قالت له
ـ قالت له: لماذا تردّد دائماً أفعل هذا لأجلك، وأنت تعلم أنّ الكثير من ذلك أطلبه ليكون على صورة رسمتها لك في مخيلتي، فهل يصير جمال لباسك تضحيةً لأجلي؟
فقال: في الحبّ بعض ادّعاء ومبالغة ورغبة بالشعور بالظلم والأسى واللاتوازن في التضحية، لكنّ المهم أنه إذا جمعنا ما يمتنع عنه كلّ منّا، أو ما يفعله وينسبه إلى حبّه للآخر، وأقمنا المقارنة والقياس، ألا تميل الكفّة كثيراً لأحدنا؟ أو يبدو أحدنا مرغماً على أن يكون كما يحبّ الآخر أن يراه؟ بينما الأجمل أن يكون هو النسخة الأصلية التي يرى فيها الحبيب ما يحبّ أن يراه. لأنها بالأصل كانت كذلك، فعلينا الاختيار أيهما أجمل في الحبّ، وأيهما أقرب إلى القلب، وأن نختار دائماً للوصول أقصر درب.
قالت له: هل قياس الحبّ هو حجم القلق على الفقدان، أو قياس حجم التعلّق والتضحية للبقاء؟
فقال لها: لا هذه ولا تلك، الحبّ هو حجم ونوع وطريقة واستدامة واستقامة الاهتمام بفقدان وبقاء، فهناك من نشعر أنّ ملاحقتهم تسبّب لنا ضيق التنفّس، وهناك من نطلب منهم أن يسبّبوا لنا هذا الضيق، لكنهم يرون أنّنا من يسبّب لهم انقطاع الهواء. فتذكّري أنه مثلما هناك من يعتب علينا بداعي عدم كفاية الاهتمام، هناك من نعتب عليه بالداعي ذاته. ومثلما نجد العذر في الظروف، يجد غيرنا العذر في الظروف. فهل عرفت من تحبّين؟
فقالت: لا، لقد عرفت من يحبّني وكفى.