نمرّ في زمن عصيب والسينما سلاح مسؤول

عبير حمدان

حين يزهر الياسمين تسقط كل الحواجز الترابيّة الهشّة التي طوّقت الحارات العتيقة، وحين نبحث عن أحلامنا نجد أن النبض المقيم بين المنازل والمدارس ورسوم الأطفال يبقى عصياً على المارقين مهما زادوا من عربدتهم.

هنا تقف «ياسمين» الطفلة، معها رفاقها، ولكل منهم حكايته المنعكسة على شظايا المرآة، تلك الطفلة التي كبرت قسراً تشبه زهر الليمون المتساقط على وجه «مياه البحرة» وسط الدار الدمشقية، تختصر بوح الأسوار التي يعربش عليها الياسمين.

«ياسمين» الفيلم الذي وقعه المخرج السوري المهند كلثوم حل ضيفاً مميزاً ضمن فعاليات المهرجان اللبناني للسينما والتلفزيون الذي اختتم أمس، وحصد العمل جائزة الأرزة الذهبية لأفضل فيلم وأفضل إخراج وقد تسلمت الجائزة الزميلة سماهر الخطيب نيابة عن كلثوم، الذي لم يتمكّن من الحضور إلى بيروت إلا أن «البناء» تواصلت معه سعياً منها لتسليط الضوء على مسيرته المهنية وإنجازاته التي نال عليها الكثير من الجوائز.

الياسمين هو صرخة وطن

نستهلّ اللقاء من عبق الياسمين لنسأل كلثوم عن سر التسمية ومدى ارتباطها برمزية الزهرة التي عانقت دمشق منذ القِدم، فيقول: «فيلم ياسمين وثائقي ديكودراما يستعرض واقع أطفال سورية في ظل الحرب، إذ يعيش معظمهم ظروفاً صعبة وقاسية جداً سواء كانوا في الداخل أو في الخارج، يستعرض أيضاً آثار الحرب على أحلامهم وأفكارهم، ونظرة هؤلاء الأطفال لمجريات الحرب الشرسة على أرضهم وبيتهم ومدرستهم، ضمن نظرة حالمة بمرآة أصابتها شظية، لكنها ظلت تعكس صورة نقية لغدٍ محمول على عطر الياسمين. فالياسمين هو تلك الطفلة البطلة.. والياسمين هو ذلك الشعب الذي صمد ويصمد ضد إرهاب ممنهج.. إذاً الياسمين هو صرخة وطن بأكمله، وهو واقعنا ولا يليق بنا غير الياسمين الدمشقي».

لكن هل يجوز أن يكون للياسمين سلطانٌ، وفق ما شهدناه على بطاقة الدعوة التي وجهتها له إدارة مؤتمر تيدأكس في السودان، ونحن شعب نبذنا السلاطين لنحيا وتحيا بلادنا؟ يجيب كلثوم: «عندما اختارت إدارة المؤتمر تيدأكس مدني أن أكون ضيف المؤتمر وشخصية العام 2017 تحت مسمّى «سلطان الياسمين»، ذلك لانها وحسب اعتقادي على يقين ان الياسمين الدمشقي الفني والسياسي والاجتماعي والروحي أقوى من رصاصهم وحروبهم.. وأن بواسل الياسمين السمر يكتبون التاريخ اليوم ببطولاتهم دفاعاً عن الياسمين وتراب الياسمين.. ونحن كمثقفين ايضاً خط الدفاع الثاني عن الياسمين وتراب الياسمين. بالتأكيد كلنا ندافع عن الياسمين بسلاحه، لكي تحيا سوريا وسلطنتها تليق بشعب الياسمين».

ولأن سوريا لأهلها اختار كلثوم العودة في الوقت الذي غادر فيه الكثيرون خشية من كل هذا الموت المتنقل والدمار الذي غيّر معالم المدن والقرى، إلا أن قرار العودة في ظل الحرب ليس بالأمر السهل. وهو يعتبره واقعاً محتوماً لأن سوريا تستحق، ويقول: «لكل شخص في الحياة ظروف ووجهة نظر، وقرار العودة أو المغادرة قرار شخصي في الحالات الطبيعية.. ولكن عندما يتعلّق الأمر بسورية يختلف الأمر. وأرى أنه علينا العودة اليها لأنها تستحق التضحية وتستحق كل شيء.. ببساطة هذا ليس قراراً إنما هو واقع محتوم. وأنا عدت إلى سورية لأنها تستحق…

هنا.. حيث تنجب الأرض الشهادةَ والأبطال، وهنا لا يموت الوطن.. هنا وطــن الشجـاعة.. هنا سورية».

السينما سلاح مسؤول

وحول دور الكتّاب والمخرجين السوريين في نقل المشهد بواقعيته في ظل الأزمة التي تمرّ بها سورية، يقول كلثوم: «الجميع حاول نقل المشهد السوري سواء في السينما أو الأعمال الدرامية، ولكل كاتب ومخرج أدواته واسلوبه الخاص، ولكن في خضم هذه الحرب المستعرة سعى الإرهاب إلى إسكات معظم الأصوات، ولعل المحاولات الدرامية كانت أكثر تأثراً، ذلك لأن الإرهاب الفكري يتحكّم بمنابع التسويق، وفي مكان ما يهيمن على الإنتاج الفني الدرامي.

نحن نمرّ بزمن عصيب، حيث من الصعب أو أن نقول من المحال أن يتم التسويق للمسلسل السوري في البلدان العربية. ولكن السينما استطاعت ان تنقل جزءاً بسيطاً من الواقع السوري الى العالم من خلال الأفلام الوثائقية والدرامية.. باعتقادي السينما هي السلاح الذي يجب أن نقاتل به وندعمه، لأنه سفير ومقاتل حقيقي في المحافل الدولية. من وجهة نظري إن المسؤولية الملقاة على عاتق صنّاع السينما كبيرة في كل الازمنة، وحتى في الحروب، حيث يكون دورها العمل على توثيق الواقع ونقله بأمانة الى الجمهور».

ويختم كلثوم بالإشارة إلى ما بعد «ياسمين»، فيقول: «انتهيت منذ أيام من العمليات الفنية للفيلم الروائي القصير «على سطح دمشق». وهو نص الكاتب سامر محمد إسماعيل ومن إنتاج المؤسسة العامة للسينما.. وسيعرض في الأيام المقبلة في دمشق.. وبعد فترة سأبدأ بتصوير فيلم «لمّ شمل».

مهند كلثوم

مخرج سينمائي سوري.

– حائز على ماجستير في الإخراج التلفزيوني والسينمائي من أكاديمية خاركوف الحكومية، أوكرانيا.

– محاضر في معهد الإعداد الإعلامي بدمشق.

– مؤسس ومدير مشروع المغامرة السينمائية «تعليم الأطفال صناعة الأفلام السينمائية».

– عضو في أكثر من لجنة تحكيم في سورية وأوكرانيا والعراق والسودان.

– أخرج العديد من الأفلام السينمائية القصيرة منها:

– «لماذا» و«يلا نلعب» أوكرانيا 2004.

«أمل إيمان حب» أوكرانيا 2009.

«كفى» أوكرانيا 2010.

«البرزخ» سورية 2011.

«29 شباط» سورية 2012.

«توترعالي» سورية 2014.

«ياسمين» سورية 2015.

«على سطح دمشق» سورية 2016.

الجوائز

– جائزة السنبلة الذهبية للأفلام الحرة، أوكرانيا 2010.

– جائزة المغترب السوري المبدع لعام 2010 في أوكرانيا وذلك عن الدور المتميز بنشر الثقافة والفنون السورية أوكرانيا 2010.

– جائزة المغترب السوري المبدع للمرة الثانية لعام 2012 في أوكرانيا عن فيلم «البرزخ».

– جائزة الشرف في مهرجان جائزة تهارقا الدولية للسينما والفنون عن فيلم «توتر عالي»، السودان 2014.

– جائزة أفضل إخراج في مهرجان الربيع الدولي بقابس عن فيلم توتر عالي تونس 2015.

-تنويه خاص من لجنة التحكيم في مهرجان سوس الدولي للفيلم القصير عن فيلم «ياسمين « المغرب -2016.

-تنويه لجنة من لجنة التحكيم في مهرجان الدولي لوثائقي حقوق الانسان بكلميم المغرب عن فيلم ياسمين 2016.

– الجائزة الأولى للجنة التحكيم في مهرجان شاكا الدولي السينمائي عن فيلم «ياسمين» إيطاليا -2016.

– الدرع الخاصة لمهرجان الخرطوم للفيلم العربي للابداع السينمائي السودان 2016.

– جائزة تهارقا الدولية للسينما والفنون – السودان 2016.

-تنويه خاص من لجنة التحكيم لمهرجان الأرز العالمي للفيلم القصير عن فيلم «ياسمين» المغرب 2016.

– أربع جوائز «أفضل إخراج – أفضل ممثلة – أفضل مونتاج – أفضل تصوير» في مهرجان السماوة السينمائي الدولي للأفلام القصيرة عن فيلم «توتر عالي» العراق 2016.

– جائزة الصحافيين والنقاد السينمائيين الروس الخاصة في مهرجان كازان السينمائي الدولي عن فيلم «ياسمين» روسيا 2016

– الجائزة الكبرى «رأس النعامة» في مهرجان نواكشوط للفيلم القصير عن فيلم «ياسمين» موريتانيا 2016

-التكريم الخاص من المهرجان المغاربي للفيلم الوثائقي والعلمي بمدنين تونس 2016

– الجائزة الثانية «الفضية» في مهرجان بغداد السينمائي الدولي عن فيلم «ياسمين» العراق 2016

– التكريم الخاص من وزارة الإعلام السورية ممثلة بوزير الإعلام المهندس محمد رامز الترجمان تقديراً لحضوره الإبداعي في مجال الإخراج وقوة أعماله التي كان آخرها فيلم ياسمين- سورية 2016.

-جائزة» افضل فيلم عربي» في الملتقى الثاني السينمائي. الدولي ضد الإهارب – عن فيلم ياسمين. أربيل 2017.

وأخيراً جائزة المهرجان اللبناني للسينما والتلفزيون عن فيلم «ياسمين» 2017.

يستعد للمشاركة بالعديد من المهرجانات السينمائية الدولية وعربية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى