عون يلتقي الملك الأردني: نتفق على تنسيق المواقف قبيل القمة العربية أواخر آذار

اتفق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والملك الأردني عبد الله الثاني، على «تفعيل العلاقات اللبنانية – الأردنية وتعزيزها في المجالات كافة، وتنسيق المواقف، قبيل انعقاد القمة العربية في الأردن، في نهاية شهر آذار المقبل، للخروج بموقف عربي موحّد، يؤكد تضامناً عربياً، يكون منطلقاً لرؤية واحدة لمواجهة التحديات الراهنة، وفي مقدّمها مقاومة الإرهاب الذي يمارس أبشع الجرائم متلطياً بالدين والدين منه براء».

وقرّر الرئيس عون والملك عبد الله «دعوة اللجنة العليا اللبنانية – الأردنية، الى الانعقاد بعد مؤتمر القمة برئاسة رئيسَيْ حكومتَيْ البلدين، لتنفيذ ما تمّ الاتفاق عليه على صعيد تعزيز التعاون بين البلدين في المجالات الاقتصادية والأمنية والعسكرية والسياحية والزراعية، وتوقيع اتفاقات جديدة ترعى هذا التعاون، وتعديل أخرى».

كذلك اتفق الرئيس والملك على «التنسيق بين الأجهزة الأمنية اللبنانية والأردنية لمواجهة الاستحقاقات الامنية الداهمة، واتخاذ إجراءات استباقية لعدم تمكين الإرهابيين من التسلّل الى كلا البلدين».

وشددا على «أهمية التوصل الى حل سياسي للأزمة السورية، وعرضا المراحل التي قطعتها محاولة الوصول الى هذا الحل والعوائق التي تواجهه»، وأعربا عن أملهما في أن «تجد معاناة النازحين السوريين حلولاً قريبة لها».

والتقى الرئيس اللبناني والعاهل الأردني على ان «لبنان وقد استعاد عافيته، سيبقى أميناً بكافة مكوناته لرسالة الحرية والعيش المشترك التي يتميّز بها، وأرضاً للقاء الحوار وتفاعل الثقافات»، في وقت اعتبر الرئيس عون ان «المملكة الأردنية الهاشمية شريكة فاعلة في حمل هذه الرسالة».

وكانت المحادثات الثنائية بين الرئيس عون والملك عبد الله بدأت فور وصول الموكب الملكي الى قصر بسمان، حيث عقدت خلوة استمرت نصف ساعة، انتقلا بعدها الى قاعة «الصور»، حيث بدأت المحادثات الموسّعة، التي حضرها عن الجانب اللبناني وزراء: الخارجية والمغتربين جبران باسيل، المال علي حسن خليل، الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، الاقتصاد والتجارة رائد خوري، شؤون رئاسة الجمهورية بيار رفول، المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم والقائم بأعمال السفارة اللبنانية في الأردن علي المولى.

وحضر عن الجانب الأردني: رئيس الوزراء وزير الدفاع هاني الملقي، رئيس الديوان الملكي فايز الطراونة، مستشار الملك لشؤون الأمن القومي مدير المخابرات العامة الفريق الاول فيصل الشوبكي، رئيس هيئة الأركان المشتركة الفريق الركن محمود فريحات، مدير مكتب الملك عبد الله الدكتور جعفر حسان، مستشار الملك عبد الله وريكات، وزراء: الداخلية غالب الزعبي، الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، المالية عمر ملحس، الدولة للشؤون القانونية بشير الخصاونة، الصناعة والتجارة والتموين يعرب القضاء، اضافة الى سفير الأردن في لبنان نبيل مصاروة.

وفي مستهلّ الاجتماع الموسّع، قال الملك عبد الله: «على رغم التحديات الكبرى التي تواجهها دولنا العربية، فإن بين لبنان والأردن الكثير من القواسم المشتركة، التي تؤكد وجود رغبة مشتركة في الارتقاء بالعلاقات اللبنانية – الأردنية الى أعلى المستويات».

ورد الرئيس عون شاكراً الملك عبد الله على الحفاوة التي لقيها والوفد المرافق، وأكد انه «يتطلع الى مزيد من التنسيق بين البلدين في مختلف الميادين، لا سيما أن لبنان والأردن يواجهان تحديات مشتركة، أبرزها وباء الإرهاب والأزمة السورية وتداعياتها، لا سيما النزوح الكبير للسوريين على نحو غير مسبوق».

