الإدانة التركية لتفجيرات دمشق

حميدي العبدالله

فاجأ إصدار تركيا بياناً يدين التفجيرات التي استهدفت زواراً عراقيين للمراقد المقدسة في دمشق الكثيرين، لا سيما أنّ الإدانة كانت واضحة وصريحة ولم تتضمّن أيّ عبارات تلتمس الأعذار للجماعات الإرهابية، كما اعتادت كثير من الدول التي انخرطت في الحرب على سورية التعليق عندما تقع هجمات إرهابية إجرامية ضدّ المدنيين يصعب الدفاع عنها.

لا شك أنّ للإدانة التركية دلالات، ولا يمكن اعتبارها مجرد حملة علاقات عامة لدفع التهمة عن تركيا التي تقيم روابط وعلاقات واضحة مع جميع التنظيمات الإرهابية من دون استثناء، بما في ذلك داعش وجبهة النصرة، والأخيرة، لا تزال تحصل على الكثير من الدعم عبر الحدود التركية.

من الدلالات التي يمكن توقعها ودفعت تركيا لإصدار بيان الإدانة، استهداف هذا الهجوم الإرهابي لزوار مدنيين ومن الجنسية العراقية. أيّ أنه يصعب إيجاد أعذار لمثل هذا العمل الإجرامي، وإذا كانت الحكومات الغربية وحكومات المنطقة المشاركة في الحرب على سورية لم تدن هذا العمل الإجرامي، علماً أنها اعتادت على إصدار بيانات إدانة لأعمال أقلّ بكثير من هذه الأعمال الإجرامية الذي استهدفت بلداناً غير سورية، إلا أنه من الواضح أنّ تركيا، التي تتجه إليها أصابع الاتهام، بأنها تدعم الإرهاب لم تكن قادرة هذه المرة على تجاهل ما جرى، وبالتالي كانت مضطرة لإصدار بيان يشجب ويدين هذه الجريمة الإرهابية المروّعة.

تركيا اليوم، التي تكتوي هي بنار الإرهاب الذي استهدف آمنين في مرافق حيوية مثل الهجوم الذي وقع رأس السنة واستهدف آمنين كانوا يحيون هذه المناسبة، ومثل الهجوم الذي استهدف مطار أتاتورك، لم تعد قادرة على تجاهل مخاطر الإرهاب، فالإرهاب لم يعد خطراً على سورية والعراق وحسب، بل بات خطراً يهدّد رعاته وداعميه، وفي مقدّمتهم تركيا كونها تشترك مع سورية والعراق بحدود طويلة تسمح للإرهابيين بالتسلّل بسهولة وتنفيذ أعمال شبيهة بالأعمال الإجرامية في سورية والعراق.

علاقات تركيا مع روسيا من جهة، وعلاقاتها المتوترة مع الغرب من جهة أخرى، ساهمت في خلق مناخ سياسي يدفع تركيا للتمايز عن شركائها في الحرب على سورية، إذ لوحظ أنّ تركيا هي الدولة الوحيدة بين الدول التي ساهمت في الحرب على سورية التي أصدرت بيان إدانة الهجمات الإرهابية.

لا شك أنّ هذه الدلالات مجتمعة هي التي تفسّر صدور بيان إدانة للمرة الأولى يستنكر هجمات إرهابية وقعت في مدينة دمشق.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى