مشروع القرار الفرنسي… مناورة سياسية

أحمد مرعي

صوّت مجلس الأمن الدولي أمس، على مشروع قرار فرنسي في ظاهره، وأميركي في حقيقته، فكانت نتيجة التصويت 9 دول مع القرار، من بينها دول عربية مثل السعودية، مقابل 6 دول ضدّ القرار. وبطبيعة الحال كان التوازن القانوني الذي تفرضه روسيا والصين حاضراً، حيث تمّ استخدام حق النقض الفيتو من قبل الصين وروسيا ضدّ هذا القرار. وبالتالي تمّ إفشال تمرير مشروع القرار. وأمام هذا الفشل المتتالي للحلف الغربي في مجلس الأمن ذهبت دول هذا الحلف إلى القول بأنّ ثمة دولاً أوروبية وأميركية ستتخذ وبشكل أحادي قرارات ضدّ سورية ومن خارج مجلس الأمن، وإنْ كانت هذه القرارات غير ملزمة.

ثمة أسئلة عديدة تُطرح حول خطوة تقديم مشروع القرار، أولها… لماذا عادت قضية السلاح الكيميائي السوري إلى الواجهة اليوم؟ وعلى أيّ أساس تعود هذه القضية؟ علماً أنّ مشاريع قرارات سابقة طُرحت حول هذا الموضوع، وأيضاً تمّ استخدام الفيتو ضدّها، كذلك التحقيقات التي على أساسها تمّ تقديم هذه المشاريع وتمّ دحضها من قبل فيتالي تشوركين في جلسة سابقة، قبل وفاته، حيث أكد بأنّ التحقيقات التي جرت في شأن السلاح الكيميائي غير جدّية ولم تُبنَ على حقائق ووقائع ميدانية، وتمّ الاستناد فيها إلى آراء من المعارضات المزيّفة، وكذلك شخصيات غربية غير حقيقية.

كذلك، ثمة سؤال آخر يُطرح في هذا الشأن، ألا تعلم فرنسا وأميركا بأنّ روسيا والصين ستستخدمان حق الفيتو؟ الجواب بكلّ تأكيد هو نعم، ولكن لنلاحظ توقيت تقديم مشروع القرار، تمّ تقديم القرار في اليوم السادس من جولة المفاوضات التي يخوضها وفد الجمهورية العربية السورية مع المعارضات المؤلّفة من منصات مختلفة. ما لا شك فيه أنّ الهدف من مشروع هذا القرار هو معاقبة الحكومة السورية والضغط عليها في هذا الوقت، وهي مناورة سياسية أكثر منها فرض عقوبات، ومحاولة لإرباك الموقف السوري في جنيف، خاصة أنّ الدول الداعمة للمشروع، كما قلنا، تعلم جيداً أنّ الروسي والصيني سيستخدمان الفيتو.

كما أنّه من غير المقبول إطلاقاً اشتمال جزئية من مشروع القرار تضع تنظيم داعش الإرهابي بمثابة الجيش السوري، مع تحييد دور جبهة النصرة الإرهابي، في محاولة غربية أخرى، من خلال هذا المشروع، تبييض دور النصرة التي استخدمت الأسلحة الكيميائية وغاز الكلور في مرات عديدة ومواضع مختلفة في سورية.

في المحصلة، لا يزال الحلف الغربي يعمل على تحقيق خرق ما في الموقف السوري الصلب الذي بُني على نتائج ميدانية عزّزت موقفه وموقعه السياسي أثناء الحديث عن أيّ عملية مفاوضات تجري أو ستجري مستقبلاً. وبتقديرنا طالما أنّ هذا التوازن القانوني في منظمة الأمم المتحدة حاضر بهذه القوة، إلى جانب القوة الميدانية التي تملكها سورية وحلفاؤها فلن يستطيع أيّ طرف أن يضعف الموقف السوري.

نائب/ وعضو المكتب السياسي في الحزب السوري القومي الاجتماعي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى