صواريخ سورية تلاحق الطائرات «الإسرائيلية» في سماء القدس السنيورة يتحدّى الحريري ويرفض السلسلة… ونصرالله يطلّ اليوم

كتب المحرّر السياسي

حدثان يدقّان أبواب القمة العربية قبل أسبوع من موعدها، الأول ما قدّمته سورية من قمم الأفعال لا الأقوال بردّ رادع غيّر قواعد الحرب، كما قالت القنوات التلفزيونية «الإسرائيلية» وأنهى زمن التفوّق الجوي «الإسرائيلي»، والثاني من نيويورك بصفعة وجّهتها الأمينة العامة لمنظمة الأسكوا ريما خلف لوجوه الحكام العرب قبل أن تصل لوجه الأمين العام الجديد للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس، الذي طالبها بسحب تقرير منظمة الأسكوا الذي يفند السياسات «الإسرائيلية» بحق الفلسطينيين ويصل لاستنتاج وصفها بسياسات الفصل العنصري، «الأبارتايد»، ففضلت الاستقالة بشرف على الخضوع المهين للأخلاق والعلم والإنسانية ولما تبقى من عرب سيجتمع حكامهم في قمة، لن يجرأوا على اتخاذ قرار فيها تعيين العربية ريما خلف أميناً عاماً لجامعتهم التي يتبوأ منصب خيانة ميثاقها باسم الأمانة مَن خضعت تسميته لموافقة «إسرائيل» قبل أن يجرأ الحكام على تعيينه مكافأة له على التهديد بكسر أقدام فلسطينيي غزة المحاصرين قبل أعوام، ولأن لا مكان لريما خلف في الجامعة وأمانتها، فلن يجرأ الحكام أيضاً على ترشيحها باسم العرب جميعاً لرئاسة منظمة اليونيسكو التي يتبارون نحوها في تجميع الأصوات لمرشحين أغلبهم يسعى لكسب الودّ «الإسرائيلي».

الحدث السوري النوعي الذي دقّ أبواب تل أبيب سمعت أصداؤه في عواصم العالم معلنة بداية زمن جديد لـ«إسرائيل» في المنطقة، زمن لا مكان فيه لتفوّق مزعوم، ولا حرب بلا ضوابط، ولا لقدرة ردع، وأزعر الحي الذي لا يحاسبه أحد، والحرب التي راح يروّجها ولي ولي العهد السعودي في واشنطن تحت شعار فصل حرب الجنوب عن حرب الشمال، وواكبه الانتحاريون في دمشق لتقديم أوراق الاعتماد، حصدت خيبتها بفقدان «الإسرائيلي» قدرة الإسناد بعد الذي جرى أمس. والحرب بالأصل «إسرائيلية» القرار و«إسرائيلية» الخطة، ولا قدرة على خوضها من دون الإسناد «الإسرائيلي» الذي تعهّد بالغطاء الناري وإبعاد الجيش السوري وحزب الله من جنوب سورية.

الصواريخ السورية تلاحق الطائرات «الإسرائيلية» فوق الأردن، وتطاردها في أجواء القدس، تحية بتوقيت مناسب للشهيد باسل الأعرج يوم تشييع جثمانه الذي أفرج عنه «الإسرائيليون» أخيراً، وكلها علامات زمن عربي جديد يطلّ مع عودة التعافي لسورية، والتنامي بقدرات جيشها وقدرات المقاومة التي يطلّ قائدها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اليوم لوضع النقاط على حروف كثيرة لبنانية وغير لبنانية.

لبنانياً، لا يزال الجدل على جنس الملائكة في سلسلة الرتب والرواتب، بين كيفية التملّص من مسؤولية تأمين الواردات بضرائب على الميسورين ومن يجنون الأرباح، وفي طليعتهم المصارف، وبين الخشية من أن تفجّر الضائقة الناتجة عن فرض الضرائب على الفقراء، غضباً يغيّر نتائج الانتخابات النيابية، فيشتغل المقصّ في السلسلة وفي الرواتب والرتب والضرائب بحثاً عن تسوية تحفظ ما تبقى من ماء الوجه، مثلما يُشتغل في قانون الانتخابات، وتخرج الحصيلة في الحالين مشوّهة بلا معايير موحّدة، وتقع الفضيحة مهما نالت من أسماء، فيصير التملّص مخرجاً مؤقتاً، قبل أن يخرج الرئيس فؤاد السنيورة للعلن موزّعاً كلمته مجدداً حول أسباب رفض السلسلة متحدّياً قول رئيس الحكومة بالإصرار على إقرارها.

معركة السلسلة مستمرة

لم ينجلِ غبار معركة سلسلة الرتب والرواتب التي دارت رحاها أمس الأول، في قاعة التشريع في المجلس النيابي وخارج أسواره، حيث الشارع الثائر على رفض الضرائب الجديدة التي تستهدف الطبقات الفقيرة ولا تطال قطاعات المصارف والعقارات والأملاك البحرية.

ويبدو أن المعركة مستمرّة في جولة صراع جديدة وشدّ حبال بين الحراك المطلبي والشعبي وبين «تكتلات رأس المال» التي شحذت أسلحتها وقدراتها المالية والإعلامية للتأثير على قرار المجلس النيابي والشارع معاً لتمرير مصالحها والحفاظ على مكتسباتها، حتى موعد الجلسة المقبلة التي سيحددها رئيس المجلس النيابي نبيه بري المرجّحة يوم الأربعاء المقبل، لكن جدول الزيارات الخارجية لرئيس الحكومة سعد الحريري الى القمة العربية في الثالث والعشرين من الشهر الحالي ولوزير الخارجية جبران باسيل الإثنين المقبل، سيفرض نفسه على حسم الملفات وربما تأجيلها لأسبوعين لمزيدٍ من التشاور لإنضاج الحلول.

وفي حين أثارت لائحة الضرائب المسرّبة التي تطال لقمة عيش المواطن ومياهه وطبابته، وبدأت بعض المؤسسات والمحال التجارية بتطبيقها من خلال رفع أسعار السلع الغذائية والطبية الأساسية، حذرت وزارة الاقتصاد والتجارة في بيان بأنها «سوف تتشدّد في ضبط أي محاولات للاحتكار او لرفع الاسعار دون وجه حق، حيث سيتمّ اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين وإحالتهم أمام القضاء المختص».

وقالت مصادر نيابية في تيار المستقبل لـ«البناء» إن «ما حصل في الجلسة التشريعية الأخيرة خلط الأوراق وبات من الصعب الفصل بين السلسلة والضرائب وتداخلت مواقف القوى السياسية بين بعضها، ولا أحد يستطيع التكهن بما سيحصل والاحتمالات مفتوحة، بانتظار أن يعود المايسترو الرئيس نبيه بري ليلعب دوره ويتشاور مع رؤساء الكتل للتوافق حول صيغة معينة تجمع ما بين إقرار السلسلة التي هي حق للموظفين وتأمين الإيرادات كي لا نقع في مشكلة أخرى». وأوضحت المصادر أن «الكتلة وافقت على الضرائب التي أقرت في المجلس ولم توافق على الضرائب التي تطال الطبقات الفقيرة والمتوسطة، وطالبت أن تكون الضريبة على الإسمنت على الاستهلاك وليس على الإنتاج، لكي يتاح للمنتجين اللبنانيين التصدير الى الخارج بأقل كلفة لكن لم تمرّ، أما الضريبة على التنباك فهو مشروع مقدّم من عضو الكتلة النائب عاطف مجدلاني».

وعن الضرائب على المضاربات العقارية، تساءلت المصادر: «أي نوع من الضرائب ستفرض على العقارات لا سيما وأن هذا القطاع تراجع وأصيب بالجمود بسبب الأوضاع المحلية والخارجية، أما الأملاك البحرية والضرائب على فوائد المصارف، فلم نصل إليها بعد وتحتاج الى نقاش ودراسة، لكننا موافقون على فرض ضرائب على الأملاك البحرية ونفضل زيادة الرسوم على المصارف وليس على المودعين، ونحن مع إقرار السلسلة، لكن مع البحث عن موارد لها».

ولم يهدأ غضب الشارع اعتراضاً على أية ضرائب جديدة تفرص على ذوي الدخل المحدود، حيث نفذ الحراك المدني سلسلة اعتصامات في ساحة رياض الصلح في بيروت وفي التل في طرابلس رفضاً للضرائب وللمطالبة بوقف الهدر لتمويل سلسلة الرتب والرواتب، كما قطعوا أوتوستراد المنية – العبدة الدولي في الاتجاهين. كما دعا الحراك الى التظاهر اليوم أمام مصرف لبنان.

اللمسات الأخيرة على مشروع الموازنة

أجواء الجلسة النيابية ونتائجها في الشارع، حضرت على طاولة مجلس الوزراء في الجلسة التي عقدت أمس في السراي الحكومي، برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري وخصصت لإجراء قراءة نهائية لمشروع الموازنة العامة.

ووضعت الحكومة اللمسات الأخيرة على المشروع والمراجعة وأنهت موازنات الوزارات على أن يوزع المشروع الموازنة بكامل بنوده على الوزراء للاطلاع عليه قبل التصويت عليه في جلسة تحدّد لاحقاً الأسبوع المقبل في قصر بعبدا يرأسها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.

وأكد الحريري بعد الجلسة أن «ما قيل عن زيادة الضرائب على الخبز والبنزين وتلك اللائحة الطويلة التي رأيتموها، كلها كذب وأي ضريبة من هذه الضرائب ليست داخلة لا في سلسلة الرتب والرواتب ولا في الموازنة العامة التي نناقشها، وإذا كان هناك ما نريد طرحه، فسنطرحه بكل وضوح. الضرائب والرسوم التي كانت مفروضة ضمن السلسلة معروفة منذ العام 2014 وليس هناك أي شيء جديد أضيف على هذه السلسلة».

