انتحاريان يقتلان ويجرحان العشرات بدمشق احتفالاً بذكرى «الثورة الوهابية» السلسلة تتقدّم مجلسياً ضريبة فضريبة… ورفض مشروع باسيل حزباً فحزباً

كتب المحرّر السياسي

كل شيء بات على المكشوف مع سقوط هوامش المناورات، فالأتراك لم يستطيعوا تغطية غياب الجماعات المسلحة عن أستانة بعد الاتهام العلني السوري لأنقرة بالوقوف وراء اللعب على الحبال، وتحت مطالبات إيرانية بربط مواصلة المسار بالعودة الحاسمة لمنطلقات التفاهم، وتلقي موسكو لكل ذلك بدعوة تركيا لحسم أمرها، فاضطرت أنقرة لجلب من استطاعت من جماعاتها المسلحة إلى بيت الطاعة في أستانة، ما فتح باب تصدّع في الجماعات بدأت طلائعه باستقالة مستشارها القانوني أسامة أبو زيد.

انتهى الاجتماع بدون انتظار الواصلين لتمثيل الجماعات المسلحة، الذين سيلتقون خبراء من روسيا وتركيا وإيران كلجنة تنسيق ستواصل العمل بعد انفضاض الاجتماع، لبلورة خريطة طريق لتحقيق أهداف المسار بوقف النار وفصل المعارضة عن الإرهاب، وإقفال طرق الإمداد بوجه الجماعات الإرهابية، وتدعيم مسار جنيف السياسي لبلوغ تسوية تنتهي بتشكيل حكومة موحّدة تكون الحرب على الإرهاب أولويتها وتضع دستوراً جديداً وتمهد لانتخابات.

بالتوازي مع أستانة وبعكس مسارها، تواصلت المعارك التي تخوضها جبهة النصرة في درعا والقابون ومعها الجماعات المسلحة، التي لا تزال ترفض إدانة التفجيرات الإرهابية التي تستهدف السوريين بصورة عمياء، وكان نتاجها أمس احتفالاً بذكرى «الثورة» التي بات واضحاً أنها مجرد مشروع وهابي للسيطرة على سورية وتحويلها قاعدة للإرهاب، فقتل وجرح العشرات في تفجيرين انتحاريين استهدفا قصر العدل ومطعماً بمنطقة الربوة في العاصمة دمشق.

لبنانياً، مساران أيضاً وعلى المكشوف، موازنة وسلسلة قدر لا مفر منه، ولو بتمرير ما لا غنى عنه من الضرائب وما تيسّر من الرواتب، ولكن ضريبة ضريبة ودرجة درجة، بينما قانون الانتخاب للفراغ حتى إشعار آخر، ولا أحد حتى اللحظة يجاهر بالجهوزية لتحمل مسؤولية القول، لا حلّ إلا بقانون الستين أو لا حل إلا بالتمديد، بعدما قال رئيس الجمهورية إن لا قلق لديه من الفراغ، ومن الفراغ اليوم فراغ القانون فقط، وفي طريق الفراغ تتساقط المشاريع الجديدة صرعى الأجوبة المعروفة سلفاً، وآخرها المشروع الثالث لرئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل الذي بدأ يتلقى الردود الرافضة من الأحزاب حزباً حزباً.

السلسلة تقرّ اليوم إذا..!

إذا كان يوم 15 آذار يصادف ذكرى انطلاق الحرب في سورية، فإن هذا التاريخ قد حمل في لبنان نقاشاً مفتوحاً ومستفيضاً في المجلس النيابي حول مشروع سلسلة الرتب والرواتب المعلّقة منذ العام 2014، وشهدت الجلسة التشريعية أمس، التي ترأسها نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري بدلاً من رئيس المجلس نبيه بري بسبب وفاة صهره. نقاشات مطولة حول بنود أشبعت درساً في اجتماعات اللجان المشتركة سواء في ما يتعلق بالضريبة على القيمة المضافة tva أو بفرض ضريبة على الإسمنت.

كما شهدت الجلسة الصباحية ارتفاع عدد النواب طالبي الكلام عشية الانتخابات النيابية، وأرجئت الجلسة على أن تستكمل اليوم لمتابعة نقاش وإقرار بنود الإيرادات التي وصل عددها عشرين بنداً.

واستبعدت مصادر نيابية لـ«البناء» أن ينتهي النقاش من الإيرادات وجداول السلسلة والإصلاحات في جلسة واحدة اليوم، إلا إذا تم التوافق بين النواب على عدم التوقف عند البنود التي كانت أقرّت في الجلسة العامة في العام 2014.

وكان المجلس النيابي أقرّ زيادة الضريبة على القيمة المضافة واحداً في المئة لتصبح 11 في المئة، كما تم اقرار بندي زيادة تعريفات الصكوك والكتابات المالية وزيادة رسم الطابع المالي من 3 آلاف ليرة الى 4 آلاف ليرة، كما أقرّت زيادة 6 آلاف ليرة رسم إنتاج على طن الإسمنت.

وأكد عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ابراهيم كنعان في تصريح له على مواقع التواصل الاجتماعي «إننا نأمل الالتزام بما كان قد صوّت عليه سابقاً، فالاستفاضة بالنقاشات ليست مؤشراً ايجابياً وقد لا تقرّ السلسلة غداً إذا استمر النمط نفسه».

واعترض نواب كتلة «الوفاء للمقاومة» خلال الجلسة على إقرار زيادة الضريبة على القيمة المضافة. وأكد عضو الكتلة نوار الساحلي في تصريح أن «حزب الله يرفض الضرائب المباشرة على المواطن»، متوقعاً «إقرار السلسلة في جلسة اليوم». التفاصيل صفحة 2

وفي سياق ذلك، انتُخب نقيب موظفي وعمال مرفأ بيروت بشارة الأسمر رئيساً للاتحاد العمالي العام، بإجماع أعضاء الجمعية العمومية التي انعقدت أمس. وأكد الأسمر إثر إعلان الفوز «أننا سنكون حكومة ظل تواكب القضايا المطروحة وتقف مع المسحوقين».

.. وقانون الانتخاب على هامش الجلسة

وفي ما خطفت ساحة النجمة الأضواء وتصدرت القضايا المعيشية والاقتصادية والاجتماعية واجهة الاهتمامات، إلا أن قانون الانتخاب قد حضر على هامش الجلسة التشريعية، حيث عقد رئيس التيار الوطني الحرّ الوزير جبران باسيل أكثر من اجتماع وخلوة، كان أبرزها مع النائب وائل أبو فاعور سرعان ما توسّعت لتصبح رباعية بانضمام النائبين جورج عدوان وألان عون إليها، كما شهدت خلوة جمعت وزير المال علي حسن خليل والنائب إبراهيم كنعان.

أما في المواقف حيال اقتراح باسيل الانتخابي، قال وزير الصناعة حسين الحاج حسن إن حزب الله ما زال يدرسه وسيعلن موقفه قريباً.

ومن المنتظر أن يبلغ ثنائي أمل وحزب الله موقفهما من الطرح الى باسيل مع التعليل خلال الأيام القليلة المقبلة، ورجحت مصادر مطلعة لـ»البناء» أن يحمل الموقف رفضاً لطرح رئيس التيار الوطني الحر، موضحة أن «ما يجري في موضوع طرح القوانين هو تقاذف الكرات بين القوى السياسية، لأنه من المعروف سلفاً أن مشروع باسيل سيواجه الرفض من أكثر من طرف»، معتبرة أن «زجّ الاقتراحات تلو الاقتراحات لا يعدو كونه تعبئة للفراغ بانتظار مشروع قانون مخفيّ، حيث يحمل باسيل السهام ليترك لرئيس الجمهورية ميشال عون الهامش الإيجابي، ليستطيع في لحظة ما أن يسحب مشروعه ويضعه على الطاولة بالتفاهم مع حزب الله والرئيس نبيه بري بضمانة مسبقة بموافقة رئيس الحكومة سعد الحريري»، أما الخيار الثاني بحسب المصادر فهو دخول البلاد في أزمة سياسية ودستورية تستمر لأشهر عدة». وتحدثت المصادر عن «عدم ارتياح الثنائي الشيعي لمشروع باسيل ولا يعتبران أن يشكل الحل المنتظر للأزمة، أما محاولة وضع الأمر عند الحركة والحزب هي لعبة مناورة سياسية».

وتوضح المصادر أن «المشروع الحالي لباسيل لم يعالج المحاذير والملاحظات التي وضعتها القوى السياسية على مشاريع باسيل السابقة، لجهة وجود محادل انتخابية وغياب التمثيل الحقيقي وتهميش وإقصاء قوى سياسية أخرى والتعاطي باستنسابية وانتقائية في توزيع المقاعد على أساس النظام الأكثري والمقاعد على أساس النسبي، الأمر الذي يستشف منه استهداف بعض القوى المسيحية وبعض القوى والشخصيات الوطنية والمستقلة فضلاً عن البعد الطائفي الذي يحمله الطرح».

وفي غضون ذلك، يواصل الحزب التقدمي الاشتراكي حملته على مشروع باسيل الثالث، وفي وقت أعلن أبو فاعور رفض الحزب للاقتراح في أكثر من موقف، وعلى خلفية الحديث عن مجلس الشيوخ، وجّه رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط في تصريح له عبر مواقع التواصل الاجتماعي «نصيحة أخوية»، قائلاً: «مجلس الشيوخ مرتبط بإلغاء الطائفية السياسية حسب الطائف. كفى شراء سمك بالبحر».

عون في روما ويلتقي البابا اليوم

على صعيد آخر، يواصل رئيس الجمهورية زياراته الخارجية، فبعد جولته الخليجية والعربية الى كلٍ من السعودية وقطر ومصر والأردن، وصل عون أمس الى روما في زيارة رسمية الى الفاتيكان تستمر أياماً على أن يلتقي اليوم البابا فرنسيس.

وأكد عون فور وصوله الى مطار روما، أنه يحمل الى البابا فرنسيس «رسالة محبّة باسم اللبنانيين جميعاً، ورسالة اطمئنان أن لبنان الذي تعافى يسير على طريق الوحدة وهو يتطلع الى ان يلعب مجدداً دوره في منطقته والعالم كمساحة تلاقٍ واحترام لحق الاختلاف والتنوّع، في عالم أحوج ما يكون اليوم الى سلوك دروب السلام وبناء جسور للتلاقي وليس جدران فصل بين الشعوب والدول».

واعتبر رئيس الجمهورية أن «المسيحية المشرقية التي تعيش اليوم ظروفاً صعبة على امتداد الشرق، مهد المسيحية والإسلام في آن، تتطلّع الى هذه الزيارة ببارقة أمل لتؤكد من خلالها ان لبنان، مثال العيش المشترك الواحد يبقى، على رغم الصعاب النموذج الأقوى لمستقبل الشرق والعالم على حد سواء».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى