواقف، ومحاولات أركان الدولة ضخّ جرعات تفاؤلية إضافية، يُطلّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بعد ظهر غدٍ الأحد، وسيلقي كلمة مخصصة للشأن المحلي ويستعرّض خلالها المستجدات السياسية، على أن يؤجل الحديث عن الوضع الإقليمي وموضوع المقاومة و«إسرائيل» والصراع العربي «الإسرائيلي» والتطورات الميدانية والسياسية في سورية الى خطابه الخميس 16 شباط في ذكرى الشهداء القادة.
وقالت مصادر مطلعة لـ«البناء» إن «السيد نصرالله سيستعرض واقع قانون الانتخاب من كل جوانبه وسيعيد تمسّك الحزب بالنسبية الكاملة وسيشرح أسباب ومبررات وأبعاد هذا الموقف ويردّ على المشككين في نيات الحزب في هذا الصدد». ولفتت المصادر الى أن «لا أفق واضح حتى الساعة بقرب التوصل الى قانون توافقي قبل نهاية المهلة الدستورية للانتخابات النيابية والنقاشات تدور في حلقة مفرغة»، وأشارت الى أن «كل ما يُشاع في البلد عن قرب إقرار قانون مجرد إشاعات». وشدّدت على أن «حزب الله لا يرى حتى الآن مشروع قانون من كل الصيغ التي طرحت، أفضل من النسبية الكاملة دائرة واحدة ولم يقتنع بأحد منها، لكن في حال تقدّمت فرص قانون ميقاتي، فلن يمانع وسيشجّع، علماً أن جميع القوى قد وافقت عليه في الحكومة آنذاك باستثناء المستقبل».
عون: لا دولة بلا قانون عادل
ونقل زوار رئيس الجمهورية ميشال عون عنه لـ«البناء» تمسّكه بـ«إقرار قانون انتخاب جديد وعادل وأنه لن يسير بقانون الستين تحت أي ذريعة، وتأكيده بأن حديثه عن ضرورة إنجاز قانون جديد يضمن تمثيل الجميع لا يستهدف طائفة ولا مذهباً، بل القانون سيحقق مصلحة جميع اللبنانيين لأننا لا نستطيع بناء دولة بلا قانون انتخاب عادل، خصوصاً أن كل القوانين السابقة لم تكن عادلة، لذلك يرى عون بأن النسبية هي الحل الوحيد».
وكما نقل زوار عون بأن «رئيس الجمهورية لن يسير بقانون الستين معدلاً الذي طرحه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، وفي المقابل هناك جزء كبير من الدروز يعارضون الستين والستين معدلاً ويرون النسبية الكاملة مصلحة لهم».
كما أكد الزوار أن «عون لا يفرض النسبية الكاملة على الآخرين، رغم أنه يفضلها بين الصيغ والمشاريع المطروحة، لكنه سيسير بأي قانون تتفق عليه القوى السياسية شرط أن يكون عادلاً وعلى أساس النسبية بمعزل عن الصيغة التي يمكن أن تكون التأهيل على مرحلتين أو المختلط على أساس المناصفة بين الأكثري والنسبية أو قانون حكومة ميقاتي».
وأكد الرئيس عون أن «ما نطرحه في شأن قانون الانتخاب لا يخرج عن الطائف لأنّ وثيقة الوفاق الوطني تنصّ على قانون انتخابي يحترم العيش المشترك»، مشيراً أمام وفود زارته في بعبدا، الى «اننا نعمل لتمكين الأقليات من أن تتمثل، سواء كانت طائفة أو أقلية داخل الطائفة، فبذلك تتحقق العدالة»، لافتاً الى أن «ما من أحد يريد إلغاء أحد، لأننا إذا فقدنا أحداً من مكوناتنا الاجتماعية والسياسية فإننا نلغي الصفة اللبنانية لوجودنا».
ويغادر رئيس الجمهورية الى مصر الاثنين المقبل على رأس وفد يضمّ الوزراء جبران باسيل وعلي حسن خليل ونهاد المشنوق وأفيديس كادانيان وبيار رفول. ويلتقي عون الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على أن ينتقل من القاهرة الى الأردن. ومن المرتقب أن يزور عون روسيا خلال الشهر الحالي.
جنبلاط لا يقرّر مستقبل الدروز
وقالت أوساط في 8 آذار لـ«البناء» إن «جنبلاط لا يمكنه أن يقرر مصير ومستقبل الدروز كلهم في لبنان، رغم أنه يمثل الأكثرية الدرزية، لكن الوزير طلال أرسلان أيضاً يمثل 30 في المئة على الأقل في الواقع الدرزي ويرى بأن النسبية تؤمن مصلحة الدروز ويمكنهم من خلالها أن يأتوا بـ8 نواب بأصوات درزية، أما على الستين فقط فيأتون بنائبين في الشوف وبالتحالف مع السنة والمسيحيين».
ولفتت الأوساط الى أن «أي فريق سياسي لا يستطيع تعطيل إقرار قانون جديد في المجلس النيابي»، ودعت الى «عرض مشاريع القوانين على التصويت في المجلس النيابي وليظهر موقف كل طرف».
وعن مدى ميثاقية القانون في حال لم يوافق عليه جنبلاط، أوضحت الأوساط أنه «لو كان جميع الدروز في ضفة معارضة للنسبية ومؤيدة للستين أو لما يريده جنبلاط، لكنا تحدثنا عن أزمة ميثاقية، لكن هناك أطراف عدة داخل الطائفة وعلى رأسهم الوزير أرسلان يعارضون الستين ويؤيدون النسبية ما يسقط أي محاولة لمذهبة القانون أو احتكار التحدث باسم طائفة والتهديد بخطر على وجودها».
ووضعت المصادر ما تسرّب من تهديدات بمنع صناديق الاقتراع من الدخول الى المناطق التي تخضع لسيطرة الحزب الاشتراكي، بأنها مجرد تهديدات بالفوضى والحرب الأهلية لا يمكن أن تطبق على أرض الواقع، وتساءلت: هل يستطيع جنبلاط الوقوف ضد القانون والشرعية واحتكار تمثيل الدروز وأن يخلق دويلة داخل الدولة، وهو الذي نادى لسنوات طويلة بأنه يريد الدولة وبسط سيطرتها على الأراضي اللبنانية كافة؟
واستبعدت المصادر «الوصول الى هذه المرحلة التي ولّت وبات لدينا الآن دولة ومؤسسات ورئيس جمهورية وحكومة وتوافق سياسي»، مشيرة الى أنه «يجري العمل على إنضاج قانون يرضي الأطراف، لكن ليس على القواعد التي درج اعتمادها في قوانين غازي كنعان في تفصيل الدوائر على قياس قوى سياسية».