وأشار وزير الداخلية نهاد المشنوق بعد الجلسة أن «التحقيقات بدأت بما كتب وبالتجريح والتشهير والمعلومات المغلوطة على مواقع التواصل الاجتماعي»، بينما لفت وزير الصناعة حسين الحاج حسن إلى أننا «بحثنا التخبّط الحاصل في البلد وكل وزير أبدى رأيه، وهناك إصرار على إقرار الموازنة والسلسلة». ودعا وزير الصحة غسان حاصباني لـ«الخروج من المزايدات والتركيز على الإصلاحات».

نصرالله يُطلّ اليوم

ووسط هذا المشهد الداخلي والمستجدات الميدانية على الساحة السورية، يُطلّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اليوم في ذكرى ولادة الزهراء، وسيتناول السيد نصرالله في الشق الأول من كلمته مجموعة من الموضوعات التربوية والأخلاقية والدينية التي ترتبط بالمناسبة، أما في شقها الثاني فسيتطرق الى الشأن السياسي في الداخل لا سيما قانون الانتخاب والضرائب وما شهدته الجلسة النيابية. وقد يتطرّق الى التطور الميداني على الجبهة السورية بشكل موجز وربما يؤجله إلى محطات أو مناسبات مقبلة.

وفي قانون الانتخاب سيجدّد السيد نصرالله، بحسب ما علمت «البناء» تمسك حزب الله بالنسبية الكاملة التي تحقق عدالة التمثيل للخروج من أزمة القانون، لكنه سيؤكد من جهة ثانية على أن الحزب منفتح على الصيغ والاقتراحات كافة ويرحّب بالافكار التي تطرح، لكن لن يعلن الرفض أو قبول اقتراح باسيل الانتخابي.

وفي موضوع الضرائب والموازنة والسلسلة، سيجدّد السيد نصرالله رفض الحزب لفرض ضرائب جديدة تطال الطبقة الفقيرة من الشعب لا سيما على القيمة المضافة وسيدعو الحكومة والمجلس النيابي للبحث عن موارد أخرى كمكافحة الهدر والفساد والتهرّب الضريبي من المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال لتمويل العجز في الخزينة وإيرادات سلسلة الرتب والرواتب.

المشنوق سيدعو الهيئات مجدداً

وفي غضون ذلك، أعلن المشنوق، أنه «بعد تشاوري مع رئيس الجمهورية سأدعو مجدداً خلال يومين الهيئات الناخبة في 18 حزيران». وقال: «إذا رفض رئيس الجمهورية التوقيع، فلكل حادث حديث».

وإذ يعلن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط موقف الحزب حيال طرح التيار الوطني الحر، تحدّثت مصادر التيار الوطني الحر عن لقاءات تحصل مع الحزب الاشتراكي في محاولة لوضع الخلاف على قانون الانتخاب في إطاره، إلا أن النائب وائل أبو فاعور أوضح في تصريح أن «هذه الاجتماعات بيننا والتيار الحر تناقش العلاقات بين الطرفين والخلاف حول قانون الانتخاب وليس بين التقدمي والتيار».

ويعقد تكتل التغيير والإصلاح اجتماعاً استثنائياً صباح اليوم برئاسة رئيس التيار الوطني الحر.

وقالت مصادر مطلعة لـ«البناء» إن «مسألة قانون الانتخاب غير واضحة حتى الآن ولا تقدّم على صعيد التوافق حول قانون جديد»، مرجّحة أن «تتجه الأمور الى التمديد للمجلس الحالي وتأجيل الانتخابات حتى الاتفاق على قانون جديد»، لكنها حذرت من الوقوع في خطر الفراغ النيابي، ولفتت الى أن قانون الانتخاب والمطالب الاجتماعية والموازنة ملفات يجب أن تعالج، قبل أن نصل الى الأسوأ في ظل تفاعل الشارع، لكنها لفتت الى أن «الاستقرار الأمني خط أحمر ويجب أن تكون التحرّكات كافة في إطارها السلمي، وتحت سقف القانون لأن الأمن أولوية في هذه الظروف الداخلية والخارجية».

وأوضحت أوساط مستقبلية لــ«البناء» أن «التيار يفضّل القانون المختلط، لكن لا يمانع قانون باسيل ويجري نقاشه في المستقبل بجدية وقد يوافق عليه، لكن لن يعلن موقفه بانتظار مواقف الأطراف الأخرى لا سيما النائب جنبلاط، لكنها لفتت الى «أن لا مؤشرات لحصول توافق على اقتراح باسيل، وبالتالي فإن ملف قانون الانتخاب مؤجل حتى إشعار آخر».

فرنجية في بيت الوسط

وكان الحريري قد استقبل أمس في بيت الوسط، رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية يرافقه وزير الأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس والوزيران السابقان روني عريجي ويوسف سعادة، بحضور الوزير غطاس خوري والسيد نادر الحريري.

وتناول اللقاء المستجدّات السياسية والأوضاع العامة. واستبقى الحريري الوفد الى مائدة الغداء.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى