الملا أردوغان… بين رهائن الموصل وضحايا سفينة مرمرة
يونس أحمد الناصر
تذكرون سفينة الركاب التركية «مافي مرمرة»، والتي تمّ اقتحامها من قبل قوات خاصة تابعة للبحرية «الإسرائيلية» وهي تحمل 581 متضامناً من حركة غزة الحرة – معظمهم من الأتراك – داخل المياه الدولية، فجر الاثنين 31 أيار 2010 في المياه الدولية للبحر الأبيض المتوسط. وقد وصفت بأنها مجزرة، وجريمة، وإرهاب دولة، وقد طالب السفير التركي لدى «إسرائيل» أحمد أوغوز تشليكول بإنهاء مهام منصبه، وذلك بعد الإذلال الذي تعرّض له من نائب وزير الخارجية «الإسرائيلي» داني ايلون بعد استدعائه وإجلاسه على كرسي منخفض مقابل كراسيهم المرتفعة في رسالة قوية إلى سفير الباب العالي.
السلطان العثماني لم يحرك حينها ساكناً في وجه غطرسة «إسرائيل»، وأنهي الملف بعد سنوات بتعويضات رمزية لعائلات الضحايا، الأمر الذي أثار شكوكاً كثيرة حول أردوغان وحزبه وولائه لـ«إسرائيل»، لا سيما وقد انتشرت أخبار عن اعتبار ابن أردوغان شخصياً شريكاً اقتصادياً قوياً لـ«إسرائيل»، ولم يتوقف نشاطه معها طوال تلك الفترة، وقد طاولته فضائح الفساد أخيراً، كما تأتي فضائح أردوغان الأخيرة من خلال دعمه للتنظيمات الإرهابية التي تشارك في جرائم تخريب وقتل الناس في كل من سورية والعراق وتوفيره المأوى والتدريب على الأراضي التركية خلافاً لمصالح الشعب التركي الجار والصديق وتثبيت ولائه لتيارات الإسلام السياسي الذي واجه ضربة قاضية بسقوط حليفه محمد مرسي في مصر وتقديم هذه المصالح على مصلحة الشعب التركي في استعادة لحلم قديم هو حلم الخلافة العثمانية.
وبمناورة غبية ومكشوفة قام أنصار أردوغان من التيارات الوهابية والذين شكلوا ما يسمى الدولة الإسلامية في العراق والشام أو داعش اختصاراً باعتقال الدبلوماسيين الأتراك أثناء دخولهم الموصل في العراق بعلم ومعرفة أردوغان في رسالة غبية إلى الداخل التركي تقول بأنه لا يدعم هؤلاء المجرمين وعند قيام أسياد أردوغان الأميركيين وحلفائهم عزمهم على ضرب داعش في شمال العراق حيث يوجد الرهائن الأتراك وتفادياً لموقف أكثر إحراجاً طلب من الدواعش الإفراج عن الرهائن الأتراك، ومما يؤكد ما ذهبت إليه هو قيام داعش بتفجير أضرحة الأنبياء والأولياء واستثنوا قبر سليمان شاه جد أردوغان في سورية من التفجير بل قاموا بحمايته وتأمين طرق الجنود الأتراك الذين يتناوبون على حراسة الضريح وهو ما ذهبت إليه أيضاً صحيفة «جمهورييت» التركية مؤخراً والتي تقول بأن التصريحات التي أدلى بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس وزرائه أحمد داود أوغلو حول إطلاق سراح الرهائن الأتراك الـ49 الذين كانوا محتجزين لدى تنظيم داعش الإرهابي منذ أكثر من 3 أشهر شمال العراق متناقضة وتثير الشكوك لدى الرأي العام.
ولفتت الصحيفة إلى أن أردوغان استخدم في بيان خطي كلمة «عملية ناجحة» تم التخطيط لها مسبقاً في إطلاق سراح الرهائن غير أن داود أوغلو لم يستخدم عبارة «عملية» في تصريح أدلى به حول هذه المسألة لكنه أكد أن السلطات التركية كانت على اتصال مع الرهائن. بدوره أكد شامل طيار النائب عن حزب العدالة والتنمية الحاكم في تعليق نشره على حسابه في التويتر أن أزمة الرهائن الأتراك كانت تشكل إحدى الذرائع لعدم مشاركة تركيا في العملية العسكرية ضد تنظيم داعش الإرهابي مشيراً في الوقت ذاته إلى أن «إطلاق سراح الرهائن في هذه المرحلة الحرجة جاء في إطار حملة نفذتها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية سي آي أي».
أردوغان الذي يعرف أنه وحزبه لا يفوزان في الانتخابات إلا على قدم واحدة هي الانتعاش الاقتصادي الذي تزامن مع وصول أردوغان وحزبه إلى الحكم. هذا الانتعاش مرتهن ويجعل أصحابه مرتهنين لمشيئة حاكمة هي إرادة واشنطن، ولذلك عندما رعى أردوغان «داعش» وأمّن ممرات بيع النفط ومراكز إيواء وتنظيم ومعابر نقل السلاح وخطة الاستيلاء على المحافظات بتفكيك فرق الجيش العراقي استخباراتياً، إنما فعل ذلك بما يتعدى حدود الرضا الأميركي إلى حدود تنفيذ القرار.
وكذلك وهو يستدير من الرعاية إلى عكسها لن يفعل ذلك حتى النهاية، بل سيفعلها بالقدر والمدى المطلوبين، أي كيف لا تموت إمارة «داعش» وكيف لا تتمدّد.