كيف نستعيد ونعزّز مكانة الدراما السورية؟
المخرج نجدة إسماعيل أنزور
لعل أكثر ما يساعد في تكريس النجاح واستمراره، دراسة التجربة لمعرفة نقاط ضعفها لتلافيها ونقاط قوتها لتعزيزها، وإذا ألقينا نظرة إلى الخلف سنجد أن سر النجاح الذي حققته الدراما السورية خلال العقد الأخير من القرن الماضي والعقد الأول من القرن الحالي، ينبع من ثلاثة عوامل أساسية: النص، المكان، الكادر الفني. هنا لا بد لنا من أن نعترف أن هذه المكونات الثلاثة قد تأثرت إلى حد كبير بالحرب الظالمة التي تشن على بلدنا سورية، فكثير من الكتاب الجادين غادروا أو لاذوا بالصمت، أما المكان السوري الذي يتسم بمناخ معتدل يساعد في التصوير في كل أيام العام، وينطوي على جماليات عريقة تراكمت فيه على مدى قرون، فقد أصيب بجروح ورضوض يتطلب الشفاء منها وقتاً قد يقصر وقد يطول. كما نزفت الحياة الدرامية السورية عدداً من خيرة الفنانين والفنيين لأسباب لا مجال لمناقشتها الآن.
ولكي نوقف هذا العدوان الثلاثي على حياتنا الدرامية ونحفظ لدرامانا مكانتها المتقدمة في طليعة الدراما العربية ونوقف انزلاقها نحو العادية والتكرار، نقترح ما يلي:
– إيلاء السيناريو أهمية خاصة وحثّ الكتاب على كتابة نصوص تطرح فكراً جديداً يناسب المرحلة التي تمر بها سورية الآن، بحثاً عن حلول وصياغات درامية جديدة بعيدة من الاستسهال والنَفس التجاري، والتركيز على قوة القصة التي تعالج بدراية وعمق المشاكل الجديدة للمجتمع بأشكال وصياغات فنية مبتكرة، وهذه المسؤولية لا تقع على عاتق كاتب السيناريو وحده، بل يتحمل مسؤوليتها على قدم المساواة كل من المنتج والمخرج أيضاً.
لتحقيق هذا الهدف نرى أنه لا بد من إعادة هيكلة «المعهد العالي للفنون المسرحية» بحيث يصبح «أكاديمية عليا للفنون الدرامية» تتضمن إلى جانب قسمي التمثيل والنقد، أقساماً جديدة يأتي على رأسها قسم كتابة السيناريو، فهذا من شأنه أن يرفد الحياة الفنية بدماء جديدة، ولكي يتحقق الهدف من هذه الأكاديمية لا بد من أن تكرس لها الإمكانات المادية اللائقة، لتشجيع خيرة العقول على التدريس فيها، إذ من المعيب وغير المعقول أن يصرف للأستاذ الذي يصنع نجوم مستقبل الدراما السورية حوالى ثلاثمئة ليرة لقاء المحاضرة!
– إنشاء لجنة قراءة وطنية مستقلة وفاعلة، خارج التلفزيون العربي السوري، تشارك فيها نخبة من المفكرين والكتّاب والفنانين إلى جانب ممثلي الجهات الرسمية التقليدية، مهمتها قراءة النصوص المرشحة للإنتاج بحيث تحرص على إعطاء التصريح للعمل الجيد وتعمل على عدم تكرار الأفكار والمواضيع، كما تتابع الأعمال قبل عرضها للتحقق من سويتها، وهذا الأمر يجب أن ينسحب على مواقع التصوير والممثلين أيضاً.
– رفع سقف الرقابة وتشجيع المنتجين والمخرجين على تقديم المواضيع كافة التي يمكن أن تُساهم في رفع سويّة الدراما السورية.
-الاستعانة بالوجوه الشابة الموهوبة، بخاصة المؤهلة أكاديمياً، وإعطاؤها الفرص التي تستحق، والتنسيق مع نقابة الفنانين لدعم الفنانين الذين صمدوا في الأزمة بغية تشغيل أكبر عدد من الفنانين الملتزمين بالوطن.
– العمل على تحضير ودراسة ورقة إنتاجية توافق عليها وتوقع على مضمونها كل الجهات الإنتاجية في القطر، بحيث تكون بنودها مُلزمة للجميع.
– العمل على رفع موازنة الشراء سعر الشراء للحلقة التلفزيونية الساعة التلفزيونية من قِبل القنوات السورية، وصرف سعر خاص للأعمال المتميزة بحيث يكون هناك تقديران مختلفان كحد أدنى، بهدف تشجيع المنتجين على تقديم أعمال أفضل.
– فتح باب الرعاية الإعلانية للمسلسلات من خلال المؤسسة العربية للإعلان والقطاع الخاص بحيث تشمل أفضل ثلاثة أعمال تنتج في كل موسم، فهذا من شأنه أن يساعد المنتج في مواجهة ضغوط وحصار التوزيع العربي للمسلسل السوري.