v طاهر محي الدين

على الرغم من كلّ ما قد يتناوله الشارع السوري جراء قصف الطيران الأميركي لمواقع «داعش» في الرقة وإدلب من انفعالات قد تكون تارة من باب الغيرة على الوطن وسيادة الوطن، وتارة أخرى من باب التشكيك والاستخفاف بقدرات الدولة السورية وتقديمها تنازلات ما في إطار تسويات دُبّرت في ليل، فإنّ بيان وزارة الخارجية السورية قد وضع النقاط على الحروف، وأعلن الانتصار السياسي التامّ لسورية في الحرب على الإرهاب، وأعلن أنّ الأميركي أقرّ صاغراً ومرغماً بضرورة التنسيق والشراكة مع القيادة السورية… إذا كان جادّاً في الحرب على الإرهاب، وهذا تحديداً ما كنا نقوله مراراً وتكراراً إنّ نهاية هذه الحرب على سورية ستكون بقرار أممي للحرب على الإرهاب.

فلينتبه الشارع السوري جيداً إلى النقاط التالية:

إنّ القرار 2170 أولاً صدر عن مجلس الأمن وبتنسيق سوري روسي حكماً، ولم يكن قرار الحرب من خارج مجلس الأمم، كما كان الحال في الحرب على العراق، وسورية هي عضو مؤسّس في الأمم المتحدة، والقرار تحدث عن ضرورة محاربة كلّ الدول للإرهاب، وبالتالي أصبح القرار يغطي الحرب التي يشنّها الجيش العربي السوري وحلفاؤه على الإرهاب تحت المظلة الأممية، ولم يعد أحد قادراً على تشويه الحقائق والقول إنه «إرهاب نظام» ضدّ «ثورة سلمية»، وهذا بحدّ ذاته انتصار مشهود للدولة السورية.

إقرار كلّ دول الحلف وتحت مظلة الأمم المتحدة بأنّ الجماعات المسلحة في سورية ليست معارضة شعبية، وإنما هي مجموعات إرهابية تموّل وتسلّح وتدعم من دول معروفة لم يتمّ الإشارة إليها في جسم القرار صراحة، من السعودية وقطر وتركيا، ولكن يعلم من يتابع الأحداث أنّ ما حدث في اليمن هو كسر للشوكة السعودية، وردٌ للديْن السعودي لدوره في العراق وإسقاط نينوى والموصل في العراق باستخدام «داعش»، وكذلك الظهور العلني لوزير خارجية آل سعود مع الوزير الإيراني محمد جواد ظريف، وأنّ الأميركي وذيله السعودي يدركان تماماً أنّ ما تحدثوا عنه من مسرحية هزلية بتدريب خمسة آلاف «معارص معتدل» بتمويل مملكة الرمال وعلى أرضها، هو أمر لا يتعدّى حدود الدراما الهوليوودية، وأنه لا يمكن له أن يقنع الرأي العام العالمي أنّ الذي يقطع رؤوس السوريين والعراقيين هو «معارض معتدل»، وأنّ من يقطع رؤوس الصحافيين الأميركيين والغربيين هو إرهابي متشدّد!

اضطر الأميركي الذي ظلّ ينبح هو وحلفاؤه الأوروبيون للتنسيق مع القيادة السورية صاغرين ورغم أنوفهم تماشياً مع تهديدات الوزير المعلم أولاً، والمواقف الروسية الإيرانية الصارمة تجاه احترام سيادة الدولة السورية، وهو ما ينفي قطعياً ما يروّج له بعض الخونة والمنهزمين من انتهاك السيادة السورية، ويعلن انتصار الدولة السورية سياسياً.

التأكيد على أنّ ما جرى فجر الثلاثاء الموافق 23/9/2014 من قصف جوي أميركي على مواقع لـ«داعش» في الرقة يأتي في لحظة تقاطع مصالح كبرى في الحرب على الإرهاب، وأنّ سورية والعراق هما المستفيدان الأولان منها كون الإجرام الداعشي قائم على أراضيهما، طالما أنّ العمليات تتمّ وفق القوانين الدولية واحترام سيادة الدول، وأمان سلامة المدنيين.

إنّ التناقض والتباين في أهداف دول الحلف المعادي لسورية في الحرب على الإرهاب سيكون صرفه انتصاراً سياسياً جديداً لسورية وحلفاؤها على الأرض لتثبيت الانتصارات العسكرية التي كانت السبب الرئيسي لتظهير القرار الأممي لمكافحة الإرهاب.

أدرك الأميركي جيداً أنه لا يمكن له الاستمرار في تنفيذ مخطط «فريدريك كيغان»، وهو مخطط من أجل تكوين جبهة سنية من الدول «المعتدلة» ضدّ إيران والشيعة في الخليج وشرق البحر المتوسط – وذلك بالتحالف مع «إسرائيل» – هذه الوثيقة تمّ إصدارها بشكل أساسي لكسر النقطة الأهمّ في تقرير بايكر هاميلتون، ألا وهي فتح الحوار مع دول جوار العراق، وذلك يشمل سورية وإيران، وبالتالي فإنه لا بدّ له من العودة إلى تقرير بيكر هاميلتون، إذا ما أراد الخروج من المنطقة سالماً ومحافظاً على مصالح حلفائه فيها، وأنّ عليه أن يقرّ بأنّ زمن القطبية الأحادية قد ولّى، وأنّ هناك دولاً قد استطاعت أن تكون أقطاباً في مجالها الحيوي مثل إيران وسورية، وأنّ روسيا بوتين عادت قيصراً في أوروبا وفي العالم أيضاً.

بعد فشل القبة الحديدية في حرب غزة الأخيرة، وما قامت به «إسرائيل» من عملية إسقاط طائرة السوخوي السورية فوق الجولان المحتلّ، ليس أكثر من مجرّد العودة لقواعد الاشتباك التي قامت في /1973/ بعد نهاية الحرب، فرسائل العمليات النوعية في القنيطرة والجولان التي نفذتها سورية وحزب الله، وقرار الرئيس الأسد بفتح جبهة الجولان إبان قصف موقع جمرايا قطعت الشك الصهيوني باليقين السوري، أنّ قواعد الاشتباك قد تغيّرت، وبالتالي جلَّ ما حاول الصهيوني عمله اليوم بإسقاط الطائرة إنما هو رسالة مبطنة للدولة السورية، بأنهم عادوا إلى قواعد الاشتباك.

في النهاية فلننتظر نتائج ما بعد انتصار أسود الله الغالبين في دمشق والضاحية وطهران واليمن، ولنترقب بداية ملامح التسويات الإلزامية في المنقطة وإعلان المحور المنتصر من طهران إلى صنعاء وعدن مروراً بدمشق والضاحية الجنوبية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى