استقالة فلين… مجرّد تسريبات أو؟!
سلّطت الصحافة الأميركية كما الروسية أمس، الأضواء على الاستقالة المفاجئة التي تقدّم بها مستشار الأمن القومي الأميركي الجنرال مايكل فلين من منصبه.
وفي هذا السياق، نشرت صحيفة «كومسومولسكايا برافدا» الروسية تقريراً جاء فيه أنّه لم يكد يمضي شهر واحد على دخول إدارة رئيس الولايات المتحدة الخامس والأربعين دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، حتى خسرت أول كوادرها. ففي يوم الاثنين الماضي، 13/02/2017، تنحى مستشار رئيس الدولة في قضايا الأمن القومي الجنرال مايكل فلين. وكان كل شيء يمكن أن يبقى عادياً، لو لم تُسرَّب تفاصيل محادثاته الهاتفية إلى الصحافة قبل فترة وجيزة، وتتسبب بفضيحة خطيرة. إذ اتضح في ما بعد أن الجنرال طلب من السفير الروسي في واشنطن «ألا تتخذ موسكو إجراءات جوابية قاسية» ردّاً على خطوات باراك أوباما الأخيرة ضدّ روسيا، عشية تركه مقعد السلطة.
إلى ذلك، كشف موقع «واشنطن فري باكين» الأميركي أن استقالة مايكل فلين، جاءت نتيجة «عملية سرّية» لأفراد من الإدارة السابقة برئاسة باراك أوباما. وبحسب مصادر في البيت الأبيض وخارجه، نقل الموقع عنها الخبر، لا يستهدف تشويه سمعة فلين العلاقات مع روسيا مجدداً، بمقدار ما يهدف إلى الحفاظ على الصفقة النووية مع إيران. وكان فلين دائماً من أشد معارضي الاتفاق النووي مع إيران. وذكرت المصادر أن مجوعة من «الموالين لأوباما»، بينهم بن رودس، المستشار السابق للرئيس، «خدعوا» وسائل الإعلام بنشر تقارير مفبركة موجهة ضد فلين، بغية إحباط سعي إدارة الرئيس دونالد ترامب للكشف عن «تفاصيل سرّية» حول الصفقة مع إيران، والتي أصرّت إدارة أوباما على إبقائها سرّية.
حدث بارز في تاريخ الصحافة الأميركية، إذ أصدرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية عدداً خاصاً تم تكريسه بكامله لموضوع واحد استغرق جميع صفحات العدد، الأمر الذي يحدث للمرّة الأولى في تاريخ هذه الصحيفة العريقة التي تعتبر قدوة للصحافة الجادة. أما موضوع العدد فتمثّل بالكارثة التي حلّت بالعالم العربي خلال 13 سنة، ابتداءً من عدوان أميركا وبريطانيا على العراق واحتلاله في عام 2003.
وفي التقرير التالي، جولة على أهم ما ورد في الصحف الغربية والروسية أمس.
كمسمولسكايا برافدا
ذكرت صحيفة «كومسومولسكايا برافدا» الروسية أن مستشار الأمن القومي الأميركي الجنرال مايكل فلين، قدّم استقالته، بعد تسريب تفاصيل محادثاته الهاتفية مع السفير الروسي في واشنطن إلى وسائل الأعلام.
وجاء في المقال: لم يكد يمضي شهر واحد على دخول إدارة رئيس الولايات المتحدة الخامس والأربعين دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، حتى خسرت أول كوادرها. ففي يوم الاثنين الماضي، 13/02/2017، تنحى مستشار رئيس الدولة في قضايا الأمن القومي الجنرال مايكل فلين.
ومايكل فلين، البالغ من العمر 58 سنة، رجل عسكري اشتهر اسمه وراء المحيطات، «كشخص مقرّب من الكرملين». على سبيل المثال في حفل الاستقبال على شرف الذكرى السنوية لقناة روسيا اليوم، كان يقف إلى جانب الرئيس بوتين . لهذا كان مسؤولاً عن الاتصالات مع الكرملين، بما فيها الاتصالات غير الرسمية . وبهذه الصفة اتصل فلين عبر الهاتف مراراً بالسفير الروسي في واشنطن سيرغي كيسلياك، في الفترة، التي تلت فوز ترامب بالمنصب الرئاسي في انتخابات تشرين الثاني الماضي.
وكان كل شيء يمكن أن يبقى عادياً، لو لم تُسرَّب تفاصيل محادثاته الهاتفية إلى الصحافة قبل فترة وجيزة، وتتسبب بفضيحة خطيرة. إذ اتضح في ما بعد أن الجنرال طلب من السفير الروسي في واشنطن «ألا تتخذ موسكو إجراءات جوابية قاسية» ردّاً على خطوات باراك أوباما الأخيرة ضدّ روسيا، عشية تركه مقعد السلطة.
وبالفعل، عندما أمر الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، يوم 29 كانون الأول، بطرد 35 دبلوماسياً روسياً، تجنّبت موسكو اتخاذ إجراءات جوابية متماثلة، ودعت أطفال الدبلوماسيين الأميركيين إلى الاحتفال بشجرة رأس السنة في الكرملين… ولكن هذا ليس كل شيء: الجنرال فلين، في مجرى حديثه المسجّل مع السفير الروسي كيسلياك، اعترف بإمكانية رفع العقوبات عن روسيا بعد أن يصبح ترامب رئيساً رسمياً للولايات المتحدة. وعندما سرّب «فاعلو الخير» تفاصيل هذه المحادثات الهاتفية إلى وسائل الإعلام، نفى في البداية نائب الرئيس مايك بنس كل ذلك قائلاً إن هذا ليس صحيحاً، وإن فلين لم يقل شيئاً مما تدّعون، الأمر الذي ساهم بشكل مباشر في تضخيم حجم الفضيحة.
وبحسب «سي إن إن»، فإنّ الجنرال أكد في كتاب استقالته، «أن عدم إبلاغي نائب الرئيس مايك بنيس عن التفاصيل الكاملة كافة لمحادثاتي الهاتفية مع السفير الروسي لم يكن مقصوداً. وإنني أقدم اعتذاري العميق إلى الرئيس ونائبه».
من جانبه، قال الخبير في شؤون الولايات المتحدة، الأستاذ المساعد في الجامعة المالية لدى الحكومة الروسية غيفورغ ميرزايان إن هذا الحدث شكل لطمة قوية للرئيس دونالد ترامب، لأن القضية ليست في مناقشة مستشار الأمن القومي مايكل فلين مع السفير الروسي مسألة رفع العقوبات، بل في إخفائه تفاصيل هذه المحادثات عن نائب الرئيس، ما أجبر الأخير على الكذب أمام الصحافيين. ومن الواضح تماماً أن هذا الحدث سوف يلحق الضرر بالعلاقات الروسية ـ الأميركية. هذا على رغم أنّ موضوع رفع العقوبات سوف يناقشه الرئيسان بوتين وترامب خلال اللقاء الشخصي المقرّر عقده قريباً.
أما المحلل السياسي في منظمة المراقبة الدولية «CIS-EMO» ستانيسلاف بيشوك، فيقول إن تشديد نظام العقوبات، حتى الآن لم يحدث، وهذا أمر جيد. بيد أن التعاون بين الدولتين في مكافحة الإرهاب بدأ يؤتي أُكله منذ اليوم الأول لاستلام ترامب مهماته الرئاسية. وأن هذا التعاون المشترك سوف يستمر. ولكن مفهوم «معاداة روسيا» ترسخ وراء المحيطات على مدى زمن طويل، والسيد فلين أصبح ضحيته.
في حين يشير المحلل السياسي الخبير في الشؤون الأميركية فيكتور أوليفيتش إلى أن جنرالاً آخر أصبح قائماً بأعمال مستشار الأمن القومي وهو جوزف كيث كيلوغ، الذي كان سابقاً قائداً لفرقة الإنزال الجوية «82» الوحدة العسكرية الشهيرة، التي شاركت تقريباً في كل حروب القرن العشرين الأميركية الضخمة . ولا يستبعد الخبير أن يكون زميل فلين شخصية انتقالية فقط. وعلى العكس من ذلك، فإن لدى عسكري آخر هو الفريق البحري روبرت هارفرد حظوظاً غير قليلة. بيد أن المرشحين الاثنين لا يستطيعان الافتخار باتساع الأفق، أو بمستوى فهم المصالح الروسية في الاتصالات مع الكرملين، الميزتين اللتين كانتا الجانب القوي لدى فلين. ولذا، من الواضح أن لا داعي لانتظار اختراق في العلاقات الروسية ـ الأميركية في هذا المضمار.
