الأمين العام لمؤتمر الأحزاب العربية يؤكد لـ«البناء» و«توب نيوز» أنّ كلام أوباما تراجعي صالح: العمليات العسكرية الأميركية لا تحصل إلا بموافقة دمشق
حاوره محمد حميّة
اعتبر الأمين العام لمؤتمر الأحزاب العربية عضو المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي قاسم صالح أنّ «التمديد للمجلس النيابي حاصل وأول مؤشراته الجلسة التشريعية التي ستعقد قريباً». وأشار إلى أنّ السعودية لا تريد حصول التنسيق بين لبنان وسورية في موضوع محاربة المجموعات الإرهابية وحلّ قضية العسكريين المخطوفين، لافتاً إلى أنّ المجموعات الخاطفة «تستفيد من الإرباك الحاصل في الحكومة اللبنانية، وقد لجأت إلى عمليات الذبح للضغط على الحكومة».
وإذ لفت صالح إلى أنّ الجيش السوري «يحقق تقدماً ميدانياً الآن في ريف حماة وريف دمشق»، أوضح «أنّ الظروف لم تنضج بعد للحلّ السياسي للأزمة السورية»، معتبراً أنّ «كلام أوباما عن ضرورة مكافحة الإرهاب والحلّ السياسي في سورية هو تراجع أميركي ونجاح لمنطق القيادة السورية ورؤيتها».
واعتبر صالح أنّ «من إيجابيات الحرب على سورية أنّ القطبية الواحدة على المستوى الدولي التي تقودها أميركا انهارت، وروسيا تمكنت من أن تعود لتفرض نفسها لاعباً أساسياً على الساحة الدولية وأن تعيد الثنائية القطبية».
ولفت صالح إلى أنّ ما يُقال عن قدرة للمجموعات الإرهابية على دخول بيروت «مجرّد أوهام»، لافتاً إلى «أنّ الشهر المقبل سيشهد تحولاًً إيجابياً في المعركة الحاصلة في عرسال».
ثبات الموقف السوري
وفي حوار مشترك مع «البناء» و«توب نيوز» وعما يُحكى عن تراجع من قبل الدولة السورية عبر التنسيق مع أميركا في شأن الضربات الأميركية لـ«داعش»، قال صالح: «لقد أعلن جميع المسؤولين السوريين منذ البداية أنهم سيقفون ضدّ أية عملية عسكرية إذا لم يتم التنسيق مع الحكومة السورية، بمعنى أن تكون القيادة السورية على علم بالضربات التي ستشنّها أميركا على القواعد الداعشية وجبهة النصرة على الأراضي السورية، والذي حصل هو أنّ مندوب أميركا الدائم في مجلس الأمن أبلغ مندوب سورية، كما أنّ وزير الخارجية العراقي أبلغ وزير الخارجية السوري رسالة من أميركا حول هذه الضربات، ما يعني أنّ الشرط الذي وضعته سورية للموافقة على العمليات العسكرية حصل ولم يتمّ الأمر بمعزل عن الحكومة السورية، لذا لا يمكن أن نقول إنّ هناك تناقضاً أو تغييراً في الموقف السوري بل إنّ الذي تغيّر هو الموقف الأميركي، وموقف الرئيس باراك أوباما الذي أعلن في البداية أنه سيضرب أهدافاً لداعش داخل سورية من دون التنسيق مع الدولة السورية ثم تراجع».
ولفت صالح إلى «أنّ سورية لها مصلحة في ضرب مواقع داعش»، مؤكداً أنّ «الرهان الأميركي على معارضة معتدلة هو رهان خاطئ، فلا وجود لهذه المعارضة وهي تشبه المجموعات الموجودة في الفنادق بعد أن جرى حلّ المجلس العسكري التابع لها». وأوضح «أنّ أميركا تكابر، وقد انخرطت في المواجهة ضدّ سورية ودعمت هذه المجموعات الإرهابية، لكنّ ما جرى أثبت أنها غير جديرة بمواجهة النظام السوري، فسقطت معاقل ما تسمّى بالمعارضة المعتدلة بيد الجيش السوري من جهة وبيد الجماعات الإرهابية من جهة ثانية، ولم يبقَ في الميدان إلا الإرهابيون والجيش السوري».
الموقف الإيراني
وحول موقف إيران بأنّ الضربات العسكرية الأميركية على أهداف «داعش» في الأراضي السورية «انتهاك للسيادة السورية»، أوضح صالح «أنّ هناك خلافات جدية قائمة بين إيران من جهة والولايات المتحدة والغرب من جهة ثانية، والملف النووي لم يصل إلى خواتيم الحلّ لذا لا يزال هناك نوع من الصراع بينهما، ولا يمكن طهران أن تقدم تسهيلات لأميركا، وما حصل كان موقفاً مبدئياً، لأنّ إيران ضدّ التعامل مع الأميركيين خصوصاً في العمل الميداني، وبالنسبة الى روسيا فقد سعت أميركا إلى خلق جو من التوتر في الحديقة الخلفية لها أي في أوكرانيا، وهناك إجراءات تقوم بها ضدّ روسيا عبر تقديم دعم كامل للحكومة الأوكرانية التي تشكل خاصرة روسيا في المرحلة الحالية، إضافة إلى إدخال أوكرانيا في حلف الناتو والعقوبات الأوروبية المفروضة على روسيا». وقال: «إنّ روسيا تدرك أنّ هناك مؤامرة عليها، لذلك لا اعتقد أنّ الموقف الروسي سيتغيّر قبل أن يُصار إلى حلّ لهذه الأمور».
وتابع صالح: «إذن لا يوجد أي تناقض بين الموقف الإيراني والروسي من جهة وبين لموقف السوري من جهة ثانية، لأنّ موقف روسيا وإيران واضح في دعم سورية بالسلاح والعتاد وفي المجال الاقتصادي والمالي، وهناك حلف مقدّس بين هذه الدول»، مؤكداً «أنّ موقف الرئيس الإيراني حسن روحاني موجه إلى الولايات المتحدة الأميركية وليس إلى سورية، فهناك تفهّم من قبل القيادتين الروسية والإيرانية للموقف السوري، وسورية تحاول أن تستفيد مما يجري لإنهاء الأزمة السورية بأقلّ كلفة ممكنة».
القرار 2170 وآلياته
وتطرق صالح إلى القرار 2170 المتعلق بمكافحة الإرهاب، موضحاً «أنّ روسيا وافقت على هذا القرار في المبدأ وهي تفتش عن الآليات، لأنّ القرار يجب أن يترافق مع آليات وهي تدعو إلى العودة إلى مجلس الأمن في أية عملية عسكرية وهو يتخذ هذا القرار ليشكل غطاء للعمليات العسكرية التي تحصل في العراق وسورية، وما حصل أخيراً في اجتماع مجلس الأمن على مستوى الرؤساء قرّب المواقف المتناقضة وأصبح هناك إجماع على الحاجة إلى تجفيف مصادر تمويل الإرهاب وضربه».
ظروف الحلّ السياسي لم تنضج بعد
واعتبر صالح أنّ «ما حصل في الموصل في العراق من اجتياح للمجموعات الإرهابية أدى إلى نوع من النشوة على مستوى المجموعات الإرهابية وإلى خلق معارك كان النظام السوري يعتقد أنه انتهى منها، وما يحصل اليوم من ضرب لهذه المجموعات الإرهابية سيسهّل على النظام إعادة الأمور إلى ما كانت عليه سابقاً، كما أنّ الجيش السوري يحقق تقدماً ميدانياً في ريف حماة وريف دمشق ومن يملك على الأرض يملك في السياسة»، لافتاً إلى أنّ «الظروف لم تنضج بعد للحلّ السياسي، وما أدى إلى انهيار جنيف 2 هو أنّ سورية طالبت بوضع مكافحة الإرهاب بنداً رئيسياً على جدول الأعمال فرفض الآخرون ذلك، واليوم أصبح كل العالم ينادي بتحالف لمواجهة الإرهاب، وقد سمعنا كلام أوباما عن ضرورة مكافحة الإرهاب والحل السياسي في سورية ما يعتبر ترجعاً أميركياً ونجاحاً لمنطق القيادة السورية ورؤيتها».
ورداً على سؤال عما إذا كان عنوان مكافحة الإرهاب سيشكل نقطة التقاء مشتركة بين أميركا وسورية لانطلاق عجلة الحلّ السياسي، أجاب: «ربما يحصل ذلك، وهذا ما قاله الرئيس أوباما لأنّ مشروعه فشل في سورية وفشلت كلّ محاولات إسقاط النظام الذي تمكن من الصمود، وهذه فرصة لأوباما لكي يعيد حساباته من جهة، ويقتنع بما كانت تقوله سورية بأنّ الحالة الإرهابية هي القضية الأساسية التي نسعى جميعاً إلى مواجهتها اليوم».
التحالف الدولي مصلحة أميركية
وعما إذا كان التنسيق الأخير بين أميركا وسورية سيدفع إلى توسيع التحالف الدولي ليشمل دولاً مستبعدة من الحلف، قال صالح: «أعتقد أنّ الأمور تسير بحسب جدية أميركا وشفافيتها في هذا الموضوع، فهناك شروط موضوعة إذا تجاوبت معها أميركا تنضمّ إلى التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب دول كروسيا وإيران، ولكنّ الولايات المتحدة ليست موضع ثقة وهي لم تحدّد مهلة للحرب ولا أهدافاً، وعندما تقول منع تمدّد داعش فإنّ ذلك لا يعني القضاء عليه، وعلى أميركا أن تعيد حساباتها وأن لا تغلف تحقيق مصالحها بهذه العناوين لأنّ هدفها الأساسي هو تحقيق مصالحها».
الحلف المضاد
وعن إمكانية أن نشهد حلفاً مقابلاً تقوده روسيا، اعتبر صالح أنّ «التنافس في هذا الموضوع إيجابي ومن إيجابيات الحرب على سورية أنّ القطبية الواحدة بزعامة أميركا انهارت، وما يحصل اليوم هو أنّ روسيا تمكنت من أن تعود لاعباً أساسياً على الساحة الدولية وأن تعيد الثنائية القطبية، ويجب أن تشكل هذه الدول التي هي صادقة في أقوالها وأفعالها حلفاً لمكافحة الإرهاب لأنّ مواقف روسيا موثوق بها وقد شكلت حماية لسورية والمقاومة وللمدّ القومي في المنطقة ومنعت أميركا من تحقيق أهدافها إن كان في العراق أم سورية». وأضاف: «نحن لا نثق بأميركا وهي ليست حليفاً لنا بل عدو، طالما هي تدعم الكيان الصهيوني وترعاه». ولفت إلى أنّ «ما يحكى عن قدرة المجموعات الإرهابية على دخول بيروت هو مجرّد أوهام، بل بالعكس هناك تقدم للجيش اللبناني ولحزب الله، وسنشهد الشهر المقبل تحولاً إيجابياً في المعركة الحاصلة في عرسال».
ولفت إلى «أنّ لبنان سبّاق في مكافحة الإرهاب كما أنّ حزب الله وأحزاباً لبنانية أخرى تحارب منذ سنتين المجموعات الإرهابية في سورية لسببين، الأول هو المبدأ في مكافحة الإرهاب، والثاني الحفاظ على منظومة المقاومة في المنطقة».
نملك أوراق قوة في مواجهة الإرهاب
وعن أوراق القوة التي تحدث عنها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله قال صالح: «إنّ مسألة العسكريين المخطوفين هي مسألة أساسية ومهمة، لكنّ الأهم من ذلك هو المعركة مع الإرهاب، وأن نصل إلى الحسم مع هذه المجموعات الإرهابية»، مضيفاً: «لا شك في أنّ هناك خطأ أو تواطؤاً عند بعض القوى السياسية في استعمال هذه المجموعات الإرهابية في اللعبة السياسية الداخلية، وتيار المستقبل لم تعد له قاعدة شعبية بل ذهبت قاعدته إلى التطرف، والمستقبل يعلن على لسان الوزيرين أشرف ريفي ونهاد المشنوق أنّ أزمة عرسال لا تحلّ إلا سياسياً، ولكننا نملك أوراق قوة ويمكن أن نواجه بها هذه المجموعات».
وقال صالح: «لو اتخذنا إجراءات في السابق لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه كفصل مدينة عرسال عن جرودها وتعزيز وجود الجيش في المنطقة أو سحب الوحدات من المنطقة قبل الهجوم عليها»، مشيراً إلى أنّ المجموعات الخاطفة «تستفيد الآن من الإرباك الحاصل في الحكومة اللبنانية وقد لجأت إلى عمليات الذبح للضغط على الحكومة التي كانت في لحظة معينة ستخضع لشروط الإرهابيين لولا وقوف بعض القوى في الحكومة سدّاً منيعاً لمواجهة هذه الشروط».
السعودية تمنع التنسيق بين لبنان وسورية
ورداً على سؤال عن السبب الحقيقي لعدم تنسيق لبنان مع الحكومة السورية، أجاب صالح: «لحلّ مشكلة عرسال يجب الفصل بين عرسال وجرودها وتعزيز قدرات الجيش والتنسيق مع الحكومة السورية في ملف الجنود المخطوفين، وملف النازحين السوريين، وهناك قوى سياسية لا تسعى إلى تأمين مصلحة لبنان، ولها التزامات مع الخارج لا سيما ارتباط المستقبل بالسعودية التي تمنع التنسيق بين لبنان والحكومة السورية»، مطالباً الحكومة بإيجاد «صيغ تنسيق وتعاون تنفيذاً للمعاهدات الموقعة بين البلدين، لكن يبدو أنّ رئيس الحكومة وبعض الوزراء لا يوافقون على هذا الأمر».
المؤسسة العسكرية محصّنة
وعن وجود خطر على وحدة المؤسسة العسكرية التي تتعرّض لهجمة شرسة من البعض، قال صالح: «المؤسسة العسكرية منذ إعادة تكوينها في عهد الرئيس العماد إميل لحّود دخلت في عصر جديد، حيث شكلت على قاعدتين: عقيدة قتالية، ووحدة على مستوى المؤسسة، وقد أخرجت من دائرة الانتماء المذهبي والطائفي إلى الانتماء الوطني».
وأكد صالح «أنّ كل هذا التحريض لم ولن يصل إلى نتيجة، فالمؤسسة العسكرية محصنة وموحدة ولا يمكن لأحد شرذمتها، وما ينقصها هو الإمكانات، وعلى الحكومة أن توافق على الهبات والمساعدة التي تعرض من كلّ الأطراف، لا سيما من إيران التي قدمت العديد من العروض».
التمديد واقع
وفي الشأن السياسي الداخلي، وتحديداً موضوع التمديد للمجلس النيابي، أكد صالح أنّ «التمديد حاصل وكلّ طرف يحاول أن يحمّل المسؤولية للطرف الآخر»، لافتاً إلى أنّ «مؤشرات التمديد ظهرت من خلال تحديد الجلسة التشريعية التي ستعقد قريباً والتي ستنفذ الأجندة التي وضعها الرئيس نبيه بري، والتي تشكل المدخل للبدء بالتشريع وسلسلة الرتب والرواتب ستكون أحد المواضيع الأساسية على جدول أعمال هذه الجلسة».
الشهداء هم القادة
وفي أجواء ذكرى الويمبي اعتبر صالح «أنّ العملية النوعية التي نفذها البطل القومي الشهيد علوان ضدّ العدو الإسرائيلي شكلت مقدمة لدحر العدو الصهيوني وانسحابه من بيروت، وكانت من أولى العلامات البارزة لبدء الانتصارات التي توالت وتعاظمت وصولاً إلى التحرير في العام 2006، ثم انتصار 2006، وبعده انتصارات المقاومة في فلسطين التي تمثل آخرها في صدّ العدوان الهمجي البربري على غزة، حيث لم يستطع العدو الصهيوني تحقيق أيّ هدف من أهداف عدوانه»، مؤكداً «أنّ الشهادة هي كلّ شيء والشهداء هم القادة الفعليون وهم الذين صنعوا بدمائهم تحرير لبنان».
يُبث هذا الحوار كاملاًً اليوم الساعة الخامسة عصراً ويعاد الساعة 11 مساءً على شاشة «توب نيوز»، تردّد 12036