«ترامب غيت» و»الربيع الأميركي»؟
خليل إسماعيل رمَّال
انقلع مستشار الأمن القومي الجنرال مايكل فلين درب يسدّ ما يردّ كأول ضحية من ضحايا علاقة دونالد ترامب وفريقه مع روسيا وهي علاقة غامضة ومحيّرة ومثيرة للجدل وقد تؤدّي إلى ترامب – غيت نيكسونية جديدة تطيح به مبكِّراً في سابقة هي الأولى من نوعها حيث أنه لم يكمل وجوده في القصر فترة العصر.
ففلين الحاقد على كلّ شيء، على البنتاغون الذي طرده وعلى جهاز الاستخبارات الذي لم يستسغه، وبالأخصّ على الدين الإسلامي الذي وصفه بالسرطان ويجب استئصاله، وقع في فخ الاستدراج بعد تواصله مع السفير الروسي في واشنطن حول العقوبات المقترحة ضدّ موسكو، وكان البعض قد حذَّر من ابتزازه من قبل الروس وهذا يعني أنّ لديهم أدلة ضدَّه. المهمّ أنّْ أحد صقور ترامب قد سقط بلا أسف عليه ولم يرد له رئيسه هذه النهاية الوخيمة بدليل أنَّه ما زال يمدحه ولا يخفي خيبة أمله من رحيله. إلا أنَّ وقوع هذا اللئيم هو مدعاة للارتياح لدى العرب الأميركيين والمسلمين، والمفروض من الحزب الديمقراطي الجبان أنْ يعقد جلسات مناقشة في الكونغرس لبحث العامل الروسي في هذه المعمعة واستدعاء فلين كشاهد أو كمتهم او ككبش محرقة لترامب، وعليهم ان يسألوا: ماذا علم ترامب عن لقاء فلين مع الروس ومتى علم بذلك؟ وهل معقول أنَّ فلين تصرَّف لوحده؟! إنَّ وراء هذه الفضيحة أمور أكبر لم تتوضح بعد وقد تصل إلى ترامب نفسه حيث انه، ليس عن عبث أبداً، جمع حكومة من مسؤولين معظمهم لديهم علاقات مميّزة مع موسكو وخصوصاً وزير الخارجية تيليرسون. لهذا السبب يريد ترامب تحوير الأنظار فيحمل على الإعلام بهذه الشدة ويعقد مؤتمراً صحافياً مضحِكاً سيذكره التاريخ من حيث تفاهته وبهدلة موقع رئيس الولايات المتَّحدة وشكواه ضدّ الصحافيين.
الضربة الثانية التي تلقاها ترامب هي سحب مرشحه لوزارة العمل ممَّا يدفع للسؤال الذي كان هو يطرحه حول التدفق المكثَّف للمهاجرين لأميركا، هل فحص جيِّداً أعضاء حكومته أوَّلاً؟ رئيس الواقع التلفزيوني غطى ويغطي على كلّ المسلسلات الكوميدية وحسَنَتَه الوحيدة أنَّه جنَّد الشارع الأميركي ضدَّه حيث التظاهرات والمسيرات مستمرة يومياً أمام برجه، ممهِّدةً لـ«الربيع الأميركي» الذي نتمنّى ألاَّ يكون كالخريف العربي.
وهذا الأسبوع، ألغى المهرِّج بشحطة قلم وبشكلٍ عشوائي مشروع إقامة الدولتين في فلسطين المحتلَّة وذلك أثناء لقائه مع صديقه بنيامين نتنياهو ملمِّحاً بالعمل على إحداث مفاجأة، وهي سرّ معلوم تتضمّن خلق حلف إسرائيلي سعودي خليجي تركي بوجه محور المقاومة وبالأخصّ إيران.
إنَّ لقاء ترامب – نتنياهو العائلي ستكون له مفاعيل خطيرة على المنطقة وبالأخصّ على لبنان حيث شبه الوطن ينشغل مثل كلّ عام في هذا الشهر بحملة التسعير وشدّ عَصب تيَّار «المستقبل» ضدّ المقاومة كحملة النائب المغترب عقاب صقر الذي يصوّب بالتورية على سلاح المقاومة لأنه لا يجرؤ على الردّ بنفسه على رئيس الجمهورية. المشكلة أنَّ العقاب هو كالحجل الذي يحاول ان يقلد الأسود، فلا يعلم أن لا عَصَب لجمهور المستقبل لكي يُشَدّ بعد اليوم ولا حملة الأكاذيب قد تنفع لأنّ هذا الجمهور الذي ينتظر مستحقاته من الحريري والذي يرى حوار تياره واستجدائه للمقاومة لم يعد يصدق الحديث عن «التنازلات لأجل الوطن مع عدم التخلي عن الثوابت»!
نشكر الله انّ في قصر بعبدا هناك الرئيس العماد ميشال عون المبدئي، لأنه أعاد البوصلة للعرب ولم تتغيّر ثوابته هو رغم مراهنات بقايا 14 آذار.
انّ الخطر محدق من إدارة ترامب والخوف من تهوّر تل أبيب مستغلة فوضى وعبثية ونرجسية البيت الأبيض الجديد، لكن الرسالة القوية التي أعلنها سيِّد المقاومة خصوصاً حول مفاعل ديمونا وسفينة الأمونيا الجوَّالة، ستجعل قادة العدو يفكرون مليون مرة قبل أنْ يُقدِّموا على حماقة الحرب حتى ولو كان مناحيم بيغن في البيت الأبيض!