أوباما وحرب الخير ضدّ الشرّ
عامر نعيم الياس
هو عالم مظلم جدّاً يقف على «مفترق طرق بين الحرب والسلام. الخير والأمل. الاضطراب والتكامل». إن «القوة هي اللغة الوحيدة التي يفهمها هؤلاء القتلة… لا يمكن أن نتعامل بمنطق مع الشر». عبارات شكّلت محور خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما في افتتاح أعمال الدورة التاسعة والستين لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي شكّل ملف الحرب ضدّ ما يسمى «الدولة الإسلامية» محور اليوم الأول، وأحد أهم محاور كلمة الرئيس أوباما.
«هي مشكلة جماعية ينبغي أن نواجهها»، دعوةٌ أميركية إلى توسيع التحالف على الإرهاب الجديد، لاقت صداها الفوري في دعوة رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون لمجلس العموم من أجل عقد جلسة يوم الجمعة المقبل للتصويت على قرار مشاركة بلاده في التحالف الدولي للحرب ضدّ تنظيم «الدولة الإسلامية». إضافةً إلى موقف لافت من الفرنسيين، الذين بدوا مصدومين من شنّ الطيران الأميركي الغارات الأولى على سورية وبمشاركة خمس دول عربية. من الواضح أنّ الإعلان عن مشاركتها «الرمزية» يتجاوز حدود الغطاء العربي الإسلامي لضرب دولة عربية وتنظيمات إسلامية، إلى ما يمكن تسميته دفع الحلفاء الأصيلين إلى اللحاق بركب التحالف و«بازارات» المستقبل. وعليه، صرّح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس: «لا مانع قانونياً من توسيع العمليات لتشمل سورية… هذا الأمر ممكن في إطار المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة».
إذاً، أوباما نجح في توظيف الغارات الأولى على سورية والتي افتتح بها حربه الجديدة في المنطقة، في اجتماعات الأمم المتحدة. فصدر قرار يحمل الرقم 2178 وتحت الفصل السابع يدعو إلى «وقف تدفّق المقاتلين الأجانب إلى سورية والعراق»، مؤكداً على «مسؤولية الدول في منع تدفّق الإرهابيين أو الجماعات الإرهابية». كما أعلن البريطانيون والفرنسيون عن نيّتهم في مراجعة موقفهم من التحالف وصلاحياته ومناطق عمله. ولعل السبب الأهم في ذلك يعود إلى فكرة صراع القيم، ومفاهيم الخير والشر. فالولايات المتّحدة عادت لتقدّم نفسها شرطياً مؤتمناً على الفضيلة وتطبيق القانون في مواجهة الهمجية. وهنا نعود إلى مقال نشرناه في صفحات «البناء» في 18 آب الماضي، وجاء فيه «الحروب هي حروب بربرية كما وصف رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق دومينيك دوفيلبان الوضع في الشرق الأوسط قبل أيام، من دون أن يشير إلى الحرب الأهلية مباشرة، وعلى اعتبار أنّ هذه الحروب بربرية وغير متمدّنة ومتوحّشة، فإنها تبرّر التدخل العسكري المباشر من جانب الغرب في الدول التي ترزح تحت هذه الحروب بحجّة التدخّل الإنساني، لكن عندما يقرّر ذلك… كما أنّ توصيف هذه الحروب بأنها غير متمدّنة يبقي الباب موارباً أمام حرب استنزاف طويلة الأمد حتى تنضج ظروف تدفع الدول الكبرى إلى التوافق، كما هي الحال في الأزمة السورية».
تحدّث أوباما عن هامش زمنيّ لحربه يتراوح بين السنة وعشر سنين، وذلك في مؤشر إضافيّ على الهدف من وراء تمييع الفترة الزمنية، وتمييع قائمة الأهداف والتي يمكن وصفها بالغامضة والفضفاضة في آن واحد. فالصراع مع روسيا تحديداً التي شكّلت المحور الثاني من خطابه، يفرض مراجعةً شاملة للنظام الذي أفرزته الحرب العالمية الثانية. كلمة سرّ تشكّل أساس أيّ رؤية للمنطق العام للأحداث التي نشكل نحن في سورية والإقليم ساحةً رئيسية من ساحاتها، فالحرب مستمرة وستشكل الملف الأبرز الذي سينقله الرئيس أوباما إلى خلفه بعد أقل من سنتين من الآن. هي حرب أربعة رؤساء أميركيين بانتظار الخامس، فيما تتوسع قائمة الأهداف كل عقد. فبدايةً بالصومال والسودان، مروراً بأفغانستان والعراق وباكستان واليمن، واليوم سورية.
كاتب سوري