حرب أوباما بدأت من سورية فهل تتوسّع قائمة الأهداف؟

عامر نعيم الياس

ليل 22 ـ 23 الماضي، بدأ الرئيس الأميركي حربه على تنظيم ما يُسمّى «الدولة الإسلامية» من سورية وليس من العراق، ما بدأ في العراق كان نتيجة التزام بدأ الشهر الماضي «بحماية الأقليات» في العراق من «الإبادة» بحسب زعم الرئيس الأميركي، لكن في ما يخص التحالف الدولي وقوّته وشرعيته وقدرته على العمل المشترك، وتشريع عمله خارج إطار مجلس الأمن الدولي، فإنه من الواضح أن الرئيس الأميركي في توقيت غاراته «المشتركة» مع الحلفاء العرب أراد دخول اجتماعات الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة والتي يشارك بها 140 رئيس دولة وحكومة في العالم، من بوابة المنتصر الحامل إنجازاً ما يوظف في تحقيق هدفين: الأول، تدشين عمليات الائتلاف الدولي، والابتعاد عن أيّ مقارنة بينه وبين نهج سلفه جورج دبليو بوش، أي بمعنى آخر الابتعاد عن «الأحادية».

وعند هذه النقطة عنونت «ليبيراسيون» الفرنسية أحد تقاريرها «أوباما يفتتح ائتلافه». أما الهدف الثاني، فضمّ الدول المترددة إلى الائتلاف وذلك عبر تركيز واشنطن على مشاركة ما أسمته مشاركة خمس دول عربية في الغارات الجويّة على «داعش» وتنظيم «خراسان» و«جبهة النصرة» في سورية، فمن كان لديه شك بالتحالف الدولي وإمكانياته وقدراته، فإنه وبعد ما حصل في سورية لم يعد بمقدوره الشك.

وفي هذا السياق نقلت صحيفة «ليبيراسيون» عن مصدر دبلوماسي أممي قوله «إذا أراد الرئيس أوباما إرسال إشارة إلى الأمم المتحدة، فإنه لا يمكن أن يكون هناك ما هو أفضل من شن غارات على سورية بمشاركة خمس دول عربية، إنها طريقة مباشرة ليثبت عزيمته».

بدأت الحرب الأميركية في سورية، وبدأ التحالف العمل خارج إطار الشرعية الدولية ملتفاً على قرار مجلس الأمن الدولي في ما يخص الحالة السوريةّ تحديداً، فالقرار 2170 تم تجاوزه، على رغم محاولة الولايات المتحدة الإيحاء بتنفيذه واستهداف «النصرة» في سورية، وهي الجبهة المدرجة على قرار مجلس الأمن الدولي إلى جانب تنظيم «داعش»، إذ ينصّ القرار على «ضرورة العودة إلى مجلس الأمن» في حال كانت هناك إرادة لتوسيع صلاحيات القرار. المخرج الآمن للجميع كان بالاعتراف بوجود عملية إبلاغ لسورية في مجلس الأمن وللخارجية السورية عبر الطرف الثالث وهو العراق، الذي يمكن اعتباره منذ اللحظة منسّق الاتصالات والعمليات بين واشنطن ودمشق، فهل لأوباما أهداف أخرى؟

توسيع الهجوم إلى جانب العدوان على سورية، هاجسان يسيطران على الرأي العام وبعض النخب في ما يخص بدء التحالف عملياته في سورية، لكن وعلى رغم عدم القدرة على الالتفاف على حصول العدوان كتوصيف، ومخالفة المواثيق والقرارات الدوليّة، إلا أن للسياسة والوضع الراهن ضروراتهما بعيداً عن أيّ شعار وحتى موقف مبدئي. فالعداء بين طهران والرياض على سبيل المثال لا يمنع التعاون في ما بينهما في بعض المناطق. هنا يحضر تقدير الموقف السوري المستند إلى العوامل التالية:

ـ ما الذي تغيّر حتى يوسّع أوباما هجومه ليشمل الجيش السوري وبالتالي يغيّر في موازين القوى؟ هنا يحضر الموقف الروسي وشحنة الدفاعات الجويّة التي وصلت إلى طرطوس، والموقف الإيراني المعارض للغارات، وحتى موقف حزب الله، ليرسم خطوط التدخل الأميركي في سورية أو حدوده، هنا نتحدث عن التدخّل بصفته تعبيراً ملموساً عن الصلف الأميركي وقدرة الامبراطورية الأميركية على التصرّف حتى لو بشكل غير مدروس في كافة أنحاء المعمورة، لكن تحضر المواقف السابقة ليس لمنع التدخل بقدر ما هو رسم خطوط حمراء له تقلب الطاولة على رأس الجميع وتدخل المنطقة والعالم في دوامة تصعيد استثنائي لا يريده أوباما في المدى المنظور.

ـ ألم تطالب الحكومة السوريةّ ممثلةً بالوفد المفاوض في «جنيف 2» بضرورة تنفيذ البند الأول من «جنيف 1» والمتعلّق بالحرب على الإرهاب، فما الذي يجري الآن؟ هي حرب قال أوباما إنها على الإرهاب لكن مع استمرار عدائه للدولة السورية، فليحارب الإرهاب وفقاً لمنظوره طالما أن هدف التحالف هو الحرب على تنظيم «الدولة الإسلامية» لا على الدولة السوريّة.

ـ إن الاختلاف في مواقف دول وقوى محور المقاومة لا ينمّ عن خلاف بقدر ما يعكس لعبة تبادل أدوار مشوبة ببعض التحفظات على تقدير موقف ما لهذا الطرف أو ذاك. ففي موازاة ارتياح الخارجية السورية والأميركية، برزت مواقف طهران وموسكو والسيد نصر الله للتلويح بالخيارات البديلة.

ـ «النصرة» و«داعش»، تعتبران القوتان الأساسيتان المسلّحتان اللتان تواجهان الجيش العربي السوري وحلفاءه، فهل استهدافهما سلبي بالنسبة إلى الدولة السورية؟ حتى لو لم تستطع في المدى المنظور الاستفادة من القصف الأميركي لـ«داعش» و«النصرة» وما يسمى تنظيم «خراسان».

بالتأكيد أن جميع السيناريوات قائمة في سورية، والتدخل بدأ قبل سنوات في ما سمي «الحرب المقدسة» وليس وليد اللحظة، لكن تطوير التدخل إلى مباشر وبقيادة واشنطن يفتح الباب أمام تساؤلات لا تنتهي، ولا يمكن الإجابة عليها إلا في إطار الرصد اليومي للمواقف على أرض الواقع.

كاتب سوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى