قالت له
قالت له: ماذا ستهديني في يوم المرأة؟
فقال لها: عهدي بأن أكون الرجل الذي لا يميّز سلباً بحقّ المرأة ووردة.
فقالت: وهل تميّز إيجاباً؟
قال: شرط ألّا تميّزي سلباً بحقّ الرجل، وتعتبريني ممثّل صنف الرجال لأنال عنهم كلّ هذا التمييز.
فقالت: وهل تؤمن أن ثمة اضطهاداً من المرأة بحق الرجل؟
فقال: بالتأكيد، لكنه محصور بالحبيبة للحبيب، حيث تفرغ المرأة غضبها من كل اضطهاد الرجال لكلّ النساء بحق من لا يستحق، بينما اضطهاد الرجل للمرأة عكسيّ عموماً في حال الحبّ. فهو يستثنيها من كلّ ما يختزن من ميول الاضطهاد للنساء وما تناله منه سواها أمّاً وأختاً وابنة وزميلة. بينما هي تراعي وتتفادى مواجهات الاضطهاد الذكوري وتنفجر بحبيبها من حيث لا تدري كلّ مخزونات غضبها وتسمّيه دلالاً عندما يطالبها.
فقالت: وهل أنا كذلك؟
قال لها: كل النساء كذلك، وهن على حقّ إذا كان الحبيب ممّن ذكرت. أما إن كان من الذين يصدقون القول بالفعل عن تقدير المرأة واحترامها ومعاملتها بالأدب واللياقة، فيكون ظلماً ما بعده ظلم منها.
فقالت: لماذا لا تجد العذر لها في كونها تجده الرجل الوحيد الذي يفتح لها نافذة التنفّس فتكون كما لا تستطيع أن تكون مع سواه؟
أجاب: هذا في فهم الأسباب. كما نسعى إلى فهم أسباب السرقة لدى الأطفال لكننا لا نستطيع تقبّلها ولا الترويج لها. فكيف وأننا هنا أمام تحويل النعمة إلى نقمة، وتحويل الاحترام والتقدير والرفعة إلى مذمّة ومجلبة للأذى؟
فقالت له: أتظنّ أنّ لذلك دواء.
فقال: المشكلة أن يجتمع عند المرأة هذا الميل مع ما تظنّه أسباباً كافية لتبرير ما يصفه العِلم بتناوب موجات الحنان والعدوانية.
فقالت: وهكذا تصفني؟
قال: أصفك بالكائن المجبول بالحنان والذي تغفر له مشاعره الصادقة كلّ انفعال عابر. ولم ألحظ عندك في العتاب روح التعنّت ولا الغضب. ولم أشهد منك إلا عقلانية مفرطة وتسامحاً لا ينكر، وسِعة صدر ومرح روح تذوب في طياتها كل المشاحنات والخلافات، وترفّعاً عن اعتبار الرجال صنفاً مذموماً ومصدراً للعتب والتعب.
فقالت: لا أصدق أنك تقول عنّي هذا.
فقال: إنه العيد، أنسيتي؟
فقالت: وأين الوردة؟
قال لها: خبأتها عند البائع.
فقالت: سأردّها إليك بقبلة خبّأتها عند أمّي.
قال: وإن أظهرتها؟
قالت: تنال البدل العادل!
فسحب من جيبه عقد الياسمين موضّباً، وعلّقه في عنقها قائلاً: كلّ سنة وأنت بخير. لينال قبلة ينتظرها، ورمقها متبسماً ومضى.