الجيش السوري يدخل تدمر… و«الإرهاب» بند جنيف الأول رغم «الرياض» عون لن يقبل بتمديد تقني قبل إقرار قانون جديد… وتشاور حريريّ جنبلاطيّ

كتب المحرّر السياسي

خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب المطوّل أمام الكونغرس كان خالياً، وفقاً للمراقبين، من المعارك وعلى قدر من الهدوء الذي يفتح باب رسم السياسات. وقد علّقت موسكو بالترحيب بالخطاب بانتظار الأفعال، كما قالت. بينما خلا الخطاب من الحديث عن روسيا كخصم، وتجاهل الدولة السورية التي اعتاد سلفه باراك أوباما وضع مواعيد لرحيل رئيسها في كل إطلالة مشابهة، كما تجاهل حزب الله حاصراً حديثه عن الإرهاب بتنظيم القاعدة وداعش، وفي العلاقة مع إيران حصر الخلاف بالملف الصاروخي متجاهلاً الملف النووي كقضية.

تزامنت إشارات ترامب مع نجاحات سجلها الجيش السوري في الميدان على جبهتي الشمال والوسط بتقدّمه نحو قلعة تدمر وانتزاعها من قبضة داعش، وتقدّمه شمالاً إلى خط تماس مع الانتشار الأميركي قرب منبج، ما استدعى استعانة أميركية بالتواصل مع موسكو لمنع وقوع أحداث ناجمة عن عدم التنسيق، بعد بيان اتهم الطيران الروسي بقصف مناطق سيطرة جماعات تدعمها واشنطن ونفي روسي للاتهام.

في جنيف بدت جماعة الرياض الفاقدة للقدرة العسكرية، فاقدة للقدرة السياسية رغم الأكاذيب عن منجزات يروّج لها وفدها، بعد لقاءاته مع نائب وزير خارجية روسيا غينادي غاتيلوف والمبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، ما استدعى منهما الرد بتأكيد التفاهم على إدراج بند مكافحة الإرهاب كقضية أولى على جدول أعمال المحادثات بعد رفض متواصل لوفد الرياض، والتمسك بتسمية البند السياسي بـ»شؤون سياسية»، خلافاً لما أشاعه وفد الرياض عن التوصل لوضع بند تحت عنوان «الانتقال السياسي».

لبنانياً، قالت مصادر مطلعة لـ«البناء» إن خيار التمديد التقني للمجلس النيابي لستة شهور تحت باب تضمينه التزام المجلس بإنتاج قانون جديد خلال هذه المهلة سقط من التداول، بسبب إصرار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على ربط أي تمديد تقني بصدور قانون جديد يستدعي مهلاً إضافية لوضعه قيد التطبيق وإلا صار التمديد سياسياً، وهذا غير وارد، وفقاً للاءات التي صاغها رئيس المجلس النيابي مجدداً بلا للتمديد ولا للستين ولا للفراغ، ونعم لقانون جديد. والقانون الجديد صار قدراً لا مفر منه قبل نهاية ولاية المجلس النيابي، وربما يساعد هذا في تيقّن القوى السياسية المعنية من حتمية إنتاجها قانوناً جديداً، وبالتالي لا جدوى الرهان على تقطيع الوقت لملاقاة نهاية الولاية وفرض تمديد لستة شهور يتمدد مرة ثانية ريثما تتبلور، بالنسبة للبعض المعني بالحسابات الإقليمية واستيضاح حدود اندفاعات الرئيس الأميركي في مواجهة إيران، واستكشاف كيفية تعامله مع الملف السوري، ووفقاً للمصادر نفسها، هذا ما يفسّر الحركة المتسارعة نحو البحث عن صيغ توافقية للقانون الجديد، بعدما نام البعض على حرير التأجيل برهان التمديد التقني المكرّر ستة بستة مرّتين.

جنبلاط في السراي مستطلعاً

وفي ما تردّد أن الرئيس سعد الحريري يدرس بشكلٍ جدّي قانون النسبية على أساس الدائرة الانتخابية الواحدة، وأنه طلب ضمانات من حزب الله والتيار الوطني الحر تتعلّق برئاسة الحكومة مقابل السير بالنسبية، قصد رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط السراي الحكومي لاستطلاع الأمر عن كثب وهو الذي لم ينسَ بعد التسوية الرئاسية التي ذهب اليها الحريري منفرداً وأدت الى انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، ويخشى أن يكرر الحريري «الخطيئة» نفسها مرة أخرى ويوافق على قانون النسبية الذي يرفضه جنبلاط بشكل قاطع.

وأكد جنبلاط بعد لقائه الحريري أمس، ضرورة التوصل الى قانون انتخابي يؤكد على الشراكة والمصالحة ولا يخلق توترات. وهذا اتجاه الجميع. وأشار إلى أننا «في الجبل القضية ليست عدد نواب بالنسبة للقاء الديمقراطي، بل قضية تأكيد على هذه الشراكة مع القوات والكتائب والتيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل والجماعة الاسلامية وباقي الأفرقاء من أجل تثبيت مبدأ الشراكة». ولفت جنبلاط إلى أننا «نتقدم نحو الستين معدلاً وهو شيء من المختلط»، وأكد العلاقة الجيدة مع الرئيس عون وأن لا مانع من زيارته في بعبدا.

