تركيا تلوّح لواشنطن بإغلاق «أنجرليك» وأردوغان إلى موسكو بخيارات صعبة السلسلة أنجزت والموازنة اليوم… وقانصو يثمّن مواقف رئيس الجمهورية

كتب المحرّر السياسي

في توقيت متعاكس بدا أن تركيا تدخل نفقاً مظلماً في الخيارات التي تنتظرها عشية زيارة رئيسها إلى موسكو، في ظل أزمة عاصفة ترتبط بعلاقته بواشنطن وصلت حد التهديد بإغلاق قاعدة أنجرليك بوجه الطائرات الأميركية، بينما تسجّل العلاقة السعودية الإيرانية انفراجات لافتة تمثلت بالزيارة الناجحة التي قام بها وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف للدوحة وإعلان مستشار وزارة الخارجية حسين شيخ الإسلام عن نجاح محادثات سعودية إيرانية خاصة، بمشاركة إيران في موسم الحج المقبل.

منصة سباق جديدة بين تركيا وإيران سيحسمها الذكاء السياسي والوقت، فأردوغان لن يلقى تأييداً لحرب يريدها على الأكراد، لكنه سيسمع نصائح روسية تدعوه لاعتبار الطريق السليم لتفادي نشوء كانتون كردي على الحدود التركية، السير بتسريع تسوية سياسية تعيد بسط السيادة السورية على كامل التراب السوري لا مكان فيها لتقاسم نفوذ وتقسيم. وهذا يستدعي القبول والارتضاء بالتنازل عن تطلعات مشابهة لتطلعات الأكراد بالاستقواء لإقامة منطقة نفوذ، وعندما تمارس تركيا ضغوطها على الجماعات المسلحة والسياسية التي تعمل تحت عباءتها لقبول تسوية تقوم على المشاركة في الحرب ضد النصرة وقيام حكومة سورية موحّدة تمهد للانتخابات، لن يستطيع أحد إعاقة قيام الدولة السورية ببسط سيادتها، وستكون سورية الدولة ومعها موسكو في مواجهة مع أي فريق يقف في طريقها، ولو كان الأكراد، ولو حظي بدعم أميركي.

هل يلتقط أردوغان الفرصة مجدداً أم يغرق في الرهانات؟

وهل تسبقه السعودية من البوابة الخليجية مع إيران؟ أم تبقى السعودية تراوح في التمسك بصيغة للتسوية تضمن هيمنتها على البحرين واليمن، وهذا ما لن تستطيع إيران تقديمه لها؟

لبنانياً، نجحت اللجان المشتركة ليل أمس، بالانتهاء من مناقشة سلسلة الرتب والرواتب وإحالتها للهيئة العامة التي ستجتمع منتصف الشهر، بعد أن تنجز الحكومة إقرار الموازنة اليوم ويصير كل شيء جاهزاً لجلسة الأسبوع المقبل، فيما بقي المعلمون في عيدهم ينشدون إنصافاً لم يحصلوا عليه، وبقيت عيونهم ترصد جلسة الهيئة العامة أملاً بالإنصاف.

على صعيد المواقف السياسية أكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير علي قانصو أهمية الكلام الاستراتيجي لرئيس الجمهورية على طاولة مجلس الوزراء، تأكيداً للثوابت المرتبطة بقوة لبنان وحمايته بوجه الأخطار، خصوصاً في فهم التزام لبنان للقرار 1701 كإطار للحماية لا للاستباحة «الإسرائيلية»، مثمناً دعوة الرئيس العماد عون لحفظ التكامل بين الجيش والمقاومة.

إطلالة لنصرالله في 18 الجاري

بعد حالة المراوحة التي عاشها قانون الانتخاب، يبدو أن العهد قد تمكن من الإمساك بزمام الأمور واستعادة الزخم الذي رافق إنتاج التسوية الرئاسية والحكومية، وتجلى ذلك بإحياء عناوين عدة وإعادتها الى الواجهة، أولها الحديث الجديد عن قرب التوصل إلى قانون انتخاب ولو أن مندرجاته التفصيلية غير واضحة المعالم بعد، ثانيها مروحة التعيينات الواسعة والتوافق السياسي المرافق لها بين حزب الله وأمل وتيار المستقبل ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون صاحب الحصة المسيحية الأكبر. الأمر الذي لم يحصل منذ زمن بعيد، والآن الحيوية والجدية التي اتسمت بهما نقاشات اللجان المشتركة في العنوان الثالث سلسلة الرتب والرواتب المنجز ضمن معادلة حساسة متوازنة، توازن بين حقوق الموظفين والاساتذة وبين أكلاف السلسلة وإمكانات الدولة توازياً مع ترجيح إقرار الحكومة مشروع الموازنة العامة في الجلسة التي تعقدها اليوم في بعبدا وإحالته الى المجلس النيابي.

التفاهم على هذه العناوين بين الثنائي الشيعي والرئيس عون لم يكن رئيس الحكومة سعد الحريري بعيداً عنه. وفي ظلّ هذا المشهد المحلي الإيجابي الذي يمثل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله واجهته. وفي ضوء التطورات في سورية، يطل السيد نصرالله السبت في 18 الحالي في احتفال بمناسبة ولادة السيدة الزهراء لاستعراض المستجدات على الساحتين المحلية والإقليمية.

التفرّغ لقانون الانتخاب بعد الموازنة

جدّد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير علي قانصو تأكيد أهمية المواقف الاستراتيجية التي يعبّر عنها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، خصوصاً لجهة التكامل في عمل الجيش اللبناني والمقاومة لمواجهة الأخطار الجسيمة المحدقة بلبنان، سواء من العدو «الإسرائيلي» أو من الجماعات الإرهابية المتربصة باللبنانيين شراً.

وفي حديث صحافي أمس أكد قانصو «أنّ أهمية كلام الرئيس عون في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة تكمن في أنه أعاد تكريس الثوابت وتأكيد الخيارات الاستراتيجية الأساسية بوضوح لا لبس فيه، وبوطنية عالية المستوى، الأمر الذي يرفع منسوب القوة والمنعة والقدرة التي توفرها المعادلة الثلاثية التي تجعل لبنان محصّناً في وجه كلّ أشكال المطامع والأخطار».

وعن طرح القرار 1701 على طاولة مجلس الوزراء من بوابة تأكيد الالتزام بالقرارات الدولية، لفت قانصو إلى أنّ «إسرائيل هي الطرف المعتدي على القرار وليس لبنان، والرئيس عون جدّد التزامه بالقرار 1701».

واعتبر الوزير قانصو أنّ هناك قيمة مضافة لكلام رئيس الجمهورية لكونه أتى في الجلسة التي أقرّ فيها مجلس الوزراء التعيينات العسكرية والأمنية، مما يعطي هذه التعيينات رمزية خاصة وأبعاداً معنوية كبيرة وروزنامة عمل واضحة للقادة الجدد».

وعلى صعيد قانون الانتخاب، أشار الوزير قانصو إلى أنّ «إجراء الانتخابات ضمن المهل القانونية المحدّدة أضحى أمراً مستحيلاً، وكذلك اعتماد قانون الستين، وبالتالي نتجه حتماً نحو تمديد تقني». وأكد «التفرّغ لقانون الانتخاب بعد الانتهاء من الموازنة العامة».

«السلسلة» إلى الهيئة العامة

أنجزت اللجان النيابية المشتركة إقرار سلسلة الرتب والرواتب وأحالتها الى الهيئة العامة، بعدما أنهت أمس، البحث في ملفي الإصلاحات والإيرادات. وأعطي الإداريون درجتين بدلاً من ثلاث درجات اتفق عليها أول أمس، وجرى تخفيض تضخم الفئة الثانية حيث اقتطع من موظفي الفئة الثانية 250000 ليرة و 50000 ليرة من موظفي الفئة الثالثة لصالح الرتباء فقط، حيث تمّ التوافق على إعطاء الرتباء درجة إضافية، ووعد وزير المال علي حسن خليل بتأمين درجة للعسكريين العاديين قبل جلسة الهيئة العامة.

وأبقت اللجان المشتركة على 3 درجات للأساتذة وحصلت بعض التعديلات بما يخصّ الكلفة. وتشير مصادر نيابية لـ«البناء» إلى أن التعديلات التي حصلت كانت متوازنة قربت بين الفئات، وبين الإداريين من الفئة الثانية والعسكريين.

وتم الالتزام بما قررته الكتل النيابية لجهة مبلغ 1200 مليار ليرة، والأهم وفق المصادر أن الكلفة جاءت أقل بقليل من المبلغ المذكور.

ووافقت اللجان المشتركة على أن لا تطال الضريبة المواطن العادي، وألغت الضريبة المقترحة من الحكومة برفع القيمة المضافة الى 15 في المئة على بعض السلع، حيث تم اعتماد 1 في المئة على القيمة المضافة لتصبح 11 في المئة. ولقيت زيادة الضريبة تحفظاً من كتلة الوفاء للمقاومة.

ووافقت اللجان المشتركة على قانون تسوية معالجة الأملاك البحرية وعدم الاكتفاء بمنح غرامات، وقررت اللجان أن تتضمّن الموازنة مشروع القانون الذي أقرته لجنة الادارة. ووافقت على رفع الضرائب على الكحول وفقاً لشطور معينة وفق اقتراح النائب سيمون أبي رميا، وأرجأت البت بموضوع التبغ والتنباك إلى الهيئة العامة، مخافة تشجيع التهريب، ورفعت الضرائب على فوائد المصارف من خمسة الى سبعة في المئة، ورفعت أيضاً رسوم المغادرة براً وبحراً.

وفي موضوع الإصلاحات جرى تخفيض دور المعلمين، وتم الاتفاق على تعليق التوظيف لفترة لتتمّ دراسة وضع الإدارات وحاجاتها. أما دوام الموظفين فترك لمجلس الوزراء ليرفع القرار المناسب.

إضراب مفتوح للثانوي

وعلى وقع نقاشات اللجان، أعلنت رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي الإضراب المفتوح اعتباراً من اليوم، على أن يكون الأربعاء المقبل موعداً لاجتماع الرابطة لتقييم الوضع. ورفضت الرابطة في مؤتمر صحافي عقدته أمس، «التقطير الذي حصلنا عليه بالنسبة للدرجات الثلاث ونسبة الزيادة التي نالتها في سلسلة الرتب والرواتب».

.. وجلسة نيابية منتصف الشهر

وسبق جلسة اللجان، اجتماع لهيئة مكتب مجلس النواب برئاسة رئيس المجلس نبيه بري في عين التينة، وتمّت الموافقة على بنود جدول الأعمال، من ضمنها سلسلة الرتب والرواتب على أن يدعو بري الى جلسة عامة في 15 الحالي.

حزب الله يرفض الفراغ

أما على صعيد قانون الانتخاب، فيستمر الجمود في غياب التواصل بين المعنيين، ومن المتوقع أن يشهد زخماً وتستعيد اللقاءات حيويتها ونشاطها في الأسابيع المقبلة بعد الانتهاء من ملفي السلسلة والموازنة، وأشارت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى أن «انشغال مجلسي النواب والوزراء في الموازنة والسلسلة ليس سبب الجمود الحاصل في قانون الانتخاب، لأن المولجين في ملف القانون ليسوا أنفسهم المعنيين بالموازنة والسلسلة، لكن الاهتمام ينصبّ على الموازنة والسلسلة للتفرّغ بعدها للاستحقاق النيابي، لكن السبب الحقيقي للبرودة السياسية حيال القانون هو غياب أي توافق حول صيغة موحّدة».

ولفتت المصادر الى أن «حزب الله لا يزال يتمسك بالنسبية الكاملة دائرة واحدة أو على أساس المحافظات الكبرى»، وأوضحت أن «الحزب ضد منطق الفراغ في المجلس النيابي وضرورة احترام المهل الدستورية بالتوازي مع أهمية إقرار قانون جديد، وحتى الرئيس عون عندما لوّح بالفراغ، كان بقصد الضغط على الفرقاء للتوصل الى صيغة مشتركة وقطع الطريق على خياري التمديد وإجراء الانتخابات على الستين».

.. و«التيار» سيدعو عون للتحرك

وأوضحت أوساط التيار الوطني الحر لـ«لبناء» أن «لا مشروع جديد لدى رئيس التيار الوزير جبران باسيل، بل أفكار جديدة تضاف الى سلسلة الصيغ التي اقترحها للوصول الى حلول ولا تنسف ما سبقها بل تبني عليها سيطرحها الاسبوع المقبل». وأعربت المصادر عن «تفاؤلها حيال التوصل الى قانون في وقتٍ قريب جداً وفي الأسابيع المقبلة»، كاشفة أن «الصيغة الأكثر ترجيحاً وواقعية هي المختلط التي طرحها باسيل وتسمح للمسيحيين بانتخاب 49 نائباً من أصل 64 وتؤمن صحة التمثيل للجميع، لكن تحتاج إلى اتفاق في بعض الدوائر الانتخابية من جهة، وعلى طبيعة التحالفات الانتخابية من جهة ثانية».

واعتبرت المصادر العونية أن «رئيس الجمهورية هو المرجع الأخير في حال سدت الأبواب أمامنا، وهو القادر أن يقول الكلمة الفصل، وحينها سيتخذ الموقف وربما يدعوه التيار الوطني الحرّ وتكتل التغيير والإصلاح الى عقد طاولة حوار في بعبدا تجمع كافة القوى ويطرح عليهم أفكاراً جديدة للتوصل الى قانون جديد»، لكن المصادر لم تنف ولم تؤكد ما تردد عن نية لدى الرئيس عون بطرح النسبية الكاملة على مجلس الوزراء فور الانتهاء من الموازنة». ورفضت المصادر «دعوة تيار المستقبل الى إجراء الانتخابات على قانون الستين أو الستين معدلاً لتجنب الفراغ النيابي في حال لم يتم إقرار قانون جديد»، موضحة «أننا لن نقبل بالستين ولا بالتمديد إلا ضمن القانون الجديد وغير ذلك، متجهون نحو التصعيد على مستويات عدة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى