تركيا… تتموضع مجدّداً وصفعة جديدة تنتظرها
معن حمية
في الآونة الأخيرة، وتحديداً، بعد تحرير مدينة حلب من المجموعات الإرهابية، خرج العديد من المحللين والمراقبين يتحدّثون عن استدارة تركية بما خصّ الحرب على سورية، لكن هذا الاستنتاج لم يكن مستنداً إلى أساس متين. فالمسار الذي سلكته تركيا بعد هزيمة أدواتها الإرهابيين في حلب، كان بغرض الحدّ من تداعيات الهزيمة.
معركة تحرير حلب قد لا تكون هي الحاسمة في الحرب ضدّ الإرهاب، لكنها بالتأكيد شكلت نقطة ارتكاز في مسار هزيمة الإرهاب، ولا يستطيع رعاة الإرهاب وداعموه، وتحديداً تركيا، ادّعاء العكس، فاتفاق وقف إطلاق النار فرضته وقائع معركة حلب التي جاءت نتيجتها حاسمة لصالح الجيش السوري وحلفائه.
لقد تلقّت تركيا خلال الأشهر الماضية أكثر من صفعة، مرّةً حين تمّ تجاهلها في معركة الموصل ضدّ «داعش»، ولم يلتفت أحد إلى الضجيج الذي أحدثته بالإعلان عن أطماعها التاريخية في ولاية الموصل، ومرّة أخرى حين أصرّت الإدارة الأميركية على تقديم كلّ أشكال الدعم والمؤازرة لما يسمّى «قوات سورية الديمقراطية» غير عابئة بموقف الأتراك من التشكيلات الكردية، ومرّة ثالثة حين لم تستطع الحؤول دون هزيمة المجموعات الإرهابية التابعة لها في شرق حلب، وهذه الصفعات الثلاث، أفقدت تركيا توازنها، ما دفعها إلى الذهاب باتجاه الروس ومن ثم إلى أستانة، لكن بنيّة المناورة والتضليل وليس بنيّة الاستدارة. وبدا عامل المناورة واضحاً من خلال تركيز تركيا على المطالبة بإقامة مناطق آمنة، والدفع بقواتها نحو مدينة الباب، لتوسيع المساحة التي تحتلّها ولتثبيت المجموعات الإرهابية فيها، تحت عنوان المنطقة الآمنة.
الآن تعيد تركيا تأكيد تموضعها، وفقاً لما كان عليه هذا التموضع منذ بدء الحرب على سورية، فهي تنسّق بشكل تامّ مع الإدارة الأميركية، ومع قطر والسعودية، وسائر الدول المتحالفة. غير أنّ هذا التنسيق لن يوفّر لها فرصة لعب الدور ذاته وبالتأثير ذاته دعماً للإرهاب، لأنّ منظومة الإرهاب تتداعى يوماً بعد يوم.
وعليه، فإنّ روسيا التي قدّمت تركيا على أنها قد تكون طرفاً يساهم في نجاح الجهود الروسية لإنهاء الحرب في سورية، كانت قد تساهلت حيال الأفعال والتجاوزات التركية الخطيرة، سواء بإسقاط السوخوي، أو حتى بعملية اغتيال السفير الروسي في أنقرة، لكن يبدو أنّ أنقرة لم تفهم الأسباب الموجبة لهذا التساهل!
روسيا لن تُسمع تركيا موقفاً بشأن سلوكها الغادر، ومحاولاتها إجهاض نتائج أستانة، لكن من المؤكد أن هناك صفعة كبيرة تنتظر تركيا.
عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي