عنوان العنصرية الدولية والانحياز ضدّ النساء…
بلال شرارة
ليس مفاجئاً ان تقع ضغوط الأمين العام الجديد للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس على الأمينة العامة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية الاسكوا السيدة ريما خلف الوزيرة ونائبة رئيس مجلس الوزراء في الأردن سابقاً بشأن استنتاجاتها المتعلقة بتقرير منظمتها والذي خلص الى أنها ترى في «إسرائيل» نظاماً للفصل للعنصري.
أقول إنّ الأمر لم يكن مفاجئاً بالنسبة لي ليس لأنّ المنظمة الدولية وصمت «إسرائيل» بما هي عليه فحسب، وإنما لأنّ المجتمع الدولي الذكوري يكذب بشأن إشراك المرأة ومشاركتها، وهو لا يريد أن يراها في أعلى المراتب وفي سلطة القرار الوطني والأممي.
أنا لست قاضياً ولا محامياً ولا جلاداً ولست مواطناً برازيلياً أو كورياً جنوبياً لأقبل أو أرفض أو أتفهّم معنى وأسباب إخراج الرئيستين البرازيلية والكورية الجنوبية من السلطة بتهم تتصل بالفساد. فالفساد ليس أساساً صفة انثوية بل هو صفة بشرية رافقت على الأغلب الذكور الفاتحين والحاكمين والإداريين فيما كانت المرأه تغط في سبات عميق، أو كانت هي تخضع للاستبداد الذكوري وتقبل بمهمات ثانوية إضافة الى أدوارها المنزلية، لذلك تراني لست متفاجئاً بأن تصل مثل هذه العدوى من السلطات الوطنية الى رئاسة المنظمة الدولية، وأن يقوم الأمين العام الجديد للأمم المتحدة أنطونيو غويتريس في باكورة أعماله بالضغط على السيدة خلف لسحب تقريرها المتعلق بعنصرية «إسرائيل» وبنظام الابارتايد الذي تمثله بإحراجها لإخراجها من منصبها. وهذا ما حدث فعلاً حيث قدّمت السيدة خلف استقالتها وسط صمت عربي رسمي.
يأتي إخراج هذه المسؤولة الدولية في وقت يشهد عدد النساء في فرعي الحكومات التنفيذي والبرلماني ركوداً حول العالم، فيما تشير خريطة الترتيب العالمي للنساء في مواقع القرار لدى السلطات على الصعيدين الوطني والإقليمي 1/1/2017 إلى تقدّم بطيء في تحقيق المساواة بين الجنسين حسب الخريطة التي قدمت في مؤتمر صحافي مشترك بين الاتحاد البرلماني الدولي وهيئة المرأة في الأمم المتحدة خلال اجتماعٍ عقد في نيويورك في إطار الدورة التي جرت للجنة المعنية بوضع المرأة.
فقد كشف تقرير المؤتمر انه يوجد في العالم 53 رئيسة برلمان من أصل 273، وتبلغ مشاركة النساء في المستوى الوزاري 18.3 بالمئة. وقد شهدت الأميركيتين في مطلع هذا العام 2017 مكاسب كبيرة بارتفاع تمثيل النساء إلى 25 ، وفي آسيا تشغل النساء 11 من المناصب الوزارية، وكانت المكاسب طفيفة في البلاد العربية حيث وصل تمثيل النساء في المناصب التنفيذية إلى 9.77. وفي أوروبا بلغت النسبة الإجمالية 22.5.
هنا لا بدّ من الإشارة في كلّ الحالات إلى إلقاء مسؤولية حقائب غير محورية على المرأة منها حقائب مثل المناخ والتنمية المستدامة والبيئة في وقت انخفض عدد النساء المسؤولات عن شؤون المرأة بنسبة 10 64 وزيرة من أصل 77 ويلاحظ ارتفاع عدد الرجال على رأس تلك الوزارات.
في كلّ الحالات فإنّ الاطاحة بالسيدة ريما خلف وإخراجها يشير كذلك الى استهداف مواقع المرأة وأدوارها تحت ايّ ذريعة خصوصاً أنّ السيدة خلف لم تقم بأيّ عمل خارج عن السياق الموضوعي وجلّ ما فعلته هو تبني تقرير دولي يدين «إسرائيل». نحن نعتقد انّ السيدة خلف تستحق إدارة موقع في جامعة الدول العربية يهتمّ برصد الجرائم والانتهاكات والممارسات الاسرائيلية في ذروة الحرب الإسرائيلية الجارية لتهويد فلسطين ونشر الاستيطان ودفع عرب فلسطين الى ترانسفير جديد ونسف منازلهم وتجريف أرضهم واقتلاع مزروعاتهم ومصادرة أملاكهم وتضييق سبل العيش عليه.