وعلى الأثر تداول الجانبان اللبناني والأردني في عدد من المواضيع المشتركة ومنها التحديات الاقتصادية، خصوصاً بعد انقطاع الممرات البرية نتيجة الحرب السورية وضرورة إيجاد طرق بديلة، حيث تبين أن ثمة بدائل منها استعمال ميناء العقبة.

كذلك تم البحث في التعاون السياحي بين البلدين وضرورة إيجاد نوع من التكامل بين السياحتين اللبنانية والأردنية.

ودرس الجانبان اللبناني والأردني أيضاً التحضيرات الجارية لانعقاد القمة العربية في البحر الميت في نهاية شهر آذار المقبل، وضرورة التنسيق في المواقف بين لبنان والأردن، لا سيما خلال اجتماع المجلس الاقتصادي – الاجتماعي، الذي يحضر لاجتماعات القمة، بعدما تبين أن ثمة مواضيع مشتركة بين البلدين يجدر التفاهم حولها تمهيداً لبحثها، وأن تكون القمة محطة للتوافق العربي كي تكون قمة فاعلة تصدر عنها قرارات تحاكي القضايا المشتركة وتعمل على اصلاح ميثاق الجامعة العربية بالتوافق بين الدول الاعضاء.

كذلك عرض الجانبان اللبناني والأردني لاتفاقات التعاون بين البلدين التي تحتاج، إما الى تفعيل أو إلى تعديل او توقيع. وأعطى عون وعبد الله التوجيهات الى المشاركين في الاجتماع لإعداد الملفات التي ستبحث في اجتماع اللجنة العليا اللبنانية – الأردنية التي تقرّر دعوتها خلال الاسابيع المقبلة برئاسة كل من رئيسَي حكومتي البلدين.

واستحوذ موضوع النازحين السوريين على حيز كبير من البحث نظراً لاستضافة كل من لبنان والأردن أعداداً كبيرة من النازحين، وبروز معطيات تفرض البحث جدياً في أوضاعهم في ضوء الدعوات التي تطالب من حين إلى آخر بإيجاد أماكن آمنة لهم في بلادهم يستطيعون العودة إليها.

وقد تشعّب النقاش حول هذه المسألة، حيث برزت وجهات نظر متوافقة على أن تولي القمة العربية المقبلة أهمية خاصة لأوضاع النازحين السوريين، وتحريك الاتصالات مع المجتمع الدولي لا سيما الاتحاد الأوروبي للإسراع في إنجاز الاتفاقات الخاصة بالمساعدات المقدّمة إلى هؤلاء النازحين ووجوب أن يكون التنسيق مع لبنان والأردن أكثر فاعلية.

وأعرب الجانب الأردني عن استعداده لمساعدة لبنان في الاتصالات الجارية مع الدول الأوروبية والمانحة ليكون حجم إفادة لبنان من المساعدات الدولية كبيراً، يوازي العدد الهائل من النازحين السوريين في الأراضي اللبنانية.

وبعد عرض واقع التعاون الأمني اللبناني – الأردني تقرر تعزيز المشاركة اللبنانية في الدورات العسكرية والتدريبية والأمنية التي تنظم في الأردن من خلال زيادة عدد المقاعد المخصصة للضباط اللبنانيين من مختلف الأسلاك العسكرية.

وأكد عبد الله لعون أن «الأردن لن يتردّد لحظة في تقديم أية مساعدة مباشرة أو غير مباشرة للقوى الأمنية اللبنانية، كما أكد أهمية التنسيق بين الأجهزة الأمنية اللبنانية والأردنية لا سيما في ما خصّ الاستعلام وتبادل المعلومات».

وتبيّن من خلال المحادثات أن عدد الدورات التي شارك فيها ضباط لبنانيون بلغ 150 دورة، إضافة إلى الدعم اللوجستي للجيش اللبناني الذي أشار عبد الله باستمراره وتعزيزه.

وفي سياق التعاون، تقررت المساعدة في تحديث الدفاع المدني في لبنان انطلاقاً من الخبرة التي لدى الجانب الأردني، كما تقرر تنظيم منتدى للاستثمار اللبناني الأردني يشارك فيه رجال أعمال من البلدين للبحث في مجالات التعاون الاقتصادي والصناعي والتسويقي للدول الأوروبية.

ثم أجرى عون والعاهل الأردني جولة أفق في الاوضاع الدولية في ضوء التطورات الأخيرة، لا سيما تسلم إدارة اميركية جديدة. كذلك استحوذت أوضاع المسيحيين في الشرق على حيز من البحث، حيث ثمن الملك الأردني أهمية الدور الذي لعبه المسيحيون في المشرق عبر التاريخ، لا سيما منهم المسيحيون اللبنانيون.

ورد عون مؤكداً أن لبنان سيواصل لعب هذا الدور في إطار دعوة العقلاء في الدول العربية ودول العالم إلى تغليب نهج الاعتدال ولغة الحوار وثقافة قبول الآخر واحترام معتقده.

وبعد انتهاء المحادثات الرسمية استكمل البحث خلال مأدبة غداء أقامها العاهل الأردني تكريماً لعون والوفد المرافق. وبعد ذلك ودّع عبد الله رئيس الجمهورية الذي انتقل مع الوفد الرسمي الى مقر إقامته في فندق انتركونتيننتال في عمان.

وخلال حفل استقبال الجالية اللبنانية في الأردن أكّد الرئيس عون أن «لبنان أولاً، وسنعيش لبنان أولا، لإنمائه وحياته المشتركة، وإن شاء الله سنكون من الناجحين في مهماتنا وتمنياتنا وإرادتنا»، لافتاً إلى أن «الارادة الحقيقية هي الإرادة التي تنتصر ولا يمكن لإرادة صلبة تريد الخير إلا أن تنتصر»، وذلك في حضور القائم بأعمال سفارة لبنان بالوكالة في عمان علي المولى، على شرف رئيس الجمهورية والوفد المرافق، في مقر إقامة الرئيس عون في فندق انتركنتيننتال في العاصمة الأردنية.

وكان الحفل بدأ بوصول رئيس الجمهورية إلى قاعة «غراند بال روم» Grand ball room» التي غصت باللبنانيين الذين أتوا من مختلف المحافظات الأردنية. ودخل عون القاعة على وقع أغنية: «طلوا أحبابنا طلوا» والزغاريد المرحّبة به.

وتابع: «في لبنان مواطنون وحرية الرأي وحق الاختلاف، وهذا ما يميّزه عن بقية الدول التي هي آحادية السلطة، ولا نسمع فيها الا رأياً واحداً. من هذه الحرية تنبثق أحياناً تناقضات في الآراء والمواقف، ولكن حيثما وجد اللبنانيون يجب علينا أن ندافع عنهم خصوصاً عندما يكونوا مستهدفين، لذلك لن يقوم وطن فيه انشقاق أو لا يتضامن أبناؤه مع بعضهم البعض».

وقال «أصبح لبنان اليوم سائراً على مسار الوحدة الوطنية الحقيقية. صحيح أن هناك خلافات سياسية لكنها خارج الحدود اللبنانية وليست في داخلها، واننا لا نخشى خسارة أمن أو استقرار في البلد. ونحن ندعو الجميع لزيارة لبنان ولو مرة في السنة».

وختم بالقول: «ان لبنان يسير في طريق الازدهار، ونحن سنقوم بإصلاحات جذرية بهدف عودة العمل الصحيح في جميع الإدارات وتحديث الدولة اللبنانية. نحن لن نبقى على ما هو قديم، فما هو قديم قد تطوّر في جميع البلدان ونحن لن نبقى سائرين في ركب التخلّف، لذلك سترون قيام مؤسسات جديدة في لبنان تعمل، ومشاريع إنمائية جديدة، وكل شيء سيتجدّد مع التفاهم السياسي القائم على إعمار لبنان، بصرف النظر عن الأفكار السياسية المختلفة.

وفي ختام الحفل قدّم الطفل ادوار سيمون رعد، البالغ من العمر 9 سنوات، رسالة خطية الى عون كتبها على العلم اللبناني.

وعند السابعة مساء اول امس، وصل عون والوفد المرافق الى مطار ماركا العسكري حيث أقيمت له مراسم وداع رسمية بحضور الملك الأردني الذي رافقه بين صفين من الرماحة الى سلم الطائرة، متمنياً له عودة موفقة الى لبنان.

وعند الثامنة مساء أول امس وصل رئيس الجمهورية والوفد المرافق الى مطار بيروت الدولي، بعدما أنهى زيارتين رسميّتين إلى كل من جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية، تلبية لدعوة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وملك الأردن عبد الله الثاني بن الحسين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى