من الذي سيستفيد من توجيه الضربات لـ«داعش» و«النصرة» في سورية؟
حميدي العبدالله
يتساءل كثيرون بعد بدء الولايات المتحدة وحلفائها الخليجيين والأردن بشنّ غارات على مواقع «داعش» و«النصرة» عن الجهة التي سوف تستفيد من توجيه هذه الضربات.
من الناحية الافتراضية هناك ثلاث جهات مرشحة للاستفادة من توجيه هذه الضربات، وهي الولايات المتحدة والدول المشاركة معها في شنّ الغارات، وتنظيمات المعارضة المتعاونة مع الولايات المتحدة وحلفائها، والدولة السورية. لمعرفة من هي الجهة التي سوف تستفيد من الضربات أكثر من غيرها لا بدّ من ملاحظة الآتي:
الولايات المتحدة والدول المشاركة في توجيه الضربات لـ«داعش» والنصرة، لا تستطيع أن تستولي على المواقع التي تسيطر عليها هذه التنظيمات المنتمية إلى تنظيم «القاعدة» والمصنّفة كمنظمات إرهابية تبعاً لقرارات مجلس الأمن، لأنّ الولايات المتحدة تؤكد أنها لن ترسل قوات برية إلى سورية، وبديهي أنّ قطر والبحرين والسعودية والأردن، وهي الدول التي تشارك في الغارات على تنظيمات «داعش» و«النصرة» ليس لديها القدرة لإرسال قوات برية، وبالتالي لن تترك «داعش» و«النصرة»، مواقعها الحالية لمجرّد توجيه ضربات جوية وستتكيّف مع هذه الضربات كما تكيّفت مع ضربات سلاح الجوّ السوري.
تراهن الولايات المتحدة والدول المشاركة لها في الغارات الجوية أن تؤدّي الغارات إلى إضعاف «داعش» و«النصرة» على نحو يسمح للمعارضة المرتبطة بالغرب لتكون هي القوة البرية التي تزيح هذين التنظيمين وتسيطر على المواقع التي يحتلانها الآن، لكن ليس لدى هذه التنظيمات القدرة على ذلك، لأنّ الضربات الجوية لا تؤثر كثيراً على قدرات «داعش» و«النصرة» في القتال الالتحامي، ولدى مقاتلي هذين التنظيمين دوافع تجعلهما أكثر قدرة على الصمود وصدّ أيّ هجمات للمعارضة المرتبطة بالغرب المتهمة بالخيانة الوطنية.
الجيش السوري وحده الذي برهن في الفترة السابقة أنه قادر على توجيه ضربات إلى جميع التنظيمات الإرهابية المسلحة مجتمعة، بما في ذلك «النصرة» و«داعش» و«أحرار الشام» وعشرات بل مئات التنظيمات الأخرى المسلحة، وتمكن من إزاحتها عن أكثر من 70 من المناطق التي سيطرت عليها، والجيش السوري اليوم وحده الذي يستطيع أن يستفيد من توجيه الضربات ضدّ «داعش» و«النصرة»، لأنه المجهّز والأقدر عدداً وعدةً على القيام بذلك.
بعد ذلك، هل تعمد واشنطن وحلفاؤها إلى توجيه غاراتها ضدّ مواقع الجيش السوري لمنعه من الاستفادة من هذه الغارات واستعادة السيطرة على المناطق التي تتحصّن فيها التنظيمات الإرهابية؟ دون هذا السيناريو الحرب الشاملة، إذ إنّ سورية لن تترك من قبل حلفائها، ولا سيما إيران. كما لم تكتف الدول الحليفة لسورية وفي مقدمتها طهران وموسكو وبكين بالتحذير من خرق السيادة السورية، وتجاهل التنسيق والتعاون معها، بل جرى تعزيز ذلك بإرسال شحنات جديدة من الأسلحة التي تمكّن سورية من مواجهة كلّ السيناريوات.