وفي المقابل اعتبر الحريري لدى مغادرته السراي الحكومي أنه «إذا لم تقرّ حكومتنا قانون انتخاب جديد فتكون فشلت، ولا يعتقدنّ أحد أن تيار المستقبل ضعيف وأنه لا يريد الانتخابات، فهو قوي وموجود في لبنان كله»، مؤكداً «أنني أريد قانون انتخابات جديداً وهناك صيغ عدة تتم مناقشتها بإيجابية من كل الفرقاء ونريد أن تكون هناك انتخابات».

وفي تصريح له، لفت الحريري إلى أن «أهم ما في الحوارات ان الجميع يعلم انه يجب التوافق على قانون»، مشيراً إلى «أننا نعقد جلسات متتالية للموازنة وسنكمل الاسبوع المقبل للانتهاء منها في أقرب وقت ممكن».

ويأتي اللقاء، بحسب ما أشارت مصادر لـ«البناء» في إطار التنسيق الدائم بين الحريري وجنبلاط في كافة الصعد لا سيما ملف قانون الانتخاب الذي كان محور النقاش الذي دار بين الطرفين، كما استعرضا الجهود التي تبذل من خلال اللقاءات بين القوى السياسية للتوافق على قانون جديد، وأكدا ضرورة استمرار التواصل بين المكونات كافة للتوصل الى صيغة انتخابية يوافق عليها الجميع ولا يمكن فرض هذا الأمر على الآخرين». ولفتت المصادر الى أن «لا علاقة للزيارة التي حدّدت منذ أيام بما سرّب عن صفقة يسعى إلى عقدها الحريري بموضوع قانون الانتخاب».

وأشار مصدر نيابي في تيار المستقبل لـ«البناء» الى أن «التيار لا يزال يتمسك بالصيغة الثلاثية المختلطة لكنه لم يعلن يوماً أنه يرفض أي صيغة أخرى بما فيها النسبية»، وأوضح أن «التيار مستعد لبحث النسبية الكاملة ونقاش في نقاط الخلل والنقاط الإيجابية فيها»، وشددت على أن «قانون الانتخاب لن يمر الا عبر توافق جميع المكوّنات وليس عبر تهديدات من هنا أو هناك».

.. والمشنوق ينفي

وفي حين أكد أكثر من مصدر نيابي في التيار الوطني الحر إعلان الحريري بأن لا مانع لديه من الموافقة على النسبية الكاملة وأنه يريد تطمينات بعيداً عن أي مقايضات، نفى وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الحديث عن مقايضة الحريري في قانون الانتخاب، مشيراً الى أن «وجود الحريري في رئاسة الحكومة هو حق بسبب حجم تمثيله وعدم قدرة أحد على تجاوزه لا سابقاً ولا لاحقاً». وجدد عدم قناعته «بإمكان التوصل الى قانون انتخاب جديد قبل موعد الانتخابات النيابية المقبلة».

وعن التأجيل التقني، قال المشنوق: «حسب الوقت أولاً، إذا أقر القانون في أيار فلا يمكن إجراء الانتخابات في 21 أيار. وثانياً حسب طبيعة القانون، هل هي سهلة وبسيطة، ويمكن ايجاد آلية يتدرب عليها الموظفون والقضاة ورؤساء الأقلام بسرعة ويعتاد عليها المواطنون».

واستبعدت مصادر نيابية لـ«البناء» أن يسير الحريري بالنسبية الكاملة التي قد تؤدي الى خسارته عدداً كبيراً من المقاعد المسيحية والسنية».

ووفقاً لنواب مستقبليين تضيف المصادر أن «الحريري مستعد أن يوافق على أي قانون يحصد من خلاله 22 نائباً ما يؤهله بأن يعود رئيساً للحكومة وأن لا يتقلص حجم كتلته البالغ 34 عن 12 نائباً».

ولفتت المصادر نفسها الى أن «التأجيل التقني لمدة 3 أو ستة أشهر هو الحل الوحيد في حال لم يتم التوافق على قانون جديد. وفي هذه المدة ربما يتوصل الاطراف الى هذا القانون، وحينها يمدد للمجلس النيابي الحالي تقنياً ضمن القانون الجديد».

تفاؤل في بعبدا

ولا يزال التفاؤل في بعبدا سيد الموقف حيال قانون الانتخاب، ونقل زوار رئيس الجمهورية عنه لـ«البناء» أن «الرئيس عون متفائل حيال إقرار قانون جديد ومصرّ على إنجازه. وهو سيستعمل جميع صلاحياته للضغط في هذا الاتجاه، كما أنه سيدعو الحكومة فور الانتهاء من ملف الموازنة الى مناقشة وإعداد مشروع قانون انتخاب وإحالته الى المجلس النيابي»، كما نقلوا عنه تصميمه على مكافحة الفساد الذي ورد بخطاب القسم».

ونوّه العماد عون، بـ»العمل الذي تقوم به وزارة الدولة لشؤون مكافحة الفساد»، مؤكداً أن «مسيرة الإصلاح انطلقت وهي لن تتوقف، لأنها تتجاوب مع رغبة جميع اللبنانيين التواقين الى وطن تسوده العدالة والمساواة».

بري: لا للتمديد والفراغ والستين

وفي غضون ذلك رفعت عين التينة لاءات ثلاث، لا للتمديد ولا للستين ولا للفراغ النيابي، ونقل النواب عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري في لقاء الأربعاء أمس، رفضه «التمديد للمجلس الحالي، كما قانون الستين والفراغ». وأشار بري الى أن «المطلوب العمل من أجل إقرار قانون جديد بأسرع وقت قبل الدخول في المحظور بعد الدخول في نيسان المقبل». مجدداً القول «إن على الحكومة مناقشة وإقرار مثل هذا القانون وإحالته الى المجلس، مع الإشارة الى أن أولى مهامها هو هذا الموضوع».

ورأى بري «أن المصلحة الوطنية تقتضي الوصول الى قانون انتخاب يعتمد النسبية لأنه بمثل هذا القانون نتجاوز الطائفية ونحافظ على الطوائف»، وفي سياق آخر شدّد بري على إقرار الموازنة بعد كل هذه السنوات من غيابها، مؤكداً في الوقت نفسه على إقرار سلسلة الرتب والرواتب التي هي حق لأصحابها، وأشار الى أن اجتماع اللجان النيابية المشتركة يندرج في إطار استكمال ما بدأه المجلس في درس السلسلة».

ونقل زوار رئيس المجلس عنه لـ«البناء» وجود إيجابيات على صعيد قانون الانتخاب قد تؤدي الى الاتفاق على قانون جديد، لكن لم يفصح عنها، كما شدّد على ضرورة أن تنجز الحكومة قانون انتخاب وترسله الى المجلس وبدوره سيحيله الى اللجان المشتركة لدراسته ثم الى الهيئة العامة لإقراره».

كما نقل الزوار رفض بري الشديد للفراغ في المجلس النيابي الذي يشكل مصدر السلطات وتأكيده اليوم ذلك هو حث الحكومة على إنجاز القانون الجديد، ونقل عن بري أيضاً تأكيده صحة ما نشر أمس في الصحف حول موافقة الرئيس الحريري على النسبية، لكنه نفى عرض الحريري صفقة النسبية مقابل استمراره في رئاسة الحكومة.

الموازنة الجمعة بلا السلسلة

وعلى صعيد آخر، استكمل مجلس الوزراء دراسة بنود مشروع الموازنة، في جلسة عادية عقدها أمس في السراي الحكومي بعد اكتمال النصاب المطلوب، برئاسة الرئيس الحريري.

ووصل المجلس الى البند 82 حول تقسيط الديون المترتبة على الدولة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ولم يبتّ البند 83 بشأن المرامل والكسارات، حيث دار نقاش طويل بين الوزراء وطالب بعضهم بتشجير الكسارات حماية للبيئة، بينما توقعت مصادر وزارية لـ«البناء» أن تشهد الجلسة المقبلة نقاشاً صعباً وطويلاً حول بند الكسارات.

وفي حين قذفت الحكومة كرة السلسلة الى المجلس النيابي لغياب أي توافق نهائي حيالها في مجلس الوزراء، توقعت المصادر أن تقر الموازنة في جلسة الجمعة المقبل لكنها أوضحت أن «سلسلة الرتب والرواتب والإيرادات المتعلقة بها ستحيلها الحكومة الى المجلس النيابي لدراستها كي لا يحصل تضارب بين مجلسَي الوزراء والنواب». ولفتت المصادر الى أن الجلسة كانت منتجة وإيجابية وأقرت كامل بنود جدول الأعمال ولم تشهد اي سجالات أو خلافات بين الوزراء. ولفتت الى أن السياسة الضرائبية تتجه الى فرض ضرائب على أرباح المصارف والعقارات لتمويل العجز في الموازنة، بينما رفض وزراء رئيس الجمهورية وحزب الله وحركة أمل ووزراء آخرون فرض ضرائب جديدة تطال الشرائح الشعبية الفقيرة».

ولم يتطرق المجلس الى موضوع خصخصة قطاع الكهرباء الذي طرحه وزراء حزب القوات.

واعتبر وزير المال علي حسن خليل عبر تويتر: أن «ما أنجز اليوم يؤكد أن الموازنة تسير جدياً نحو الإقرار وأن لا ضرائب تطال الفقراء أو تؤدي الى مشكلات اقتصادية ومالية»، بينما أشار وزير الدفاع يعقوب الصراف أن «قائد الجيش الحالي العماد جان قهوجي باقٍ في موقعه حتى يعيّن مجلس الوزراء قائداً جديداً».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى