هل ستتمسك واشنطن بالقوات الكردية السورية وتغضب تركيا؟

د. هدى رزق

قد يخيل الى من سمع تصريحات أردوغان، بعد زيارة مايك بومبيو، رئيس الاستخبارات الاميركية «سي اي آي»، الى تركيا، أن قواته انجزت اقتحام وتطهير مدينة الباب. فالقوات المسلحة التركية أعلنت تباعا، عن أهداف ضربت وارهابيين متشددين قتلوا.

تقارير وسائل الإعلام التركية، كانت تفيد أن «الجيش السوري الحرّ» دخل «الباب» مدعوما من قبل القوات المسلحة التركية. وبأن الطريق أصبحت مفتوحة إلى الرقة. مع أن قوات الجيش السوري وحلفاءه، اشتبكت في شمال غرب الباب، مع القوات التركية. والمواجهات المحتملة بين القوتين، كانت آخذة في الازدياد. مما حدا برئيس الوزراء التركي، بينالي يلديريم، الذي كان على بينة من خطر الصدام مع الجيش السوري، إلى القول إن قوات النظام تتقدم، من خلال التنسيق مع روسيا. وإن تركيا تتخذ الخطوات اللازمة لتجنب الاشتباكات معهم.

ورغم الشكوك في الوضع الحالي في الباب، فإن تضخيم ما يحصل على الارض، لم يتوقف، إذ اضاف وزير الخارجية جاويش اوغلو، الموصل إلى أهداف تركيا، لزيادة طموحات أنقرة. على الرغم من أنه ليس هناك ما يشير إلى أن الولايات المتحدة ستدخل في شراكة مع تركيا، في الموصل. لكنه، أكد أنه بعد اكتمال عملية الباب، ستكون الرقة هي الهدف القادم. ويجب أن تتم العملية من قبل القوات المناسبة، أي «الجيش الحر» والقوات التركية الخاصة، التي يمكن أن تشارك.

وكان وزير الدفاع فكري ايشيك، قد صرح اثر اجتماع «الناتو» في بروكسل، بأن تركيا تريد أن تكون عملية الرقة ناجحة. وهي ستخوضها مع القوات العربية في المنطقة، من دون وحدات الحماية الكردية. وقال إنه لاحظ، من خلال لقاءاته مع المسؤولين الاميركيين، أن لديهم استعدادات لتغيير موقفهم، بشأن مشاركة وحدات الحماية الكردية في قتال «داعش» في الرقة. على عكس الادارة السابقة.

تبدو تمنيات تركيا بانسحاب وحدات الحماية الكردية من منبج، قبل اكتمال وضع يد تركيا على مدينة الباب، كبيرة. وهي لا تريد مشاركة الاكراد في هذه العملية. بل هي تدعو الاميركيين الى وقف مساندة وحدات الحماية وحزب الاتحاد الديمقراطي، الذي تعتبره ارهابيا.

في الوقت عينه، علقت الهام أحمد، الناطقة باسم قوات حزب الاتحاد الديمقراطي، لـ«رويترز» بعد عودتها من واشنطن، أن القوات الكردية تأمل استكمال الدعم العسكري والسياسي الاميركي، لقتال «داعش» في الرقة. وكانت قوات سورية الديمقراطية والقوات الكردية، قد صرحت بانها على استعداد لقتال القوات المسلحة التركية، في حال دخولها الى الرقة.

أتى هذا التصريح، في الوقت الذي غادر فيه الوفد التركي، الرفيع المستوى، واشنطن، خالي الوفاض. بعد أن أرسلته أنقرة للتأثير على ادارة ترامب، في ظل وجود مايكل فلين. سعى الوفد لاقناع الولايات المتحدة باستبعاد الوحدات السورية الكردية من الهجوم المخطط لتحرير مدينة الرقة، بعد اجتماعات عقدها في 13- 14 شباط، مع وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية توم شانون ومستشار الأمن القومي السابق، مايكل فلين، قبل استقالته. ومع قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال جوزيف فوتل.

جاءت هذه الاجتماعات بعد أن تعهدت إدارة ترامب، درس خطط للتحرك ضد «داعش» في سورية، تشمل اقتراح الإدارة السابقة للبنتاغون، توفير الأسلحة الثقيلة لقوات سورية الديمقراطية. والقرار الرئاسي الذي يسمح لوزارة الدفاع، بتسليح وتدريب الجهات الفاعلة من غير الدول العسكرية. وقال مصدر بارز بالادارة، إنه يجري حاليا تنقيح هذه الخطة وليس تجاهلها. لذلك، قام عدد من المسؤولين الأتراك بالتنديد بازدواجية واشنطن المتعمدة.

راهنت تركيا على إدارة ترامب. واملت منها أن تكون أكثر استيعابا لرؤيتها، اتجاه وحدات الحماية الكردية. وفي لقائه مع وزير الدفاع الاميركي، جيمس ماتيس، في بروكسل، اوضح وزير الدفاع فكري ايشيك، دعم بلاده قتال «داعش». لكنه كان واضحا بشان رفض تركيا العلاقة الاميركية مع وحدات الحماية الكردية.

تخشى انقرة أن يتم تعيين روبرت هاورد، الذي كان نائبا لماتيس، الذي كان يرئس القيادة المركزية للدول المتحالفة، centcom لتولي منصب مستشار الامن القومي الاميركي، مكان صديقها فلين. لأنه لا يوجد تجانس بين تركيا والقيادة المركزية، التي لا ترغب بالتخلي عن الإعداد والاستثمار الذي أحرزته في حزب الاتحاد الديمقراطي، منذ ما يقارب الثلاث سنوات والبدء من نقطة الصفر مع تركيا. لكن تركيا هددت باتخاذ اجراءات مضادة، اذا واصلت الولايات المتحدة العمل مع حزب الاتحاد الديمقراطي، بما في ذلك إغلاق قاعدتها الاستراتيجية – انجرليك الجوية، التي تستخدمها الولايات المتحدة. وهو ما فعلته تركيا في عام 1975.

الامر الاكثر صعوبة بالنسبة الى أنقرة، هو أولويات ترامب، فليس على جدول اعماله، في الوقت الحاضر، أي موضوع سوى القضاء على «داعش»، من دون الدخول في التفاصيل. وهو غير مهتم بمخاوفها. وفي الوقت الذي اعترضت فيه تركيا على روسيا، بعد القصف الذي طال الباب وتسبب بمقتل ثلاثة جنود اتراك وجرح 11 منهم، حاولت استيعاب الضربة، لكن روسيا وافقت على عقد مؤتمر كردي يوم 15 شباط في موسكو، بمشاركة ممثلين عن الاكراد من إيران والعراق وسورية وتركيا. وهو مؤشر على أن روسيا، هي أيضا، داخل المسالة الكردية، بعد اقتراحها في مسودة الدستور السوري اعطاء حكم ذاتي للاكراد.

تشكل رغبة كل من الأميركيين والروس كابوسا لأنقرة. كذلك، امكانية مشاركة الجيش السوري في القتال الى جانب حزب الاتحاد الديمقراطي في الرقة. المؤشرات تدل، حتى الآن، على أن الولايات المتحدة قد ترغب في الاحتفاظ بحزب الاتحاد الديمقراطي، كشريك، لكنها ستحاول إرضاء تركيا بطرق أخرى. يمكن أن يكون تشجيعها وحزب الاتحاد الديمقراطي وكذلك، حزب العمال الكردستاني، على استئناف الحوار. أو المشاركة في قتال «داعش» الى جانب القوات الكردية.

ليس معلوما ما ستؤول اليه الامور، التي سيكون لها تأثير حاسم في السياسة الإقليمية وفي السياسة التركية الداخلية، قبل استفتاء تغيير النظام.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى