فلسطين و«النصر العظيم»
عبير حمدان
يمكن الجزم أن الفن مرآة الشعوب وجسر العبور من دون الحاجة لجواز السفر وما يلحقه من عمليات تدقيق وتفتيش وفرضية المحاسبة، في حال كان هناك تشابه أسماء بين الصالح والطالح…
من الجميل أن يأخذ الفن بأشكاله كافة الحيز الأكبر من اهتمامات الشعوب لما فيه من سحر ورقيّ في حال كان جيداً ومصقولاً مع بعض التلقائية طبعاً. وقد تنجح أغنية في إيصال الصورة المشرقة لأي بلد، بحيث إن الفنان سفير فوق العادة ومن دون أي مرسوم تعيين رسمي.
لكن هل تستوعب الساحة الفنية في الشرق على سبيل المثال لا الحصر هذا الكم الهائل من الأصوات، حين يكون لكل قناة برنامج هواة خاص بها، بحيث يتم تصدير المواهب على مدار السنة وكل برنامج يعلن أنه قدّم للجمهور العريض نجماً متميزاً وإلى جانبه نجوم لم ينالوا اللقب الكبير، لكنهم انطلقوا في عالم الأضواء؟
بعيداً عن هذا البحث الذي يطول ويفتح أبواباً عدة للنقاش، نقف اليوم لنشهد كل هذا التهليل والتصفيق برفع العلم الفلسطيني على مسرح «محبوب العرب»، حيث حصد المشترك يعقوب شاهين من فلسطين اللقب فنشعر لبرهة أننا حطمنا كل الحواجز ورفعنا الراية الغنائية على أرض فلسطين المحتلة والأضواء تحيط بنا والجمهور يلملم دموع فرحه بـ«النصر العظيم».
لا نية في الانتقاص من موهبة شاهين أو تقييم صوته، فأنا لست خبيرة في خامة الصوت والسُلم الموسيقي ولا أعتبر نفسي ناقدة فنية، ولكن حين يصبح الفن أولوية على حساب المبدأ يفقد قيمته، ولا يمكن أن نعتبره رسالة قادرة على المواجهة والتغيير. ففلسطين لا تعود بالأغاني والرقص على حساب الحجارة الملتصقة بقبضات أطفالها، وفلسطين ليست مكاناً افتراضيّاً على خارطة وسائل التواصل نستذكرها بمجرد أن ينال أحد أبنائها لقباً من برنامج إنتاجه بترولي وسياسة مموّليه لا ترى في التطبيع مع العدو أي مشكلة.
كي نرتقي بالفن لا بد أنّ نميّز بين الراية التي ترتفع بعد انقشاع غبار المعركة، وتلك التي تتمايل على إيقاع اللحن المنمّق في مسرح تعمل الكاميرا على منحه حجماً أكبر من حجمه، ويتبارى مَن يدخلونه في كيفية اختيار هندامهم وابتكار تسريحاتهم.