سورية: الجيب التركي بات محاصراً

حميدي العبدالله

تمكّن الجيش السوري من الوصول إلى الحدود الإدارية لقضاء منبج وبات على تماس مباشر مع وحدات الحماية الكردية.

بعد هذا الإنجاز الذي قاد إلى دحر داعش وقطع التواصل المباشر بينه وبين الجيش التركي باتت القوات التركية الغازية في جيب جرابلس الباب محاصرة، باستثناء مقطع الحدود الذي يمتدّ من جرابلس إلى حدود قضاء عفرين. الآن القوات التركية محاصرة من ثلاث جهات، من شرق الفرات عين العرب حيث تسيطر الوحدات الكردية، ومن جنوب الباب وجرابلس حيث يسيطر الجيش السوري ووحدات الحماية الكردية، ومن الغرب حيث وحدات الحماية الكردية والجيش السوري في المناطق التي تقع جنوب اعزاز وصولاً إلى قضاء عفرين.

وبات واضحاً أنّ توزّع السيطرة في هذه المنطقة على هذا النحو أدخل القوات التركية في مأزق كبير لا خروج منه إلا في حال السيطرة على منبج وعين العرب ودون ذلك معركة كبرى مع الأكراد، إضافة إلى التقارير التي أشارت إلى انتشار قوة أميركية بين الطرفين لقطع الطريق على أيّ صدام بينهما، أو الهجوم على مناطق سيطرة الجيش السوري، وأيضاً دون ذلك معركة أكبر وأشدّ مع الجيش السوري وحلفائه وعلى رأسهم القوة الجوفضائية الروسية.

لا شك أنّ وضع القوات السورية بات مريحاً أكثر من أيّ وقت في هذه المناطق على الرغم من سيطرة الجيش التركي على مدينة الباب، إذ أنّ سيطرة الجيش التركي على الباب أسقطت إمكانية استجابة وحدات الحماية الكردية للتحريض الأميركي ضدّ الدولة السورية، ووفر خطر الجيش التركي على الأكراد وعلى سورية أرضية سياسية استراتيجية للعمل بشكل مشترك، وباتت القواسم المشتركة أكثر من قضايا الخلاف التي كادت أن تعصف في العلاقة بين الطرفين في مدينة الحسكة تحت تأثير التحريض الأميركي في عام 2016.

اليوم أكراد عفرين مطوقون من كلّ الجهات من قبل تركيا والجماعات المسلحة المرتبطة بها وليس أمامهم من خيار سوى التعاون مع الدولة السورية لكي لا يقود حصارهم إلى المجاعة والاستسلام، وهذا يفرض على الأكراد التعاون مع الدولة السورية في مناطق أخرى.

كما أنّ تجربة العمل والتعاون في محافظة الحسكة، وتحديداً في مدن الحسكة والقامشلي، بين الدولة والأكراد، تؤكد إمكانية التعايش والتعاون بين وحدات الحماية الكردية والجيش السوري لمواجهة خطر التنظيمات التكفيرية والخطر التركي. بل أكثر من ذلك أنّ اتصال قوات الجيش السوري مع وحدات الحماية الكردية في منبج أتاح فرصة فتح طريق بري بين الحسكة ودمشق وبقية المحافظات السورية، وقطع الطريق على أيّ محاولة لفرض الحصار على محافظة الحسكة من أيّ جهة كانت، وسيشكل ذلك أرضية مناسبة لزيادة التعاون بين الدولة السورية والأكراد.

هذه التطورات الناجمة عن التحوّلات الميدانية التي شهدها الريف الشمالي لحلب ساهم في خلق معادلات جديدة تصبّ في مصلحة جهود الدولة السورية للحفاظ على وحدة الأراضي السورية وتطهرها من الإرهاب والمسلحين المرتبطين بتركيا والدول الغربية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى