خلايلي: لتوحيد الجهود والأهداف لخدمة جاليتنا ووطننا ومواجهة السياسات الموالية لأعدائنا بكلّ الوسائل المتاحة
بمناسبة الأول من آذار، ذكرى مولد مؤسِّس الحزب السوري القومي الاجتماعي وباعث فكره أنطون سعاده، أقام النادي السوري الكندي الثقافي في تورنتو احتفالاً حاشداً حضرته جميع الفعاليات السياسية والحزبية والاجتماعية والصحافية ووفود حزبية من مدن لندن ووندزر ودترويت المجاورة وحشد غفير من أبناء الجالية في منطقة تورنتو.
افتتح الاحتفال بالنشيد الكندي بصوت المواطنة جنا مسعود، والقومي بصوت الرفيقة سمر حماده.
وبعد الترحيب بالحضور، ألقت عريفة الاحتفال كنانة سعيد كلمة جاء فيها:
«نحن لا نتذكر آذار بقدر ما نحياه، نحياه ميلاداً لرسالة وتأسيساً لنضال، نحياه ربيعاً قومياً حقيقياً يورق ويبرعم ويزهر على الدوام .فهو ذكرى ميلاد النهضة التي غيرت حياتنا وحياة الأمة بأكملها، وأطلقت حركة الحزب السوري القومي الاجتماعي الصراعية والتي انبثقت ممن كرس نفسه للقضية السورية عبر قسم الزعامة، فوقف نفسه على الأمة والوطن السوري.
أنطون سعاده …
ذلك المتربع على عرش العطاء اللامحدود والمثيل لرجل كرس حياته بكل تفاصيلها من أجل قضية آمن بها، فهو لم يؤسّس فقط فكرة وحركة يتناولان حياة الأمة السورية وحسب، بل تعدّى ذلك إلى تأسيس نظرة جديدة إلى الحياة والكون والفن، تمثلت ببناء الإنسان الجديد … الإنسان المجتمع…
فقد كان يهدف بواسطة كتاباته العقائدية وأعماله السياسية إلى نقض الوجود السوري التقليدي العتيق، وبناء مجتمع سوري جديد، متخلص من عقدة التبعية والتخلف على أساس فلسفة إنسانية اجتماعية جديدة…
هكذا هو أنطون سعاده…
ليس مؤسّس وقائد حزب وحسب، بل مؤسّس مدرسة فكرية تقوم على التأمل والمعرفة العلمية، وتصلح للأمس واليوم والغد لأنّ شرعها الأعلى هو العقل وشِراعها الأعلى هو الحق والخير والجمال.
سعاده …
تمرّ السنون وتبقى أنت القدوة والمعلم والزعيم والشهيد والثائر والأب والحكيم والمفكر والفيلسوف.
يبقى عيدك هو الهدية الأغلى لكلّ من آمن بالفكر السوري القومي الاجتماعي، وهو الإضافة الجميلة لسوريانا من عظماء رسموا وتركوا أثراً لا يُمحى كما جبال سورية…
يبقى عيد مولدك هو بداية المنارة التي أهدتنا لنكون سوريين قوميين اجتماعيين…
كلّ عام وأنت زعيمي…
كلمة مديرية تورنتو
وألقت لميس خلايلي كلمة مديرية تورنتو، وجاء فيها: «في بلدة جبلية وادعة تتوسط غابات الصنوبر في قضاء المتن ـ جبل لبنان اسمها الشوير، وفي أول يوم من أيام آذار شهر الربيع ومنذ مئة وثلاثة أعوام ولد الزعيم أنطون سعاده في عائلة متنورة وطنية في وقت كانت البلاد برمّتها ترزح تحت وطأة الاحتلال العثماني منذ مئات السنين.
ومبكراً جداً بدأ وعي الفتى يتفتح لما حوله ويتناول كل ما يراه ويسمعه أو يقرؤه بالتحليل والتفكير والبحث العلمي والفهم العميق وأخذت أفكاره تتوضح ومواقفه تزداد قوة وتحدياً لواقع مظلم أليم.
