دراما خارج الكوكب

عبير حمدان

يتصاعد التهليل بتزايد الإنتاجات الدرامية اللبنانية التي يظنّ منتجوها أنها تقدّم للمتلقي صورة تقارب المجتمع، ويصرّ بعض الإعلام على منحها علامة ممتاز فقط لأنها لبنانية.

لكن إلى أي مدى تتحرّك شخوص هذه الأعمال أمام الأعين المشدودة نحو ساعة العرض بالشكل التلقائي البعيد عن التكلّف، وهل تشبهنا تلك الحوارات المكرّرة واللهجة الواحدة في بلد لهجاته متنوعة وفق كل منطقة؟!

وعلى أي أساس يتم بناء القصة، إذ إنه من المفترض أن يستوحي الكاتب حكايته من رحم واقع محيط به، وقد نقبل بطرح مغاير للواقع في حال الاقتباس من الخارج، مع العلم أن معظم ما شهدناه في الفترة الأخيرة عبارة عن قصص مقتبسة لا تشبهنا على الإطلاق رغم السعي للبننتها أو تعريبها، حيث إن الشيطان يقيم بين التفاصيل فتصبح الخيانة وجهة نظر والعلاقات المحرّمة حرية شخصية وحاجة إنسانية…

وفي العودة إلى «الإبداع اللبناني» في كتابة الدراما، تخطر في البال جملة من التساؤلات التي قد تبقى الإجابة عليها معلقة. فما هو مفهوم الفضيحة لدى العائلات البرجوازية حين تسعى الجدة إلى إجهاض «خطيبة» ابنها السابقة كي لا تتشوّه سمعة العائلة بـ«الجنين» القادم، والذي لم يسأل والده المفترض إذا كان ادعاء الخطيبة صحيحاً بالدرجة الأولى؟ وكيف يعود أحدهم من الموت فاقداً ذاكرته ولا يتم عرضه على طبيب مختصّ، فيطول السرد والحوارات اللامنطقية وتظهر شخوص جديدة بشكل مفاجئ إلى حد يحملك على الاعتقاد بأن مَن يكتب المسلسل مستمر في «إبداعه» و«ابتكاراته» وفقاً لرؤية المعلن.

في نموذج آخر، شهدنا صورة خيالية للمقاومة المخملية من خلال أحاديث الصالونات الفرنكوفونية، وقصور الأمراء، ربما الهدف الخفيّ لطرح من هذا النوع القول إنه علينا إتقان لغة المحتلّ كي نطرده من أرضنا. وقد نقبل بهذه الفرضية ولكن كيف للكاتب أو المخرج إقناعنا أن إحدى بطلات العمل تعرّضت لحادث سير مميت كانت نتيجته ارتجاج في الدماغ، وتمّ نقلها إلى الـhospital والكلمة مكررة ضمن الحوار، إلا أنها بقيت بكامل وعيها وأناقتها وتمكّنت من إصلاح الأمور العائلية العالقة وهي على فراش العناية الفائقة!!

هو غيض من فيض الأعمال الدرامية المتكاثرة على شاشاتنا، وكل قناة تنسب صفة «الأكثر مشاهدة» إلى نفسها وتفاخر بما ترميه في وجه المتلقي الذي لم يعد قادراً على التمييز بين الدراما اللبنانية والتركية والمكسيكية، حيث يجد البطل الثري الذي يحب البطلة الفقيرة والعكس صحيح، وتبدأ المؤامرة بحقهما لتتشعب الحكاية فتضيع هوية كل منهما ويظهر للبطل نسب مختلف وللبطلة أشقاء من العدم… وفي مكان آخر ينجح البطل في كل غزواته ضد المحتلّ بهيئة أمير معشوق من الجميع لنشعر بأننا خارج الكوكب.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى