نصرالله: مع التفاوض من موقع القوة لا التوسّل ولا تهدّدونا بدخول بيروت فما زلنا على قيد الحياة

أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله على حقّ الحكومة في التفاوض من أجل تحرير العسكريين المخطوفين، الذين اعتبر أنّ قضيتهم إنسانية وطنية بامتياز، مطالباً بأن يكون التفاوض من موقع قوة وليس من موقع الاستجداء.

وشدّد السيد نصرالله على أنه «لا يجوز المسّ بأي بريء من النازحين أو غيرهم ولا يجوز أن يحمل أحد مسؤولية جرائم هؤلاء الإرهابيين». ورفض «أن يكون لبنان جزءاً من التحالف الدولي»، مؤكداً «أنّ حزب الله ضدّ داعش وكل الاتجاهات التكفيرية التضليلية وهو يقاتلها ويقدم التضحيات في سبيل ذلك».

وفي كلمة متلفزة عبر قناة «المنار»، اعتبر السيد نصر الله «أنّ قضية العسكريين المختطفين في الجيش اللبناني لدى المجموعات الإرهابية هي قضية إنسانية وطنية بامتياز لا تتعلق بجهة أو منطقة أو طائفة لبنانية محدّدة، وإنما هي تتعلق بكل الوطن وكل اللبنانيين».

ولفت السيد نصر الله إلى أنه «كان يجب وما زال أن يكون هدف الجميع هو استعادة العسكريين المختطفين من الأسر والعمل بكل الوسائل وتقديم كل مساعدة ممكنة لتحقيق هذا الهدف». وأضاف: «كان يجب منذ اللحظة الأولى التعاطي من قبل الجميع من سياسيين ورجال دين ووسائل إعلام بمسؤولية عالية مع هذه القضية». وأسف لأنّ «البعض في لبنان حوّل قضية العسكريين المختطفين لتحقيق مكاسب سياسية وتصفية حسابات وإثارة نعرات طائفية ومذهبية»، لافتاً إلى أنّ «البعض استخدم الكذب لتشويه القضية حتى أنّ البعض رفع سقف المطالب أكثر مما هي مطالب الجهات الخاطفة نفسها حتى وضع البعض المسؤولية على غير الجهات الخاطفة وحاول تبرير ما حصل من قبل الإرهابيين».

وقال السيد نصر الله: «عادة في قضايا مشابهة لقضية اختطاف العسكريين نحن في حزب الله نتجنّب اتخاذ المواقف العلنية لأنّ الطرف الذي يحتجز هؤلاء الإخوة له عقليته وطريقته وأفكاره ونحن نتعاطى بجدية وحذر في مثل هذه الملفات»، مضيفاً: «هذا ما حصل في قضية مختطفي أعزاز على رغم أنّ حزب الله قام بأمور مهمة كثيرة بقيت طيّ الكتمان».

وتابع السيد نصر الله: «نحن كنا نفضل أن نناقش ملف العسكريين المخطفين في الأماكن المغلقة وليس في وسائل الإعلام، كنا نفضل أن نناقشها في مجلس الوزراء ولكن نتيجة كل ما جرى أنا مضطر أن اتكلم في الإعلام».

وفيما أشار إلى أنّ «من الأسباب التي دفعته للتحدث عن قضية العسكريين المختطفين هو كرامة المؤسسة العسكرية باعتبار أنّ هؤلاء العسكريين ينتمون إلى الجيش اللبناني، إضافة إلى اعتبار ومشاعر ومواقف أهالي العسكريين وبسبب التشويه الذي يرافق هذه القضية»، لفت السيد نصر الله إلى أنّ «ما جرى منذ ما يقارب الشهرين في منطقة عرسال نتيجة توقيف الجيش لأحد العناصر الإرهابية وما تبع ذلك من أحداث لم يكن وليد لحظته أو ساعته وبالتأكيد هو نتيجة تحضير كبير».

وتوجه السيد نصر الله «بالعزاء إلى أهالي الشهداء الذين قتلتهم الجماعات الإرهابية»، مشيداً «بمواقف عوائل هؤلاء الشهداء». ودعا «كل المسؤولين إلى التمثل بهذه المواقف»، وتوجه أيضاً «بالتحية والعزاء لكل عوائل شهداء الجيش اللبناني».

وحيا السيد نصر الله عوائل العسكريين الأسرى لدى المجموعات الإرهابية، وقال: «نحن نعرف الصعوبات التي تعيشها عوائل الأسرى فنحن لدينا تجربة مع الأسر من خلال أسرانا مع العدو الصهيوني».

وأكد السيد نصر الله أنّ «قضية عرسال هي مسؤولية الحكومة اللبنانية بالدرجة الأولى وعلى الجميع مساندتها»، ورأى أنّ «ما حصل خلال الأسابيع الماضية مؤلم ومحزن جداً ويدل على مستوى التعاطي مع قضية من هذا النوع». واعتبر السيد نصر الله أنه «من الطبيعي في قضية من هذا النوع أنّ تقوم الجهة المعنية بالتفاوض ونحن فاوضنا في مناسبات عدة لاستعادة أسرانا، لذلك نحن لم نرفض على الإطلاق مبدأ التفاوض»، وأسف لأنّ «البعض حوّل القضية إلى مادة للسجال وتصفية الحسابات السياسية»، مشدّداً على أنّ «كل من نقل عن حزب الله رفضه التفاوض أو غير ذلك منافق وكذاب». وأكد أنّ «من حق السلطة السياسية أن تفاوض ونحن طالبنا منذ البداية أن يكون التفاوض من موقع قوة من أجل تحرير المخطوفين وليس الاستجداء لأن لا أحد في العالم يتوسل ويقدم نفسه للخاطفين أن لا حول له ولا قوة لديه، فمن يريد أن يفاوض يفتش عن نقاط القوة ويضعها على الطاولة».

ولفت السيد نصر الله إلى أنّ «الحكومة اللبنانية تعرف ما هي نقاط القوة الموجودة لديها وتجب عليها المفاوضة من موقع القوة وليس من موقع التوسّل». وقال: «إذا أردنا أن يعود العسكريون يجب أن نفاوض بقوة والتفاوض من موقع ضعيف سيؤدي إلى كارثة». ورأى أنّ «استمرار المزايدات لن يؤدي إلى حلّ قضية العسكريين المختطفين»، معتبراً أنّ «لبنان يعيش إذلالاً حقيقياً منذ أسابيع بسبب الأداء السياسي للعديد من القوى السياسية». وأضاف: «إنّ الجهة المفاوضة هي التي تبلّغ الرسائل وهي التي تتصرّف وتفاوض»، داعياً إلى «وضع مطالب الخاطفين ودراستها عبر قنوات التفاوض والنقاش وصولاً لأخذ القرار في شأنها».

وتابع السيد نصر الله: «إنّ الحكومة اللبنانية تريد أن تضمن توقف القتل ومن حقّها أن تقول إنها لا تفاوض تحت القتل والذبح».

وإذ تمنى «إبقاء قضية العسكريين الأسرى خارج المزايدات وتصفية الحسابات من أجل الجيش والبلد والشعب»، أكد السيد نصرالله أنّ «التزوير أو الدجل الذي مارسه البعض ضدّ حزب الله في قضية المخطوفين لم ولن يحقق شيئاً»، مضيفاً: «إذا عادت الحكومة إلى التفاوض وهذا من الطبيعي أن يحصل، يجب الاستماع إلى المطالب والتفاوض»، رافضاً «الخضوع للتهديد لأنه لا يمكن لدولة أو حكومة أو جيش أو شعب أن يقبل به في كل العالم»، وقال: «لا أحد يتعاطى مع قضية من هذا النوع بخيار واحد».

ولفت السيد نصر الله إلى أنّ «من أهداف ذبح الجنود التحريض على ردود فعل ضدّ النازحين السوريين لإثارة الفتنة والجماعات المسلحة التي تعتمد الخطاب المذهبي التكفيري والتحريضي وتريد خلق الفتنة في لبنان ونقل الإرهاب إليه»، مشدّداً على أنه «لا يجوز المسّ بأي بريء من النازحين أو غيرهم ولا يجوز أن يحمل أحد مسؤولية جرائم هؤلاء الإرهابيين». وقال: «الخطف المضاد لا يجوز ولا يحقق شيئاً لا بل يحقق أهداف الجماعات المسلحة التكفيرية الإرهابية، وبعد أحداث الذبح التي حصلت بذلنا جهوداً لحماية النازحين وإبعاد الخطر عنهم». وذكّر أنه «بعد حادثة تفجير الرويس في الضاحية الجنوبية لبيروت التي أدت الى سقوط عشرات الشهداء والجرحى خاطبنا كل اللبنانيين أن لا يُمسّ أي نازح سوري وأن لا يحمّلهم أحد جرائم الإرهابيين والتكفيريين وقلنا هذا الكلام مراراً».

وأكد السيد نصر الله أنّ «لبنان أمام تحدّ حقيقي والمطلوب ضبط المشاعر والعواطف وعدم المسّ بالأبرياء والحفاظ على النسيج الوطني والاجتماعي». وقال: «منذ دخول حزب الله إلى القصير دعونا إلى تجنيب لبنان الفتنة ودعونا إلى إبقاء المعركة على الأراضي السورية في حين أنّ الجماعات الإرهابية أرادت نقل الفتنة إلى الأراضي اللبنانية».

لبنان والتحالف الدولي

وحول ما يُسمى «التحالف الدولي لمحاربة داعش»، قال السيد نصرالله: «لدينا موقف مبدئي لا يتغيّر من ساحة إلى أخرى ولا نوافق على أن يكون لبنان جزءاً من التحالف الدولي»، مؤكداً أنّ «حزب الله ضدّ داعش وكلّ الاتجاهات التكفيرية التضليلية وهو يقاتلها ويقدم التضحيات في سبيل ذلك». وأضاف: «نحن ضدّ التدخل العسكري الأميركي وضدّ التحالف الدولي سواء المستهدف داعش أو غيره»، لافتاً إلى أنّ «أميركا صنعت أو شاركت في صنع الجماعات الإرهابية وهي ليست في موقع أخلاقي يؤهّلها قيادة تحالف على الإرهاب».

وشدّد السيد نصرالله على أنّ «أميركا هي أمّ الإرهاب وأصل الإرهاب في هذا العالم وهي الداعم المطلق لدولة الإرهاب الصهيونية»، لافتاً إلى أنّ «الإدارة الاميركية غير مؤهلة أخلاقياً لكي تقدم نفسها على أنها قائد لتحالف دولي ضدّ الإرهاب، فالتحالف الدولي صنع للدفاع عن المصالح الأميركية وبالتالي لا شأن لنا به». واعتبر أنّ «من حق كل شعوب المنطقة أن يشككوا في نوايا أميركا من هذا التحالف»، مذكراً بأنّ «أغلب المصالح الأميركية هي على حساب مصالح المنطقة ونحن غير معنيين أن نقاتل في تحالف دولي من هذا النوع، فهذا التحالف الدولي هو فرصة أو ذريعة لتعيد أميركا احتلال المنطقة من جديد».

وأكد السيد نصرالله أن «لا مصلحة للبنان أن يكون من ضمن التحالف الدولي وثمة مخاطر عليه إذا ما انضوى فيه»، مضيفاً: «نحن لا نؤيد ونرفض أن يكون لبنان جزءاً من التحالف الدولي وليس من مصلحته أن يكون جزءاً منه». وتابع: «في بدايات حرب تموز عرض علينا تسليم سلاح المقاومة وقبول وجود أو مجيء قوات متعددة الجنسية تتواجد في الجنوب على الحدود وفي المطار وعلى الأراضي اللبنانية وهذا ما رفضناه وأسقطناه بالدماء والشهداء».

تهديدات الجماعات الإرهابية

وبالنسبة إلى تهديد الجماعات الإرهابية للبنان، قال السيد نصر الله: «مخطئ من يظن أنّ بإمكانه الوصول إلى بيروت أو إلى أي مكان، ولا أحد يمكنه أن يفرض على اللبنانيين تهديداً كهذا لأننا ما زلنا على قيد الحياة لا يمكن لأحد أن يفرض علينا تهويلاً من هذا النوع». وأضاف: «اللبنانيون قادرون على مواجهة أي خطر إرهابي يواجههم فنحن قادرون رغم الانقسام السياسي والتجاذبات أن نواجه الإرهاب من خلال جيشنا وشعبنا وصمودنا»، معتبراً أنّ «مسؤولية اللبنانيين أن يكونوا يداً واحدة لمنع تمدد أي خطر إرهابي ضدّ البلد». ولفت إلى أنّ «حماية لبنان من الإرهاب تبدأ بالإسراع في دعم الجيش والقوى الأمنية وحل مشكلة النازحين»، داعياً إلى «الانتباه واليقظة ومتابعة الأحداث فالاستنفار مطلوب من الجميع لأنه غير معروف إلى أين يمكن أن تصل بنا التطورات والأحداث».

فلسطين واليمن والبحرين

وحول الانتصار الفلسطيني على العدو الصهيوني في غزة، بارك السيد نصر الله «للشعب الفلسطيني بالانتصار الكبير الذي تحقق»، وأكد أنه «انتصار سياسي كبير لأنه عطل كل أهداف «اسرائيل» المعلنة وغير المعلنة».

وفي الشأن اليمني، بارك السيد نصر الله «المصالحة التي حصلت والتي تشكل فرصة تاريخية لإخراج اليمن من مشاكله المعقدة». وأضاف: «نحن نسعد عندما يصل أي شعب إلى حل سياسي».

وفي الموضوع البحريني، قال السيد نصر الله: «يجب أن نذكر بالخير الشعب البحريني الذي يواصل حراكه السلمي على أمل أن يصل إلى تحقيق أهدافه وأن تساعده التطورات الإقليمية على تحقيق هذه الأهداف». وأضاف: «نحن كجزء من هذه الأمة نتطلع أن تتمكن شعوبنا من تخطي مآسيها وآلامها وأن تحول التهديدات إلى فرص»، مشيراً إلى أنّ «المنطقة أمام تهديد كبير يمكن تحويله إلى فرصة».

لقاء أرسلان

وكان السيد نصرالله التقى أمس رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان، وبحثا في التطورات السياسية في لبنان والمنطقة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى