دي ميستورا: لا حل عسكرياً… والفرصة متاحة بعد أستانة للحلّ السياسي
أربعة وفود تواجدت أمس في ساحة حوار «جنيف 4»، مثّلت منصّات ربما لن تختلف في المضمون عن سابقاتها من الوفود التي استقبلتها جنيف في السنوات الماضية. طروحات، منها الموضوعيّ ومنها ما ينأى بالحلّ عن الواقعية، وما تأجيل الاجتماع العام للوفود لساعات إلّا دليل على ما سيكون عليه طريق جنيف والتفاوت الواضح في مواقف الأطراف المشاركة.
ويأتي انطلاق الجولة الرابعة من المفاوضات بالتزامن مع تغيّرات جذريّة يشهدها الميدان السوري وتراجع سيطرة المسلّحين جغرافياً، وسط استمرار المساعي لتثبيت الهدنة التي يراهن دي ميستورا على صمودها لإمكانيّة وجود أفق ما بعد جنيف 4.
وانطلقت أمس في جنيف لأوّل مرة منذ نحو عام مفاوضات بين فصائل المعارضة السورية، المعترف بها غربياً، والحكومة السوريّة. في حين أعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية، ستيفان دي مستورا، أنّه «لا يتوقّع اختراقاً» في المحادثات السوريّة الأسبوع الحالي في جنيف، لكنّه أعرب عن أمله في أن تتمكّن الأطراف من تحقيق «زخم» باتجاه التوصّل إلى اتفاق.
وكان المبعوث الأممي إلى سورية قد عقد سلسلة لقاءات ثنائيّة مع المشاركين في الجولة الرابعة من مفاوضات جنيف، قبل الجلسة العامّة التي افتُتحت مساء أمس، بحضور ممثّلين عن مجموعة دعم سورية.
واستمرّ كلّ لقاء من لقاءات دي ميستورا مع الوفود المصغّرة، الحكومية و«منصّة الرياض» و«منصّة القاهرة» المعارضتين، لنحو ساعة.
وامتنع بشار الجعفري، رئيس وفد الحكومة، الذي عقد أول اجتماع مع دي ميستورا، عن أيّ تصريحات صحافية بعد وصوله إلى جنيف بعد ظهر أمس، ولم يتحدّث عن إمكانيّة إجراء حوار مباشر. ويضمّ وفد الحكومة 11 عضواً، فبالإضافة إلى الجعفري، يشارك في المفاوضات مستشار وزير الخارجية والمغتربين أحمد عرنوس، والسفير السوري في جنيف حسام الدين آلا، وعضوا مجلس الشعب أحمد الكزبري وعمر أوسي، وكذلك أمجد عيسى وأمل يازجي وجميلة شربجي وحيدر علي أحمد وأسامة علي، والعقيد سامر بريدي.
وكان دي ميستورا قد أعلن أنّ المفاوضات، وفق مقتضيات القرار رقم 2254، ستركّز على مسائل تشكيل حكومة غير طائفيّة تتمتّع بالثقة، وجدول إعداد مسوّدة الدستور الجديد، وإجراء انتخابات نزيهة وفق الدستور الجديد تحت إشراف الأمم المتحدة. وأكّد أنّ الشعب السوريّ هو الوحيد الذي يحقّ له إقرار المسائل المتعلّقة بدستوره الجديد.
وقالت مصادر في الوفود المشاركة، إنّ الغموض لا يزال يكتنف صيغة الحوار بعد الافتتاح الرسمي للمفاوضات، فلم تعلن الأمم المتحدة حتى الآن عن خطط لعقد مفاوضات مباشرة بين الحكومة والمعارضة.
وبالإضافة إلى وفد المعارضة «منصّة الرياض» الذي شكّلته الهيئة العليا للمفاوضات والائتلاف الوطني السوري وفصائل المعارضة المسلّحة، يشارك في الحوار وفدان يمثّلان منصّتي موسكو والقاهرة، يضمّ كلّ وفد 3 أعضاء رئيسيّين واثنين من المستشارين. لكنّ وضع الوفدَين لم يتّضح بعد، إذ قال جهاد مقدسي، أحد أعضاء وفد منصّة القاهرة بعد وصوله إلى جنيف، إنّه يشارك في اللقاءات بصفة شخصيّة مستقلّة.
واعتبر مقدسي أنّ منصّة القاهرة نقلت إلى جنيف اقتراحاتها حول مسوّدة الدستور السوري الجديد، بما في ذلك أفكارها حول إعادة توزيع الصلاحيات بين فروع السلطة، ولا سيّما نقل جزء من صلاحيات الرئيس للبرلمان. ولمّح إلى أنّ منصّة القاهرة باتت اليوم أكثر استعداداً للحوار المباشر مع الحكومة، مشيداً في هذا السياق بدور موسكو ومساهمتها في عملية أستانة، حيث تجري المفاوضات حول تثبيت وقف إطلاق النار.
بدوره، أعلن المتحدّث بِاسم وفد الهيئة العليا للمفاوضات السوريّة «المعارضة» منصّة الرياض ، سالم المسلط، أنّ الهيئة تطالب بعقد مفاوضات مباشرة مع وفد الحكومة السورية. ويضمّ الوفد المعارض 22 شخصاً، يمثّل نصفهم فصائل المعارضة المسلّحة. ويترأّس الوفد عضو الائتلاف الوطني نصر الحريري، فيما تمّ تعيين محمد صبرا كبيراً للمفاوضين.
ولا يُتوقّع أن تشهد هذه الجولة لقاءات مباشرة بين الطرفين، لكن تجري المفاوضات عبر وسيط يستمع إلى الطرفين وينقل وجهتي النظر بينهما. فقد قلّل دي ميستورا من سقف التوقّعات، وعبّر عن رغبته في أن تكون هذه الجولة فرصة لمواصلة الجهود في اتجاه الحلّ السياسي، وإنهاء الصراع الذي يدوم لأكثر من ست سنوات.
وأضاف دي ميستورا، أنّ روسيا حليفة الرئيس السوري بشار الأسد طلبت من الحكومة أن توقف الغارات الجويّة خلال المفاوضات، وأنّه طلب من الدول القريبة من فصائل المعارضة أن تبذل جهداً لتوقّف عمليّاتها خلال الفترة نفسها.