صحافة عبريّة
كتب أفرايم هرارة في صحيفة «إسرائيل اليوم» العبريّة:
الرئيس التركي أردوغان استغل ما وصف كمحاولة للانقلاب في حزيران 2016 من أجل قمع المعارضة وتطهير القطاع العام من المعارضين وتحويل حكمه إلى دكتاتورية لا تعرف الحدود. العالم الغربي الذي يحتاج إلى مساعدة تركيا من أجل كبح موجات الهجرة من مناطق الحرب في الشرق الاوسط، تجاهل الخطوات التي قام بها أردوغان، مثل اقالة أكثر من 100 موظف من موظفي الدولة واعتقال عشرات الآلاف، ومن ضمنهم مئات المراسلين.
إن حلم أردوغان هو توحيد العالم السنّي والوقوف على رأسه. وهو يحظى بتأييد كبير من المفتي الشيخ القرضاوي الذي هو الزعيم الروحي للاخوان المسلمين، والذي أعلن أن رئيس تركيا يستحق أن يكون خليفة المسلمين، لأن موقف الاخوان المسلمين هو أن الحدود بين المسلمين هي كفر. وليس غريباً أن تركيا تحاول التأثير في ما يحدث وراء حدودها. فهي فاعلة جدّاً في سورية، لا سيما في الحرب ضد الأكراد الذين هم أعداء أنقرة، حيث يهدد الأكراد سيادة تركيا من خلال سعيهم إلى اقامة دولة مستقلة. وهم يعملون في اوساط الاتراك الذين يعيشون في غرب أوروبا. يصعب تحديد عدد الاتراك الذين يعيشون هناك، لكن التقديرات الرسمية تقول إن هناك 4.5 مليون تركي يعيشون في غرب أوروبا، نصفهم في ألمانيا.
قريباً من موعد اجراء الاستفتاء الشعبي في 16 نيسان المقبل لتعديل الدستور، الذي من المفروض أن يمنح صلاحيات أكثر للرئيس أردوغان، تسعى تركيا إلى تجنيد مصوتين في الشتات في غرب أوروبا. وألمانيا وهولندا تقفان على رأس الصراع ضد هذه المحاولة، والادعاء الرسمي هو الخشية من الاضرار بالنظام العام.
من الواضح أن الغرب قد ضاق ذرعا باحلام الرئيس التركي المتزايدة. اضافة إلى ذلك يخشى الغرب من الثمن الذي تعهدت أوروبا بدفعه لضمان استمرار كبح المهاجرين من قبل تركيا: السماح للاتراك بالدخول إلى منطقة شنغن من دون تأشيرة. هذا الاتفاق الذي قد يغرق غرب أوروبا بالمواطنين الاتراك الذين يريدون تحسين ظروف حياتهم. وقد أظهر البحث أن 13 في المئة من البالغين الاتراك يسعون إلى الهجرة من تركيا، وغالبيتهم باتجاه غرب أوروبا. الحديث يدور عن ملايين الاتراك الذين يريدون أن يعيشوا في أوروبا الغربية.
الخطر هو خطر ثقافي أيضاً. أردوغان يعزز الموقف الاسلامي الذي هو ضد الثورة العلمانية لمصطفى كمال اتاتورك. فقد تحدث رئيس تركيا اكثر من مرة عن ضرورة الانتقام. وهو يريد تصدير هذا الموقف للمهاجرين الاتراك في غرب أوروبا. الموقع الرسمي لوزارة الخارجية التركية يتحدث عن حوالى 1500 رجل دين تركي يوجدون في اوساط الجاليات التركية في الخارج لتقديم الخدمات. وقبل سنة ونصف قامت ألمانيا بطرد داعية من تركيا اعتبر اليهود العدو الاسوأ للاسلام. فهل ستستمر أوروبا الغربية في معارضة سياسة أردوغان؟ الايام ستجيب عن ذلك.
حتى أنت يا ميركل؟
كتب زلمان شوفال في صحيفة «إسرائيل اليوم» العبريّة:
نشر في الاسبوع الماضي في وكالة «رويترز» مقال للكاتب الأوروبي ناح بركين، الذي اقتبس «موظفون من ألمانيا» من دون ذكر اسمائهم، وهم يتحدثون عن أن العلاقات السياسية بين ألمانيا و«إسرائيل» تدهورت بشكل غير مسبوق إلى درجة أن هذه العلاقات التي امتدت لعشرات السنين أصبحت معرضة للخطر. وسبب ذلك، كما جاء في المقال، أن رئيسة الحكومة الألمانية، السيدة ميركل، قامت بإلغاء لقاء القمة بينها وبين رئيس الحكومة «الإسرائيلية» بنيامين نتنياهو، الذي كان من المفروض أن يعقد في أيار المقبل في القدس.
من الصحيح أن مكتب ميركل علل سبب إلغاء اللقاء بالجدول الزمني المكتظّ. ولكن إذا كان السبب الحقيقي هو التحفظ من السياسة «الإسرائيلية»، كما جاء في المقال، فهذا يضع علامات تساؤل حول تعامل القيادة الألمانية مع «إسرائيل» ومعرفتها بالتحديات التي تواجه «إسرائيل». ويبدو أيضاً أن هناك أسباباً أخرى أكثر عمقاً لهذه الاحاديث. ويذكر المقال أن جيلاً جديداً من الشباب في ألمانيا يريد التنصل من مسؤولية الشعب عن الكارثة، إلى جانب جهات في اليمين المتطرّف تسعى إلى إعادة تقييم ماضي ومستقبل ألمانيا. وهذا التوجّه لا تغيب عنه الميول اللاسامية.
إن رؤساء مثل السيدة ميركل مطلوب منهم مواجهة هذه الظواهر وعدم الخضوع لها، من اجل مستقبل ألمانيا نفسها لا فقط من أجل العلاقة مع «إسرائيل». ألمانيا بصفتها عضواً في الاتحاد الأوروبي فهي شريكة في مواقف الاتحاد بالنسبة إلى الموضوع الفلسطيني، بما في ذلك المستوطنات والقدس، لكن لم يسبق لها أن كانت رأس حربة لجهود أوروبا في المواقف التي لا توافق عليها «إسرائيل»، بل على العكس، كانت في العادة تبذل الجهود من أجل إلغائها أو تخفيفها. فلماذا التغيير إذا؟
إذا كان تم الغاء اللقاء المخطط له في القدس بسبب «عدم الرضى» عن سياسة الحكومة «الإسرائيلية»، مثلما جاء في المقال، فسيتم طرح أسئلة عدّة. السؤال الاول هو هل ألمانيا الآن تعتقد أن العلاقة الخاصة مع «إسرائيل» التي لا يمكن فصلها عن تاريخ الشعب الألماني والشعب اليهودي، يجب أن تكون أداة للسياسة «الإسرائيلية»؟ أي، هل التسليم التلقائي لحكومة «إسرائيل» مع الخط السياسي لحكومة برلين هو شرط؟ والسؤال الآخر لماذا آنجيلا ميركل التي اعترفت في الاسابيع الاخيرة بأنها لم تقدر بشكل صحيح الاخطار الناتجة عن وجود المسلمين المتطرفين على أراضيها، تعتقد أنها يمكن أن تقدم النصيحة لحكومة «إسرائيل» حول اتخاذ القرارات التي توجد فيها أخطار على أمنها بالمعنى الاساسي لهذه الكلمة؟
الانفصال عن الفلسطينيين، بما في ذلك إقامة كيان خاص بهم، هو هدف يتفق عليه معظم «الإسرائيليين»، بما في ذلك رئيس الحكومة. لكن اقامة دولة فلسطينية الآن في ظل الوضع السائد في الشرق الاوسط، وحماس هي التي ستكون المسيطرة عليها، وستعمل فيها جهات إرهابية من دون أي ازعاج، خطر كبير على دولة «إسرائيل» ووصفة مؤكدة للحروب التي لا تنتهي.
«الخبراء» في ألمانيا الذين اقتبست عنهم «رويترز» يستخدمون انتخاب دونالد ترامب لتبرير الكتف الباردة التي يقدمونها لـ«إسرائيل». أي أن الانقلاب في الولايات المتحدة قام بزيادة تطرّف مواقف «إسرائيل». ولكن في وقت تترك إدارة ترامب القرار حول طابع حل الصراع «الإسرائيلي» ـ الفلسطيني في أيدي الاطراف وتؤيد حل الدولتين، فان الدول الأوروبية، بما فيها ألمانيا، تريد أن تفرض على «إسرائيل» حلاً لا توافق عليه.
يجب علينا التذكر أن الحزب الذي ترأسه ميركل هو الحزب الاكثر صداقة لـ«إسرائيل» في أوروبا المقسمة. ويجب على «إسرائيل» ايضاً فحص نفسها اذا كانت قد بذلت ما يكفي من الجهود لتعزيز أسس العلاقة الخاصة مع ألمانيا. ألمانيا هي الآن زعيمة أوروبا كلها فعلياً، وسيتعزز ذلك في اعقاب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والفوضى السياسية السائدة في فرنسا وإيطاليا.
لقد كان لآنجيلا ميركل في السابق دور في العلاقة بين ألمانيا و«إسرائيل»، وللدولتين مصلحة متبادلة في استمرار هذه العلاقة.
الانتخابات في فرنسا قد تكون إشارة قف للموجة اليمينية العنصرية
كتب أوري سفير في صحيفة «معاريف» العبريّة:
عمانويل مكرون الفرنسي، مرشح الوسط الكاريزماتي للرئاسة الفرنسية، بنكي واشتراكي سابق ابن 39 سنة، كفيل في بداية أيار القريب المقبل أن يصبح الرئيس التالي للجمهورية. فهو خرّيج جامعات النخبة في فرنسا، خدم كوزير اقتصاد في حكومة فرانسوا هولاند، مؤيد متحمس لتعزيز الاتحاد الأوروبي، معارض حاد للرئيس الأميركي دونالد ترامب، يتبنى اقتصاد السوق مع عطف اجتماعي، مؤيد للقيم الليبرالية ومنفتح على دخول المهاجرين واللاجئين. أغلب الظن سيتنافس مكرون في الجولة الثانية والحاسمة في الانتخابات أمام مارين لوبان التي تقف على رأس الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة.
إن الانتخاب المحتمل لمكرون المتصدر كل الاستطلاعات، سيتعارض والفهم السائد في أوساط محللي الساحة الدولية بأن الموجة اليمينية القومية المتطرفة، التي اجتاحت بريطانيا مع انتصار الخروج من الاتحاد الأوروبي وانتخاب ترامب في الولايات المتحدة، هي موجة حتمية ستغرق عموم الدول الأوروبية موجة تحمل بالاساس الكراهية للمهاجرين ورفض العولمة. ثمة خط يربط بين الخروج البريطاني، دونالد ترامب ومارين لوبان. كلها تدل على أمنية للعودة إلى القومية المتطرفة الانعزالية، كراهية المهاجرين، مثابة استعمار من الداخل، معارضة التجارة الحرّة والحركة الحرّة للاشخاص ورفض المختلف ـ المسلمين، السود، اليهود، المثليين.
في نظري، فإن الوزير نفتالي بينيت هو الرواية «الإسرائيلية» للظاهرة. من هذه الناحية، فإن الانتخابات في فرنسا، والتي ستُعقد في 23 نيسان هي ذات معنى تاريخي: هل مارين لوبان، التي تقف على رأس حزب فاشي جديد، ستفوز في الانتخابات وتقود نحو حلّ الاتحاد. هل ستعود أوروبا إلى عصر القومية المتطرّفة والعنصرية؟
معقول أم لا؟ أمام لوبان يقف وسط معتدل براغماتي يتبنى قيم اليسار: المساواة الكاملة واستيعاب المهاجرين، وله فهم اقتصادي براغماتي يؤيد السوق الحرة والعولمة. وفي هولندا ايضاً يهبط اليمين المتطرف في الاستطلاعات. في كل ما يتعلق بالنزاع «الإسرائيلي» ـ الفلسطيني، فإن الوسط المعتدل هو مع حلّ الدولتين ومعارض حادّ للمستوطنات.
يحتمل ان يكون الوسط الجديد هو الجواب على اليمين المتطرف. في حينه، كان رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير يعتبر وسطاً جديداً جاء من اليسار. كما أن المستشارة الألمانية آنجيلا ميركيل، من حزب المسيحيين الديمقراطيين الألماني هي وسط معتدل، يمين براغماتي يتبنى استيعاب المهاجرين واللاجئين.
إن انتصار مكرون في فرنسا كفيل بأن يعبر عن انتصار هام على اليمين المتطرف، إنجاز للاتحاد الأوروبي والعولمة. فهل في «إسرائيل» ايضاً يوجد جواب من وسط جديد ليمين بينيت ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو؟ سطحياً رئيس حزب «يوجد مستقبل» يائير لبيد هو هذا الجواب. فهو وسط، وكذا اشترالي وكذا مستعدّ للشراكة مع اليسار. الفرق هو أن عندنا يدخل موضوع حل الدولتين إلى المعادلة. من هذه الناحية، يائير لبيد ويوجد مستقبل ليسا وسطاً معتدلاً. فلبيد يتزلف للمستوطنين ولا يرى في الاحتلال جذر المشكلة القيمية لـ«إسرائيل». وهو ليس الردّ على بينيت. هو أخ. ومع ذلك يجب النظر في الصورة العالمية: الانتخابات في فرنسا بالتأكيد يمكنها أن تكون إشارة قف للموجة اليمينية العنصرية الخطيرة التي يقودها ترامب وأمثاله ضد النظام العالمي القائم.