الحريري قدّم مقترحاً «انتخابياً» لفرنجية و«المردة» مرتاح
روزانا رمّال
ليست الأجواء على ما يُرام بالنسبة لمرشحي الشمال، وبعضهم بات ينتظر شكل قانون الانتخاب لكي تتوضح صورة المرحلة المقبلة ولكي يبصر قانون الانتخاب النور، حتى في بلد بات تفصيل القوانين فيها على القياس، وفي بلد لا يرغب أحد فيه بالتنازل عن مقعد لصالح التمثيل العادل، لا يبدو أن أي خجل يصاحب انكشاف اللعبة التي تؤخر إصدار قانون، الكل يريد تكبير حصته.. لا يريد أحد أن يخسر، هذا ما يؤكده أمين عام حزب الله في خطابه الأخير وما أكده رئيس مجلس النواب نبيه بري لزواره..
وعلى أن الثنائية الشيعية تبدو واثقة من أمورها ومستعدّة للتنازلات كما توحي، تبدو الثنائية المسيحية المستجدة العونيين والقوات قد خلطت الامور أكثر وباتت مسألة حسم الانتخابات في مناطق مسيحية متداخلة مع قوى وازنة خارج هذه الثنائية أصعب، وهو الأمر الذي لا تعاني منه الثنائية الشيعية التي لا ينافسها قوى حية صاحبة ثقل في ساحتها.
انتخابات الشمال ازدادت صعوبة بترشيح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بوقت مبكر المرشح فادي سعد لمقعد البترون، الأمر الذي أربك الحليف المرشح أصلاً لانتخابات البترون رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. الأمور بين الحليفين جيدة، لكنها قابلة لتوتر. هذا ما يجمع عليه المراقبون فالسياسة ايضاً واستمرارية التحالف وأهمية توثيقه تحتاج أيضاً تنازلات.
بلفتة إيجابية كشف رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في مناسبة سابقة بعشاء التيار الوطني الحر في ذكرى 14 شباط عن موقف منسجم مع مبدأ التوافق الجاري «الاستقرار السياسي يكون بتعميق التفاهم مع القوات اللبنانية وتوسيعه نحو الكتائب من دون استثناء المردة»، وفي هذا تلميح غير مباشر للاستعداد لمدّ اليد انتخابياً بالمباشر وغير المباشر. فالتيار لا يمانع اي تقارب مستقبليـ كما يبدو.
وبالعودة للحديث السابق عن تحميل الرئيس سعد الحريري مسؤولية معنوية عن انتكاسات تعرّض لها الوزير سليمان فرنجية في مرحلة ترشيحه اياه لرئاسة الجمهورية ولما ترتب على فرنجية من مواقف قبل أن ينقلب الحريري على خياره ويرشح العماد ميشال عون للجمهورية مقابل مقايضة رئاسة الجمهورية برئاسة الحكومة على أن تُسند للحريري وعن وجوب تحمّل الحريري مسوؤليات أضرار لحقت بمن اعتبروه «صديقاً» مقرباً، وربما وفياً بمكان «ما» وخاب ظنهم، ارتفعت نسبة الترجيحات في لحظة تشكيل الحكومة على ان الحريري سيدفع ثمناً مستحقاً عليه تجاه المردة. وهو الأمر الذي ترجم ببعض العروض بحقائب وزارية وبعضها كصيغ رفضته المردة، أما اليوم فتعود الترجيحات نفسها لتتحدّث عن إمكانية تعاون وتنسيق بين الحريري وفرنجية في الانتخابات النيابية المقبلة ضمن «الثمن» المفترض نفسه للمحافظة على الصداقة «الجيدة»، والتي يبدو أن الطرفين لا يرغبان بتعريضها للمخاطر. هذا ما يؤكده لقاء عقد بالأيام الماضية في «بيت الوسط»، بين الحريري ورئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية، بحضور وزير الأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس والوزيرين السابقين روني عريجي ويوسف سعادة، والوزير غطاس خوري ونادر الحريري.
أما انتخابياً، فقد علمت «البناء» أن هناك اتفاقاً جرى بين المردة والمستقبل حول التنسيق في الشمال بوقت تبدو أوساط المردة مرتاحة جدا لوضعها في الانتخابات، مرتكزة على متغيرات أساسية بالمقارنة مع انتخابات عام 2009. فالضخّ المالي والمعنوي والظروف السياسية التي كانت تحيط بقوى مثل 14 آذار والثقل الذي كان يشكله الحريري او «التفوق» وثقل الحريري ليس موجوداً لهذا فإن المعركة ستكون مرتاحة «اذا جرت». وتضيف المعلومات «أن ترشيح جعجع المبكر أربك باسيل، وأن الأخير تواصل مع حزب الله بشأن صيغة تعاون غير مباشرة مع المردة يطلب فيها عدم تدخل المردة بانتخابات البترون مقابل عدم تدخل التيار الوطني الحر بزغرتا وأن فرنجية رفض الفكرة».
بالمقابل تؤكد المصادر أن الحريري عرض التحالف مع فرنجية قبل زيارته الأخيرة لبيت الوسط مقابل ثلاثة أمور طلبها الحريري.
أولاً مقعد ميشال معوض في زغرتا، ثانياً تأمين تحالف مع الرئيس نجيب ميقاتي في طرابلس، وثالثاً الصوت العلوي بالشمال مقابل مقعد كريم الراسي لـ«المردة» في عكار وجهاد الصمد في الضنية ومقعد في الضنية او طرابلس حسب المقعد العلوي أو المسيحي هناك والتقسيمات.
التوافق الذي ترغبه كتلة المستقبل مع المردة بدا واضحاً بعد الزيارة الودية جداً التي جرت بين فرنجية والحريري. وعلى هذا الاساس يمكن توقع إيجابية في الملف الانتخابي بين الطرفين ضمن سلسلة التوافقات الجارية في البلاد. وربما يكون هذا الخيار الذي انتهجه الحريري نقطة وسط وارتكاز لتقريب وجهات النظر مستقبلاً بين الطرفين مع دور يلعبه حزب الله على خط المردة والتيار الوطني الحر. كل هذا مؤجل لما بعد الانتخابات على ما يبدو، إلا إذا جرى ما تتوقعه الأوساط «إيجاباً».