نعاهدك أن نذكرك في كلّ أول آذار
«قد تسقطُ أجسادُنا أمّا نفوسُنا فقد فرضت حقيقتَها على هذا الوجود».
هكذا علّمَنا زعيمُنا وهكذا فعل. هكذا فعَلتَ أنت أيضاً أيّها الأمين الغالي. وهكذا سنفعلُ نحن من بَعْدِك.
لقد كنتَ أوّلَ من أدخلَ فكرَ سعاده العظيم إلى هذا المتحد. وعمَلتَ على تأسيس مفوضية للحزب السوري القومي الاجتماعي فيه، ومن ثم رعيتَها باهتمامك حتى أضحَت مديرية فاعلة في محيطها.
لقد عمَلتَ على نشرِ العقيدة القومية الاجتماعية، ليس في مركبتا وحدها، بل في المنية والجوار، وفي طرابلس وأينما حللت. لقد كان الحزب في دمك وبقيَ حتى الرمق الأخير.
أيّها الأمين المؤتمن والمربي الفاضل. ماذا عساني أقول من دون أن أُقصِّرَ في حقِّكَ وأنتَ الذي كنت لي ولكل رفقائي المعلمَ والمرشدَ والأبَ الذي أرشدَنا إلى دروبِ الحقِّ والخيرِ والجمال. أنت لم تُفَتِّحَ أعيننا على العقيدة القومية الاجتماعية فحسب، بل كنتَ معلّمنا ومشجّعنا على تلقي العلم والمعرفة وعلى النجاح في دراستنا. لقد كنتَ خيرَ مُعلِّمٍ ومدير لمدرسة البلدة ولمدارسَ وثانوياتٍ أخرى من سير – الَضنية إلى حلبا – عكار وددّه – الكورة.
لا زلتُ أذكر كيف كنتَ تعطينا دروساً إضافيةً قبل دوام المدرسة كلَّ يومٍ وبعده، وحتى أيامَ العطَلِ، وذلك للتحضير لامتحاناتِ الشهادة الرسمية. كلُّ ذلك من دون أيِّ مقابل ومن تلقاء نفسِك.
كنتَ لا تُحبّ الفشل ولا التقاعس، وكنتَ صارماً لدرجة كنا نعتبرك ظالماً. لقد كنا نهرعُ إلى بيوتنا لمجردِ رؤيتِك قادماً من بعيد. لقد كنت تمرّ على منازلنا فرداً فرداً لتتأكدَ من أننا قمنا أو نقوم بفروضنا المدرسية. وعلمت بذلك الكثيرين منا غصباً عنهم.
أيها الأمين القدوة
لقد كنتَ أميناً في كل ما فعلتَ، وأتممتَ واجباتك على أكمل وجه فأنت الذي لا زال يسألُ عن كيفية تسديد اشتراكاته الحزبية حتى آخرِ لحظة من حياته. أمّا على الصعيدِ الاجتماعي، فكنتَ لا تترك مناسبةً تفوتُك من دون أن تقومَ بواجباتك تجاه أبناء بلدتك، حتى كنتَ، وقد أقعدَك المرضُ، تقوم بذلك هاتفياً أو تُرسلُ ابنك لينوبَ عنْكَ.
لقد قررنا منذ أيامٍ في مديرية مركبتا، ونحن نعلم مدى حبك للمشاركة في المناسبات الحزبية، أن نقيم احتفال الأول من آذار، لهذا العام، في منزلِكَ وبجانب سريرِكَ، لكي تشاركَنا المناسبة وتفرحَ معنا. لكن القدر كان ظالماً، ولم يعطيكَ العمر الكافي للاحتفال معنا. ولكن نحن نَعِدُكَ في هذا اليوم، في الأول من آذار، هذا اليومِ الحزين السعيد، الحزين لأنه يومُ رحيلِك، والسعيد لأنه ذكرى مولدِ زعيمِنا الخالد، نعدُكَ بأن نذكركَ كلما احتفلنا بالمناسبة. كيف لا وقد أمضيتَ 65 عاماً في النضال لإعلاءِ شأنِ حزبِكَ وأمتِكَ. 65 عاماً اعتقلتَ خلالها واضطهدتَ ولم تُقلِعْ عن الفكر الذي تغلغلَ في دمِكَ، ولم تتوانَ لحظة عن رفعِ رايةِ الحزب ونشر عقيدته.
لا يسعُني أخيراً إلّا أن أعاهدَك، وبالنيابة عن رفقائي في مديرية مركبتا، بأن نستمرَّ على نهجك نهج سعاده وأن نحملَ شُعلةَ النهضة التي سلّمتنا إياها، وأن نُسِلِّمَها بدورنا لأبنائنا لكي يُكملوا المسيرة… لتحي سورية.
ولا أنسى أن أتقدمَ من الحضور الكريم، شاكراً الجميع، أصدقاءَ وأقرباءَ ورفقاء، على مشاركتهم لنا هذا الوداع.