وما زادت الحرب العالمية الأولى والتي كانت بلادنا مسرحاً لفظاعاتها ومآسيها هذا الشاب المفكر إلا إصراراً على فهم الحقيقة وإلحاحاً لإيجاد الأجوبة على الأسئلة الفلسفية العميقة صعبة الإجابة. أسئلة كانت وراء نشوء فكر فريد أصبح في فترة قياسية مدرسة فكرية اجتماعية وطنية فريدة وباعثاً لنهضة سورية قومية اجتماعية. لقد تساءل أنطون سعاده عن هويتنا: من نحن؟ من نكون في هذا العالم؟ وما الذي جلب على شعبي هذا الويل؟
إنّ اغتراب سعاده عن الوطن لسنوات طويلة لم يبعده عن الوطن بل زاده التزاماً بشؤونه وقضاياه وإصراراً على إجلاء الحقائق وتشخيص العلات التي جعلت من وطننا بلاداً مفتتةً مشتتةً تأكلها الأحقاد المذهبية والطائفية تحت زعامة المؤسّسات الدينية فينقضُّ عليها أعداؤها من كلّ حدبٍ و صوب.
اكتشف سعاده أنّ فقدان الهوية والسيادة والإرادة القومية هو السبب الأساسي لهذه العلات، فأسس الحزب السوري القومي الاجتماعي عام 1932 على عقيدة واحدة هي «سورية للسوريين والسوريون أمة تامة» وعلى مبادئ إصلاحية لبناء دولة سورية علمانية تفصل الدين عن الدولة، وحضارية قوية قادرة على الاستمرار والصمود في وجه التحديات الداخلية والخارجية.
لم يمر تأسيس حزب يدعو إلى سيادة الشعب على أرضه ويعمل على إزالة الحواجز بين مختلف طوائفه وأعراقه مرور الكرام، فإذا بالصهيونية العالمية والقوى الداخلية الموالية للانتداب والفئات الطائفية والانعزالية والتقليدية تتكتل لمحاربته. لكنّ سعاده، ورغم التكتلات والصعوبات الجمة، أكمل مسيرته فانتشر فكره ونشطت حركة الانتماء إلى صفوف الحزب فلم يجد الصهاينة بداً لإيقافه إلا باغتياله عبر زمرة من العملاء في الشام ولبنان في 8 تموز 1949.
أكمل القوميون الاجتماعيون المسيرة ولم يتلكأوا أو ينكفئوا وها هم يقاتلون اليوم بضراوة عزّ نظيرها ويبذلون أرواحهم ودماءهم على أرض الشام الأبية لإفشال مخططات أعداء أمتنا وما أكثرهم لتقسيم بلادنا على أساس الدين والطائفة والعرق ما يضمن شرعية للدولة العنصرية الدينية «الإسرائيلية» على أرضنا وينهي مسألتنا القومية الأساسية، مسألة فلسطين.
إنّ هذه التضحيات في الشام وكل أنحاء أمتنا يبقى أساسها السيادة القومية لشعبنا على أرضه وتقرير شؤونه بنفسه من دون تدخل أحد مهما كانت صفته أو نواياه. ونحن فقط نضع دستورنا في الشام ونحن فقط نتصرف بما يخصّ شعبنا وبلادنا ودولتنا بما تمليه علينا مصلحتنا القومية. وما ينطبق علينا في الوطن ينطبق على جاليتنا هنا في تورنتو فلا يتوقعنّ أحد أنّ غيرنا سيدافع عن قضايانا لأننا أصحاب حقّ، فإذا لم نوحد كلمتنا ونواجه التضليل والسياسات الموالية لأعدائنا بالكلمة وبكل الوسائل الشرعية المتاحة، سيزداد سوء فهم المجتمع الكندي لقضايانا. إنني باسم النادي السوري الكندي الثقافي أدعو إلى توحيد الجهود والأهداف لخدمة جاليتنا ووطننا، وأثمن عالياً الجهود التي يقوم البعض لهذه الغاية. معاً نحن أقوى وأكثر قدرة على الحفاظ على هويتنا الحضارية ومصالح بلادنا.
بلادنا تحيا بالإخاء القومي وتهلك بالعنصرية والطائفية فلنزل الجواجز التي تفصلنا ولندافع معاً عن قضايانا المحقة ونكون أوفياء لصاحب الذكرى الذي ضحى بالغالي والنفيس من أجل شعبه فنكون فعلاً أبناء الحياة، أبناء الحرية، أبناء سورية.
وفي ختام الاحتفال، تمّ قطع قالب الحلوى على أنغام «سورية يا بلادي» ثم قدمت فرقة «ميسلون» للدبكة بقيادة الرفيقة ابتسام أبو شرف رقصتين رائعتين ألهبتا حماس الحضور الذي تابع السهرة على الأنغام القومية والوطنية مع الفنان أمير أندراوس.