هرج في إدارة «الفريد» بغياب «النبيه» غبار مداخلات انتخابية لا يمنع «السلسلة»
هتاف دهام
لا أحد يملأ فراغ رئيس مجلس النواب نبيه بري في إدارة جلسات مجلس النواب. هذا الكلام قاله النائب عن حزب القوات انطوان زهرا الشهر الفائت.
غاب «الأستاذ» عن ترؤس جلسة الهيئة العامة أمس لظروف عائلية. نُقلت المطرقة إلى نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري. كان بالإمكان أن تكون الجلسة أقلّ نقاشاً وأسرع وتيرة.
أقرّ المجتمعون في جلستين صباحية ومسائية 10 بنود من جدول الأعمال المؤلف من 26 بنداً وأقرّوا أيضاً 5 بنود تتعلّق بإيرادات السلسلة من أصل 20. ولم يتمّ التطرق إلى السلسلة وبنودها الإصلاحية.
ضحك ولعب ساد القاعة العامة. لا يعود ذلك لترؤس مكاري الجلسة. كانت إدارته وفق أصحاب السعادة معقولة وجيدة. يكمن السبب في النزعة الفردية لنواب اعتادوا الفوضى واللامبالاة والهرج والمرج. ضاع «سعاداتهم» بين أحقية السلسلة والمزايدات الانتخابية. مزايدات لم تغيّر من الواقع بشيء. كلّ الملاحظات المحقة التي قدّمت لن تسير. لذلك طرحت أصلاً. أية تعديلات لن تبصر النور إلا خدمة لطبقة سياسية تتحضّر للعودة مرة ثالثة إلى البرلمان إما بالتمديد وإما بالستين.
على هامش الجلسة العامة أمس، حصلت اتصالات جانبية شارك فيها رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة، وزير المال علي حسن خليل، النائبان علي فياض وجورج عدوان، أفضت إلى توافق مبدئي على تقسيط حقوق المتقاعدين كاملة وفق النسب التي تستحقّ لهم وعلى قدم المساواة مع الذين لا يزالون في مزاولة المهنة.
وعليه، تعالج الهيئة العامة اليوم خلل المتقاعدين الذين بلغوا سنّ التقاعد وتقاعدوا قبل نفاذ مشروع السلسلة الذي سيقرّ. كان الاتجاه لعدم شموليتهم بالزيادات المقرّرة سوى على نحو يتصل بزيادة شكلية تقوم على شطور عدة. السبب في ذلك حجم المتقاعدين الذي يبلغ قرابة 86000 مما يرتب أعباء كبيرة.
في مجريات جلسة الأمس الصباحية. استهلك الوقت في نقاشات عامة لم تتضمّن أية مواقف بارزة. ثم انتقل البحث إلى جدول الأعمال الذي يتضمّن في معظم بنوده اتفاقات دولية وقروضاً. لم تشهد تلك النقاشات أية مواقف استثنائية عليها «القدر والقيمة» إلا عندما بدأ البحث حول المساواة بين الشهادة الجامعية والشهادة التعليمية في ملاك التعليم الخاص والتعليم الرسمي. هنا برز تداخل بين هذا الاقتراح وما تضمّنته السلسلة في مادتها 32. انقسم النواب بين داعم لإقرار القانون من دون ربطه بالسلسلة وبين مَن دعا إلى تأجيله إلى حين مناقشة السلسلة.
هنا تدخّل النائبان عن كتلة الوفاء للمقاومة نواف الموسوي وعلي عمار وطالبا بإيقاف النقاشات واقتراحات القوانين والانتقال مباشرة إلى مناقشة السلسلة. رفض الفكرة النائب مكاري، مؤكداً الالتزام بجدول الأعمال. وافقه بذلك النائب أكرم شهيّب، إلا أنّ تأييد رئيس الحكومة سعد الحريري لمباشرة النقاش في السلسلة أدّى إلى حسم الأمر ورفع مكاري الجلسة إلى الخامسة عضراً.
في مستهلّ الجلسة المسائية دخل النواب مجدّداً في مطوّلات عامة لا تحمل جديداً يبنى عليه، وبعضها ليس على صلة بالموضوع. الانتخابات النيابية على الأبواب. الغالبية تريد تمويل حملاتها الانتخابية بتعبئة جمهورها شعارات رنانة.
كانت مداخلة الرئيس السنيورة أبرز المداخلات. استهلكت وقتاً طويلاً. علّق عليها وزير المال، بأنها بمثابة بيان وزاري صادر عن رئيس حكومة أسبق. أعاد «دولته» التذكير بكلّ مواقفه السابقة التي كان يحذر فيها من المخاطر التي يمرّ بها الاقتصاد اللبناني. ذكّر بموقفه الذي أعلن فيه تحذيره صراحة من التداعيات الخطيرة لإقرار سلسلة رواتب القضاة التي أعقبتها سلسلة الأساتذة الجامعيين والتي اعتبر السنيورة أننا ندفع ثمنها الآن، مستنكراً هذا الاتجاه الذي يسود لدى كثير من وزراء ونواب يقترحون مشاريع واقتراحات تتضمن إنفاقاً من دون أن يؤخذ بعين الاعتبار توفر إيرادات لها.
قدّم خليل مطالعة، شرح فيها الظروف التي تحيط بالسلسلة. أشار إلى حساسية الوضع المالي، لكنه رفع صوته محتداً، عندما أكد عدم التزام الكتل النيابية بما تم الاتفاق عليه في اللجنة الفرعية التي درست السلسلة أو في اللجان المشتركة التي أقرّت ما خرجت به اللجنة الفرعية. أعطى وزير حركة أمل مثالاً على ذلك: تنصّل معظم الكتل من البند المتصل بتوحيد صناديق التقديمات الاجتماعية الذي يتضمّن صندوق تعاضد القضاة. وقد حصل ذلك أمام تهويل القضاة وحركتهم الاعتراضية واتصالهم بمعظم الفرقاء السياسيين. واعتبر خليل أنّ ذلك غير مناسب ولا يخدم مناقشة السلسلة.
ثم انتقل أصحاب المعالي والسعادة إلى مناقشة إيرادات السلسلة قبل الانتقال إلى جداول السلسلة وبنودها الإصلاحية.
وبينما أقرّت المادتان الثانية المتعلقة برسم الطابع المالي بحيث حدّد معدل الرسم النسبي بـ»أربعة بالألف»، والثالثة المتعلقة بتعرفات الصكوك والكتابات والواردة في الجداول. استهلكت نقاشاً مطوّلاً، المواد: الأولى المتعلقة بالضريبة على القيمة المضافة، والرابعة ذات الصلة برسم الطابع المالي على رخص البناء، والخامسة المرتبطة برفض رسم إنتاج على الإسمنت وقدره 6000 ل.ل.
قدّم النائب علي فياض خلال نقاش المادة الأولى مداخلة، جدّد فيها موقف كتلة الوفاء للمقاومة الرافض فرض ضريبة إضافيّة بنسبة 1 ورفع القيمة المضافة من 10 لـ 11.
اعتبر فياض أنّ الزيادة تطال الطبقات الفقيرة، لأنّ ضريبة القيمة المضافة هي ضريبة غير مباشرة ذات أثر تنازلي وتطال المستهلك في نهاية المطاف.
إنّ 20 من الذين يمثلون الأسر الأكثر فقراً يستهلكون، وفق فياض، 7 من مجمل الاستهلاك. ما يعني أنّ زيادة 1 ستغرّم هؤلاء بـ 21 مليار ليرة آخذاً بعين الاعتبار أن 1 ستزيد الإيرادات 300 مليار ليرة. وأشار فياض إلى دراسة أعدّتها الجامعة الأميركية حول هذا الموضوع تدرس فيه الاثر الاجتماعي لزيادة ضريبة القيمة المضافة.
حصل نقاش طويل حول هذا البند سجل فيه النائب شهيّب اعتراضاً باسم الحزب التقدمي الإشتراكي زيادة الـ1 على الـ TVA، وكذلك فعل حزب الكتائب باسم رئيسه النائب سامي الجميّل الذي لفت الى 4.2 مليار دولار تهرّب ضريبي في لبنان بينها تهرّب من ضريبة الدخل وضريبة الـTVA هذا من دون الحديث عن التهرب في الجمارك والبضائع التي تدخل الى المرفأ والمطار والهدر والفساد. ولفت الجميّل إلى «اننا منذ 5 دقائق أقرّينا مشاريع بقيمة 456 مليون دولار، فيما السلسلة التي تبلغ قيمتها 800 مليون دولار وهي محقة أخذت سنوات من النقاش كي تقرّ، في مقابل إنفاق ملايين الدولارات على مشاريع لا يمكن اعتبارها أولوية»، مشيراً الى «مساعدات ومشاريع بأموال طائلة تذهب لجمعيات وأحزاب وسياسيين»، متمنياً على الموجودين أن يعرفوا «أن هذه الزيادة ستضرب الاقتصاد بالصميم اللبناني ومعيشة اللبنانيين».
ثم حسم الأمر بالتصويت برفع اليد لصالح إقرار الضريبة.
أخذ البند الرابع حيّزاً كبيراً من النقاش، لينتهي الأمر إلى تعديله بناء على اقتراح وزير الصناعة حسين الحاج حسن استثنى فيه الأبنية التي تنشأ للمصانع. أما البند الخامس فطال البحث فيه. انقسم النواب بين مؤيّد للضريبة 6000 ل.ل. على الإنتاج 40 نائباً من التيار الوطني الحر، المردة، حزب الله، حركة أمل، الحزب السوري القومي الاجتماعي، القوات، النائب مكاري، الوزير ميشال فرعون، والنائب سيرج طورسركسيان ، وبين مؤيد للضريبة على الاستهلاك 25 نائباً من الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل لينتهي الجدل بالتصويت بالمناداة، وفوز من أدلى بـ نعم لفرض ضريبة على الإنتاج.