«قضايا معاصرة في التعليم العالي» كتاب مقالات بحثيّة لوائل معلا

كتبت شذى حمود من دمشق سانا : ينطلق الدكتور وائل معلا في كتابه «قضايا معاصرة في التعليم العالي» من أن الواجب الإنساني لأي عضو هيئة تدريسية في الجامعة هو الانخراط في جميع الفعاليات التي تحقق رسالة الجامعة المتمثلة في ثلاثية التعليم والبحث العلمي وخدمة المجتمع.

يتضمن الكتاب الصادر لدى الهيئة العامة السورية للكتاب سلسلة مقالات كتبها معلا منذ العام 2007 ونشرها في صحف سورية، مشيراً فيها إلى ضرورة اتباع سياسة قبول جامعي جديدة تضمن المشاركة الواسعة والإنصاف، إضافة إلى تحديث المناهج التعليمية في الجامعات بما يواكب التطور العلمي والمعرفي وضمان جودتها باستمرار. ويؤكد على أهمية مواءمة البرامج التعليمية مع متطلبات خطط التنمية وحاجات سوق العمل وتذليل جميع التحديات أمام تطوير المنظومة التعليمية وتفعيل دورها في عملية التطوير الشامل. وأظهرت نتائج مسح سوق قوة العمل في سورية التي أجريت قبل الأزمة بحسب معلا أن معدلات البطالة قليلة نسبياً ضمن فئة الحاصلين على تعليم جامعي، مقارنة بباقي الفئات الحاصلة على تعليم ابتدائي وثانوي وتعليم متوسط، موضحاً أن التعامل مع قطاع التعليم بعد الثانوي دولياً لم يبق حصراً على وزارة التعليم العالي بل هو أيضاً في طليعة جدول أعمال وزارات المالية والاقتصاد والصناعة وغيرها.

تتلخص رسالة كل جامعة بحسب معلا في ثلاث وظائف أساسية هي التعليم وبناء القدرات والبحث العلمي وخدمة المجتمع، إذ تتلخص الأولى في قيام الجامعة بنقل المعرفة ونشرها من خلال برامجها التعليمية المتنوعة، وعن طريق تزويد الطلاب بمختلف العلوم والمعارف التي تؤهلهم لدخول سوق العمل ودعم برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية. أما الثانية فتكمن في قيام الجامعة بدور أساسي في البحث العلمي في مختلف مجالات المعرفة العلمية والتكنولوجية والإنسانية والعمل على تطويرها، والثالثة في خدمة المجتمع عن طريق لعب دور تثقيفي إرشادي والمشاركة في تقديم الخدمات الاجتماعية والتوعية العامة.

يعتبر المؤلف أن تطوير العملية التعليمية في الجامعات لا يستلزم أعضاء هيئة تدريسية متميزين في حقولهم الاختصاصية فحسب، بل أيضاً متميزين في إعداد المحاضرات والدروس العلمية وتقديمها وتصميم المناهج والمساقات التعليمية، إضافة الى تقويم الطلاب تقويما جيدا يتناسب مع الأهداف التعليمية للمقررات الدراسية واستخدام التكنولوجيا الحديثة في التعليم وغيرها. ويرى أن تحقيق أي تطوير في العملية التعليمية يتطلب توفير التأهيل اللازم للطلاب عن طريق إحداث برامج متخصصة في تطوير التعليم، أسوة بالجامعات الأجنبية المرموقة وإيجاد الآليات الكفيلة بتشجيعهم على الالتحاق بهذه البرامج، كتوفير حوافز مادية ووظيفية وتخصيص جوائز سنوية للتميّز في التعليم، على غرار ما يفعله العديد من الجامعات في العالم، وتعديل أنظمة الترقية عبر الأداء التعليمي للمرشح للترقية العلمية، إضافة إلى انتاجه البحثي والعلمي.

يتناول المؤلف دور الكتاب الجامعي عبر الإشارة الى أن توفيره باللغة العربية يغطي معظم المقررات الدراسية في الاختصاصات العلمية في الجامعات السورية، فهو من أبرز منجزات منظومة التعليم العالي، إلاّ أن الكتاب الجامعي في وضعه الراهن يطرح مشاكل كثيرة ويواجه تحديات حقيقية لا بد من التعامل معها بإيجابية وموضوعية.

يشرح معلا فكرته حول الكتاب الإلكتروني واستخدامه كبديل، فالكتاب الورقي لن يستطيع الاستمرار في وضعه الراهن والصمود في وجه التحديات الكبيرة، وقد يكون البديل الإلكتروني حلاً مناسباً، خاصة في الكليات العلمية التطبيقية، علماً أن تكلفة إنتاجه مرتفعة لما يحويه من وسائل إيضاح وما يستلزم إنتاجه من خبرات تقانية متنوعة ومتطورة.

قد يساعد الكتاب الإلكتروني في تطوير التعليم المفتوح وتحويله إلى تعليم مبنيّ على الإنترنت، كما في أنظمة التعليم عن بعد في الدول المتقدمة، ويتطلب انتشاراً أوسع للكمبيوترات الشخصية وتطوير شبكات الاتصال وخدمات الإنترنت. وقد يشكل بحسب معلا تطوير المختبرات الكمبيوترية في جامعاتنا، إضافة إلى وجود عدد من الجهات مثل مصرف التسليف الطالبي، والتي باتت تقدم إلى الطلاب قروضاً ميسرة لشراء كمبيوترات شخصية دافعاً إلى التفكير جدياً في استبدال الكتاب الجامعي التقليدي الحالي بكتاب إلكتروني، خاصة ان كليات الهندسة المعلوماتية في سورية تخرّج كفاءات عالية المستوى وقادرة على التعامل مع التقنيات المعلوماتية الحديثة اللازمة لصناعة الكتاب الإلكتروني.

يلفت معلا إلى تطوير البنى التحتية للجامعات وتوسيعها وإحداث العديد من الاختصاصات العلمية الجديدة لمواجهة التعامل مع الطلب المتزايد على التعليم العالي الناتج من النمو السكاني والتطور الاقتصادي والاجتماعي، ومن هذا المنطلق وضعت جامعة دمشق خطة لتطوير بنيتها التحتية وعملت على تطبيقها.

حول رسالة جامعة دمشق، يختتم معلا بالتأكيد على أهمية وضع رسالة واضحة لجامعة دمشق تعكس تطلعات المجتمع وحاجاته المتجددة، فمنظومة ضمان الجودة ستقيم الجامعة مستقبلاً استناداً إلى مدى تحقيقها هذه الرسالة بالاشتراك مع مختلف الجهات الفاعلة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى