الجيش السوريّ في تدمر… وارتباك تركي شمالاً أمام منبج التعيينات بعد الموازنة تسبق قانون الانتخاب… وقانصو ومنصور للنسبيّة

كتب المحرّر السياسي

في ظل العجز عن إحداث اختراقات كبرى في العملية السياسية، بانتظار الوضوح الأميركي وتبلور تفاهم واضح بين واشنطن وموسكو وتقدّم مسار العلاقة السعودية الإيرانية التركية نحو الحوار بعد مناخ التصعيد السائد، صار سقف ما يمكن بلوغه في جولة جنيف الرابعة للحوار السوري السوري هو وضع جدول أعمال صالح لتقلّبات موازين القوى بنظر طرفَي الحرب، المحليين والإقليميين والدوليين، تحت ثنائية الحرب على الإرهاب وصناعة تسوية تنتهي بالاحتكام لصناديق الاقتراع، وفقاً لنص القرار الأممي 2254، وقبيل ختام الجولة الرابعة سارت رياحها وفقاً لوجهة السفينة السورية التي قادها السفير بشار الجعفري بمهارة عالية وحكمة وشجاعة، بينما وقع وفد الرياض في أخطاء قاتلة ترتّبت عليها حالة العزلة والحصار التي وجد نفسه فيها مع محاولاته التملّص من وجود بند خاص بمكافحة الإرهاب على جدول الأعمال، وإصراره على ربطه البحث في أصول الحكم بمصير الرئاسة وليس بالاحتكام للإرداة الشعبية في صناديق الاقتراع، ما استدعى كلاماً روسياً قاسياً حمّله مسؤولية التعطيل في المحادثات، وكذلك تهديداً بفتح المفاوضات المباشرة بين الوفد الحكومي والوفود المعارضة التي ترتضي بند الإرهاب ضمن سلال جدول الأعمال.

بالتزامن مع الإنجاز السياسي الذي حققه الوفد السوري المفاوض في جنيف كان الميدان السوري يحمل المزيد من الأخبار السارة لحساب الدولة السورية باستكمال الجيش السوري تحرير مدينة تدمر والإمساك بها من جهة، وما حملته مواجهات شمال سورية بين قوات سورية الديمقراطية المدعومة أميركياً ودرع الفرات المدعوم تركياً، ترتّب عليها إعلان قوات سورية الديمقراطية التي تتشكل بأغلبها من الأكراد تسليم القرى المواجهة لخطّ انتشار الأتراك في محيط مدينة منبج للجيش السوري والوحدات التابعة له من حرس الحدود، ليعلن الأتراك موقفاً مرتبكاً يتمسّك بدخول منبج ويتفادى التصادم مع الجيش السوري، وفقاً لما قاله وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو.

لبنانياً، حيث النقاش حول قانون الانتخاب على البارد وتأكيد المواقف، أكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير علي قانصو أثناء استقباله وزير الخارجية السابق عدنان منصور ضرورة الاستثمار على إيجابيات الإقرار الجامع بالحاجة لقانون جديد للدفع باتجاه قانون يعتمد النسبية، بينما تتقدّم الموازنة العامة ببطء أمام تعرّجات التوافق على الضرائب والربط بسلسلة الرتب والرواتب، بينما تقول مصادر مطلعة إن التعيينات الأمنية قد نضجت وتنتظر الانتهاء من الموازنة لتبصر النور.

قانصو: قانون الانتخاب أولوية

أكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير علي قانصو أنّ هناك دولاً ترعى الإرهاب، لأنه لا يتناقض مع مشاريعها التقسيمية التفتيتية، ولا يتعارض مع سياساتها الاستعمارية، ما يدفع إلى الاعتقاد بأن لا حلول سياسية قريبة، ما يجعل الركون إلى خيار مواجهة الإرهاب ودفع إخطاره وإجرامه باعتباره خياراً أساسياً واستراتيجياً، خصوصاً في سورية والعراق.

وخلال استقباله وزير الخارجية السابق عدنان منصور في مركز الحزب، رأى الجانبان أنّ الأولوية السياسية يجب أن تتركّز على قانون جديد للانتخابات النيابية، يحقّق صحة التمثيل وعدالته، ويكرّس مفهوم المواطنة، حقوقاً وواجبات، ويحرّر اللبنانيين من كونهم رعايا طوائف ومذاهب.

ودعا قانصو ومنصور إلى الاستثمار في الإيجابيّات المتمثلة برفض معظم القوى السياسية لقانون الستين، وتأكيدها إجراء الانتخابات وفق قانون جديد. وهذا استثمار يصبّ في مصلحة البلد والناس، شرط أن تتوفّر الإرادة الصادقة وتتضافر الجهود.

واستقبل قانصو وفداً من جبهة التحرير الفلسطينيّة برئاسة عضو المكتب السياسي عباس الجمعة،، الذي أكد وحدة الصف وتعزيز العلاقات المميّزة بين اللبنانيين والفلسطينيين، ودعا إلى تحصين الوحدة وتشكيل جبهة شعبية عربية وتثبيت خيار المقاومة في مواجهة المشاريع الصهيونية ـ الأميركية.

مجموعة الدعم تهدّد لبنان

وفي غضون ذلك، عادت مواقف رئيس الجمهورية الى الواجهة من بوابة الرفض الدولي لما أدلى به حيال سلاح حزب الله ودوره في مواجهة الإرهاب عشية زيارته الرسمية الى مصر والأردن.

وفي تسريب يبدو أنه متعمّد ويشكل انتهاكاً للسيادة اللبنانية، في حال صح كلام السفراء، نقلت قناة «أم تي في» أمس، عن مصادر أن «سفراء دول مجموعة الدعم الدولية الخاصة بلبنان قد اجتمعوا في ما بينهم ودرسوا الوضع العام في لبنان وقرّروا التواصل مع وزير الدفاع لإخباره بضرورة الالتزام بالقانون الدولي وإلا ستمتنع بعض الدول عن دعم الجيش». كما نقلت القناة المذكورة أن «السفير الإيطالي في لبنان اعتبر أن كلام عون لا يخدم لبنان والسفيرة الأميركية إليزابيث ريتشارد قالت إن عون تجاوز الخطوط الحمراء، وهدّدت بسحب القوات الدولية من جنوب لبنان، أما سفير فرنسا فاستبعد انعقاد مؤتمر الدول المانحة للبنان بسبب كلام عون».

عون لن يتراجع

وفي المقابل استخفّت مصادر مطلعة بما تسرّب عن سفراء مجموعة الدعم في لبنان، وقالت لـ«البناء»، «أولاً، إن رئيس الجمهورية هو رمز وحدة الدولة والناطق الرسمي بما يجسّد المصلحة الوطنية العليا وقراره مستقل وليس خاضعاً لإملاءات هذا السفير أو ذاك، وأن الأرض في جنوب لبنان حرّرتها المقاومة وليست قرارات الأمم المتحدة ولا سفراء مجموعة الدعم، وإن حماية الأرض المحرّرة تكون في ظل بندقية الجيش وبندقية المقاومة ولا يهوّلنّ أحد على لبنان بهذا الأمر».

ثانياً، تابعت المصادر، «أن للبنان تجربة مريرة مع الأمم المتحدة والدول الكبرى وسفرائها ولا ينسى أحد تلك الليلة الشهيرة التي حاولت فيها وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك مادلين أولبرايت الضغط على رئيس الجمهورية السابق العماد إميل لحود، في المفاوضات التي أدارها يومها رئيس اللجنة العسكرية اللبنانية للتحقّق من الانسحاب «الإسرائيلي» العميد أمين حطيط، ورغم التهويل رفض لبنان الضغط الأميركي وأصرّ على موقفه وانتزع من «إسرائيل» 18 مليون متر مربع، حيث أرادت أميركا والأمم المتحدة حينها إبقاءها محتلة». ثالثاً، أضافت المصادر، «مع كل التقدير والشكر لقوات اليونيفيل لما تقدّمه في الجنوب، إلا أن هناك حقيقة ساطعة بأن حماية لبنان من «إسرائيل» لا تكون عن طريق اليونيفيل، بل بمعادلة الردع التي أرستها المقاومة من خلال الجيش والشعب والمقاومة. ومن يهدّد بسحب اليونيفيل يتحمّل مسؤولية نهاية القرار 1559». رابعاً تقول المصادر نفسها: «في ظل محاصرة تسليح الجيش من قبل سفراء الدول الذي اجتمعوا حول لبنان، هناك مصادر تسليح أخرى يمكن أن يطرق بابها لبنان، مهما كانت الظروف».

وسئلت المصادر توقعها حيال ردّ فعل الرئيس ميشال عون، أجابت أن «عون لم يخطئ حتى يتراجع عن مواقفه، بل نطق بالحق والمصلحة الوطنية. وهو متمسك بذلك وهو صاحب مقولة يمكنكم أن تسحقوني ولن تنتزعوا توقيعي، وبالتالي عون لن يتنازل عن حقّ وطنيّ».

قانون الانتخاب.. محاولة مفصلية

وإذا كان إقرار قانون انتخاب جديد أصبح أمراً محسوماً وحتميّاً في حسابات القوى السياسيّة كافة، وأن جميع محاولات تمرير صيغ مستنسَخة لقانون الستين قد سقطت ورهان البعض على الوقت لاستنفاد المهل الدستورية لفرض التمديد كأمر واقع لم ينجح، بات السؤال اليوم عما هو شكل القانون الجديد وطبيعته، فهل هو النسبية الكاملة أم المختلط أو ما بين المختلط والستين معدلاً، كما أوحى أمس النائب وليد جنبلاط؟

وفي حين رجّحت مصادر وزارية لـ«البناء» أن يقرّ مجلس الوزراء الموازنة في جلسة اليوم التي يعقدها في السراي الحكومي، من المتوقع أن يتفرّغ المجلس في جلساته المقبلة الى موضوع قانون الانتخاب وبتّ ملف التعيينات الأمنية والعسكرية بعد إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري أمس، أن الحكومة ستفشل إذا لم تقرّ قانوناً جديداً.

وبانتظار انتقال الملفّ الى الملعب الحكومي، تستمرّ اللقاءات الثنائية والثلاثية بعيداً عن الأضواء، لبحث الصيغ الانتخابية، بينما علمت «البناء» أن جولة من الاتصالات والاجتماعات ستنطلق الاسبوع المقبل في محاولة مفصلية للتوافق على قانون جديد.

وجدّدت كتلة الوفاء للمقاومة تمسكها بالنسبية الكاملة مع الدائرة الواحدة أو الدوائر الموسّعة، وترى فيها الصيغة الأكثر انسجاماً والتزاماً مع المعايير التي تحقق للشعب اللبناني صحة وشمولاً وفاعلية التمثيل، ويشكل اعتمادها نقلة نوعية في مسار بناء الدولة القويّة وتجديداً في الحياة السياسية وتفعيلاً لها، وصوناً للاستقرار السياسي في البلاد.

وقالت مصادر قيادية في التيار الوطني الحر لـ«البناء» إن «اللقاءات التي حصلت وتحصل بين القوى السياسية بشأن القانون، كانت بمثابة تمهيد وسبر أغوار مواقف الأطراف حيال الصيغ المختلفة وكشفت مكامن الخلل في الصيغ، وتسمح بتذليل العقبات التي قد يضعها أي طرف، وبالتالي كل ذلك سيسهل الاتفاق في الحكومة على قانون جديد». ولفتت الى أن «النسبية ستكون أساسية في معادلة قانون الانتخاب، حيث لم يعُد ممكناً إقرار قانون جديد من دون النسبية الوازنة، أما شكل الصيغة المقبلة، فلم تحدّد بعد وقد تظهر ملامحها في النقاشات التي ستشهدها الحكومة بعد سقوط ثلاثة خيارات، التمديد والستين والفراغ».

وأوضحت المصادر أن «عرض الرئيس الحريري قبول النسبية الكاملة، لم يُطرح بالشكل الذي سرّب في الإعلام، لأن لا رئيس الجمهورية ولا التيار الوطني الحر يقبلان بمنطق الصفقات، خصوصاً في ملف قانون الانتخاب»، ولفتت الى أن «لا رئيس الجمهورية ولا أي طرف آخر، يستطيع ضمان الحريري رئيساً لمجلس الوزراء في جميع حكومات العهد، لكن طالما يحظى الحريري بالأكثرية النيابية والسنية، فنحن نؤيده ولا أحد يستطيع إقصاءه والتعاون الإيجابي بين عون والحريري والحكومة مجتمعة يشكل ضمانة لاستمرار عمل المؤسسات والاستقرار السياسي الذي نعيشه اليوم».

وأكدت المصادر أن «التيار هو من أكثر الأطراف التي تؤيد النسبية الكاملة، والتيار لم ينفصل عن رئيس الجمهورية»، وشدّدت على أن «إعادة رئيس التيار جبران باسيل التلويح بالقانون الأرثوذكسي جاء بعد رفض المستقبل والحزب الاشتراكي للنسبية وطروحات عدة قدمها باسيل. وبالتالي دخلنا في دوامة مفرغة، لكن خيارنا الأول والأساس هو النسبية ولنا مصلحة فيها وهي تحدّد الأوزان والأحجام الحقيقية للأحزاب. ونحن واثقون من قدرتنا التمثيلية الشعبية الواسعة ونخوض الانتخابات على النسبية ونحقق نجاحاً كبيراً من دون الحاجة الى تحالف مع القوات». وتنفي المصادر أن «تكون لدى التيار طموحات للسيطرة على المقاعد المسيحية وإقصاء الآخرين، لكن قاعدة تمثيل التيار واسعة وعلى النظام النسبي لا تحتاج الى التحالف مع القوات لكي تحصد أغلبية المقاعد، لكن وفق النظام الأكثري تحتاج الى ذلك، وبالتالي لدى التيار المصلحة بالنسبية ومستعدّ للسير بها إذا وافقت القوى الأخرى».

وأكد رئيس الجمهورية خلال استقبالاته في بعبدا أن «آلية جديدة لتلزيم المشاريع والمناقصات ستعتمد في الإدارات الرسمية والمؤسسات العامة كلها ترتكز أساساً على الشفافية وحق المنافسة المشروعة ومنع الاحتكار»، لافتاً الى أن «هذه التدابير هي جزء من خطة مكافحة الفساد التي انطلقت مع بداية العهد وبعد تشكيل الحكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري».

وقال: «إن مسيرة التغيير التي انطلقت ستعم جميع القطاعات ولن تتوقف، بل ستطور تباعاً»، معتبراً أن «للخصخصة قواعد وأصولاً وفقاً لكل قطاع، لأن الأولوية هي مصلحة اللبنانيين وخير المجتمع».

تسوية التعيينات نضجت

وفي السياق، علمت «البناء» أن سلّة التعيينات قد نضجت وقد تنجزها الحكومة في جلساتها المقبلة، ورجّحت مصادر عسكرية لـ«البناء» أن يُعيَّن العميد جوزيف عون قائداً للجيش بتزكية من رئيس الجمهورية والعميد عماد عثمان مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي بتزكية من الرئيس سعد الحريري، وإبقاء المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم ومدير المخابرات في الجيش العميد كميل ضاهر في منصبيهما.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى