القمة الروحية: التأخير في انتخاب الرئيس يعطّل دور لبنان
اعتبرت القمة الروحية الإسلامية – المسيحية أنّ «التأخير في انتخاب الرئيس المسيحي الوحيد في العالم العربي في لبنان في وقت يواجه فيه مسيحيو الشرق المعاناة الشديدة على أيدي قوى إرهابية متطرفة، يعطل دور لبنان في أداء رسالته الوطنية والعربية التي لا يكون إلا بها».
وأكدت القمة التي انعقدت تحت عنوان «الوحدة والتضامن»، في دار الفتوى للمرة الأولى بعد انتخاب المفتي الجديد للجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، في حضور البطريرك الماروني مار بشارة الراعي ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان وشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن وممثلين عن جميع الطوائف، «أنّ لبنان في حاجة إلى رئيس يتمتع بالرؤيا والحكمة وبالقدرة على قيادة اللبنانيين نحو جوامع مشتركة تمكنهم من اجتياز الصعوبات والتحديات التي تواجههم».
ودعت القمة في البيان الذي تلاه الأمين العام للجنة الوطنية للحوار الإسلامي – المسيحي محمد السمّاك، «مجلس النواب إلى القيام بواجبه الدستوري الأساسي والمبادرة الفورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية يكون رأس الدولة ورمز وحدة الوطن يمثل سيادة لبنان ويسهر على أمنه وسلامته ويصون وحدته الوطنية وسلامة أراضيه ويحترم دستوره».
كما دعت الحكومة اللبنانية إلى «العمل بسرعة لإطلاق الجنود اللبنانيين المحتجزين». ولفتت إلى أنّ «قيام لبنان بواجباته الإنسانية تجاه النازحين هو واجب، إلا أنّ هذا البلد لا يستطيع أن يتحمل أعباء أكثر من ثلث شعبه»، داعية «المجتمعين الدولي والعربي إلى المشاركة في تحمّل الأعباء».
وطالبت القوى السياسية والحزبية اللبنانية المختلفة بـ«الابتعاد بلبنان عن الصراعات الخارجية وسياسات المحاور الإقليمية والدولية التي تعرضه لخطر استباحة أرضه وتحويله مرة جديدة إلى مسرح لصراعات الآخرين وتأكيد أهمية تعزيز الجيش اللبناني والقوى الأمنية ودعمها لأداء دورها في المحافظة على سلامة لبنان واستقراره في وجه المخاطر التي يتعرض لها».
وأكدت القمة الإسلامية – المسيحية «أهمية تثبيت أسس وركائز الدولة اللبنانية في مؤسساتها الدستورية والسياسية والأمنية وعدم تعطيلها والاستقواء بها، وليس عليها، في مواجهة الملمّات والتحديات ومكافحة الفساد، واحترام ميثاق الطائف نصّاً وروحاً باعتباره ميثاقاً وطنياً جامعاً بين اللبنانيين جميعاً».
وجددت القمة «التزام رؤساء الطوائف بالعيش المشترك وبالوحدة الوطنية بين أبنائهم جميعاً، مؤكدين تمسكهم بالدولة اللبنانية وبمؤسساتها الدستورية ملاذاً ومرجعاً وحيداً لمعالجة قضاياهم الوطنية المختلفة، وبالحوار الوطني أساساً لمعالجة الاختلاف وإدارة التعددية، معلنين رفضهم مبدأ الاستقواء بالخارج، أو الاحتكام إلى السلاح في الداخل».
وأشارت القمة «إلى أنّ جرائم الاعتداء والتهجير، الممارسة من الشراذم المسلحة بحق المسيحيين والمسلمين وسواهم في العراق وسورية، واستباحة ممتلكاتهم ودور العبادة، كلها جرائم ضدّ الإنسانية وضدّ الدين معاً»، لافتة «إلى أنّ التهجير القسري والإرهابي لأي مواطن آمن على خلفية دينية أو مذهبية أو عرقية يشكل خطراً على وحدة نسيج المجتمعات العربية التي تقوم أساساً على التنوع، والتي تجعل منه أساساً في هويتها وفي ثقافتها هذا التهجير».
ورأت أنّ «التنديد الشديد بجريمة التهجير القسري والإرهابي، وبأصحابها الخارجين عن تعاليم الدين والمنتهكين لحرمة الوطن وسيادته والمتمردين على شرعة حقوق الإنسان والمواثيق الدولية، يتطلب في الوقت ذاته التحذير من النتائج السلبية لتشجيع المسيحيين على الاستيطان في دول أخرى واقتلاعهم من أوطانهم وهم فيها أصيلون منذ ألفي سنة».
وأكدت القمة أنّ «المواطنة هي الأساس وهي العمود الفقري للدولة الوطنية، ولقد أثبتت التجارب الإنسانية أنّ الدولة المدنية التي تحترم الأديان وكرامة الإنسان هي الصيغة التي نجحت في تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار في دول المجتمعات المتعددة كدولنا العربية».
واعتبرت القمة الإسلامية – المسيحية «أنّ جرائم الاعتداء على مسيحيي سورية والعراق على يد حركات التطرف الإرهابي والتي تزامنت مع جرائم الاعتداء على قطاع غزة في فلسطين المحتلة، تحتّم على المجتمع الدولي إدانة ومعاقبة المعتدين وتفشيل مشاريعهم التي تستهدف الإنسان في وطنه وفي حريته وكرامته وفي حقوقه المقدسة بما فيها حقه في الحياة».
وأشارت القمة «إلى أنّ احترام حقّ الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وفي إقامة دولته الوطنية على أرضه وعودة المهجرين من أبنائه إلى هذه الدولة، يشكل أساساً لاستقرار المنطقة والعالم وسلامهما».
وقرر المجتمعون تشكيل وفد إسلامي – مسيحي مشترك لعرض مشكلة انتهاك حقوق المسيحيين العرب أمام المرجعيات الدينية والسياسية العربية.
وهنأ القادة الروحيون المفتي دريان بانتخابه، وأشادوا «بالمواقف المبدئية التي أعلنها في خطاب انتخابه وتنصيبه، والتي جدّد فيها تأكيد الحريات التي أعلنها الأزهر الشريف، وهي حرية العقيدة والعبادة وحرية الرأي والتعبير وحرية البحث العلمي وحرية الإبداع الأدبي والفني».
وأعربوا عن «ألمهم الشديد لاستمرار خطف المطرانين يوحنا ابراهيم وبولس يازجي وعدد من الكهنة المغلف بالصمت المطبق حول مكان وجودهم وهوية الخاطفين». كما أعربوا عن «ألمهم الشديد أيضاً لخطف جنود ورجال أمن لبنانيين من شراذم مسلحة، وقتل بعضهم بطرق وحشية».
وتوقف القادة الروحيون عند «ما يواجهه لبنان من صعوبات اقتصادية واجتماعية ومن تحديات سياسية وأمنية». وأكدوا «ضرورة متابعة قضية الإمام موسى الصدر ورفيقيه»، مقدرين عالياً «الدور الرائد الذي قام به من أجل تعزيز الحوار والعيش المشترك».