واشنطن فري باكين
كشف موقع «واشنطن فري باكين» الأميركي أن إقالة مايكل فلين، مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي، جاءت نتيجة «عملية سرّية» لأفراد من الإدارة السابقة برئاسة باراك أوباما.
وبحسب مصادر في البيت الأبيض وخارجه، نقل الموقع عنها الخبر، لا يستهدف تشويه سمعة فلين العلاقات مع روسيا مجدداً، بمقدار ما يهدف إلى الحفاظ على الصفقة النووية مع إيران. وكان فلين دائماً من أشد معارضي الاتفاق النووي مع إيران.
وذكرت المصادر أن مجوعة من «الموالين لأوباما»، بينهم بن رودس، المستشار السابق للرئيس، «خدعوا» وسائل الإعلام بنشر تقارير مفبركة موجهة ضد فلين، بغية إحباط سعي إدارة الرئيس دونالد ترامب للكشف عن «تفاصيل سرّية» حول الصفقة مع إيران، والتي أصرّت إدارة أوباما على إبقائها سرّية.
وأوضح الموقع أن الحملة الرامية إلى وضع عراقيل أمام عمل الفريق الأمني في الإدارة الأميركية الجديدة، بدأت قبل تنصيب ترامب بأشهر عدّة. وفي يوم التنصيب، كانت هذه الحملة تجري على قدم وساق، وقد شملت تسريب معلومات معينة حول حمل فريق ترامب، بغية تشويه سمعة فلين.
وقال أحد المستشارين السابقين للأمن القومي، الذي ما زال على اتصال وثيق بفريق البيت الأبيض، للموقع: «يعيد هذا الوضع إلى ذهني التحضيرات لعقد الصفقة مع إيران، وعلى الأرجح، شاركت في تلك الحملة الشخصيات نفسها التي لعبت دوراً بارزاً في عقد الصفقة مع إيران في تموز العام 2015 ».
وتابع قائلاً: «إنهم كانوا يعرفون أن الهدف رقم 1 هو إيران، كما كانوا يعرفون أن اتفاقهم الصغير مع إيران جاء التفافاً على القواعد. ولذلك تخلصوا من فلين قبل أن تطفو أي من الاتفاقات السرّية على السطح».
وجاءت إقالة فلين على خلفية اتصال هاتفيّ أجراه مع سيرغي كيسلياك، السفير الروسي لدى واشنطن، في كانون الأول الماضي. وجرت المكالمة بعد فرض إدارة أوباما عقوبات جديدة ضد روسيا، شملت طرد 35 دبلوماسياً روسياً. ونفى فلين في البداية أن تكون محادثاته مع السفير الروسي تناولت هذا الموضوع، فيما اتهمته وسائل الإعلام بإخفاء مضمون المكالمة، لا سيما في ما يخصّ موضوع العقوبات. وفي تصريحات له بعد تقديمه الاستقالة، أوضح فلين، أن المناقشة مع كيسلياك اقتصرت على ذكر حادثة طرد الدبلوماسيين الروس، وأصر على نفيه تقديمه أيّ وعود حول مراجعة العقوبات من قبل واشنطن.
إيزفستيا
أشارت صحيفة «إيزفستيا» الروسية إلى أنّ «معارضي» دمشق لم يتمكنوا حتى الآن من تشكيل وفد موحّد للجولة المقبلة من الحوار في جنيف، في حين لم يبقَ سوى بضعة أيام على موعد بدئها.
وجاء في المقال: لم توافق «المعارضة السورية الداخلية» على الدخول في قوام وفد واحد لمباحثات جنيف، والذي اقترحت بنيته «مجموعة الرياض»، التي تحظى بمساندة تركيا وعدد من ملكيات الخليج. وبحسب رأي «المعارضين» في سورية، فإن المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة الخاص بسورية ستيفان دي ميستورا، هو الذي يجب أن يشكل هذا الوفد. ويؤكد الخبراء أن هذا الخيار سيطبق، ولكنه لن يؤدي إلى تقدم في التسوية.
وقد رفض رئيس «مجموعة موسكو للمعارضة السورية» قدري جميل اقتراح الهيئة العليا للمفاوضات، التي يسمّونها أيضاً «مجموعة الرياض» تشكيلَ وفد موحّد لمباحثات جنيف. وقال لصحيفة «إيزفستيا»: «لم يتشاور معنا أحد في شأن هذه المسألة. ونحن لن نوافق أبداً على أن يكون ممثلو مجموعة الرياض أكثر من ممثلي المجموعات الأخرى، لأنهم، وكما أظهرت التجربة، غالباً ما يعوقون عملية التفاوض».
وفي وقت سابق، ذكرت وسائل الإعلام أن ممثلي الهيئة العليا للمفاوضات اقترحوا، بنتيجة اجتماع عُقد في العاصمة السعودية، تشكيل وفد يتألف من 24 عضواً للمشاركة في مباحثات جنيف، المقرر عقدها مجدداً في 20 شباط. ويُفترض أن يكون ثمانية منهم من «مجموعة الرياض»، وثمانية من «الجماعات المسلّحة»، بينما يمثل الثمانية الباقون «المعارضة الداخلية»، التي تتألف من: «لجنة التنسيق الوطني»، مجموعتَي «موسكو» و«القاهرة»، إضافة إلى «المعارضين المستقلين».
وكما أشار قدري جميل، إلى أنّ مجموعته أرسلت إلى مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة اقتراحها الخاص بتشكيل الوفد، وإن الوفد يجب أن يدخل فيه 15 شخصاً، بثلاثة أشخاص من كل مجموعة. وهذه المجموعات هي: «القاهرة»، «موسكو»، «الرياض»، «المعارضة المسلّحة»، وبثلاثة مندوبين عن البنى الأخرى، بما فيها مجموعتا «أستانا» و«حميميم» وغيرهما.
وفي هذا السياق، لم يستبعد «المعارض السوري» قدري جميل أن يضطر دي ميستورا، في حال غياب الإجماع على تشكيل وفد موحّد، إلى تشكيل هذا الوفد، لا سيما أنه حذّر سابقاً من أنه إذا لم يتم الاتفاق على تشكيل وفد موحّد حتى الثامن من شباط، فإنه سيلجأ إلى الإجراءات، التي لم يتّخذها بعد وفق قرار مجلس الأمن رقم 2254.
وقد قوبلت هذه الكلمات بردّ فعل حادّ من جانب «المعارضة الخارجية». وقال عبد الإله فهد، الأمين العام لـ«الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية»، الذي يدخل في الهيئة العليا للمفوضات، للصحيفة إن «مثل هذه التصريحات المتعلقة بالمعارضة والشعب السوري عامة ليست من اختصاص دي ميستورا»، كما أن تشكيل وفد سوري «معارض» لا يدخل في صلاحياته، وإن «المعارضة» قادرة وحدها على تشكيل وفدها.
وأبقت مبادرة «مجموعة الرياض» خارج مبادرتها لتشكيل الوفد مجموعة «حميميم»، التي يرى رئيسها إليان مسعد في ذلك «محاولة من مجموعة الرياض لإبعاد مجموعات المعارِضة الأخرى إلى الصف الخلفي». وأكد أنه «لدى المقاربة الصائبة، يجب أن تكون كل مجموعة ممثلة في الوفد بمندوب أو اثنين».
كما أوضح إليان مسعد أنه في ظلّ الوضع الناشئ، من المفترض أن يعمل المبعوث الأممي دي ميستورا على تشكيل الوفد المفاوض، بعد التشاور مع اللاعبين العالميين والإقليميين.
من جانبه، وافق بوريس دولغوف، كبير الباحثين في معهد الاستشراق، من حيث المبدأ على هذه الفكرة، وأعرب عن اعتقاده بأن ستيفان دي ميستورا سوف يمارس حقه ويتدخل في عملية تشكيل وفد «المعارضة» الموحّد. وأكد أنّ دي ميستورا يستطيع فعل ذلك. بيد أن ذلك إزاء الأوضاع السياسية الراهنة، لن يُحدث على الأغلب تقدماً في عملية التسوية السياسية، بسبب وجود عدد كبير من التناقضات. كما قال الخبير دولغوف.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قد حثّ مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص بسورية على تشكيل وفد «المعارضة» الموحّد، وأكد لافروف أن دي ميستورا ملزم بتنفيذ صلاحياته التي خوله إياها قرار مجلس الأمن 2254، وأنه هو من يملك الكلمة الأخيرة في مسألة تكوين وفد «المعارضة» الموحّد، كما أشار لافروف.
وقال وزير الخارجية الروسي: لا ينبغي النظر باهتمام إلى مختلف أنواع الغناج من طرف مجموعات «المعارضة»، وعلى وجه الخصوص من «المعارضين الخارجيين»، الذين يعيشون منذ زمن طويل خارج سورية، ولكنهم يطمحون إلى المشاركة في الإصلاحات.
وعلى أيّ حال، فإن المبعوث الأممي لم يتّخذ أيّ خطوات بعد، هذا على رغم أنه بقي أقل من أسبوع واحد على موعد المفاوضات المقرّرة في جنيف.
نيزافيسيمايا غازيتا
تطرّقت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية إلى تطورات الوضع في شمال الجمهورية السورية، وأشارت إلى أن موسكو تحاول إعاقة تركيا عن القضاء على الكرد هناك.
وجاء في المقال: على رغم التحضيرات للمفاوضات السلمية في شأن سورية، فإن المرحلة العسكرية من العملية تبقى كما في السابق حيوية لروسيا.
ويوم 12/02/2017، أفادت مصادر سورية بوصول أربع طائرات مقاتلة ـ قاذفة متعدّدة الأغراض من طراز «سوخوي 34» من روسيا إلى قاعدة حميميم الجوية، والتي يتوقع أن تستخدم بشكل إضافي في محاربة إرهابيي تنظيم «داعش».
من جانبها، لم تؤكد وزارة الدفاع الروسية رسمياً هذه المعلومات بعد. بيد أن قرار موسكو تعزيز مجموعة الطيران الحربي مجدداً في سورية يبدو منطقياً تماماً، لا سيما أن الوضع العسكري في هذا البلد بقي غير مستقر بعد تقليصها في كانون الثاني 2017.
فالقوات الحكومية السورية لم تبدأ حتى الآن هجومها الاستراتيجي الحاسم ضد مواقع «داعش». في حين أنه، وبالنظر إلى تزايد نشاط الأعمال العسكرية الملموس من قبل تركيا والتحالف، الذي تتزعمه الولايات المتحدة، فقد برز خطر، يتمثل في وقوع المناطق النفطية الكبرى، التي تقع على الضفة اليسرى لنهر الفرات، تحت سيطرة الأميركيين، بعد القضاء على تنظيم «داعش» في الرقة ودير الزور. وأن تقع مدينتا الباب وأعزاز الواقعتان شمال محافظة حلب في يد الأتراك.
وقد كثّفت القوة الجوّ ـ فضائية الروسية في الآونة الأخيرة ضرباتها على مواقع المسلّحين في منطقة الباب، داعمة بذلك «وحدات الدفاع الشعبي» الكردية والقوات الحكومية السورية. ولعل ذلك بالذات يفسّر سبب وقوع الحادث، الذي أدّى، يوم 09 شباط من الشهر الجاري، إلى سقوط قتلى من العسكريين الأتراك، حين قصف الطيران الحربي الروسي عن طريق الخطأ موقعاً للجيش التركي في منطقة الباب. وعدَّت موسكو وأنقرة الحادث عرضياً وغير مقصود. كما قدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لنظيره التركي رجب طيب أردوغان تعازيه بذلك.
وفي الوقت الراهن، تتخذ قيادتا البلدين العسكريتان إجراءات لمنع تكرار مثل هذه الحادث في المستقبل. وذكرت مصادر عسكرية ـ دبلوماسية للصحيفة أن موسكو وأنقرة اتفقتا على تحديد خط فاصل في منطقة الباب، لن تتخطاه القوات الحكومية السورية والقوات التركية، ولن تقوم القوة الجوّ ـ فضائية الروسية بتنفيذ ضرباتها هناك.
ومع ذلك، يستبعد أن تكون التناقضات، التي تراكمت بسبب الأعمال العسكرية التركية على الأراضي السورية، قد أزيلت تماماً. إذ إن هيئة الأركان العامة التركية لا تخفي أنها إضافة إلى «داعش»، تحارب أيضاً وبنشاط «وحدات الدفاع الشعبي» الكردية. وجاء في بيان عام أصدره الجيش التركي أنه منذ آب 2016، وحتى يوم 12/02/2017، تم القضاء على 2705 من إرهابيي «داعش» و344 مسلحاً كردياً في إطار عملية «درع الفرات».
كما ذكرت وسائل الإعلام السورية يوم 12/02/2017، أن الطيران الحربي التركي أغار على مواقع «وحدات الدفاع الشعبي» إلى الغرب من مدينة منبج، التي تقع تحت سيطرة الجيش التركي. وتقوم الوحدات الكردية في الوقت الراهن بإنشاء منظومة خنادق لمنع هجوم القوات التركية على المناطق الكردية.
هذا، وتحدثت وكالة الأناضول التركية للأنباء عن خطط لهيئة الأركان العامة التركية، بتطوير الهجوم في الاتجاه الغربي، بعد تحرير مدينة الباب، بهدف تحرير مدينة أعزاز من تنظيم «داعش» ومحاربة الكرد جزئياً. وفي الوقت نفسه تشتبه أنقرة في أن القوات الحكومية السورية والوحدات الكردية، سوف تهاجم أعزاز وعدداً من المدن والبلدات الأخرى، التي تقع في شمال حلب، لاستباق الجيش التركي.
كما ذكرت وكالة الأناضول، استناداً إلى مصادرها، أن لقاء سرّياً عقد نهاية الأسبوع الماضي في قاعدة حميميم الجوية، ضمّ قادة الوحدات الكردية وممثلين عن السلطة السورية، حيث ناقش المجتمعون الإجراءات، التي يمكن اتخاذها لمنع التوسع التركي في شمال البلاد، ويفترض أن روسيا لعبت دور الوسيط في هذا الاجتماع.
من جانبها، تشعر أنقرة بالقلق إزاء هذا التحول في الأحداث، فكأن المجتمعين في حميميم، اتفقوا بهدف مواجهة هجوم تركيا على المناطق الكردية، على رفع الأعلام السورية لذرّ الرماد في العيون. وبحسب الاتفاق مع موسكو، هذه المناطق يجب ألا تمسّها تركيا.
غير أن خبر «الأناضول» عن خطط القوات التركية في الاتجاه الكردي الغربي يمكن أن يكون تسريباً إعلامياً مقصوداً. وليس من المستبعد بعد تصريح أردوغان، في 12/02/2017، عن هدف عملية «درع الفرات» الرئيس، أن تبدأ أنقرة هجومها على الرقة. فقد أكد أردوغان أن القوات التركية بعد تحرير مدينة الباب ستهاجم «عاصمة الخلافة» بالذات. ويبدو أن هذه الخطة قد نسّقت مع الولايات المتحدة، وقد أعلنت عنها السلطات التركية غير مرة في الأسبوع الماضي. وليس من المعلوم بعد ما هو موقف روسيا من هذه الخطط. لكن الخارجية الروسية أعلنت أكثر من مرة أن تحركات الجيش التركي في سورية يجب أخذ الموافقة عليها من السلطة السورية في دمشق. غير أن أنقرة على الأرجح لن تفعل ذلك. وهكذا، فإن التناقضات بين دمشق وموسكو وأنقرة في الفترة القريبة سوف تشهد المزيد من التفاقم.
نيويورك تايمز
أصدرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية عدداً خاصاً تم تكريسه بكامله لموضوع واحد استغرق جميع صفحات العدد، الأمر الذي يحدث للمرّة الأولى في تاريخ هذه الصحيفة العريقة التي تعتبر قدوة للصحافة الجادة.
موضوع العدد هو الكارثة التي حلت بالعالم العربي خلال 13 سنة، ابتداءً من عدوان أميركا وبريطانيا على العراق واحتلاله في عام 2003.
ذلك العدوان والاحتلال الأميركي لم يدمر نظام البعث العراقي فقط، بل دمر الدولة العراقية، وخلق الظروف الملائمة لولادة «داعش» وأمثالها من المنظمات الإرهابية، وقضى على العالم العربي وحوّله إلى منطقة ملتهبة، ومصدر لأزمة لاجئين عالمية، كما أعطى إشارة الانطلاق لعصر الإرهاب الذي يضرب العالم اليوم ويقضّ مضاجع البشرية.
يقدّم موقع عالمي محترم حصيلة بالأرقام الموثقة للخسائر البشرية والمالية التي سبّبها العدوان الأميركي على العراق بحجّة كاذبة، فقد قتل من العراقيين مليوناً و455 ألفاً و590 شخصاً، ومن العسكريين الأميركيين 4801 جندي وضابط، ومن حلفاء العدوان الآخرين 3487 عسكرياً، ويضيف الموقع إن الكلفة المالية للحرب على الغالب والمغلوب بلغت تريليون و705 مليارات و856 مليون دولار.
«الربيع العربي» واحد من النتائج الثانوية والهزات الارتدادية للكارثة، وتقدّر مصادر دولية أن خسائر العالم العربي بلغت 830 مليار دولار، هذا فضلاً عن الدمار الحاصل في تونس وليبيا ومصر واليمن والعراق وسورية.
هناك مرحلة من التاريخ العربي وصفت بعصر الانحطاط، ولكن الانحطاط الذي يشهده العالم العربي اليوم غير مسبوق في التاريخ، خصوصاً أنه يحدث في عصر تحرز فيه الشعوب مزيداً من التقدّم والارتقاء.
صحيفة «نيويورك تايمز» لم تؤجّل الإصدار بحجّة أن عملية تدمير العالم العربي ما زالت مستمرّة، وربما تصدر عدداً آخر بعد 13 سنة أخرى من نكبة العالم العربي.
العرب يحاربون العرب في اليمن ويدمّرون البلاد، والعرب يحاربون العرب في سورية ويدمّرون سورية، والعرب يحاربون العرب في ليبيا ويدمّرون ليبيا، والعرب يحاربون العرب في العراق ويدمّرون العراق. ومع أن الإرهابيين يشنّون حربهم على الإنسانية بِاسم الإسلام، فإن 70 في المئة من ضحاياهم مسلمون.
لا مؤشرات على أن هناك مستقبلاً عربياً أفضل، فمعظم الجروح العربية نازفة وملتهبة وتستعصي على الشفاء، وأيّ مستقبل لمجتمعات لم تعد تعتبر نفسها مجتمعات وطنية بل مكوّنات اجتماعية، تنقسم على أساس الدين أو المذهب أو الطائفة أو العرق.
«إسرائيل» ليست مسؤولة عمّا يفعله العرب بأنفسهم ومن حقّها أن تشعر بالراحة والأمان طالما أن العرب تكفلوا بتدمير بلادهم.
فيلت
قبل اجتماع وزراء دفاع الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي «الناتو» في بروكسل، أعربت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني عن خشيتها من ضياع الدور الريادي للولايات المتحدة.
وفي إشارة إلى محادثاتها في واشنطن الأسبوع الماضي قالت موغيريني في تصريحات إلى صحيفة «فيلت» الألمانية الصادرة أمس الأربعاء في إطار مقابلة مع مجموعة «لينا» الإعلامية التي تضمّ سبع صحف أوروبية مرموقة: لم أشهد من قبل الولايات المتحدة مُستقطَبة ومقسمة ومثقلة بالنزاعات بهذا القدر الذي أراه الآن. من يريد أن يكون له دور ريادي عالمي عليه أن يكون قوياً ومفعماً بالثقة بالنفس ومتضافراً داخلياً أيضاً.
وتخشى موغيريني من أن يؤدّي هذا إلى تأثيرات سلبية على الاستقرار العالمي، حيث قالت: عندما تظهر في أكبر ديمقراطية في العالم توترات بهذه القوى فإن ذلك قد يصبح عاملاً مزعزعاً للاستقرار في باقي العالم.
ومن المنتظر أن يشارك وزير الدفاع الأميركي الجديد جيمس ماتيس للمرّة الأولى في اجتماع لنظرائه في «الناتو».
وتدور المحادثات التي ستجرى على مدار يومين في بروكسل حول تنمية نفقات الدفاع في الدول الأعضاء الأوروبية في الحلف.
وينتظر الحلفاء الأوروبيون أن يطلعهم ماتيس على تصور الولايات المتحدة لمستقبل أكبر تكتل عسكري على مستوى العالم.
وقبل زيارة رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو إلى واشنطن أمس، حذّرت موغيريني الولايات المتحدة من نقل سفاراتها من «تل أبيب» إلى القدس. وتخشى موغيريني من أن تتسبب هذه الخطوة في ضرر بالغ لعملية السلام في الشرق الأوسط.