يوم مفصليّ في جنيف وغاتيلوف التقى مُمثّلي الوفود ولا مواقف موحّدة… الجعفري ودي ميستورا لم يتوصّلا إلى اتفاق بشأن مكافحة الإرهاب

دخلت مفاوضات جنيف -4 أمس، يومها السابع وسط حراك روسي إيراني ملحوظ أدّى إلى إعادة خلط أوراق التفاوض بين الوفود المشاركة. ولا يبدو أنّ هناك آليّة للاتفاق على التفاهمات التي يمكن أن تشكّل أرضيّة لتفاوض جدّي، حيث تتراوح الطروحات بين أولويّة محاربة الإرهاب إلى الانتقال السياسي. ولعلّ أبرز اللقاءات هي تلك التي أجراها أمس نائب وزير الخارجية الروسي غنادي غاتيلوف مع منصّتي «الرياض» والقاهرة»، من دون أن يكون هناك نتائج واضحة.

وعقد الوفد السوري برئاسة الدكتور بشار الجعفري أمس، جلسة محادثات جديدة مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سورية ستيفان دي ميستورا في مقرّ الأمم المتحدة بجنيف، في إطار الجولة الرابعة من الحوار السوريّ السوريّ. وصرّح مصدر مُقرّب من الوفد السوري، أنّ الجعفري ودي ميستورا أخفقا في التوصّل إلى اتفاق بشأن إجراءات مكافحة الإرهاب في سورية، موضحاً أنّ دي ميستورا يرفض إدراج مناقشة موضوع مكافحة الإرهاب على جدول أعمال مفاوضات جنيف، مع أنّ الوثيقة الإجرائيّة المقدّمة منه سابقاً لم تستبعد إمكانيّة مناقشة هذا الموضوع.

وتابع أنّ المبعوث الدولي الخاص، يرى أنّ ملف مكافحة الإرهاب يجب أن يتمّ بحثه في إطار المفاوضات الجارية في العاصمة الكازاخستانية أستانة، بينما تصرّ الحكومة السورية على ضرورة طرح هذه المسألة في جميع الساحات.

وبحسب المصدر، اقترح دي ميستورا على الجعفري العودة إلى حوار جوهري حول جوانب التسوية السياسية بعد إجراء جولة دوريّة من مفاوضات أستانة، حيث يمكن، برأي دي ميستورا، حلّ المسائل المتعلّقة بمكافحة الإرهاب.

وكان غاتيلوف التقى أمس، ممثّلي الهيئة العليا للمفاوضات منصّة الرياض ، وأفادت بعثة موسكو لدى المنظّمات الدولية أنّ غاتيلوف أجرى مشاورات مع وفد «منصّة القاهرة»، وتبادل الطرفان الآراء حول تسوية النزاع في سورية.

وفي وقتٍ سابق من أمس، أعلن نصر الحريري، من منصّة الرياض، أنّ وفد الحكومة السورية وافق على بحث مسألة الانتقال السياسي في سورية بفضل الضغط الروسي. وأوضح خلال مؤتمر صحافي عقده في جنيف، أنّ المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، أبلغ الهيئة العليا للمفاوضات بأنّ وفد الحكومة السوريّة وافق على مناقشة جدول الأعمال المطروح بما في ذلك الانتقال السياسي، وذلك بفضل الضغط الروسي، بحسب ما نقلت وكالة «رويترز».

من جهةٍ أخرى، أفادت البعثة الروسيّة في جنيف بأنّ نائب وزير الخارجية الروسي غاتيلوف عقد أمس، لقاءً جديداً مع رئيس وفد الحكومة السوريّة بشار الجعفري لبحث سير المفاوضات في جنيف.

من جهتها، أعلنت «منصّة موسكو» على لسان أحد أعضائها نمرود سليمان، أنّ هذه الجولة من المفاوضات ستنتهي غداً، وقد تُستأنف في 20 من الشهر الحالي.

وقال سليمان في حديث لوكالة «نوفوستي» الروسية: «يرى المبعوث الأممي الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا، إنهاء هذه الجولة يوم الجمعة المقبل».

وفي السّياق نفسه، كشفت مصادر صحافيّة عن لقاء رئيس دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخارجية الإيرانيّة، جميد رضا دهقاني، منصّة موسكو المعارضة في جنيف. وبحسب المصادر، فإنّ الهدف من هذه الزيارة هو الاطّلاع على رؤية الوفد في ما يخصّ الحلّ في سورية ومسار هذه الجولة من المحادثات. ولم يقدّم المسؤول أيّ اقتراح أو خطّة بشأن هذه المحادثات، بل اقتصرت زيارته على الاستماع إلى الوفد.

وزير الخارجية العراقي: الإرهاب يطال الجميع

وأكّد وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري، ضرورة ضرب الإرهاب أينما وجد، وقال: «إنّ العراق يضرب الإرهاب أينما وجد بالتعاون مع سورية، وما يضرّ بها يضرّ بنا».

وأضاف في تصريح من جنيف: «نحن من نحارب الإرهاب منذ سنوات، بغضّ النظر عن مواقف الدول منه. وأيّ تفهّم من الدول لخطر الإرهاب وأولويّة محاربته، نرحّب به».

وتابع: «نوجّه النصيحة لتركيا بأنّ الإرهاب سيطال الجميع، وعلى كلّ دول العالم أن تضع في سلّم أولويّاتها الخطر الإرهابي بأنّه لا يمكن السكوت عنه»، داعياً إلى عدم المراهنة على الإرهابيّين لأنّ أحداً لن يكون في مأمن من خطرهم».

وأشار الجعفري إلى أنّ العراق دعا منذ وقت مبكر إلى توحيد كلّ الجهود الوطنيّة والإقليمية والدولية ضدّ تنظيم «داعش» الإرهابي، «انطلاقاً من ضرورة ميدانيّة»، بعدما أثبت الواقع أنّ هذا التنظيم الإرهابي يشكّل خطراً حقيقياً و«استراتيجياً» على كلّ شعوب المنطقة، لافتاً إلى أنّ بعض الحكومات تأخّرت في إدراك هذه الحقيقة.

ورأى الجعفري أنّ الردّ على تنظيم «داعش» الإرهابي يجب أن يكون «معولماً»، وقال: «نبارك أيّ خطوة من شأنها أن تضاف إلى كفّة السِّلم والأمن ضدّ «داعش»، سواء صدرت من هذه الدولة أو تلك، لأنّنا نعتقد أنّ «داعش» يشكّل خطراً عالمياً، وأي ردّ عالمي يرقى إلى مستوى هذا الخطر فنحن نباركه».

مصر تندّد باستمرار دعم الإرهاب

ندّد وزير الخارجية المصري سامح شكري باستمرار تدفّق السلاح والأموال إلى التنظيمات الإرهابيّة في سورية، مؤكّداً ضرورة التوصّل إلى حلّ سياسي للأزمة.

وقال شكري في كلمته أمام الدورة الرابعة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في مدينة جنيف السويسرية: «إنّ مصر تولي اهتماماً خاصّاً بأمن واستقرار الشعب السوري، وتجدّد دعوتها إلى حقن الدماء السوريّة»، مضيفاً أنّ بلاده تؤكّد «على ضرورة التوصّل إلى حلّ سياسي يلبّي تطلّعات الشعب السوري، والتنديد بما يتدفّق من سلاح وأموال إلى الجماعات الإرهابيّة».

لافروف: محاربة الإرهاب أساس لنجاح التفاوض

في سياقٍ متّصل، جدّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، دعم موسكو للمصالحة بين سورية وجيرانها في المنطقة، وقال خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره النيجيري أمس، ردّاً على سؤال حول إمكانيّة المصالحة بين دمشق وجيرانها في المنطقة: «نحن ندعم مثل هذه المصالحة بحماسة». وتابع: «في نهاية المطاف، عليهم أن يعيشوا جنباً إلى جنب، وأمامهم عدو مشترك وهو الإرهاب والتطرّف».

وأضاف لافروف، أنّ إمكانيات الحوار بين دمشق وجيرانها، ولا سيّما الحوار البراغماتي غير الرسمي، أصبحت محدودة بقدر كبير منذ تجميد عضوية سورية في جامعة الدول العربية في بداية الأزمة السورية. وتابع أنّ بعض العرب يقرّون اليوم، خلال اتصالاتهم الخصوصيّة مع موسكو، بأنّ هذا القرار كان خطأ.

وبشأن العملية السياسية السورية في جنيف، أصرّ لافروف على ضرورة تحديد دائرة المشاركين الشرعيّين في المفاوضات، ومنع تسلّل متطرّفين يمثّلون التنظيمات المصنّفة دولياً كإرهابيّة إلى العمليّة السياسيّة.

واعتبرَ الوزير الروسي، أنّ جدول أعمال المفاوضات في جنيف تحدّده قرارات مجلس الأمن الدولي، ولا سيّما القرار رقم 2254، آملاً «عدم إحباط عملية جنيف، وأن تواصل بجانب عملية أستانة لعب دور مهم في التحرّك حول تسوية الأزمة السوريّة».

وأضافَ لافروف «أنّ جميع عناصر جدول الأعمال هذه مترابطة، وفي حال شطب موضوع محاربة الإرهاب منها، لم تعد الأجندة تتناسب مع متطلّبات القرار رقم 2254».

واستطرد لافروف قائلاً: «حسب المعلومات التي تصلني، بدأ المشاركون في مفاوضات جنيف يدركون ضرورة البحث عن مقاربات تتناسب مع القرار رقم 2254، بما في ذلك ضرورة محاربة الإرهاب».

وتحدّث لافروف عن مواضيع الحوار في جنيف بتفاصيل أكثر، قائلاً: «يشمل جدول الأعمال في جزئه المتعلّق بالعملية السياسية، ضرورة وضع رؤية مشتركة لإدارة سورية في المرحلة الانتقالية، والتوصّل إلى اتفاق حول تشكيل حكومة وحدة وطنيّة من نوع ما، ويجب القيام بذلك وفق مقتضيات القرار رقم 2254، على أساس توافق شامل بين الحكومة وكافّة أطياف المعارضة، ومِن ثمّ يجب أن تشمل العمليّة السياسية صياغة دستور سورية الجديد بجهود جماعيّة، وإجراء انتخابات مبكرة عامّة على أساس الدستور الجديد».

وذكّرَ بأنّ القرار نفسه يطالب بمحاربة الإرهاب بلا هوادة، وبتنصّل المعارضة المعتدلة من أولئك الذين اختاروا طريق الإرهاب والتطرّف، باعتبار ذلك بنداً مهمّاً للغاية ذا أولويّة لدى تنفيذ القرار.

وتابع لافروف أنّه سيكون من الصعب للغاية تنفيذ كافّة البنود الأخرى للقرار حتى تحديد دائرة المشاركين الشرعيّين للعملية السياسية، وأكّد أنّه من الصعب ضمان مشاركة كافّة الطوائف والمجموعات الإثنيّة والسياسية السورية في إدارة البلاد في مرحلة ما بعد الإصلاح، حتى تتوصّل الأطراف السورية إلى اتفاق حول الدستور الجديد. وتجري هذه الجولة من المفاوضات التي انطلقت رسميّاً مساء الخميس 23 شباط الماضي، بمشاركة وفد الحكومة السوريّة برئاسة مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، ووفد يمثّل الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن منصّة الرياض للمعارضة السوريّة، وكذلك وفدَي منصّتي القاهرة وموسكو اللتين رفضتا الانضمام إلى فريق الهيئة العليا، الذي يصف نفسه بالوفد الوحيد للمعارضة في مؤتمر جنيف -4، واقترح مقعداً واحداً فقط لمجموعتَي موسكو والقاهرة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى